Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مقاتلات الجيش السوداني تحبط محاولة لـ"الدعم السريع" لتطويق الفاشر

مشاورات أممية لخفض التصعيد وإيصال المساعدات وحماية المدنيين بالسودان

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مستقبلاً قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان في العلمين المصرية في 30 يونيو الماضي (الرئاسة المصرية/ أ ف ب)

ملخص

مواجهات وغارات جوية مكثفة بشمال دارفور وتحذيرات من سقوط الفاشر بيد قوات "الدعم السريع".

يتواصل التصعيد والمواجهات والقصف المدفعي المتبادل بين الجيش السوداني والقوات المتحالفة معه من جهة، وقوات "الدعم السريع" من جهة أخرى، منذ نحو أسبوع على التوالي حول مدينة الفاشر، بينما أحبطت غارات مكثفة شنتها مقاتلات ومسيرات الجيش أمس الأربعاء على محيط المدينة تحركاً جديداً لـ"الدعم السريع" على المحورين الشرقي والشمالي الغربي استهدف تطويق المدينة عسكرياً، وكبدتها خسائر بشرية ومادية كبيرة، بحسب مصادر ميدانية.

وأشارت المصادر إلى أن سلاح طيران الجيش ومسيراته شنت أمس الأربعاء هجمات متعددة استهدفت مواقع وتجمعات لقوات "الدعم السريع"، بالقرب من الميناء البري شرق الفاشر الذي يعد ممراً حيوياً للإمدادات والتموين، كانت تتأهب لتطويق المدينة.

كما هاجمت مسيرة استراتيجية تتبع للجيش وفقاً للمصادر نفسها مقراً لفعالية "مؤتمر مناصرة الشهداء" نظمته قوات "الدعم السريع"، كان يشارك فيها قائدها الثاني عبدالرحيم حمدان دقلو في مدينة كاس بولاية جنوب دارفور، غير أنه نجا بأعجوبة وتم إخلاؤه خارج المنطقة.

محاولات وتصد

كما شنت مسيرة ثانية هجوماً على قوة للميليشيات في منطقة قورني شمال غربي الفاشر، دمرت خلاله مجموعة من العربات القتالية التابعة لها. وتتزامن هذه الغارات مع توترات متصاعدة حول الفاشر، نتيجة محاولات "الدعم السريع" المستميتة لاختراق المدينة منذ أكثر من عام مضى، بينما تؤكد قوات الجيش و"المشتركة" و"المقاومة الشعبية" و"المستنفرين" جاهزيتها وقدرتها على إحباط أي تقدم للعدو.

وأفادت قيادات أهلية بأن قوات "الدعم السريع" بدأت خلال اليومين الماضيين بحشد قواتها شرق الفاشر، كما شددت حصارها على المدينة بفرض مزيد من التضييق والتحكم في بوابات الدخول والخروج.

واتهمت السلطات بشمال دارفور قوات "الدعم السريع" بتعمد تدمير وتخريب مصادر وخطوط إمداد المياه غرب الفاشر. وأوضح مدير المياه بالولاية خالد إسحاق أن الميليشيات عطلت صهاريج والآبار والمضخات وقطعت خطوط الإمداد وجرفت الخطوط الرئيسة الناقلة للمياه إلى مدينة الفاشر، مما فاقم من  معاناة سكان مدينة الفاشر.

محاذير السقوط

وحذرت "تنسيقية لجان مقاومة الفاشر" من "مغبة سقوط الفاشر في يد الميليشيات، كون المدينة باتت الآن تمثل خط الدفاع الأخير عن وحدة البلاد وفكرة الدولة وما تبقى من أمل في مشروع وطني جامع".

ودعا بيان للتنسيقية إلى "فتح الطريق إلى الفاشر وفك حصار عنها بالقوة الذي لم يعد مطلباً إنسانياً فحسب، لكنه تحول إلى ضرورة سياسية وأمنية ووطنية عاجلة، إذ هناك عشرات آلاف الأبرياء العالقون تحت الحصار يعانون نقصاً في الغذاء والدواء وسط صمت رسمي لا يليق بدولة يفترض أن تحمي شعبها".

وتابع البيان أنه "يجب أن يكون الرد حاسماً لا يحتمل المراوغة، بعد فشل كل الحلول السلمية، وقد آن الأوان لأن تتحرك الدولة بما تبقى لها من قوة وشرعية لخوض معركتها الحقيقية في استعادة السيادة وحماية المدنيين بتدخل عسكري منظم هو الخيار الوحيد المتاح، لإنقاذ الفاشر وما تبقى من فكرة الدولة".

ولفت البيان إلى أن "كل المؤشرات على الأرض تقول أن لا هدنة ولا ممرات إنسانية ولا نوايا حقيقية لإنهاء معاناة المدنيين بالفاشر، بعد أن أوصدت الميليشيات كل أبواب التفاوض ورفضت مبادرة الأمين العام للأمم المتحدة (أنطونيو غوتيريش) بحجج واهية غير واقعية، أبرزها أن المدينة لم تعد مأهولة بالمدنيين".

حافة الانهيار

في غضون ذلك حذر برنامج الأغذية العالمي في السودان من كارثة إنسانية تتمثل في حصار نحو 300 ألف مدني في مدينة الفاشر، يواجهون الجوع وتصاعد العنف منذ أبريل (نيسان) 2024.

وتكهنت المتحدثة باسم البرنامج بالسودان ليني كينزلي، بقرب وصول الأوضاع الاقتصادية والأمنية بالمدينة من حافة الانهيار التام.

وتحتضن الفاشر ثلاثة معسكرات كبيرة للنازحين، أبرزها معسكرا زمزم وأبوشوك، تستضيف عشرات الآلاف منذ النزاع الأول في دارفور في عام 2004، فضلاً عن النازحين الجدد خلال الحرب الراهنة.

التزام حكومي

وفي خضم الجدل حول الهدنة الإنسانية بمدينة الفاشر، التي بادر إلى المطالبة بها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش، ووافقت عليها الحكومة ورفضتها قوات "الدعم السريع"، جددت الحكومة استمرار مساعيها على الصعيدين العسكري والمدني لتوصيل المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين بأنحاء البلاد كافة.

وأكد مستشار مجلس السيادة الانتقالي لشؤون المنظمات والعمل الإنساني الفريق الصادق إسماعيل قدرة الحكومة على إيصال المساعدات إلى المدن المحاصرة في ولايتي كردفان ودارفور، على رغم التحديات الأمنية واللوجستية، مثلما حدث في تجربتي كادقلي وكاودا بجنوب كردفان في وقت سابق.

ودعا إسماعيل، لدى مخاطبته تدشين مبادرة "نداء جنوب كردفان وجبال النوبة وأبيي"، إلى تضافر الجهود لفتح طريق الولاية وفك الحصار عن مدنها.

وتهدف المبادرة إلى فتح الطريق البري الرابط بين الأبيض والدبيبات والدلنج وكادقلي، وصولاً إلى غرب كردفان وأبيي، والتخفيف من الأزمة الإنسانية عبر تيسير إيصال المعونات والإمدادات الإنسانية إلى مناطق الدلنج وكادقلي ولقاوة وأبيي باستخدام الإسقاط الجوي، في ظل الحصار الذي تعانيه تلك المناطق.

وأكد ممثل حكومة جنوب كردفان في المبادرة قاسم عثمان جار النبي أن الولاية تمر بأوضاع إنسانية كارثية نتيجة الحصار وانقطاع الطرق، مما أدى إلى شح حاد في الضروريات الأساسية للحياة، مطالباً بإسناد الولاية في هذه المرحلة الحرجة التي يعاني فيها المواطنون أوضاعاً مأساوية.

استهداف إنساني

وفي استهداف جديد للعاملين في المجال الإنساني بدارفور، تعرض فريق منظمة "كونسيرن" الدولية الأيرلندية العاملة في مجال الإغاثة الإنسانية لهجوم مسـلح، أثناء مروره بمنطقة "رمالية" غرب محلية كرينك بغرب دارفور، 60 كيلومتراً شرق مدينة الجنينة عاصمة الولاية.

وفق مصادر محلية، فقد تعرض فريق المنظمة إلى إطلاق نار وعملية نهب تحت تهديد السلاح من مسلحين مجهولين أثناء جولة عمل ميدانية بمناطق النزوح، مما أدى إلى مقتل أحد أفراد المنظمة ونهب مقتنيات الموظفين الشخصية.

وتأتي الحادثة بعد أقل من أسبوعين على واقعة اختطاف عدد من موظفي منظمة "هاندي كاب" الفرنسية على يد مسلحين مجهولين بوسط دارفور، أفرج عنهم في وقت لاحق بعد جهود ووساطات أهلية بالمنطقة.

وحذر مراقبون من أن استمرار ظاهرة استهداف العاملين في المجال الإنساني سيؤدي إلى مزيد من التراجع في القليل المتاح من العمليات الإغاثية، مما يفاقم الأوضاع الإنسانية المتدهورة التي يعيشها إقليم دارفور منذ بداية الحرب الراهنة.

تعثر وتفكيك

سياسياً يتوقع أن يعلن رئيس مجلس الوزراء الانتقالي كامل إدريس خلال اليومين المقبلين دفعة أخرى من التعيينات الوزارية، بتسمية 12 وزيراً في الحكومة المرتقبة.

وتعثر ميلاد الحكومة الجديدة أكثر من مرة نتيجة الخلاف مع شركاء السلام من حركات دارفور الموقعة على "اتفاق جوبا لسلام السودان"، في شأن حصتها من الحقائب الوزارية بموجب الاتفاق.

من جهة أخرى أعلن عبدالعزيز الحلو، نائب رئيس الهيئة القيادية لتحالف السودان التأسيسي (تأسيس)، قائد "الحركة الشعبية – شمال"، عزم التحالف على تفكيك الدولة السودانية القديمة وإعادة بنائها على أسس جديدة.

 وأوضح في أول خطاب له عقب اختياره نائباً لرئيس الهيئة القيادية العزم على توحيد مكونات المجتمع السوداني وتدمير وتحطيم السودان القديم، وحل وتفكيك منظومات الإسلاميين، مبيناً أن "التحالف سيعمل بعد انتهاء الحرب على استعادة الأمن والسلم وتفكيك جيوش النظام البائد والكتائب الإرهابية وبناء جيش جديد مهني يحمي المواطنين وحدود البلاد، ويلتزم بالدستور والمبادئ فوق الدستورية، كما سيقوم بإعادة إعمار البلاد وجبر الضرر وبناء السلام بين السودانيين وتحقيق التعايش السلمي".

وأعلن تحالف السودان التأسيسي (تأسيس) قبل يومين تشكيل هيئة قيادية من 31 عضواً برئاسة قائد قوات "الدعم السريع" محمد حمدان دقلو "حميدتي"، وتعيين عبدالعزيز الحلو نائباً له.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

خفض التصعيد

أممياً ينتظر أن يكثف المبعوث الشخصي للأمين العام للسودان رمطان لعمامرة خلال الفترة المقبلة مساعيه إلى دعم جهود خفض التصعيد والدفع نحو حل سياسي في البلاد، وإطلاق مشاورات تحضيرية مع الأطراف في شأن حماية المدنيين.

وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك إن المبعوث الشخصي يواصل تأكيد الأهمية الحيوية لتكثيف الجهود الدبلوماسية وتوحيدها بصورة أكبر من المجتمع الدولي لإنهاء الحرب، وأضاف دوجاريك في مؤتمره الصحافي اليومي أن فريق لعمامرة يعكف حالياً على استكمال المشاورات في شأن الاجتماع القادم للمجموعة الاستشارية، الذي سيجري تنظيمه بالاشتراك مع الاتحاد الأفريقي في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.

 حماية المدنيين

وجدد المتحدث دعوة جميع الأطراف في السودان إلى الالتزام بحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية وتسهيل الوصول الآمن والمستدام إلى المحتاجين في أنحاء البلاد كافة، وفق التزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني، مؤكداً أن المنظمة ستواصل اتصالاتها لتسهيل الوصول السريع والآمن للمساعدات الحيوية، مشيراً إلى أن الأمم المتحدة لا تزال تشعر بقلق بالغ إزاء التأثير الإنساني للقتال المستمر في جميع أنحاء السودان لا سيما في منطقة كردفان، إ     ذ يؤدي القتال إلى تصاعد النزوح ويفاقم الاحتياجات.

ضغوط للهدنة

من جهة أخرى كشف وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية توم فليتشر عن ممارسة ضغوط عدة على طرفي الصراع، من أجل إقرار هدنة إنسانية في مدينة الفاشر التي تشهد أوضاعاً متدهورة.

وأفصح فلتشر عن اتصالات جرت خلال الأسبوع الجاري مع مسؤولين كبار من قيادة الجيش و"الدعم السريع"، للضغط من أجل إقرار هدنة إنسانية تسمح بوصول المساعدات المنقذة للحياة إلى آلاف الأشخاص في مدينة الفاشر.

نزوح وتعقيدات

وكشفت تقارير للأمم المتحدة عن نزوح أكثر من 400 ألف شخص من مدينة الفاشر منذ أبريل (نيسان) الماضي، نتيجة تصاعد المعارك والمواجهات وانعدام الأمن، فضلاً عن فرار أكثر من 30 ألف شخص نزحوا أيضاً من مناطق في شمال كردفان وغربها، بسبب العلميات العسكرية والتدهور المستمر للأوضاع الأمنية.

وحذرت المنظمة الدولية من أن التدفق المتزايد للنازحين نحو شمال السودان سيفاقم من الضغط على الموارد الشحيحة هناك، كما يزيد من تعقيدات الوضع الإنساني في ظل التوقعات بسيول وفيضانات وشيكة ستمثل عائقاً إضافياً يحول دون إيصال المساعدات.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات