ملخص
يرى محللون أن هناك 3 سيناريوهات للأزمة الراهنة الأول تصعيد دراماتيكي في التوتر بالشرق الأوسط، قد يؤدي ذلك إلى قطع مضيق هرمز ودورة من الانتقام.
تسود حال من الترقب في أوساط "وول ستريت" تجاه الرد الإيراني على الضربة الأميركية التي طاولت أهم المنشآت الإيرانية، إذ يبحث المستثمرون عن ملاذ آمن مع تصاعد الأخطار الجيوسياسية مما أنعش الدولار مقابل اليورو ومعظم العملات الأجنبية الرئيسة في ظل نشاط التداول في آسيا.
بحسب مراقبين تعد ضربات الولايات المتحدة سبباً آخر لاندفاع صناديق التحوط للانسحاب من الرهانات على انخفاض الدولار، وعدوا أن زيادة الأخطار الجيوسياسية تشكل رياحاً مضادة للنمو العالمي على رأس التباطؤ المستمر في التجارة العابرة للحدود بفعل السياسات التعريفية لترمب، وتوقعوا أن أوروبا والأسواق الناشئة قد تتراجع مع انحسار تدفقات المال الساخن بينما يتحول المستثمرون العالميون إلى حال حذر أكبر.
تحول الأسواق
وارتفعت أسعار عقود النفط الآجلة بينما انخفضت عقود الأسهم الأميركية، إذ غذت الضربات الشعور بالحاجة إلى الأمن والمخاوف في شأن إمدادات الطاقة، وتراجعت سندات الخزانة بعدما سجلت مكاسب في الأسبوع الماضي.
ويقول الرئيس التنفيذي للاستثمارات في بنك "أي أند جي" دييغو فرنانديز، "نتوقع بعض التحول باتجاه تجنب الأخطار، لكن ليس قوياً فلا يزال علينا معرفة رد فعل إيران وكيفية تطور الصراع".
ردود الفعل
كان رد فعل السوق خافتة بصورة عامة منذ الهجوم الإسرائيلي الأول على إيران في وقت سابق من هذا الشهر، فحتى بعد التراجع خلال الأسبوعين الماضيين، لا يزال مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" أقل بنحو ثلاثة في المئة من أعلى مستوى له على الإطلاق في فبراير (شباط)، وارتفع الدولار بأكثر من واحد في المئة منذ الهجوم في الـ13 من يونيو (حزيران) حتى الإثنين بالتداول الآسيوي.
ويرجع ذلك في الأساس إلى توقع المستثمرين أن يبقى الصراع محدوداً، من دون تأثير أوسع على الاقتصاد العالمي، لكن التحركات قد تتزايد إذا ردت إيران بخطوات مثل قطع مضيق هرمز، وهو ممر حيوي لشحنات النفط والغاز، أو استهداف القوات الأميركية في المنطقة، وفقاً لمراقبي السوق.
مضيق هرمز
وتقول مديرة الاستثمار "بيتكت أستمانغمنت" يفجينيا مولوتوفا، "يعتمد كل شيء على كيفية تطور الصراع، والأمور تبدو متغيرة من ساعة لأخرى، فالطريقة الوحيدة التي تؤخذ بها الأمور على محمل الجد هي إذا جرى غلق مضيق هرمز، لأن ذلك سيؤثر في الوصول إلى النفط".
أما كبيرة استراتيجيي الاستثمار في "ساكسو ماركتس" في سنغافورة شارو تشانانا، فتقول "إغلاق مضيق هرمز يشكل نقطة تحول للأسواق... السؤال هو هل لا تزال الأصول الأميركية قادرة على تحصيل هامش ملاذ آمن؟".
ومع ذلك من المرجح أن يكون الانخفاض محدوداً لأن بعض المستثمرين في السوق استعدوا لتصعيد في الصراع، فقد تراجع مؤشر "أم أس سي أي" بنحو 1.8 في المئة منذ هجوم إسرائيل على إيران، وخفض مديرون الصناديق من حصصهم في الأسهم، ولم يعد وزن الأسهم مرتفعاً، وزاد الطلب على التحوط، مما يقلل احتمال حدوث تراجع عميق عند هذه المستويات.
النفط التصعيد الأكبر
ويستعد المتداولون لموجة جديدة من الصعود في الأسعار، على رغم عدم وضوح وجهة الأزمة، ففي آسيا، ارتفع خام "برنت" القياسي العالمي بنسبة تصل إلى 5.7 في المئة ليصل إلى 81.40 دولاراً للبرميل، قبل أن يقلل جزءاً كبيراً من مكاسبه في تداولات كثيفة.
ويقول محللو النفط في "مورغان ستانلي"، إن التسوية السريعة قد تسمح بسقوط الأسعار إلى مستوى 60 دولاراً للبرميل، لكن استمرار التوتر قد يبقي الأسعار ضمن النطاق الحالي. وأضافوا "تعطل الإمدادات العالمية للنفط مع احتمال ضرب الشحنات عبر المنطقة قد تدفع بأسعار النفط إلى مستويات أعلى بكثير". وأشار محللون آخرون في المؤسسة إلى أن ارتفاعاً مطولاً في النفط قد يؤدي إلى ضغوط شرائية قصيرة على الدولار، على رغم أن الأسس الاقتصادية لا تزال تشير إلى تلاشي قوة الدولار.
ارتفاع الدولار
وارتفع الدولار منذ بداية الصراع، لكنه لا يزال تحولاً محدوداً بالنظر إلى دوره التقليدي كعملة ملاذ آمن في أوقات الاضطراب، وقد تعرض الدولار لضربات في الأشهر الأخيرة نتيجة سياسات الرئيس دونالد ترمب التجارية والمالية.
ويقول المدير التنفيذي للاستثمارات في "بريمير إنفيستور" نيل بيريل، "أكبر صفقة في السوق الآن هي المراهنة على انخفاض الدولار لا أحد يحبه. لكنه تقليدياً العملة الآمنة التي يلجأ إليها الناس، وربما هذا سيقلب حظوظ الدولار".
الاتجاه الهبوطي
وبحسب محللين إذا استطاع الدولار الحفاظ على المكاسب، ليكسر الاتجاه الهبوطي الذي بدأ منذ أبريل (نيسان) الماضي، فسيجعل الأصول الأميركية الأخرى تبدو أكثر جاذبية بكثير، لكن إذا تبين أن الارتفاع كان مجرد رد فعل تلقائي لما ينظر إليه على أنه مشاركة قصيرة الأمد للولايات المتحدة في النزاع بالشرق الأوسط، فمن المرجح أن يستأنف الدولار مساره الهبوطي.
وكان رد الفعل أقل وضوحاً في سوق سندات الخزانة الأميركية البالغة قيمته 29 تريليون دولار منذ اندلاع الصراع، فقد تراجعت العوائد مبدئياً لكن التحركات عكست سريعاً بسبب القلق من تجدد التضخم. وعلى العموم، لم تتغير عوائد سندات الخزانة الأميركية منذ الـ13 من يونيو الجاري، وكانت عوائد السندات لأجل 10 سنوات أعلى بأقل من نقطتي أساس عند إغلاق الجمعة الماضي على 4.38 في المئة.
ويقول رئيس استراتيجية السوق والرؤى في "بي أن واي" في نيويورك بوب سافاج، "ستكون الأسابيع المقبلة حاسمة بينما يتنقل المستثمرون بين عوامل متضاربة مثل التضخم والنمو وأسعار النفط والتعريفات التجارية والتخفيف التنظيمي. وسيؤثر منحى الدولار على أنشطة التحوط وصدور البيانات الاقتصادية، بما في ذلك طلبات السلع المعمرة ومؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أما استراتيجي في "تي دي سيكيورتز" جياتي بهارادواج، فيقول "يحظى الدولار بطلب كملاذ آمن بعد فترة. مصدر التوتر في الشرق الأوسط يسمح للدولار بأن يتصرف مرة أخرى كملاذ آمن، وكل الأنظار الآن على رد إيران وما إذا كانت ستعمد إلى عرقلة مضيق هرمز. وإن فعلت، سيدعم ذلك الملاذات الآمنة وأيضاً عملات النفط".
فرص شراء
محللون آخرون عدوا أن تأثير الصدمات النفطية على الأسهم سيكون عادة قصير الأمد، وغالباً ما يتحول إلى فرص شراء على المدى المتوسط. في الواقع، إذا أدى الصراع إلى مزيد من الاستقرار والسلام في الشرق الأوسط، فقد يعد ذلك إيجاباً للأصول المحفوفة بالأخطار على المدى المتوسط.
3 سيناريوهات
ويرى محللون أن هناك ثلاثة سيناريوهات للأزمة الراهنة، الأول تصعيد دراماتيكي في التوتر بالشرق الأوسط، قد يؤدي ذلك إلى غلق مضيق هرمز ودورة من الانتقام، ثانياً، إنهاء الأعمال العدائية مثلما انتهى الصراع الهندي-الباكستاني الشهر الماضي، ثالثاً، استمرار الضربات الخفيفة من الجانبين. وتوقعوا أن تتعرض الأصول المحفوفة بالأخطار لضغط في السيناريوهين الأول والثالث، فيما سيرتفع النفط والسلع الأخرى في كل هذه السيناريوهات.