ملخص
شنت السلطات الإيرانية موجة اعتقالات ضد أشخاص تتهمهم بالدعاية لإسرائيل، كما ضيّقت على الصحافيين والناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي.
أعلنت استخبارات الأمن الداخلي في إيران اعتقال 16 شخصاً في مدينة أصفهان بتهمة الدعاية لإسرائيل، وذكرت العلاقات العامة التابعة لاستخبارات الأمن الداخلي أن المتهمين وجِهت لهم تهم دعم العدوان الإسرائيلي والتشويش على الرأي العام والدعاية ضد النظام والإساءة إلى ضحايا الهجمات ونشر الإشاعات.
ووفقاً للبيان الصادر عن استخبارات الأمن الداخلي في إيران فإن هؤلاء الأشخاص لوحقوا بسبب نشاطاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، وخلصت الأجهزة الأمنية إلى أنهم يدعمون هجمات إسرائيل.
وشدد البيان، على غرار بيانات استخبارات "الحرس الثوري"، على أن أي تواصل أو تبادل معلومات مع الموساد أو أي تعاون إعلامي أو ثقافي في تأييد الهجمات الإسرائيلية، يعتبر جريمة.
ويبدو أن نطاق الاعتقالات تجاوز تهمة التعاون الاستخباراتي، ليصل إلى ملاحقة منتقدي السياسة الخارجية للنظام، لا سيما تجاه الأحداث الإقليمية.
وفي الأيام الأخيرة، لم تقتصر الاعتقالات على أصفهان، إذ أعلن جهاز الأمن الداخلي أنه خلال عملية في مدينة "ساوجبلاغ" بمحافظة البرز، تم القبض على عنصرين من فريق مرتبط بالموساد كانا يعملان في منزل سري على صناعة قنابل وعبوات ناسفة ومتفجرات ومعدات إلكترونية، كما تم نشر مقطع فيديو يظهر المعدات التي ضُبطت.
وفي محافظة الأحواز (خوزستان)، أعلن المدعي العام في مدينة لالي السبت الماضي، اعتقال أربعة أشخاص بتهمة القيام بأنشطة دعائية لمصلحة إسرائيل على الإنترنت، ووفق القرار القضائي، سيبقون رهن الاحتجاز حتى إشعار آخر.
كما أعلن قائد شرطة محافظة كرمان، جليل موقوفه ئي، اعتقال شخصين آخرين بتهمة دعم الهجوم الإسرائيلي والتشويش على الرأي العام ونشر الإشاعات على الإنترنت.
تهمة نشر الإشاعات التي تتكرر كثيراً في القضايا الأخيرة، ليس لها تعريف قانوني دقيق، مما يفتح المجال لتطبيقها بصورة اعتباطية ضد أي نشاط، وتشير الأدلة المنتشرة على وسائل التواصل إلى أن كثيراً من هذه الاعتقالات جاء بسبب آراء مخالفة أو انتقادات للسياسات الرسمية.
ومن بين المعتقلين، ذكر اسم مطهره كونه أي، الناشطة الطلابية التي سبق اعتقالها مرات عدة خلال الاحتجاجات في العامين الماضيين، وأفادت تقارير بأن سبب اعتقالها الأخير هو منشور لها على منصة "إكس"، حيث وصفت فيه السبب الحقيقي للحرب الجارية بأنه الاستبداد الديني، محذرة من خداع الرأي العام تحت ذريعة التهديد بالحرب.
تجريم تصوير آثار الهجمات الإسرائيلية
أحد الأمثلة الأخرى على توسيع دائرة تجريم الأنشطة المدنية في إيران هو اعتقال خمسة أشخاص في مدينة يزد بتهمة تصوير أماكن حساسة، وأعلنت النيابة العامة في يزد أن "خمسة مغررين قاموا بتشويش الرأي العام وتصوير مواقع سرية، وتم التعرف إليهم واعتقالهم بالتنسيق مع الجهات القضائية".
وتزامناً مع هذا الإجراء، حذر مسؤولون ووسائل إعلام تابعة للنظام من أن "نشر صور لتحركات عسكرية أو مواقع تعرضت لهجمات يُعد مساعدة للعدو".
وإلى جانب تهمة التصوير، تعد تهمة التعاون مع الموساد الإسرائيلي في صدارة التهم، وتشير بعض التقارير إلى اعتقال عدد من سائقي الشاحنات، ادعت السلطات أنهم كانوا على تواصل مباشر مع إسرائيل.
كما أفادت وسائل إعلام مقربة من الأجهزة الأمنية في الأيام الأخيرة باعتقالات واسعة لجواسيس إسرائيليين في طهران، وأعلنت وكالة أنباء "دانشجو" أن جواسيس ومخربين كثر تم التعرف إليهم واعتقالهم.
وقال القائد العام للأمن الداخلي أحمد رضا رادان، إن بعض الاعتقالات تمت بناء على بلاغات شعبية، داعياً المواطنين إلى إبلاغ الشرطة عن أية حالة مشبوهة.
في الموازاة، بدأت دوريات تفتيش المركبات في بعض المدن، لا سيما الشاحنات والسيارات التجارية، حيث تشك الأجهزة الأمنية في ارتباطها بأنشطة تخريبية، وتشير تقارير من المواطنين على وسائل التواصل إلى أن بعض الشاحنات والسيارات التجارية فُتّشت مرات عدة في مناطق مختلفة من طهران، وفي الوقت نفسه، نفى وزير الداخلية الإيراني إسكندر مؤمني وجود أي قيود مفروضة على حركة المركبات الثقيلة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تصعيد الضغط الأمني على الإعلاميين والنشطاء
لا تقتصر الضغوط التي تمارسها الأجهزة الأمنية في إيران على الاعتقالات فقط، بل تشمل أيضاً الصحافيين والنشطاء السياسيين والاجتماعيين، وتفيد مصادر مطلعة بأن بعض وسائل الإعلام تلقت تحذيرات مباشرة من الجهات الأمنية بضرورة الالتزام بالإطار الذي تفرضه الحكومة في تغطية الأخبار والتصريحات.
في هذا السياق، كتبت المديرة الإقليمية للجنة حماية الصحافيين (CPJ) في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، سارة القضاة، "على السلطات الإيرانية أن ترفع فوراً جميع القيود المفروضة على الصحافة، وأن تسمح للصحافيين بالعمل بحرية وأمان".
ويأتي هذا في ظل تضييق متزايد على الإنترنت في إيران، حيث لوحظ انخفاض في سرعة الشبكة وتعطل في الوصول إلى تطبيقات مثل "واتساب"، وتحديد عمل أدوات كسر التشفير وازدياد حالات استدعاء المستخدمين وتهديدهم.
يذكر أن وسائل الإعلام الرسمية في إيران تستعين أحياناً بصور ومقاطع فيديو لمستخدمين في تغطياتها، بينما في الوقت ذاته تلاحق هؤلاء المستخدمين بتهم التعاون مع العدو أو تشويش الرأي العام.
ويبدو أن هذه السياسات، التي أخذت منحى تصاعدياً إثر التوترات الجارية والمواجهة العسكرية بين إيران وإسرائيل، قد تتسع أكثر في حال استمرارها، مما يتيح للأجهزة الأمنية ملاحقة عدد أكبر من المواطنين على خلفية آرائهم أو نشاطاتهم على شبكة الإنترنت.
وفي ظل هذه الظروف، تتعرض حرية التعبير لتهديد متزايد، ويُخشى أن يستغل النظام الإيراني الأجواء المشحونة لتوسيع قمعه للمجتمع المدني والصحافيين المستقلين ومستخدمي الإنترنت.
نقلاً عن "اندبندنت فارسية"