Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"ألكاتراز التماسيح" يعكس ذوق أنصار ترمب من حركة "ماغا"

إن مركز احتجاز المهاجرين الجديد والواسع في منطقة نائية من فلوريدا - حيث من المؤكد أن تلتهم التماسيح الهاربين أحياء - هو نتاج خيال سادي شبيه بما شهدته روما القديمة

الأسرة والأقفاص التي ستحتضن المهاجرين في مركز "ألكاتراز التماسيح" (أ ف ب عبر غيتي)

ملخص

ينتقد شون أوغرايدي مشروع "ألكاتراز التماسيح" بوصفه تجسيداً لسادية استعراضية تعكس ذوق أنصار ترمب، ويشبهه بعروض العنف في روما القديمة، حيث يستخدم العنف ضد المهاجرين كوسيلة للترفيه السياسي وكسب التأييد الشعبي.

في روما القديمة، كانت إحدى صور الترفيه الشعبي للجماهير تعرف باسم "فيناتيونيس" venationes، حيث كان يجبر المجرمون والأسرى وأحياناً المصارعون على خوض معارك دموية ضد وحوش ضارية. كانت تستخدم في هذه العروض البشعة أسود ونمور ودببة وذئاب، بل وحتى أفيال ونعامات.

في المناسبات الخاصة، كانت المسارح الكبيرة تملأ بالماء وتقام فيها معارك بحرية وهمية باستخدام قوارب حقيقية، مع إلقاء فرس النهر والتماسيح فيها لإضافة مزيد من الإثارة. وكان الكولوسيوم نفسه يستخدم لمثل هذه المبارزات البحرية، حيث تتقاتل أساطيل من السفن. يمكنك أن تتخيل فرحة الجماهير عندما يفقد أحد هؤلاء المساكين توازنه فيسقط ويبتلعه تمساح جائع، وهو يصرخ من الألم، والدماء والأحشاء تتناثر في كل مكان.

كانت هذه الألعاب المعقدة إحدى الطرق التي يستخدمها الإمبراطور للتباهي بثروته وقوته، وفي الوقت نفسه لإلهاء الشعب الذي يحكمه عن مشكلاته اليومية، مع توزيع بعض القمح المجاني ليظهر أنه يهتم لأمرهم. وقد عرف هذا الأسلوب في الحكم باسم "الخبز والسيرك".

لست المؤرخة ماري بيرد [متخصصة بريطانية مشهورة بالتاريخ الروماني]، ولا أقول إن ما يفعله دونالد ترمب حالياً في مستنقعات فلوريدا هو بالضبط ما كان يفعله أباطرة روما، لكن القسوة الاستعراضية في هذا المشهد تذكر بشيء من طغاة العصور القديمة الباحثين عن تسلية لأنفسهم وشعبهم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

منشأة الاحتجاز الجديدة التي أقامها لترحيل المهاجرين، والمعروفة باسم "ألكاتراز التماسيح" [في إشارة إلى سجن ألكاتراز الشهير]، تبدو من بنات خيال لا يقل سادية عن خيال أعتى أباطرة العالم القديم، بل إنها تتجاوز، في فخامتها ووحشيتها، ما كان نيرون أو كلوديوس ليتخيلاه.

جرى الاستيلاء على الموقع الذي تبلغ مساحته 100 كيلومتر مربع بأسلوب سلطوي باستخدام سلطات الطوارئ، وسيضم نحو 5 آلاف محتجز في خيام وأقفاص. إنه مستنقع ترتفع فيه درجات الحرارة بانتظام إلى 38 درجة مئوية. السجن النموذجي الجديد لأميركا سيكون محاطاً بالتماسيح، والثعابين البورمية، وأسراب البعوض. محاولة الهرب تعني الموت شبه المؤكد: إن لم تقتلك الحرارة، ستفعل ذلك الوحوش.

وما يزيد الطين بلة، أن ترمب يحب الأمر على هذا النحو، بل يراه مسلياً. يقول ساخراً: "سنعلمهم كيف يهربون من تمساح إذا فروا من السجن: لا تركض بخط مستقيم، اركض هكذا..." (ترمب يحرك يده الصغيرة بحركة متعرجة) "وتعلمون ماذا؟ سترتفع فرص نجاتكم بنحو واحد في المئة".

اليأس الإنساني والمعاناة، إنه لأمر مضحك للغاية.

يتفوق بيت الرعب الذي أنشأه ترمب على ما أنشأه الأباطرة الرومانيون، فهناك الآن منتجات دعائية تحمل اسم "ألكاتراز التماسيح" – قبعات بيسبول، قمصان، ومن يدري؟ ربما أقنعة رأس تمساح من المطاط – للاحتفال بإرهاب أشخاص لم تكن جريمتهم سوى السعي إلى حياة أفضل، ويجري ترحيلهم من دون إجراءات قانونية سليمة.

خلال جولته في "ألكاتراز التماسيح"، قال ترمب – من جديد، مثل الطاغية الروماني لا يكترث لشيء – إنه قد يبدأ في ترحيل مجرمين حصلوا على الجنسية الأميركية: "إنه أمر مثير للجدل، لكنني لا أكترث". كل ما يحتاج إليه هذا الرجل الآن هو رداء التوغا الروماني.

ربما لا يحتاجون إلى ذلك لكن يمكن تجهيز الموقع بأكمله بكاميرات مراقبة، إضافة إلى سرب كامل من المسيرات المزودة بكاميرات وقدرة على الرؤية الليلية. سيكون هناك أيضاً دوريات تراقب المستنقعات مزودة بمراوح ضخمة في الخلف، ويمكن أن تكون مزودة بكاميرات أيضاً. باختصار، كل ما تحتاج إليه لبرنامج تلفزيون واقع جديد.

يمكن تصوير أي هارب وهو يحاول الهرب قبل أن يسحقه ثعبان، على سبيل المثال، ويمكن تجميع كل ذلك في حلقة أسبوعية على قناة "فوكس نيوز"، مع حقوق بيع المقاطع لـمنصة "تروث سوشال"، الهرب من ألكاتراز التماسيح (أو عدم الهرب)".

ليس العار في كل هذا أن ما يفعله ترمب فظيع ولا معنى له، أو أنه مجرد حيلة أخرى باهظة الثمن: فالقدرة الاستيعابية صغيرة جداً بحيث لا تحدث فرقاً كبيراً فيما تصفه كارولين ليفيت، قنصل الإمبراطور، بـ"أكبر حملة ترحيل جماعي في تاريخ أميركا". لقد اعتدنا على أن يفعل ترمب أشياء من هذا القبيل.

الأمر المثير للقلق هو أن هذا بالضبط ما يريده مؤيدو ترمب. هذا ما صوتوا من أجله. عندما يقول الناس إن هذا يسمح لنا بمعاملة البشر بهذه الطريقة، يجيب أنصار ترمب من حركة "ماغا" بأنهم لا يمانعون ذلك. إذا قلت إن هذا فاشية، فهم لا يمانعون، بل يقبلون مع إضافة "صلصة دونالد الخاصة" عليها.

قرر ما يقارب نصف الناخبين الأميركيين وضع هذا الرجل في السلطة، ليس مرة واحدة بل مرتين، وكادوا يفعلونها ثلاث مرات – حتى بعدما اكتشفوا مدى وحشيته، بل في الواقع، لأنهم اكتشفوا مدى وحشيته.

إنهم راضون عن ذلك – تماماً كما أنهم لا يهتمون ببقية العالم، وبرأيه، أو بما يحدث هناك. ما دام أنهم يحصلون على الخبز والكرنفالات، فبوسع ترمب أن يرفض حقوق الإنسان بقدر ما يشاء.

لا تتفاجأوا إذا تبين أنهم حلفاء غير موثوق بهم. إنهم مشغولون بالاستمتاع بعرض "ألكاتراز التماسيح".

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل