ملخص
أعلنت السلطة المدنية في مناطق سيطرة الحركة الشعبية - شمال بقيادة عبدالعزيز الحلو في جبال النوبة ارتفاع عدد حالات الإصابة بالكوليرا إلى 460 حالة، حتى نهاية يونيو (حزيران) الماضي.
تجدد القتال في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، أمس الثلاثاء (لليوم الخامس على التوالي) بصورة عنيفة بين الجيش السوداني وحلفائه من القوات المشتركة التابعة للحركات المسلحة، وقوات "الدعم السريع"، إذ تبادل الطرفان القصف المدفعي باستخدام الأسلحة الثقيلة في محاور عدة بالمدينة.
وبحسب مصادر عسكرية، صد الجيش السوداني هجوماً جديداً شنته "الدعم السريع" استهدف المحورين الجنوبي والجنوب الشرقي لمدينة الفاشر، مما أدى إلى مقتل عدد من المدنيين، فضلاً عن الجرحى، مشيرة إلى تدمير وإحراق عدد من العربات القتالية التابعة لـ"الدعم السريع" خلال الهجوم.
وأفادت تنسيقية لجان مقاومة مدينة الفاشر بأن قوات "الدعم السريع" لا تزال تستهدف المدينة بالقصف المدفعي، وتقطع عنها الإمدادات، إذ نفذت نحو 215 هجوماً، مع استمرارها في حفر الخنادق حول المدينة من الخارج، وإغلاق جميع الطرق والمسارات المؤدية إليها، فضلاً عن رفضها كل مبادرة مدنية أو إنسانية تهدف إلى تخفيف المعاناة، وتقوم بقتل كل من يحاول إدخال البضائع إلى داخل المدينة.
واعتبرت في بيان لها أن ما يجري في مدينة الفاشر يمثل حصاراً متعمداً وقتلاً بدم بارد، مشيرة إلى أن الهدف من ذلك هو تركيع المدينة وإخضاع أهلها.
فيما قال المتحدث باسم معسكر زمزم للنازحين محمد خميس دودة، "الوضع في مدينة الفاشر وما حولها يزداد سوءاً، بعد رفض قوات ’الدعم السريع‘ الهدنة الإنسانية التي دعت إليها الأمم المتحدة لمدة أسبوع لإدخال المساعدات الإنسانية للنازحين في مدينة الفاشر وما حولها".
ونوه في تصريحات صحافية إلى أن الأوضاع الإنسانية سيئة للغاية، والسلع الأساسية غالية وتشهد ندرة في بعضها، إلى جانب وجود أزمة سيولة نقدية في المدينة، منبهاً إلى أن الوضع الصحي كارثي، بسبب توقف المراكز الصحية والخدمية، وانعدام الأدوية المنقذة للحياة، في ظل استمرار القصف المدفعي والجوي بالطائرات المسيرة التابعة لقوات "الدعم السريع".
ولفت دودة إلى تسجيل عشرات القتلى والجرحى بصورة يومية، مما يجعل حصرهم صعباً، لعدم وجود جهات تقوم بعمليات الحصر، حاثاً المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية على التدخل بصورة عاجلة وجادة، لإنقاذ أرواح آلاف المواطنين في مدينة الفاشر وما حولها.
وتفرض "الدعم السريع" حصاراً خانقاً على مدينة الفاشر منذ مايو (أيار) 2024، وسط أوضاع إنسانية معقدة جراء نقص الغذاء والدواء، إذ تسعى قوات "الدعم السريع" بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي" إلى السيطرة على هذه المدينة من أجل تعزيز وجودها في إقليم دارفور، إذ تسيطر بالفعل على أربع ولايات فيه من أصل خمس.
محور كردفان
في هذا المحور، دارت أمس مواجهات عنيفة بين الجيش و"الدعم السريع" في محيط مدينة بابنوسة بولاية غرب كردفان استمرت لساعات طوال.
وقالت مصادر تتبع لقيادة الفرقة 22 بابنوسة التابعة للجيش "نفذت ميليشيات ’الدعم السريع‘ عند الساعة الواحدة ظهراً هجوماً على مدينة بابنوسة بقوات ضخمة كانت حشدتها خلال الأيام الماضية"، موضحة أن الهجوم انطلق من المحورين الشمالي والشرقي للمدينة واستمر لأربع ساعات، وتمكنت من صده.
وأكدت المصادر أن الجيش بسط سيطرته الكاملة على الموقف الميداني، وأجبر عناصر "الدعم السريع" على الفرار باتجاه المناطق المفتوحة.
وسمع مواطنون أصوات القذائف في الأحياء القريبة من منطقة القتال، فضلاً عن مشاهدتهم أعمدة دخان تتصاعد من مزارع تقع جنوب شرقي المدينة، مما يؤشر على ضراوة المواجهة.
ونشر أفراد من الجيش مقاطع فيديو مصورة تظهر مركبات تشتعل فيها النيران، قالوا إنها تتبع لقوات "الدعم السريع"، كما تداولت مصادر عدة أنباء عن قيام سلاح الطيران الحربي بعمليات إنزال جوي داخل مقر الفرقة خلال الأيام الماضية.
نزوح واسع
في الأثناء تسببت الهجمات التي شنتها "الدعم السريع" على قرى مدينة بارا بولاية شمال كردفان، إثر تقدم الجيش صوب هذه المدينة إلى نزوح آلاف الأسر إلى الولايات الأخرى.
ووفقاً لمنظمة الهجرة الدولية، فإن 3260 أسرة نزحت من قرى عدة في محلية بارا بسبب تزايد انعدام الأمن، مشيرة في بيان إلى أن النازحين فروا إلى مناطق في شيكان وأم دم حاج أحمد في شمال كردفان، والعباسية في جنوب كردفان، وتندلتي وكوستي في النيل الأبيض، وأم درمان بولاية الخرطوم.
وتخشى "الدعم السريع" وصول الجيش إلى بارا، حيث يستطيع بعدها الانتشار في بوادي سودري وأم بادر، بما يمكنه من الوصول إلى مليط في شمال دارفور، تمهيداً لفك الحصار عن الفاشر بعد تعثر مسعى الوصول إليها عبر الخوي في غرب كردفان.
انتشار الكوليرا
صحياً، أعلنت السلطة المدنية في مناطق سيطرة الحركة الشعبية - شمال بقيادة عبدالعزيز الحلو في جبال النوبة ارتفاع عدد حالات الإصابة بالكوليرا إلى 460 حالة حتى نهاية يونيو (حزيران) الماضي.
وأشارت لجنة محاربة وباء الكوليرا في إقليم جنوب كردفان في بيان لها إلى أن الإصابات تركزت في مقاطعتي هيبان وأم دورين، حيث سجل بيام "كودي B" أعلى نسبة إصابة بواقع 162 حالة، تلتها منطقة كودي بـ45 حالة، ثم كاودا بـ28، وأمكور بـ20 إصابة، كأعلى نسب للإصابات بالداء الذي انتشر أخيراً في المنطقة، بينما تراوحت الإصابات في بقية المناطق بين إصابة واحدة إلى إصابتين لكل وحدة.
وأرجعت اللجنة أسباب الوفيات وتفشي الوباء إلى عدم توفر الأمصال والأدوية، وتأخر الوصول إلى المستشفيات بسبب بعد المسافات وعدم توفر وسائل النقل، فضلاً عن ضعف الوعي الصحي.
وكان السكرتير الأول للسلطة المدنية بمناطق سيطرة الحركة الشعبية، أعلن في بيان سابق انتشار وباء الكوليرا في إقليم جنوب كردفان، موضحاً حينها تسجيل 131 حالة إصابة و10 حالات وفاة، وأصدر قراراً بتشكيل لجنة عليا لمجابهة الوباء بالإقليم.
عودة لاجئين
من جهتها، أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن 158 ألف شخص وفدوا حديثاً إلى السودان من جنوب السودان، منهم 48 ألف لاجئ، وذلك بسبب تصاعد القتال بين الجماعات المسلحة في ولاية أعالي النيل.
وبينت المفوضية في بيان لها أن 27325 لاجئ وفدوا إلى ولاية النيل الأبيض، بما يعادل 60 في المئة من إجمالي اللاجئين الوافدين حديثاً، فيما استقر البقية في جنوب كردفان وشمالها وشرق دارفور وغربها ووسطها وجنوبها.
ويأوي السودان أكثر من 613 ألف لاجئ من جنوب السودان، منهم 412 ألفاً في ولاية النيل الأبيض، يقيم معظمهم في 10 مخيمات، منها خور الورل وأم صقور والجمعية، فيما يوجد البقية في المناطق الحضرية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولفتت المفوضية إلى ارتفاع أعداد العائدين السودانيين لـ109970 شخصاً، إذ عاد منهم 76 ألفاً لإقليم النيل الأزرق، والبقية لولاية النيل الأبيض، مرجعة أسباب عودتهم إلى انعدام الأمن، ونقص الغذاء والخدمات الأساسية في المخيمات لفترات طويلة.
وحذرت المفوضية من أن نقص الغذاء والماء والخدمات الطبية أثناء العبور يخلق أخطاراً، بخاصة على الأطفال وكبار السن.
هيئة قيادية لـ"تأسيس"
سياسياً أعلن تحالف السودان التأسيسي (تأسيس) تشكيل هيئة قيادية من 31 عضواً برئاسة قائد قوات "الدعم السريع" محمد حمدان دقلو "حميدتي"، وزعيم الحركة الشعبية - شمال عبدالعزيز الحلو نائباً له.
وذكر المتحدث باسم التحالف علاء الدين نقد، في مؤتمر صحافي عقدته المجموعة في مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور، أنه "عقب مشاورات موسعة، عقدت الهيئة القيادية لتحالف ’تأسيس‘ سلسلة اجتماعات اتسمت بالشفافية والجدية، جرى خلالها إجازة النظام الأساسي للتحالف، وتشكيل الهيئة القيادية من 31 عضواً".
وأشار نقد إلى التزام التحالف الكامل بالانفتاح على التنظيمات السياسية والمدنية والعسكرية كافة المقاومة لما وصفه بالسودان القديم، والرافضة للحرب، والداعمة للسلام العادل والشامل والمستدام.
ودعا جميع المظلومين والمضطهدين وطلاب التغيير الجذري، أفراداً وجماعات، إلى الالتفاف حول مبادئ وأهداف تحالف "تأسيس" والانضمام إليه، من أجل القضاء كلياً على السودان القديم ومؤسساته الفاسدة المتهاوية وتأسيس وبناء السودان الجديد.
ووقع كل من قوات "الدعم السريع" وقوى سياسية وتنظيمات عسكرية وأهلية، أبرزها الحركة الشعبية بقيادة عبدالعزيز الحلو، ورئيس حزب الأمة القومي فضل الله برمة، في العاصمة الكينية نيروبي، في فبراير (شباط) الماضي، على الميثاق التأسيسي لحكومة الوحدة والسلام، لكن خلافات اندلعت بين الأطراف المكونة لهذا التحالف حالت دون إعلان الحكومة الموازية، التي من المقرر أن تتخذ من مناطق سيطرة قوات "الدعم السريع" في إقليم دارفور مقراً لها.