Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأسعار تطارد الغزيين في نزوحهم من دون اكتراث بالحرب

تفاوت أسعار السلع بين النقد والدفع الإلكتروني ووصلت نسبة سحب الكاش إلى 40 في المئة

لأية سلعة في غزة سعران مختلفان حسب طريقة الدفع نقداً أرخص وتحويلات مالية أغلى (اندبندنت عربية - مريم أبو دقة)

ملخص

في غزة بات لكل منتج سعران مختلفان وأصبح ذلك الأمر ظاهرة منتشرة في أرجاء القطاع، وهذا النظام الغريب له أسباب وقصة طويلة بدأت عندما اندلعت الحرب بين حركة "حماس" وإسرائيل ولها تداعيات كارثية على النظامين المصرفي والتجاري.

على بسطة صغيرة وقفت ليان تشتري القليل من المعكرونة والرز، وعندما ذهبت للدفع، سألها البائع "ستدفعين نقداً أم من طريق التحويلات المالية الإلكترونية؟" تفاجأت السيدة من السؤال وعلاقة طريقة الدفع بسعر السلع الغذائية.

أجابت ليان "وهل هناك فرق في السعر"، بدا البائع غاضباً وأجاب "كيلوغرام الواحد من المعكرونة نقداً ثمنه 15 دولاراً، أما عبر التحويلات المالية الإلكترونية ثمنه 21 دولاراً، والرز ثمن الكيلوغرام منه كاش يبلغ 20 دولاراً، وعبر الدفع الإلكتروني يصل إلى 28 دولاراً".

دفع نقدي أم تحويلات؟

حائرة ليان ولا تعرف لماذا للسلعة سعران في غزة، لكنها عارضت هذا النظام ورفضت الشراء، وبعدما تجولت في السوق استنتجت أن لكل سلعة سعرين مختلفين ويحدد ذلك نظام الدفع، إذا كان نقداً أو عبر التعاملات المالية الإلكترونية باستخدام التطبيقات البنكية.

تقول ليان "نذهب لشراء أية سلعة غذائية أو حتى خدماتية فنجد لها سعرين، الأول عبر الدفع النقدي الكاش وهو أرخص بكثير من الدفع الإلكتروني، هذه ظاهرة تسبب أزمات مضاعفة، وتجعل الحياة أصعب وأكثر تعقيداً".

في غزة بات لكل منتج سعران مختلفان وأصبح ذلك الأمر ظاهرة منتشرة في أرجاء القطاع، وهذا النظام الغريب له أسباب وقصة طويلة بدأت عندما اندلعت الحرب بين حركة "حماس" وإسرائيل ولها تداعيات كارثية على النظامين المصرفي والتجاري.

أصل القصة

في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، قررت إسرائيل فرض حصار على غزة بهدف تدمير قدرات "حماس"، ومن بين جوانب الحصار منعت إدخال العملات النقدية الثلاثة التي يتعامل بها السكان (الشيكل الإسرائيلي والدولار الأميركي والدينار الأردني).

ونتيجة لشدة القتال العسكري، أغلقت البنوك العاملة في غزة أبوابها وتعرضت بفعل القصف والعمليات العسكرية إلى دمار كبير في مباني البنوك أو في ماكينات سحب الأموال (ATM)، كذلك فإنه عندما انهار النظام الأمني تعرضت لعمليات سطو وسرقة لخزنات الأموال.

بسرعة انهار النظام المصرفي غزة، ولم يجد السكان أمامهم طريقة لسحب أموالهم من البنوك إلا من طريق التحويلات المالية الإلكترونية باستخدام التطبيقات البنكية، ولكن ليس من المصارف نفسها وإنما من طريق تجار العملة.

 

 

بحسب غرفة تجارة وصناعة غزة، فإن خمسة تجار جمعوا الأوراق النقدية من غزة وباتوا يتحكمون فيها، إذ يبيعونها للناس كسلعة مقابل تحويلات مالية عبر البنوك، يشرح ذلك رئيس جمعية رجال الأعمال في قطاع غزة أحمد أبو عيدة "يعطي التاجر أي شخص مبلغ 1000 دولار نقداً أو ما يعادلها بالعملات الأخرى مقابل أن يحول له على حسابه البنكي قيمة 1400 دولار".

وبمعنى ثان وصلت نسبة سحب الأموال من البنوك وتحويلها إلى نقد نحو 40 في المئة، وهذه نسبة ضخمة لا يقوى على تحملها أغلب سكان غزة الذين يصنفون أنهم فقراء ويعيش نحو 91 في المئة منهم تحت خط الفقر المدقع.

مع مرور أشهر الحرب ومنع إدخال أوراق نقدية جديدة، أصبحت العملة المنتشرة في غزة تالفة وتعرضت لأضرار كبيرة، مثل القطع واللصق أو الذوبان وما شابه من أشكال الأضرار التي تلحق بالعملة، وحينها واجه سكان القطاع أزمة ثانية أن تلك الأوراق المهترئة لم يعد يقبل بها التجار وباتت غير صالحة للتداول.

لمراوغة تلك الأزمة توجه سكان غزة إلى فكرة الشراء عبر الدفع المالي الإلكتروني، ولكن واجهوا أزمة جديدة أن التجار يفرضون سعراً مختلفاً عند الدفع باستخدام التطبيقات البنكية، وسعراً أقل عند الدفع نقداً باستخدام أوراق مالية جديدة وغير مهترئة.

110 دولارات لكيلو السكر نقداً

سأل يزيد على سعر الكيلوغرام من السكر، أجابه البائع "110 دولارات، ونبيع فقط عبر الدفع النقدي ويجب أن تكون الأوراق المالية جديدة وليست مهترئة" من دون رد أدار الرجل ظهره وغادر ساكتاً، يقول "في  الشارع نفسه وجدت محال تبيع بالكاش فقط وأخرى بالدفع الإلكتروني فقط".

ويضيف يزيد "على رغم أنهما يبيعان السلعة نفسها فإن هناك فرقاً كبيراً في السعر، السكر عبر التطبيقات البنكية يصل ثمنه إلى 125 دولاراً، الجميع في غزة يفضل التعامل بالدفع الإلكتروني بسبب أزمة السيولة وارتفاع نسبة عمولة سحب الأموال النقدية واهتراء الأوراق المالية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من جهتها، تقول أريج "أسعار السلع متباينة كلياً وفق وسيلة الدفع، وفي الحالتين هناك خسارة، إذا أردت الحصول على أموال نقداً يجب عليَّ خسارة 40 في المئة من قيمتهل، وإذا رغبت في الدفع الإلكتروني فإن ثمن السلع مرتفع جداً".

تفضل أريج الدفع الإلكتروني كحل بديل لتقليل الخسائر لكنها تواجه محدودية استخدام هذه الوسائل بين الباعة، توضح أن التطبيقات البنكية لا يقبل بها كثير من المحال والوضع يزداد سوءاً يوماً بعد آخر".

يقول البائع مصطفى عيد "الأمر لا يقتصر على السلع الكمالية، نشتري الخضراوات والمواد الغذائية من التجار بسعرين، مثلاً نشتري الكيلوغرام من البطاطا بثمن 19 دولاراً نقداً، أما بالدفع الإلكتروني فيصبح 22 دولاراً".

ويضيف عيد "عند بيعه للزبائن نرفع سعر كيلوغرام البطاطا لنحو 25 دولاراً عند الدفع الإلكتروني أو النقدي، تجارياً نفضل البيع والشراء بالدفع الإلكتروني لأنه أسهل ويعالج أزمة السيولة النقدية ولكنه بات مرهقاً ويزيد من تضخم الأسعار".

تعاملات تجارية غريبة

يقول رئيس جمعية رجال الأعمال في قطاع غزة أحمد أبو عيدة "إسرائيل ترفض إدخال الأوراق النقدية لغزة، وهناك أزمة أخرى أن التجار يرفضون البيع من خلال خدمة التطبيق البنكي ويفضلون النقد، مما سبب رفع أسعار السلع وتقاضي قيمة أعلى من قيمتها السوقية".

 

 

ويضيف أبو عيدة "هذه المشكلات جزء من التحديات الاقتصادية الحادة التي يعانيها القطاع، هذه الممارسات أرهقت السكان، وأضعفت قدرتهم الشرائية، وأدت إلى العزوف عن شراء حتى الحاجات الأساسية، الغزيون غير قادرين على الصمود في وجه هذا الغلاء".

ويوضح أبو عيدة أن الحال الاقتصادية لسكان غزة باتت شديدة القسوة، إذ يخوضون تعاملات تجارية غريبة تماماً، فهناك سعران لكل سلعة وأزمة سيولة خانقة وتضخم جنوني في الأسعار، يتزامن مع تآكل القدرة الشرائية وانعدام الخيارات، وهو ما يؤكد ضرورة التدخل الفعلي لمعالجة الأزمة المالية التي تهدد ما تبقى من استقرار اقتصادي".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير