ملخص
أصيب السودانيون بخيبة أمل كبيرة عند اندلاع الحرب بين إسرائل وإيران لخشيتهم من أن تؤدي إلى حجب الأضواء، وإلى مزيد من التعتيم وعدم اهتمام المجتمع الدولي والإقليمي بما يدور في السودان من حرب ضروس بين الجيش وقوات "الدعم السريع"، بخاصة لجهة الانتهاكات الوحشية التي تمارس ضد المدنيين، وما صاحبها من موجة نزوح صنفت بأنها الأكبر على مستوى العالم. فما انعكاسات وتداعيات هذه الحرب على المشهد السوداني؟
أصيب السودانيون بخيبة أمل كبيرة عند اندلاع الحرب بين إسرائل وإيران لخشيتهم من أن تؤدي إلى حجب الأضواء، وإلى مزيد من التعتيم وعدم اهتمام المجتمع الدولي والإقليمي بما يدور في السودان من حرب ضروس بين الجيش وقوات "الدعم السريع"، بخاصة لجهة الانتهاكات الوحشية التي تمارس ضد المدنيين، وما صاحبها من موجة نزوح صنفت بأنها الأكبر على مستوى العالم. فما انعكاسات وتداعيات هذه الحرب على المشهد السوداني؟
دولة هشة
أستاذة العلاقات الدولية في مركز الدراسات الدبلوماسية بجامعة "الخرطوم" تماضر الطيب قالت "بكل تأكيد، الحرب بين طهران وتل أبيب غطت على أخبار الحرب السودانية بصورة كبيرة جداً، ولم يكُن هناك تتبع لما يدور في هذه البلاد التي تعاني صراعاً دموياً غير مسبوق، وهو أمر طبيعي لأنها حرب إقليمية كان يمكن إن تتحول إلى عالمية إذا دخلت فيها أطراف أخرى، وفي هذه الحال كان يمكن أن تحجب الأنظار عن كل مجريات الأحداث الأخرى في العالم"، وتابعت "في اعتقادي، تراجع الاهتمام بحرب السودان نابع من أنها ليست حرباً بين دولتين كما هو قائم بين طهران وتل أبيب. فما يحدث في السودان أشبه بالحرب الأهلية، وكان يمكن أن يصل تأثير الحرب الإسرائيلية - الإيرانية إلى المشهد السوداني بأن يصبح الأخير في طي النسيان، سواء على المستوى الدولي أو الإقليمي رسمياً وشعبياً، إضافة إلى تداعيات أخرى تتعلق بالجوانب الاقتصادية بخاصة حركة التجارة ناهيك عن أن السودان، أصلاً، يعاني حرباً ومجاعة وضعفاً في كل المجالات، بالتالي سيكون التأثير كبيراً للغاية"، وواصلت الطيب "مؤكد أن جانب المساعدات الإنسانية هو أكثر الجوانب تضرراً، فالحروب دائماً تؤثر في مستوى حركة النقل نتيجة صعوبة التحرك على المستوى الإقليمي بالذات، في حال استمرت وتوسعت دائرة الحرب بين الجانبين الإسرائيلي والإيراني، وهذا أمر متوقع حدوثه، وهو ليس في مصلحة السودان مما يمكن أن يزيد وضعه تعقيداً سواء على مستوى جهود المفاوضات التي ستتوقف بلا أدنى شك لأن كل الحكومات ستكون منشغلة بالحرب الأهم، وسيكون التركيز على الحرب صاحبة التهديد الأكبر حتى على مستوى الحكومات العربية والأفريقية التي تربطها بالسودان مصالح وجوار وغير ذلك". وبيّنت أيضاً أن "السودان في وضعه الحالي يعتبر دولة هشة، بالتالي فإن وقوع أي حدث في الإطار الإقليمي، وهو حالياً أكثر دولة متضررة من هذا الصراع، سياسياً واقتصادياً، وحتى في مجال التعاون الدولي".
وقالت "في تصوري، كلما أصبح الوضع ملتهباً بين الجانبين الإسرائيلي والإيراني، ساءت الأوضاع في السودان لتصل إلى الولايات البعيدة من الحرب".
تأثير سلبي
من جانبه أوضح المتخصص في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بـ"الجامعات السودانية" راشد محمد علي أنه "من المعلوم أن الحرب بين إسرائل وإيران تشكلت من مشهد دولي وإقليمي، فالحلف الإيراني ضم روسيا وكوريا الشمالية وباكستان، بينما وقفت الولايات المتحدة والمجموعة الأوروبية مع الجانب الإسرائيلي"، وأضاف أن "هذه الحرب اندلعت لسبب رئيس هو تعطيل مقدرة طهران النووية حتى لا تصل إلى مرحلة الامتلاك الكامل للسلاح النووي، بالتالي أصبحت إيران في طور الخروج من قوى إقليمية إلى قوى دولية"، وتابع أنه "في ما يختص بانعكاس الصراع الإسرائيلي- الإيراني على السودان، نجد أنه في بداية حرب الخرطوم كان هناك دعم خارجي كبير جداً للقوات المتمردة تقف وراءه إسرائيل وأميركا وبريطانيا والإمارات ومجموعة من الدول الأفريقية التي لا تمتلك قرارها، بينما كان الموقف الإيراني هو الداعم للحكومة السودانية، بالتالي ينظر السودان إلى صراع طهران وتل أبيب نظرة استراتيجية مرتبطة بعلاقات مستقبلية مع الجانب الإيراني، وبكل تأكيد ما دام أن الأمر قائم يصبح على السودان أن يدير علاقاته بمزيد من الدعم والمساندة والسعي إلى إيقاف هذه الحرب فعلياً حتى لا يجري تدمير القوى الإيرانية"، ولفت علي إلى أنه "بكل تأكيد، أية أحداث عالمية تؤثر في البلاد سلباً لا إيجاباً، وهذا ما حدث خلال الأيام الماضية التي شهدت اشتعال الحرب، إذ لم يكُن هناك تركير على ما يحدث في السودان، فالمجتمعات الخارجية تنظر إلى حرب السودان على أنها حرب داخلية بين مكونين عسكريين، لكن في الحقيقة هي تمرد على الدولة وتعاملت معه القوات المسلحة بالصورة الافتراضية"، وختم قائلاً "في تقديري، هناك فرصة كبيرة جداً أن يكون هناك اتجاه لإنهاء هذه الحرب في أسرع فترة ممكنة لأنها تتشكل من ثلاثة مستويات تتمثل في مستوى الصراع الاستراتيجي على السودان من ناحية المصالح والأطماع ومستوى الصراع السياسي الذي يتضمن الأجندة المركبة والأجندة المبتكرة والاختراق من الخارج ومستوى المعارك الدائرة بين الجيش وميليشيات ’الدعم السريع‘".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تراجع الاهتمام
في المقابل رأى أستاذ الاقتصاد السياسي حسن بشير محمد نور أن "الحرب الإسرائيلية- الإيرانية أدت بالفعل أدت إلى تراجع الاهتمام بحرب السودان، وفي نظري، إذا جرى التزام وقف إطلاق النار بين تل أبيب وطهران، وانتهت الحرب، فستكون التداعيات عند هذه الحدود، لكن إذا حدثت انتكاسة واستمرت الحرب، فسترتفع أسعار الطاقة ومعها سيغلق مضيق هرمز وسترتفع كلفة النقل في العالم، وتحدث موجة من التضخم وارتفاع كبير في الأسعار، ولا سيما أسعار الواردات التي يعتمد عليها السودان لأنه يقوم باستيراد كل حاجاته من الخارج، وسترتفع هذه الفاتورة بصورة خطرة على الاقتصاد المنهك، مما سينعكس على سعر الصرف، بالتالي ستتراجع القوة الشرائية وستكون التداعيات كبيرة للغاية"، وأردف أنه "من النواحي الأمنية والعسكرية، فإن بقاء الحرب بين طهران وتل أبيب سيؤثر في السودان من ناحية الدعم الإيراني للجيش السوداني من خلال توريد الأسلحة له، وبكل تأكيد، إيران ستعيد حساباتها في ظل استمرار أي توتر عليها، وبعد ذلك سيتراجع دعمها على المدى القصير بالنسبة إلى الجيش". واستطرد أستاذ الاقتصاد السياسي "لكن عموماً، الدولة السودانية تعد من الجهات الأضعف على نطاق العالم، وكلنا نعلم جيداً أنه في الحروب تكون الجهات الأضعف هي الأكثر تأثراً بتداعياتها، بالتالي السودان سيكون من أكثر المتضررين من أي تصاعد يحدث من جديد".