Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الكاريكاتير والحرب... ترمب ونتنياهو وخامنئي بالريشة المسننة

أصبحت الرسوم حالياً الأسرع انتشاراً بفضل الـ "سوشيال ميديا" والإيراني يصنف بأنه الأكثر تميزاً

خامنئي يبني بيتاً هشاً من أوراق اللعب وبجواره مروحة تحمل شعار إسرائيل، يطيح هواؤها بالبيت ويهدمه (الفنان كيانوش رامزاني)

ملخص

كثير من رسوم الكاريكاتور انتشرت في كبرى الصحف العالمية أو عبر صفحات رسامي الكاريكاتور حول العالم، عن تداعيات وأحداث الصراع بين إيران وإسرائيل، بتوجهات ورؤى مختلفة للحدث، وفي معظمها كان الأبطال الرئيسيون نتنياهو وخامنئي وترمب

مع تصاعد أي حدث سياسي أو عسكري في أية منطقة من مناطق النزاعات المشتعلة حول العالم، فإضافة إلى المقالات والتحليلات السياسية التي تقدمها وسائل الإعلام المختلفة، تنتشر كثير من رسوم الكاريكاتور التي تحمل كل التوجهات وتقدمها من خلال فكرة بسيطة تحقق انتشاراً طاغياً، لقدرتها على الوصول بسهولة إلى الجماهير في العالم كله، باعتبار أن الفن لغة عالمية يفهمها الناس من دون الحاجة إلى معرفة لغة مبدعها، وبالتزامن مع اشتعال الأوضاع بين إيران وإسرائيل فإن هذا كان واحداً من الأحداث الأبرز على ساحة الكاريكاتور العالمية.

نتنياهو وخامنئي وترمب

انتشرت كثير من رسوم الكاريكاتور، سواء في كبرى الصحف العالمية أو عبر صفحات رسامي الكاريكاتور حول العالم، عن تداعيات وأحداث الصراع بين إيران وإسرائيل بتوجهات ورؤى مختلفة للحدث، وفي غالبيتها كان الأبطال الرئيسيون هم نتنياهو وخامنئي وترمب، فقد نشرت الـ "غارديان" رسماً يصور نتنياهو وخامنئي يجلسان أمام منطقة مقابر في خلفيتها انفجارات وصواريخ ودمار وكل منهما معصوب العينين ويقوم بقذف الآخر، وكتب على رأس الكاريكاتور ما معناه "العين بالعين"، ونشرت الصحيفة نفسها رسماً كاريكاتورياً يصور نتنياهو وخامنئي متواجهين ويتحدى كل منهما الآخر في لعبة مصارعة الأيدي، ليضغط كل منهما بيده على يد طفلة مذعورة حتى سال منها الدم.

أما صحيفة "واشنطن بوست" فنشرت رسماً كاريكاتورياً يصور الرئيس الأميركي ترمب يقف منحنياً أمام لجنة منح جائزة نوبل للسلام، وفي الخلفية مشهد للصواريخ المتبادلة بين إيران وإسرائيل، متسائلاً عن إن كان هذا سيؤثر في منحه جائزة نوبل للسلام، في إشارة إلى رغبته التي لم يخفها في الحصول على هذه الجائزة، وما يحدث على أرض الواقع من إشعاله للحروب وآخرها ما يحدث حالياً بين إيران وإسرائيل، كما نشرت الصحيفة لاحقاً رسماً آخر يصور خامنئي داخل منزل محتمياً بجدار وممسكاً بقنبلة نووية، فيما ينادى عليه من الخارج "ألق سلاحك".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ونشرت صحيفة "بالتيمور صن" الأميركية كاريكاتوراً يصور الانفجارات المتلاحقة في الشرق الأوسط والرئيس الأميركي جالس في هدوء على مكتبه يدعو الناس إلى عدم الهلع، كما صورت صحيفة "فايننشال تايمز" كاريكاتوراً يعكس تردد ترمب إزاء دعم إسرائيل والمشاركة في هذه الحرب، إذ قدم الكاريكاتور صورة لصاروخ أميركي فيما جندي يقوم بكتابة كلمة "ربما" عليه من الخارج.

ولم تنفصل الصحافة الإسرائيلية عن الحدث، فقد نشرت صحيفة "معاريف" رسماً كاريكاتورياً يصور اثنين من المدنيين الإسرائيليين يقفان وسط منطقة سكنية مدمرة بالكامل، ويسأل أحدهما الآخر عن كيف سيتعرف على منزله وسط هذا الدمار، في إشارة إلى الضرر الكبير الذي وقع في الداخل الإسرائيلي جراء إطلاق الصواريخ الإيرانية.

ونشر الرسام البرازيلي كارلوس لاتوف رسماً كاريكاتورياً يصور نتنياهو وقد أشعل النار في إيران، وبعد أن تفاقم الوضع يدعو الرئيس الأميركي إلى الاستعداد لأنه يقع عليه دور إخماد هذه الحرائق التي أشعلتها إسرائيل، وكذلك نشرت الرسامة الأسترالية كاثي ويلكوكس رسماً يصور طفلتين فلسطينيتين تجلسان في العراء وسط الأنقاض في غزة، فيما يحدث أحدهما الآخر عن دقة إسرائيل في استهداف عناصر معينة في إيران، فتجيب الطفلة بحزن "مثلما يحدث هنا".

المحاربة بالفن

يقول مؤسس مشروع ذاكرة الكاريكاتور في مصر، عبدالله الصاوي، إن "من المفارقات أن إيران تعتبر من أكثر الدول التي لديها رسامو كاريكاتور في المنطقة، ولديها مستوى فني عال في رسوم الكاريكاتور، حتى إن موقع إيران كارتون المتخصص في الكاريكاتور من أعلى المواقع في التصنيف العالمي، ورسامو الكاريكاتور الإيرانيون يشاركون في كل المحافل الدولية ويحصلون على جوائز، وبالتزامن مع الأحداث الأخيرة بين إيران وإسرائيل فإن الرسامين الإيرانيين مستمرون في تقديم أعمال تعكس الحدث بكثافة كبيرة، فكما هناك جيش يحارب بالسلاح هناك آخر يحارب بالفن".

ويضيف الصاوي، "قد يتعجب بعض الناس من أن إيران تضم هذا العدد من رسامي الكاريكاتور الذين يعمل قطاع منهم في صحف عالمية مرموقة، وتنشر أعمالهم في العالم كله في ظل مناخ الحرية المحدود في إيران، لكن على أرض الواقع فإن حرية التعبير تكون محدودة عند التعبير عن القضايا الداخلية، أما في ما يتعلق بالأزمات الخارجية وموقف إيران من أعدائها أو رغبتها في الحفاظ على كيانها واستقلالها، فإن سقف الحرية لا حدود له، بل إنه في بعض الأحيان يمكن أن تستغل الدولة الكاريكاتور وتوظفه لخدمة أهدافها والتعبير عن توجهاتها".

ويتابع الصاوي أن "الكاريكاتور حالياً سريع الانتشار وذو تأثير كبير، بخاصة مع انتشاره عبر السوشيال ميديا، وانتشاره في العالم كله، فبعضهم قد لا يقرأ المقالات أو التحليلات السياسية المعمقة، لكن الفكرة تصل إليه بكل سهولة من خلال رسم الكاريكاتور، والرسوم المنتشرة حالياً للرسامين الإيرانيين وغيرهم خير دليل".

على مدى التاريخ كان الفن في إيران ذا طبيعة خاصة، وبشكل خاص الرسم، وقد برع الرسامون الإيرانيون في تقديم فنونهم التراثية والمعاصرة، وخلال الأيام الأخيرة كان هناك ظهور كبير لرسامي الكاريكاتور الإيرانيين الذين انتشرت أعمالهم ولاقت إعجاب الجماهير، ومن بينهم الفنان كيانوش رامزاني الذي رسم خامنئي وهو يبني بيتاً هشاً من أوراق اللعب وبجواره مروحة تحمل شعار إسرائيل، ليطيح هواؤها بالبيت ويهدمه، كما قدم عملاً آخر صور فيه نتنياهو وخامنئي يتقاتلان بالصواريخ فوق الكرة الأرضية التي بدت كقنبلة فتيلها مشتعل وأوشكت على الانفجار.

 

وقدم الفنان هادي حيدري رسماً يصور يداً باللون الأحمر تشد على أخرى باللون الأخضر، وهما اللونان الرئيسان للعلم الإيراني، في دلالة على أهمية تماسك الإيرانيين في وجه الخطر الذي يتهددهم، كما قدم الفنان جمال رحماتي رسماً يصور طفلاً رضيعاً نائماً وقد جرت تغطية النافذة أمامه بلوحة عليها ورد وأشجار لإخفاء الانفجارات والدمار الذي يدفع ثمنه المدنيون، وذيّل اللوحة بأن هذا ما نفعله لجعل الأطفال بعيداً من أخبار الحرب، وفي السياق ذاته قدم رسم آخر أسرة إيرانية تضع منزلها فوق السيارة وتفر هاربة من طهران حيث مواقع الاشتباكات.

ويقول رسام الكاريكاتور الإيراني كيانوش رامازاني إن "ما لفت انتباهي شخصياً خلال الأيام الأخيرة هو كثرة الرسوم الكاريكاتورية التي تستهدف المرشد الأعلى الإيراني خامنئي والتي جرى تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي، وهنا أريد أن أشير إلى وجود رسامات الكاريكاتور الإيرانيات اللاتي يتزايد عددهن باستمرار ويرسمن رسومات رائعة، لكن أرى شجاعة بالغة لدى الفنانين الإيرانيين وبخاصة الذين يعيشون داخل إيران، فهم ضد اضطهاد الشعب الإيراني وهم في منتهى  الشجاعة، ربما لأنهم أكثر غضباً، فالغضب مصدر مهم للطاقة عندما تقاتل من خلال فنك، وأنا أشعر بذلك شخصياً".

ويضيف رامازاني أن من "أهم القيم التي أرغب في تجسيدها من خلال فني، بخاصة في ظل الوضع الراهن، الإنسانية والتعاطف والتذكير  بأننا جميعاً بشر ومهما اختلفت ثقافاتنا ولغاتنا وعقلياتنا فيمكن أن نتواصل، فقد عشت حروباً وعشت في ظل ديكتاتورية، وأنا رسام كاريكاتور وفنان منفي، وذلك جعلني أحيا حيوات كثيرة وأعبر عنها من خلال الفن".

نشر الوعي

في تاريخ البشرية كانت هناك حروب دائماً، وفي كل صراع أو حرب لم يتوقف الفنانون عن إبداع أعمال من وحيها، وهم أيضاً تأثروا بالحروب وخاضوا غمارها، والأعمال الفنية التي أبدعوها أثناء الحرب كانت بمثابة الوثائق ويمكن رؤيتها كأدلة في المتاحف الحديثة في الوقت الحاضر.

يقول رامازاني إنه "في أوقات الصراع فإن الفنان هو من يراقب، ومن خلال هذه المراقبة تقع المسؤولية، فالفن الذي سيقدمه سيكون له تأثير بالغ في المجتمعات ويصبح شديد الأهمية عندما يعاني المجتمع الذي يعيش فيه الفنان من سلطات غير ديمقراطية وديكتاتورية، وعندما يتعلق الأمر بالرقابة والقمع وجميع أشكال العنف السياسي أو العقلي الممنهج التي تمارسه الأنظمة الاستبدادية يصبح الفن والفنانون أكثر جرأة وأهمية، وفي حال الحرب يكون للفن دور آخر وهو أن يعبر عن غير المسموعين، وأن يعكس الصدمة الجماعية ويظهرها بطريقة فنية تتحول إلى تعاطف معهم، وهذا أمر مهم للغاية، فالأشخاص الذين يتعرضون للقمع والهجوم والعدوان من المهم أن يشعروا بأنهم مسموعون ومرئيون، وأن صوتهم سينتشر من خلال الفن".

ويضيف، "كونك فناناً في القرن الـ 21 يعني تلقائياً أن تكون سياسياً، لذا أعتقد أيضاً أن المجتمع يتوقع الشيء نفسه من الفنان، لكن هناك خيطاً رفيعاً جداً بين هذا التعريف والوقوع في فخ الدعاية، ففي كل حرب توجد دعاية ويحاول المعتدي والمعتدى عليه خلق سردية تثير المشاعر للحصول على الدعم، وفي مثل هذه الحالات من المهم جداً للفنانين أن يدركوا ماهية السرد الدعائي، وأن يكون دورهم في المقام الأول نشر الوعي من خلال الفن".

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات