ملخص
لا تزال فئات الأصول التقليدية الوجهة الأساسية لأموال المستثمرين إذ اجتذبت صناديق الأسهم المتداولة نحو 56 مليار دولار حتى الآن في يونيو
حال من الترقب الحذر يشهدها المستثمرون بانتظار كيف ستتفاعل "وول ستريت" والأسواق العالمية بعد الضربة الأميركية على المنشآت الإيرانية والهجوم الإيراني المضاد على إسرائيل.
والمفارقة أنه على رغم كل ما شهده النصف الأول من عام 2025 من دراما شملت رسوماً جمركية، وتجاذبات مالية، ومخاوف تضخمية، وتوترات جيوسياسية فإنه شهد أقوى موجة مكاسب متزامنة في الأسواق منذ أعوام.
ارتفاع قوي
يجمع محللون على أنه بدلاً من أن تكون هذه الفترة كارثة بطيئة على المستثمرين المتفائلين، كانت أشهر التقلبات في الأسهم، والدخل الثابت والسلع، بمثابة مكافأة للحياد الاستراتيجي، وعقاب على الثقة الزائدة.
وأشاروا إلى أن الاستراتيجيات التي توزع الأخطار عبر فئات الأصول تفوقت على غيرها بهوامش أداء تاريخية، وهو ما يمثل تحولاً عن الرهانات المركزة التي دعمت أسهم التكنولوجيا الكبرى في الأعوام الماضية.
أفضل أداء نصف سنوي
تسير محفظة متعددة الأصول من "سوسيتيه جنرال" تشمل الأسهم، والسندات الحكومية، والائتمان المؤسسي، والسلع، والنقد على طريق أفضل أداء نصف سنوي منذ عام 2008.
وأكد المحللون أن مزيج 60/40 الكلاسيكي لتنوع المحافظ بين الأسهم والسندات، الذي عُد قديماً بعد جائحة "كوفيد" في ظل تقلبات التضخم، أظهر قدرة ملحوظة على الصمود كما ارتفعت استراتيجية "توازن الأخطار" وهي إحدى استراتيجيات تنويع الأصول الشهيرة بنحو ستة في المئة بحسب أحد المقاييس.
غموض بالأسواق
وأكد هذا الأسبوع القصير بسبب العطلة على صواب نهج المستثمرين الحذرين، إذ حذر رئيس "الاحتياطي الفيدرالي" جيروم باول، من "غموض مرتفع" يكتنف النمو الاقتصادي، وقال إن الرسوم الجمركية الجديدة قد تعيد إشعال الضغوط التضخمية من جانب العرض. وزادت البيانات الاقتصادية المخيبة للآمال، والاشتباكات المستمرة بين إسرائيل وإيران، من أهمية اليقظة حيال دورة الاقتصاد والأسواق.
ويقول الرئيس التنفيذي لشركة "أستوريا بورتفوليو" جون دافي، إنه في سوق منقسمة بهذه الصورة، قد يكون الموقف الأكثر عقلانية هو رفض الانحياز لطرف، واختيار الحياد المبدئي من خلال محافظ مصممة لتحمل جميع الظروف.
فرص خارج المألوف
وفي عام تفوقت فيه الأسهم الدولية، والذهب، وحتى "بيتكوين"، على مؤشر "ستاندرد أند بورز 500"، فإن المستثمرين الذين يبحثون عن الفرص خارج المألوف يجنون المكاسب.
ويضيف دافي أن صندوق الاستثمار المتعدد الأصول التابع لشركته، الذي يحتل الذهب فيه المركز الأول، ارتفع بأكثر من 10 في المئة، نتيجة لبناء محفظة "مصممة لتحمل الغموض، لا للتنبؤ به".
وعكست التداولات في أكبر فئات الأصول هذا الأسبوع تراجع العوائد، على رغم الارتداد في أبريل (نيسان)، مما جعل من التوسع خارج الأصول التقليدية فضيلة في أوقات القلق الاقتصادي والسياسي. وأنهى مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" الأسبوع بانخفاض، ويقع الآن على بعد 1.5 في المئة فقط من مستوياته في بداية يناير (كانون الثاني) الماضي. في الوقت نفسه استقرت عوائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات، بينما حقق مؤشر أوسع للسندات الحكومية عائداً بنسبة ثلاثة في المئة منذ بداية العام.
ارتفاع قوي للسلع
ويرى المحللون أن المحافظ المتنوعة كانت مدفوعة بأصول طالما استبعدت خلال عصر "العظماء السبع" (أو الشركات السبع الكبرى)، ارتفعت أسهم الأسواق المتقدمة (باستثناء الولايات المتحدة وكندا) بنسبة 14 في المئة منذ بداية العام، وقفز مؤشر السلع بنسبة ثمانية في المئة، بينما ارتفع الذهب بنحو 30 في المئة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويقول مانيش كابرا من "سوسيتيه جنرال"، "أجد أن المستثمر الأميركي غالباً ما يتردد في امتلاك أصول من خارج الولايات المتحدة. اللحظة الوحيدة التي تصبح فيها متنوعاً حقاً، هي عندما تملك أصولاً لا ترغب بامتلاكها".
ويبدو أن المستثمرين الأميركيين بدأوا يفهمون هذه الرسالة، فاستناداً إلى تدفقات تشمل أفضل 12 صندوقاً استثمارياً متداولاً في الشهر الماضي كانت هناك مجموعة متنوعة من فئات الأصول، بما في ذلك الذهب، و"بيتكوين"، والأسهم الأجنبية، وأذون الخزانة قصيرة الأجل، إلى جانب الأسهم والسندات الأميركية.
التوجه لصناديق المؤشرات
ويقول تود سون من "ستراتيجيز"، "تقدم صناديق المؤشرات المتداولة حلاً طبيعياً لتنويع المحافظ، سواء من خلال التعرض لأشكال مختلفة من الأسهم أو البحث عن العائد في السندات، بخاصة في الاستراتيجيات التي تقل فيها أخطار مدة الاستحقاق". ويضيف أن الاستراتيجيات ذات المدة القصيرة للغاية استقطبت ثاني أعلى تدفقات من بين الفئات التي يتابعونها.
ومع ذلك لا تزال فئات الأصول التقليدية الوجهة الأساسية لأموال المستثمرين إذ اجتذبت صناديق الأسهم المتداولة نحو 56 مليار دولار حتى الآن في يونيو (حزيران)، متجاوزة إجمالي شهري مايو (أيار) وأبريل (نيسان)، مع تبقي أسبوع تقريباً. ووصلت التدفقات الإجمالية عبر فئات الأصول المختلفة إلى 523 مليار دولار، مما يعني أن صناديق المؤشرات المتداولة في طريقها لاستقطاب أكثر من تريليون دولار هذا العام، بعدما تجاوزت هذا الرقم للمرة الأولى في 2024.
كيف ستتطور الأوضاع؟
ويبقى السؤال كيف ستصمد هذه الرهانات في ظل تطورات الأزمات الجيوسياسية، فقد دفعت سلسلة من البيانات الأضعف من المتوقع مؤشر "مفاجآت الاقتصاد الأميركي" التابع لمؤسسة "سيتي غروب" إلى أدنى مستوى له منذ سبتمبر (أيلول) 2024. وفي الأربعاء الماضي، خفض مسؤولو "الاحتياطي الفيدرالي" توقعاتهم للنمو هذا العام، ورفعوا توقعاتهم للبطالة والتضخم.
تقول مديرة المحافظ في "ويلث إنهانسمنت غروب" التي تدير أصولاً بقيمة 100 مليار دولار، أياكو يوشيوكا، "الخلفية الاقتصادية تغيرت بسرعة كبيرة هذا العام. التركيز يساعدك في السوق الصاعدة، لكن التنويع هو ما يحافظ على مكاسبك حين تتغير الأوضاع".