ملخص
في ظل الحرب على غزة، يواجه السكان نقصاً في الغذاء، ويعتمدون على المكملات الغذائية لتعويض النقص في العناصر الغذائية الأساسية، وتعد الأمهات والأطفال أكثر الفئات التي تعاني سوء التغذية.
تتنفس آلاء بصعوبة وتجلس القرفصاء تراقب ابنتها التي تمسك بكسرة خبز جافة وتغمسها في معجون الطماطم، تقول الأم "لا يوجد خضار ولا بيض ولا حليب ولا فاكهة في غزة، جميع أطفالي يعانون سوء التغذية".
تطلب آلاء من ابنتها الكبيرة الجلوس في حضنها لتمشط شعرها، وتضيف "طفلتي صار عندها تساقط شعر، وابني يمشي ويسقط من طوله من شدة التعب، الأطباء يؤكدون أن هذه علامات سوء التغذية، وأنه يجب عليهم تناول المكملات الغذائية حتى تسمح إسرائيل بدخول الطعام لغزة".
500 سعرة حرارية
اليوم هو موعد تسلم آلاء حصة أطفالها من المكملات الغذائية العلاجية، التي تحصل عليها من المؤسسات الإغاثية التي تعمل مع برنامج الأغذية العالمي ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف"، سارعت الأم للذهاب وجلب المكملات المدعمة بالفيتامينات والمعادن المغذية.
من بين المعونات القليلة التي تسمح إسرائيل بدخولها للقطاع كانت هناك شحنة مكملات غذائية، تعقب آلاء على هذا الخبر "ماذا نفعل بالمكملات الغذائية، تمنع تل أبيب دخول الحليب والفاكهة والخضراوات والبيض، ثم تسمح لمكملات غذائية لحماية صحة الأطفال" تضحك الأم وتكمل "هذا ليس حرصاً، إنه استهزاء".
لكل طفل من صغارها الثلاثة تتسلم آلاء مغلف واحد فقط يومياً من زبدة الفول السوداني المدعمة بالفيتامينات والمعادن ويحوي 500 سعرة حرارية، تؤكد أن هذه الكمية بسيطة جداً وأقل من حاجة أطفالها.
مكافحة الجوع
لكن تلك المكملات الغذائية تمنح آلاء بصيص أمل في مكافحة الجوع وسوء التغذية، إذ لا يوجد طعام مغذ لهم، وآخر مرة أكلوا فيها اللحم والبيض والفاكهة والبروتينات والفيتامينات كانت في الأول من مارس (آذار) الماضي، وبعدها أغلقت إسرائيل معابر القطاع ومنعت الإمدادات عن المدنيين.
لا تحدث المكملات الغذائية تحسناً فورياً في صحة أطفال آلاء، وتدرك الأم أن لها أخطاراً صحية إن لم يتم تناولها وفق التعليمات، تقول الأم "تعد المكملات الغذائية بمثابة وسيلة موقتة لحماية صغاري إلى حين انتهاء الحرب والسماح بدخول الطعام".
في ظل الحرب على غزة، يواجه السكان نقصاً في الغذاء، ويعتمدون على المكملات الغذائية لتعويض النقص في العناصر الغذائية الأساسية، وتعد الأمهات والأطفال أكثر الفئات التي تعاني سوء التغذية.
كل تسعة أطفال لا يأكلون العناصر الغذائية المهمة
بعدما حصلت ريما على حصة أطفالها من المكملات الغذائية، قالت "بزبدة الفول السوداني المدعمة بالفيتامينات يحاول الغزيون درء خطر المجاعة عن أطفالهم، نشاط صغاري قليل ووجوههم شاحبة، وهذا طبيعي من قلة الأكل".
وتضيف ريما "منذ أشهر لم يأكل الأطفال لحوماً وخضراوات وفاكهة وأي طعام مفيد، هذا سبب رئيس لسوء التغذية، على رغم ذلك فإن حصة أطفالي من هذه المغلفات تقلصت إلى النصف لعدم توفر كميات كافية من المخزون لدى المؤسسات".
بحسب الـ"يونيسيف" فإن تسعة من كل 10 أطفال في غزة لا يستطيعون تناول العناصر الغذائية من مجموعات غذائية كافية لضمان نموهم وتطورهم بشكل صحي، وعادة ما يتطلب علاج سوء التغذية نظاماً غذائياً ثابتاً من المكملات العلاجية والأطعمة والمياه النظيفة، وكنتيجة حتمية للجوع وسوء التغذية مات في غزة 66 طفلاً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تخرج روان من كيس ورقي بعض مغلفات المكملات الغذائية المخصصة للأطفال، وتتساءل "هل هذه وجبة؟ يعطوننا فيتامينات، ويقولون إنها لدعم صحة الأطفال، لكن أين الأكل؟ ابني يحتاج إلى حليب ولحمة، وليس إلى مسحوق كيماوي".
في خيمة روان لا وجبات ساخنة ولا شيء يؤكل سوى المكملات الغذائية، تفارق روان قائلة "تمنع إسرائيل الفاكهة الطازجة بينما تسمح بفيتامين سي، وتمنع الحليب الطازج بينما تسمح بالزنك والكالسيوم، تمنع البيض واللحوم بينما تسمح بمسحوق الحديد".
ليست بديلاً عن الغذاء
يقول متحدث الـ"يونيسيف" كاظم أبو خلف، "أغلقنا 21 مركزاً لعلاج سوء التغذية ولا تزال إسرائيل تواصل منع دخول المساعدات والمكملات الغذائية إلى قطاع غزة، ما نوزعه من كميات محدودة من الأغذية التكميلية للرضع لا يعد بديلاً عن الغذاء الحقيقي، بل مساعدة داعمة في بيئات غذائية متكاملة، لا في مناطق تجويع".
ويضيف أبوخلف، "ما تسمح إسرائيل بإدخاله لغزة يبدو في جوهره محاولة لتقديم صورة إنسانية، بينما تمنع الأساس وهو الغذاء، وبهذا يتحول الدعم الصحي إلى مجرد غطاء لمجاعة سياسية تفرض على الأطفال، لا تعالجهم".
25 طفلاً كل يوم يدخلون المستشفيات بسبب سوء التغذية
وفي السياق يقول سعيد صلاح وهو مدير مستشفى "أصدقاء المريض" المتخصص لعلاج الأطفال، "هناك تزايد في عدد الأطفال الذين يحتاجون إلى المبيت بالمستشفى نتيجة سوء التغذية، فئة الأطفال تتجه نحو مجاعة حقيقية قد تؤدي إلى وفاة كثير منهم".
يفحص مستشفى "أصدقاء المريض" نحو 200 طفل يومياً يدخل 25 منهم للمبيت بسبب بلوغهم حال شديدة من سوء التغذية، وهناك قلة مناعة، ويصاب الأطفال بالديدان والأمراض الهضمية والالتهابات الجلدية".
ويعترف صلاح بأن المكملات الغذائية لا يمكن أن تعوض الفقد الهائل في النظام الغذائي اليومي للأطفال، ويشرح "الأطفال لا يحتاجون فقط إلى فيتامين سي أو دي في مسحوق داخل مغلق بلاستيكي، بل يحتاجون إلى الفاكهة التي تحوي الألياف، للدهون الصحية من الحليب، للبروتينات من البيض والعدس واللحم، للزنك من الحبوب، جسم الطفل لا يبنى بالمكملات، بل بالغذاء الحقيقي المتنوع والمتوازن".
ويشير صلاح إلى أن إعطاء المكملات لطفل لا يتناول طعاماً هو أشبه بمحاولة وضع لاصق على جرح عميق ينزف من دون وقف النزف، مضيفاً "نحن نعطي الأطفال الفيتامينات وهم يعانون فقر الدم الحاد وضمور العضلات وضعف التركيز وتأخر في النمو العقلي والجسدي كل ذلك بسبب غياب الغذاء الحقيقي".