ملخص
اشتدت المواجهات بين أطراف النزاع في السودان بصورة عنيفة في مناطق جنوب كردفان وغربها، حيث سيطرت الحركة الشعبية - شمال بقيادة عبدالعزيز الحلو على منطقة الدشول بجبال النوبة التابعة لولاية جنوب كردفان، فيما شن طيران الجيش هجوماً مكثفاً على مواقع قوات "الدعم السريع" بغرب كردفان.
اشتدت المواجهات بين أطراف النزاع في السودان بصورة عنيفة في مناطق جنوب كردفان وغربها، حيث سيطرت الحركة الشعبية - شمال بقيادة عبدالعزيز الحلو على منطقة الدشول بجبال النوبة التابعة لولاية جنوب كردفان، التي كانت تحت سيطرة الجيش، فيما شن طيران الجيش هجوماً مكثفاً على مواقع قوات "الدعم السريع" بمدن الخوي والمجلد وبابنوسة بغرب كردفان، مما أحدث دماراً كبيراً في القوى الصلبة لتلك القوات بحسب مصادر عسكرية.
وأشار بيان للحركة الشعبية إلى أن قواتها تمكنت من السيطرة الكاملة على منطقة الدشول، مما أدى إلى إعادة قطع الطريق القومي الرابط بين الدلنج وكادوقلي، مبينة أنها استولت على كميات من الأسلحة والذخائر والعتاد العسكري، وأوقعت خسائر في الأرواح بصفوف الجيش السوداني.
وتأتي أهمية السيطرة على الدشول في كونها تعني قطع الإمدادات والعتاد العسكري من الأسلحة الخفيفة والثقيلة والذخائر عن القوات المسلحة السودانية في حامية التقاطع وكذلك كادوقلي، في حين يعد الطريق الرابط بين الدلنج وكادوقلي معبراً حيوياً بين المدينتين ظل يستخدمه الجيش، لا سيما في دعم الحاميات العسكرية القريبة من الدشول.
وسيطر الجيش على منطقة الدشول في فبراير (شباط) الماضي، وتمكن حينها من فتح الطريق بين كادوقلي والدلنج بعد انقطاع استمر نحو عامين.
محور غرب كردفان
وفي محور غرب كردفان، تواصلت المعارك بين الجيش و"الدعم السريع" في مدينة بابنوسة، التي تمركزت حول مقر اللواء 189. وبينما تعهد قائد الفرقة 22 - بابنوسة التابعة للجيش اللواء معاوية حمد مواصلة القتال حتى آخر جندي، أعلنت "الدعم السريع" على "تيليغرام" أنها دفعت بقوات جديدة إلى بابنوسة، أطلقت عليها اسم "متحرك بركان الغضب"، وأكد قائد القوة مخاطباً الجنود أن قواتهم أصبحت على مشارف المدينة، وأن استعادة بابنوسة أصبحت مسألة وقت لأنها عملية في الخواتيم، على حد قوله.
كما أوضحت المصادر أن مسيرات الجيش نفذت كثيراً من الغارات في محيط مدينتي الخوي والمجلد بالولاية نفسها استهدفت تجمعات "الدعم السريع"، حيث ألحقت خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد خصوصاً المركبات القتالية. وتعيش منطقة كردفان صراعاً عسكرياً ملتهباً منذ مايو (أيار) بين الجيش و"الدعم السريع" والمجموعات المتحالفة مع الطرفين، مما أدى إلى حركة نزوح غير مسبوقة من الإقليم إلى المدن الآمنة.
خطاب "حميدتي"
في الأثناء، أكد قائد قوات "الدعم السريع" محمد حمدان دقلو "حميدتي" أن سيطرة قواته على منطقة المثلث الحدودي الواقعة بين السودان وليبيا ومصر، يمكن أن تشكل إضافة إيجابية لدول الجوار عبر تأمين الحدود، ومحاربة الهجرة غير الشرعية والجماعات الإرهابية. وأشار حميدتي خلال مخاطبته حشداً من جنوده، إلى أن قواته اكتشفت عند دخولها منطقة المثلث أنشطة إجرامية تمثلت في عمليات التهريب وابتزاز المواطنين وتجارة السلاح والمخدرات، مبيناً أن المثلث كان بمثابة بؤرة لزعزعة الأمن الإقليمي. وأوضح أن حرب 15 أبريل (نيسان) 2023 التي بدأت شرارتها في العاصمة الخرطوم أشعلها تنظيم "الإخوان" من أجل الاستمرار في السلطة، مضيفاً "هذا التنظيم ظل يرتب لهذه الحرب طوال الأعوام الأربعة التي تلت سقوط النظام السابق، في وقت كنا نعمل من أجل استقرار الحكم المدني، وتحقيق تطلعات الشعب السوداني في الانتقال الديمقراطي"، وأكد حميدتي أن خلافاته مع مصر يمكن حلها عبر طاولة الحوار والتفاوض المباشر وليس عبر المشاحنات الإعلامية، متهماً قادة الحركة الإسلامية بالتسبب في استمرار النزاع "من دون أن يفقدوا شيئاً بينما تحمل المواطنون البسطاء المعاناة من نزوح وتشريد وغيره". واتهم الجيش السوداني باستخدام طائرات مسيرة لقصف المواطنين، "لكن سيتم إسقاطها قريباً"، مما سيفتح الطريق أمام قواته للسيطرة على المدن والمنافذ الحيوية وتطهيرها من فلول النظام السابق، بحسب قوله. وبين أن قواته قدمت أروع صور الشجاعة والثبات في الميدان، مؤكداً في الوقت نفسه ضرورة إيقاف الحرب اليوم قبل الغد لكونها دمرت البلاد، قائلاً "نحن لا نريد الحرب، ولكن فرضت علينا".
وأقر قائد "الدعم السريع" بالهزائم التي تلقتها قواته أخيراً بقوله "أخرجونا من مناطق غالية جداً وفقدنا فيها أغلى ما نملك، ولكن سنعود بعزة وبكرامة"، وطالب قواته في غرب البلاد بفرض النظام والخروج من منازل المواطنين والعمل على بسط سلطة القانون، مشدداً على أن قواته تخوض الحرب دفاعاً عن النفس.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الخارجية ترفض
دبلوماسياً، أشارت وزارة الخارجية السودانية إلى رفض حكومة بلادها تعامل الدول الأفريقية مع تحالف القوى المدنية "صمود" الذي يقوده رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك وفتح المنابر لها. ويأتي هذا الرفض عقب لقاء وفد "صمود" بقيادة حمدوك مع رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، في ضوء اللقاءات العديدة التي يجريها هذا التحالف مع المسؤولين الدوليين والإقليميين من أجل وقف الحرب في السودان. وأفادت الخارجية السودانية، في بيان، بأنها ستقيم العلاقات الخارجية مع الدول في ضوء دعمها للشرعية الوطنية والوقوف إلى جانب الشعب السوداني في القتال ضد "الدعم السريع"، وأشار البيان إلى أن تحالف "صمود" أسهم في خلق الأجواء السياسية التي أدت إلى اندلاع النزاع، بسبب إصراره على احتكار تمثيل المدنيين وإدارة القوى الأخرى وإفشال مساعي إطلاق حوار وطني قبل وبعد اندلاع الحرب، فضلاً عن أنه منح "الدعم السريع" شرعية لتشكيل الحكومة الموازية، بعد توقيع اتفاق سياسي في يناير (كانون الثاني) 2024 تضمن تشكيل إدارة مدنية في مناطق سيطرة القوات.
الوزارة الجديدة
سياسياً، أحدثت تحركات رئيس وزراء السودان الجديد كامل إدريس، في شأن تكوين الحكومة التي أطلق عليها "حكومة الأمل"، خلافات داخل المكونات السياسية والحركات المسلحة المتحالفة مع الجيش، من ناحية الإصرار على أن تكون حكومة تكنوقراط، من دون الالتزام باتفاقات سابقة تتعلق بإسناد حقائب وزارية لجهات بعينها. ودفعت قوى سياسية متحالفة مع الجيش السوداني بمذكرة إلى رئيس الوزراء مطالبة بإشراكها في المشاورات السياسية قبل الإعلان المرتقب للحكومة الجديدة.
وشددت المذكرة الصادرة عن "الكتلة الديمقراطية" على دور القوى السياسية في الإسناد السياسي للجيش ودفاعها عن الدولة في المحافل الإقليمية والدولية، مشيرة إلى أن الأهداف الرئيسة للحكومة القادمة ينبغي أن تنحصر في توفير الخدمات بعدالة.
اجتماعات مكوكية
وبين حاكم إقليم دارفور، المشرف العام على القوة المشتركة، مني أركو مناوي أن اجتماعات مكوكية انعقدت، خلال اليومين الماضيين في بورتسودان، مع قائد الجيش عبدالفتاح البرهان ناقشت مصير الشراكة. ودافع مناوي عن سعيهم للحفاظ على الشراكة وفقاً لاتفاق جوبا، قائلاً "مناقشة قضايا السلطة وتوزيعها كما نصت عليه الاتفاقات هو من صميم العمل السياسي الذي خرجنا لأجله ودفعنا فيه ثمناً باهظاً".
وتتمسك الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق سلام جوبا في 2020 بالاستمرار في الحقائب الوزارية والمناصب السيادية التي حصلت عليها بموجب الاتفاق، وتعد وزارتا المالية والمعادن من أبرز الحقائب التي تطالب الحركات بالاستمرار فيها.