ملخص
"قناة 14" المؤيدة بشدة لنتنياهو "تصر على ضرورة استكمال الحرب على إيران حتى إسقاط النظام الإيراني باعتبارها فرصة لن تتكرر، مع الحرص على أهمية مشاركة واشنطن في تلك الحرب".
لم يكن رفض قناة البث الرسمية الإسرائيلية "مكان" نقل رسالة مراسلها في تل أبيب من الشارع خلال تعرضها للقصف الإيراني، إلا ضمن التعليمات المشددة التي تتبعها شبكات التلفزة الإسرائيلية خلال الحرب غير المسبوقة مع إيران.
ومع أن مراسل القناة كان جاهزاً لإعطاء آخر تفاصيل القصف من مكان الحدث، لكن إدارة القناة رفضت مشاركته إلا بعد توجهه إلى مكان آمن "حرصاً على حياته ولإعطاء قدوة حسنة للإسرائيليين".
استوديوهات بديلة
وتعد تلك الواقعة مثالاً على درجة الحرص واليقظة لشبكات التلفزة الإسرائيلية في ظل مواصلتها بثها الحي والمباشر حتى في ظل سقوط الصواريخ الإيرانية على المدن، التي لم تشهدها إسرائيل في تاريخها.
ويأتي استمرار بث تلك الشبكات على رغم القصف بسبب امتلاكها استوديوهات بديلة للبث، سواء من ملاجئ تحت مقار تلك الشبكات أو من مدن أخرى، كالانتقال من مقار تلك الشبكات في القدس الغربية إلى مكاتبها الرئيسة في تل أبيب وحيفا وبئر السبع.
وفور تلقي تلك الشبكات معلومات عن قرب سقوط الصواريخ، نقلت بثها من الاستوديو الرئيس المركزي إلى استوديو بديل آخر في غرف آمنة أو في ملجأ تحت الأرض.
ويضمن ذلك استمرار تلك الشبكات في تغطيتها الحية والمباشرة، في ظل الحرب التي تشهد نسبة مشاهدة غير مسبوقة من الإسرائيليين.
وقبل يومين، اضطر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال مؤتمره الصحافي إلى تلقي أسئلة الصحافيين من بعد، وكذلك يفعل المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي في إطلالاته اليومية.
تنافس تلفزيوني
وتبث معظم الشبكات الإسرائيلية من مقارها الرئيسة في غرب القدس وتل أبيب، ومن مكاتبها سواء في حيفا أو بئر السبع.
وتتنافس القنوات "13 و12 و11" (هيئة البث الرسمية) و"14 و15(I24)" على كسب المشاهدين الإسرائيليين الذي يزيد عددهم على 10 ملايين إسرائيلي.
وتمثل القناة "14" اليمين الديني والقومي المتطرف في إسرائيل وتعكس وجهات نظره وتسوق لسياساته، فيما تعد القنوات "الـ12 و13 و15" أكثر ليبرالية واعتدالاً.
لكن هيئة البث الرسمية الإسرائيلية "11" تحاول تقديم رؤية تمثل الإسرائيليين كافة على مختلف انتماءاتهم، وتوجه انتقادات للحكومة الإسرائيلية.
وتمتلك تلك الهيئة إضافة إلى قنواتها باللغة العبرية قناة "مكان" التلفزيونية وإذاعة "مكان" الناطقتين باللغة العربية، والموجهة إلى الفلسطينيين في داخل إسرائيل بالدرجة الأولى.
وأشار مدير الأخبار في القسم العربي من قناة "I24" التلفزيونية الإسرائيلية علي واكد إلى أن شبكات التلفزة الإسرائيلية "تتنافس بصورة حادة على كسب المشاهدين وزيادة عددهم، ومن ثم فإن أياً منها لا يجرؤ على عدم البث المباشر في هذه الأوقات غير المسبوقة".
وقال واكد إلى "اندبندنت عربية"، إن تلك الشبكات "أصبحت تنتقل بصورة سلسة بين استوديوهاتها الرئيسة والأخرى البديلة، وذلك قبيل سقوط الصواريخ".
ولفت إلى أن "تلك الاستوديوهات البديلة إما موجودة في غرف محصنة في مقر القناة نفسه أو في ملاجئ تحت الأرض أو في مدينة أخرى قد لا تتعرض للقصف في ذلك الوقت".
وأوضح أن التعامل مع الصواريخ الحالية مختلف عن أي تعامل سابق، فهذه الصواريخ لم يعايشها الإسرائيلي سابقاً سوى في قصف عراقي بـ40 صاروخاً عام 1991".
نقل مباشر
وأعلن أن "شبكات التلفزة الإسرائيلية تعد المصدر الرئيس للأخبار عند الإسرائيليين، وأنها استحدثت تطبيقات لها على الإنترنت، ولها حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي حرصاً على استقطاب فئة الشباب".
ويرى الباحث في الشؤون الإسرائيلية عماد أبوعواد أن شبكات التلفزة الإسرائيلية "مجندة في الوقت الحالي باعتبار أن الحرب مع إيران وجودية ولا بد منها، وأن هناك إجماعاً عليها من قبل الإسرائيليين".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبحسب أبوعواد فإن النقاش الحالي في تلك القنوات أصبح "يتعلق باليوم التالي للحرب، وهل ستطول أم لا؟".
وأوضح أن قناة "14" المؤيدة بشدة لنتنياهو "تصر على ضرورة استكمال الحرب على إيران حتى إسقاط النظام الإيراني باعتبارها فرصة لن تتكرر، مع الحرص على أهمية مشاركة واشنطن في تلك الحرب".
لكن أبوعواد أشار إلى أن القناتين "12 و13" تستضيفان شخصيات ومسؤولين يدفعون باتجاه التوصل إلى اتفاق سياسي من خلال استغلال الضربة الأولى الإسرائيلية الناجحة، والتركيز على معاناة الإسرائيليين من الصواريخ الإيرانية".
ووفق أبوعواد فإن حرص شبكات التلفزة الإسرائيلية على استمرار تغطيتها المباشرة والحية "يعود إلى متابعة الإسرائيليين المرتفعة للغاية لها"، مضيفاً أن توقف ذلك البث يعني توقف قطاعات حيوية في إسرائيل عن العمل (التلفزيون).
وبحسب أبوعواد، فإن أكثر من 60 في المئة من الإسرائيليين يشاهدون الشبكات الإسرائيلية، بسبب عدم وجود خيارات أخرى أمامهم بسبب حاجز اللغة، وتقديم تلك الشبكات مادة دسمة وتمس حياة الإسرائيليين اليومية".
وتحرص تلك التلفزيونات على استمرار وجود ضابط من الجبهة الداخلية الإسرائيلية في استوديوهاتها، لتقديم التعليمات والنصائح للإسرائيليين للتعامل مع سقوط الصواريخ والحد من الخسائر البشرية.
وعد الباحث في الشؤون الإسرائيلية عصمت منصور أن شبكات التلفزة الإسرائيلية "مجهزة بالإمكانات التي تتيح لها تبديل استوديوهاتها بأخرى في غرف محصنة أو في الملاجئ أو من مكاتبها في مدن أخرى".