Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هدوء الأسواق يثير القلق على رغم تصاعد الأزمات حول العالم

محللون: لن تحافظ على هذا الاستقرار مع اندلاع حرب شاملة بمشاركة أميركية إلى جانب إسرائيل

شهدت أسعار النفط بعض التذبذب منذ أن شنت إسرائيل غارات جوية على إيران الجمعة الماضي (أ ف ب)

ملخص

حذر رئيس البنك جيروم باول من أن الاقتصاد يواجه خطرين متضادين وهما ارتفاع التضخم أو تباطؤ النمو، قائلاً إن "التوقعات حالياً تأتي وسط ضباب كثيف"، في إشارة إلى حال عدم اليقين

يثير هدوء الأسواق القلق على رغم تصاعد الأزمات حول العالم، فعلى رغم أن العالم يغلي بالأحداث، من التصعيد في الشرق الأوسط إلى الأزمات الاقتصادية والسياسية في الولايات المتحدة، تبدو الأسواق المالية وكأنها تغط في نوم عميق، فقد أبقى مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) أسعار الفائدة من دون تغيير.

 وحذر رئيس البنك جيروم باول من أن الاقتصاد يواجه خطرين متضادين وهما ارتفاع التضخم أو تباطؤ النمو، قائلاً إن "التوقعات حالياً تأتي وسط ضباب كثيف"، في إشارة إلى حال عدم اليقين.

 وعلى رغم ذلك فلم تتفاعل الأسواق بصورة تذكر، وهو أمر لافت في ظل تهديدات بفرض أعلى رسوم جمركية منذ عقود، وخلافات داخلية أميركية حول الهجرة والعجز المالي، وتصعيد خطر بين إسرائيل وإيران قد يهدد إمدادات النفط العالمية.

وشهدت أسعار النفط بعض التذبذب منذ أن شنت إسرائيل غارات جوية على إيران الجمعة الماضي، مما أدخل الصراع بينهما في مرحلة أكثر خطورة.

ووجه الرئيس الأميركي دونالد ترمب تحذيراً للمرشد الإيراني علي خامنئي قائلاً "نفد صبرنا"، ملمحاً إلى إمكان تدخل أميركي مباشر.

وإذا اندلعت حرب شاملة، بمشاركة أميركية إلى جانب إسرائيل، لاستهداف القدرات النووية الإيرانية، فإن الأسواق لن تبقى على هدوئها، بل ستستيقظ على وقع صدمة كبرى.

أخطار عالية

تقول صحيفة "نيويورك تايمز" إن "الأخطار الاقتصادية في الخليج مرتفعة للغاية، فالتوترات هناك تحمل رهانات كبرى على مستوى أسواق الطاقة العالمية".

وأضافت أنه في حال شعرت إيران بالتهديد أو بلغت مرحلة اليأس، فقد تقدم على استهداف القوات الأميركية في المنطقة، أو حتى إغلاق مضيق هرمز، وهو شريان حيوي يمر عبره ربع تجارة النفط المنقولة بحراً حول العالم، وفقاً لإدارة معلومات الطاقة الأميركية، فيما تمثل حماية هذا المضيق أولوية عسكرية أميركية منذ عهد الشاه الذي أطيح عام 1979.

وتشير الصحيفة إلى أنه على رغم خطورة هذا السيناريو والتجارب السابقة التي شهدت ارتفاعاً حاداً في أسعار النفط مع اندلاع حروب في مناطق غنية بالطاقة، سواء في الخليج أو بداية الهجوم الروسي على أوكرانيا، فإن احتمال حدوث اضطراب فعلي في إمدادات النفط العالمية لم يلق سوى استجابة محدودة، محصورة في نطاق ضيق ضمن أسواق الطاقة.

وحتى سوق النفط نفسها لم تتحرك بصورة كبيرة مقارنة بما هو على المحك، فأسعار العقود الآجلة لخام "برنت"، الأربعاء الماضي، بقيت دون مستوى 80 دولاراً للبرميل، وهو أقل مستوى مما كانت عليه في يناير (كانون الثاني) الماضي.

ويعزو محللون هذا الهدوء النسبي إلى عوامل عدة منطقية، فقبل الهجوم الإسرائيلي على إيران، كانت الإمدادات العالمية من النفط وفيرة، فيما كبحت الرسوم الجمركية المتصاعدة الطلب على النفط، ورفعت دول "أوبك+"، بقيادة السعودية، الإنتاج في الفترة الأخيرة. وفي الوقت ذاته، يشهد النمو الاقتصادي العالمي تباطؤاً، وسط توقعات بأن يزداد هذا التباطؤ خلال الأشهر المقبلة، مع بدء تأثير الحرب التجارية التي أشعلتها الولايات المتحدة بصورة واسعة.

وتوقع "دويتشه بنك" الأسبوع الماضي أنه في حال أدى الصراع في الخليج إلى إغلاق مضيق هرمز أو إلى أضرار جسيمة في البنية التحتية الإقليمية، فقد تقفز أسعار النفط بسهولة إلى 120 دولاراً للبرميل أو أكثر، وهو ما حدث في المراحل الأولى من الحرب الروسية على أوكرانيا وفي حروب سابقة شهدها الخليج، ومن شأن مثل هذا السيناريو أن يدفع بالاقتصاد العالمي نحو ركود محتمل.

الأسواق وتحقيق الأرباح

الأسواق في جوهرها لا تأبه بالأخلاقيات أو بالسياسة، فهي تبقى غير متأثرة إلى حد كبير بالأوبئة والانتخابات والاضطرابات المدنية، وكل ما لا يمس هدفها الأساس وهو تحقيق الأرباح، وعلى رغم كل ذلك فلا تزال أرباح الشركات قوية، لذلك لم يكن مفاجئاً صمود الأسواق أمام المشاهد العسكرية والسياسية التي شهدناها هذا الربيع والصيف.

واليوم من الصعب متابعة الأخبار في الولايات المتحدة من دون رؤية عروض للقوة العسكرية وأجهزة إنفاذ القانون إلى الصواريخ الجوية في سماء الشرق الأوسط، واستعراض الدبابات والجنود في واشنطن، إلى انتشار حرس الوطني والمشاة البحرية والشرطة وعناصر الهجرة في لوس أنجليس وهم يواجهون آلاف المتظاهرين السلميين في الغالب.

وفي الوقت نفسه شهدت البلاد اغتيالاً سياسياً في مينيسوتا، واعتقالات لمسؤولين حكوميين احتجاجاً على سياسات الهجرة للرئيس، إلى جانب استقطاب سياسي حاد يؤثر في آراء الناس في مجموعة واسعة من القضايا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

قد يشعر المرء بالتفاؤل حيال سوق الأسهم الأميركية في الوقت الحالي، في الأقل جزئياً، فقد أبلغت مؤسسة "غالوب" في أبريل (نيسان) الماضي، أن 58 في المئة من الجمهوريين توقعوا ارتفاع السوق، مقارنة بـ21 في المئة فحسب من المستقلين و12 في المئة من الديمقراطيين.

وعلى رغم صعوبة ذلك، هناك أدلة كثيرة تشير إلى أن المستثمرين سيكونون في وضع أفضل إذا تمكنوا من تجاوز هذا النوع من التفكير، كما أشارت "نيويورك تايمز" في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، باستخدام بيانات من مجموعة "بيسبوك" للاستثمار، وهي مؤسسة بحث مستقلة، إذا استثمرت 1000 دولار في مؤشر (أس أند بي 500) من أوائل عام 1953 وحتى مارس (آذار) 2024، وبقيت في السوق فحسب خلال الإدارات الجمهورية، كانت ستنمو إلى 27400 دولار.

قدرة سوق السندات على تحمل العبء

أما إذا احتفظت بأموالك في الأسهم خلال فترة حكم الديمقراطيين، لبلغت قيمة الاستثمار 61800 دولار، لكن إذا استثمرت في السوق طوال فترة حكم جميع الإدارات، سواء الجمهورية أو الديمقراطية، لبلغت قيمة الـ1000 دولار ما يصل إلى 1.69 مليون دولار.

ومع ذلك لا شك أن الحروب الكبرى والتغييرات الكبيرة في السياسات الاقتصادية يمكن أن تؤثر بصورة مهمة، ولكن من منظور الأسواق أن هناك مبادرتين سياسيتين بارزتين من إدارة ترمب من المرجح أن تعودا لتكونا نقاط خلاف.

إضافة إلى التعريفات الجمركية المتصاعدة، فإن البرنامج المالي للرئيس سيزيد من عبء الدين الهائل للبلاد، مما يختبر قدرة سوق السندات على تحمل هذا العبء.

وقد تسببت هاتان القضيتان في توترات هذا الربيع، أحدها عندما أعلن ترمب ما يسمى تعريفات يوم التحرير في الثاني من أبريل الماضي، وبحسب معطيات غير حزبية من مركز "موازنة ييل"، يواجه المستهلكون حالياً معدل تعريفات جمركية فعالة بمتوسط 15.8 في المئة، وهو الأعلى منذ عام 1936، وهناك احتمال أن ترتفع التعريفات عن هذه النسب المرتفعة أصلاً.

علاوة على ذلك، يتوقع مكتب الموازنة في الكونغرس، وهو جهة مستقلة، أن النسخة التي أقرها مجلس النواب من مشروع القانون الذي يدعمه ترمب لخفض الضرائب وتقليص برامج الدعم الفيدرالية ستضيف نحو 3.4 تريليون دولار إلى الدين الوطني، مع الإشارة إلى أن المجلس الأعلى (مجلس الشيوخ) يعمل على نسخته الخاصة.

لقد بدأ متداولو السندات فعلياً في التحوط من أخطارهم، كما أن سعر التأمين ضد احتمال تخلف الولايات المتحدة عن سداد ديونها في ارتفاع مستمر، وقد تشهد سوق السندات بأكملها مرة أخرى حالاً من الرفض والاستياء.

واليوم تشير التوقعات إلى فترات صعبة مقبلة تؤثر في أسواق مالية عدة، وعلى رغم القلق الحاصل فلا يزال التفاؤل هو سيد الموقف على المدى الطويل، فقد حقق المستثمرون أرباحاً جيدة من خلال تجاهل الأزمات، والاستعداد لتحمل الاضطرابات والخسائر التي تستمر أحياناً أعواماً.

اقرأ المزيد