ملخص
للقوات المسلحة الإيرانية ثلاثة فروع رئيسة تحت سلطة المرشد الإيراني، وهي الحرس الثوري والجيش وقيادة إنفاذ القانون أو الشرطة.
لا تتوقف سلطات المرشد الإيراني علي خامنئي عند موقعه الديني، بل يتولى منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة، ويتمتع بالسلطة المطلقة على القوات المسلحة في طهران، وهو الذي يضع الإستراتيجية الكبرى للبلاد التي وجهها لعقود نحو الحفاظ على نظامه وتصدير أيديولوجيته الثورية.
وفي المقابل لا يمثل الرئيس الإيراني ووزير دفاعه أي دور في التسلسل القيادي العسكري، ومن المؤكد أنهم يؤثرون في السياسة الأمنية الإيرانية من خلال وصولهم إلى خامنئي بحكم مناصبهم في المجلس الأعلى للأمن القومي، لكن مشاركتهم في اتخاذ قرارات العمليات العسكرية والقتال محدودة، فيما وزارة الدفاع ولوجستيات القوات المسلحة مسؤولة بدلاً من ذلك عن إدارة القاعدة الصناعية العسكرية الإيرانية وعمليات اقتناء وبيع الأسلحة.
ومع احتدام الصراع في المنطقة والتدخل الأميركي المباشر في ضرب المنشآت النووية والتهديد حتى بإسقاط النظام الإيراني، يتزايد الاهتمام باستعراض هيكلية ووظائف مختلف الكيانات داخل القوات المسلحة الإيرانية وأدوارها في أمن النظام.
الفروع والعقيدة
للقوات المسلحة الإيرانية ثلاثة فروع رئيسة تحت سلطة المرشد الإيراني، وهي الحرس الثوري والجيش وقيادة إنفاذ القانون أو الشرطة، ويعتمد المرشد على كيانين هما هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة ومقر خاتم الأنبياء المركزي لقيادة الفروع العسكرية الثلاثة والسيطرة عليها وتنسيقها، وتعد هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة مسؤولة عن التوجيه الإستراتيجي والسياسة العسكرية، وهي الأقرب وظيفياً إلى هيئة الأركان المشتركة الأميركية، فيما يصنف مقر خاتم الأنبياء المركزي بالمنظمة الموازية، وهو مسؤول عن العمليات المشتركة والعمليات الحربية.
وتحدد القوات المسلحة الإيرانية ثلاثة أنواع مختلفة من التحديات الأمنية في عقيدتها، وهي التهديدات الصعبة وشبه الصعبة والناعمة، والتهديدات الصعبة عسكرية بطبيعتها وتشير إلى استخدام القوة لتحقيق آثار عسكرية ونتائج سياسية، أما التهديدات شبه الصعبة فتشير عموماً إلى مشكلات الأمن الداخلي مثل العمليات السرية والسيبرانية ونشاط المتمردين والاحتجاجات العنيفة، بينما تصنف التهديدات الناعمة بالأكثر غموضاً وتشير إلى الاتجاهات الاجتماعية والثقافية وإفساد المجتمع الإيراني بالقيم الغربية والأفكار الليبرالية، وبناء على ذلك قام النظام بتنظيم قواته المسلحة لمواجهة هذه الأنواع الثلاثة من التهديدات.
الجيش
يشار إلى الجيش الإيراني عادة في الخطاب الغربي باسم "الجيش الإيراني النظامي" ويبلغ عدده 350 ألف جندي، ويعتبر أقل أيديولوجية من الحرس الثوري ويتخذ وضعاً دفاعياً، وتتمثل مهمته الأساس في صد أي هجوم أجنبي والحفاظ على وحدة الأراضي الإيرانية، ويمتلك معظم القوى البشرية والمنصات التقليدية للقوات المسلحة، مثل الدبابات والمروحيات والطائرات والمقاتلات السطحية الرئيسة والغواصات، إلا أن أعواماً من العقوبات الدولية أعاقت بشدة قدرته على صيانة هذه المنصات وتحديثها. وقد نظّم الجيش أفراده وأصوله عبر أربعة فروع وهي القوات البرية والبحرية والجوية والدفاع الجوي.
وتشغل القوات البرية التابعة للجيش الإيراني 50 لواء تتألف من مشاة خفيفة وعناصر ميكانيكية ومدرعة، ويتركز عدد من وحدات القوات البرية حول الحدود الغربية والشرقية، وقد خضعت لعمليات إعادة هيكلة عدة خلال الأعوام الأخيرة شملت لامركزية القيادة والسيطرة وتعزيز قدرتها على الحركة والرد السريع، كما وسعت دورها في مهمات الأمن الخارجي والداخلي.
أما البحرية الإيرانية فتعمل بصورة أساس حول المحيط الهندي وبحر قزوين وتتقاسم المسؤولية مع الحرس الثوري عن مضيق هرمز، وقد أولت اهتماماً خاصاً لتوسيع نطاقها خلال الأعوام الأخيرة، وأعلنت عن مقار قيادة جديدة للمحيطين الأطلسي والهادئ وسفن شراعية أبعد إلى الخارج، كما أعطت الأولوية لدمج سفن القواعد الأمامية التي تهدف إلى تعزيز قدرتها على إجراء عمليات خارج المنطقة، ويمكن لهذه السفن الأمامية استضافة طائرات من دون طيار وطائرات مروحية وقوارب هجومية سريعة من بين قدرات أخرى، مما يجعلها مناسبة للغارات التجارية التي كانت إحدى الطرق المفضلة للقادة الإيرانيين لاستخدام القوة البحرية والضغط على خصومهم.
وبالنسبة إلى سلاح الجو الإيراني فهو قديم جداً وقدراته محدودة، إذ تحتفظ القوات الجوية بهياكل طائرات غربية وسوفياتية عمرها عقود موزعة على 11 قاعدة جوية، واستثمرت بصورة كبيرة في صيانة وتحديث هذه المنصات، ولكن كما هي الحال مع البحرية فإنها لا تزال أدنى بكثير من نظيراتها في الولايات المتحدة وإسرائيل، وكان عجز القوات الجوية هو ما دفع طهران إلى الاعتماد على القوة الجوية الروسية في سوريا للحفاظ على نظام بشار الأسد.
وفي ما يخص قوة الدفاع الجوي فقد أسسها المرشد علي خامنئي عام 2019 مما يجعلها أحدث خدمة عسكرية تابعة للجيش الإيراني، وتدير مجموعة واسعة من أصول الدفاع الجوي المنتجة محلياً وأكثرها تقدماً وهي صواريخ "أس-300" روسية المصدر، والتي حصلت عليها إيران عام 2016، وقد ضربت بها إسرائيل مراراً وتكراراً منذ أبريل (نيسان) 2024، وأدت الحملة الجوية الإسرائيلية المستمرة ضد إيران إلى تدمير هذه المنظومات وقدرتها على الدفاع عن المجال الجوي الإيراني.
الحرس الثوري
أنشأ مؤسس الجمهورية الإسلامية وأول مرشد أعلى لها، روح الله الخميني، الحرس الثوري كقوة عسكرية موازية للجيش بعد الثورة عام 1979 بفترة وجيزة، وقد عمل الحرس الثوري مذاك كحرس إمبراطوري ذي أيديولوجيات عميقة، وحرص على احتفاظ رجال الدين بسيطرة النظام الناشئ، ثم تحول خلال العقود السابقة إلى أحد أبرز القوى السياسية والأمنية والاقتصادية والأيديولوجية المهيمنة في إيران، ويتكون من 190 ألف مقاتل وهو الجهة الرئيسة المسؤولة عن التحكم في ترسانات الصواريخ والطائرات من دون طيار الإيرانية، وإدارة ودعم ما يسمى "محور المقاومة"، ويضم أربعة فروع عسكرية موازية تقريباً للجيش، وهي القوات البرية والبحرية والقوة الجوية الفضائية وفيلق القدس وفروع أخرى كمنظمة الـ "باسيج" وجهاز الاستخبارات.
وتعد القوات البرية التابعة للحرس الثوري الإيراني قوة أصغر حجماً مقارنة بنظيرتها في الجيش، وقد عمدت هذه القوات إلى لا مركزية هيكل قيادتها خلال العقدين الأول والثاني من القرن الـ 21، فأنشأت 32 وحدة إقليمية قادرة على العمل بصورة مستقلة في حال وقوع هجوم فدائي ضد القيادة المركزية للحرس الثوري الإيراني، ويعكس هذا الوضع المهمة المزدوجة للقوات البرية المتمثلة في مواجهة التهديدات الخارجية والداخلية، وقد صممت القوات البرية في الحرس الثوري لشن حرب عصابات ضد أي قوة غازية، مع وجود وحدات متمركزة لقمع الاضطرابات الاجتماعية بعنف.
وبحرية الحرس الثوري الإيراني غير تقليدية مقارنة بالجيش، وهي مسؤولة بصورة أساس عن الخليج العربي ومضيق هرمز، وقد ركزت تاريخياً على نشر قدرات منع دخول المنطقة، بما في ذلك زوارق الهجوم السريع والألغام البحرية والصواريخ الساحلية، ومن التكتيكات الشائعة التي مارستها استخدام زوارق الهجوم السريع والألغام والصواريخ والمسيرات لمهاجمة السفن الحربية الأميركية السطحية حول الخليج العربي وتقييد حرية ملاحتها.
أما القوة الجوية الفضائية التابعة للحرس الثوري، المشغل الرئيس لترسانات الصواريخ والمسيرات الإيرانية، فقد استثمرت بصورة هائلة على مدى أعوام عدة في تجميع أكبر مخزون صاروخي في الشرق الأوسط، ونفذت أول ضربة صاروخية إيرانية في الخارج عام 2017، وتلتها ضربات متكررة على العراق وسوريا وإسرائيل منذ ذلك الحين.
فيلق القدس
يعد الذراع الخارجية للحرس الثوري والوسيلة الإيرانية الرئيسة للسيطرة على ما يسمى "محور المقاومة" ودعمه، ويوفر القيادة والعتاد والمعلومات الاستخباراتية والتدريب والأموال للميليشيات التابعة لإيران والشريكة لها في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وقد شدد على تعزيز التوافق بين هذه الجماعات خلال الأعوام الأخيرة في محاولة لتحويل "محور المقاومة" إلى تحالف متماسك، وتمتع بمكانة خاصة في المؤسسة العسكرية الإيرانية نظراً إلى أهميته المحورية في الإستراتيجية الإيرانية وقربه من المرشد الإيراني.
منظمة الـ "باسيج"
منظمة شبه عسكرية يزيد عددها على المليون متطوع، وتستخدمها القوات المسلحة الإيرانية لتجنيد الموالين للنظام وتلقينهم عقائدياً وتنظيمهم والسيطرة عليهم، وقد ركز الـ "باسيج" بصورة كبيرة على إنتاج ونشر الدعاية والرقابة الاجتماعية وقمع المعارضة الداخلية وإجراء أنشطة الدفاع المدني.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وينتشر أفراد المنظمة في جميع شرائح المجتمع الإيراني، مع فروع مكلفة بتعبئة مختلف الفئات السكانية في إيران، وتحتفظ بوحدات النخبة التي تتلقى تدريباً عسكرياً وأيديولوجياً متقدماً وتعمل كاحتياط بشري للقوات البرية للحرس الثوري، وكذلك تدمج القوات البرية للحرس الثوري وحدات الـ "باسيج" داخل صفوفها وخصوصاً في أوقات الحرب أو الأزمات الداخلية.
منظمة الاستخبارات
أنشأها الحرس الثوري رداً على احتجاجات "الحركة الخضراء" التي هزت إيران عام 2009، وقد ركزت في المقام الأول على المراقبة المحلية والرقابة الاجتماعية وعمليات مكافحة التمرد، بينما أجرت أيضاً عمليات محدودة في الخارج، وبدا أنها وسعت نطاق ولايتها عام 2019 عندما اندمجت مع مديرية الاستخبارات الإستراتيجية التابعة للحرس الثوري، والتي كان لها تركيز خارجي أكبر، وكانت لها منافسة مع وزارة الاستخبارات والأمن التي تعمل تحت إشراف الرئيس الإيراني.
قيادة إنفاذ القانون
تتمثل مهمة هذه القيادة في تنفيذ أنشطة الشرطة الاعتيادية وضمان استقرار النظام، وتضم وحدات تابعة عدة مثل حرس الحدود وشرطة الوقاية والعمليات التي تشرف على مراكز إنفاذ القانون في جميع أنحاء البلاد، كما تشرف على الوحدات الخاصة، وهي قوة مدربة تدريباً عالياً لمكافحة الشغب تنتشر عندما تعجز الشرطة النظامية عن احتواء الاضطرابات المدنية.