ملخص
بعد قصف مصفاة حيفا للوقود قبل يومين، وتصويرها، أبدى المسؤولون الإسرائيليون انزعاجهم من ذلك، قبل أن تعلن الشركة المشغلة للمصفاة توقف العمل بسبب الأضرار التي لحقت بها. وفتحت الشرطة الإسرائيلية تحقيقاً مع أشخاص صوروا منطقة ميناء حيفا بعد استهدافها بصواريخ إيرانية "تماشياً مع سياسة عدم التسامح التي يقودها وزير الأمن القومي والمفتش العام للشرطة".
إثر اقتحام الشرطة الإسرائيلية موقع تصوير للصحافيين في مدينة حيفا، وإجبار مراسل صحافي على الابتعاد عن مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية تتبدى الرقابة العسكرية التي تمارسها تل أبيب، في محاولة محمومة لمنع تصوير المواقع العسكرية والأمنية الحيوية المستهدفة.
وفي حين تسعى إسرائيل برقابتها العسكرية وحتى الذاتية الأمنية للصحافيين الإسرائيليين إلى منع انتشار المعلومات والصور التي من الممكن أن تسهل قصف مواقعها الأمنية والعسكرية والحيوية، لكنها تحرص على إبراز استهداف المواقع السكنية المدنية.
وتستهدف الصواريخ الإيرانية مواقع استراتيجية إسرائيلية مثل المقار الأمنية والعسكرية وحتى الحيوية، لكن طبيعة وحجم التدمير في تلك المواقع وحتى النجاح في الوصول إليها يبقى طي الكتمان "حتى لا نساعد العدو في معرفة نتيجة قصفه".
وصباح أمس الثلاثاء، استهدفت الصواريخ الإيرانية للمرة الأولى مدينة هرتسليا في شمال إسرائيل، ومنطقة "غليلوت" فيها التي تضم المقر المركزي لشعبة الاستخبارات العسكرية (أمان)، والمقر الرئيس لوحدتي (8200) و(9900).
لكن الرقابة العسكرية فرضت حظراً على نشر معلومات في شأن نتائج القصف ومدى نجاحه في الاستهداف.
صور مصفاة حيفا
وبعد قصف مصفاة حيفا للوقود قبل يومين وتصويرها، أبدى المسؤولون الإسرائيليون انزعاجهم من ذلك، قبل أن تعلن الشركة المشغلة للمصفاة توقف العمل بسبب الأضرار التي لحقت بها. وفتحت الشرطة الإسرائيلية تحقيقاً مع أشخاص صوروا منطقة ميناء حيفا بعد استهدافها بصواريخ إيرانية "تماشياً مع سياسة عدم التسامح التي يقودها وزير الأمن القومي والمفتش العام للشرطة". وأوضحت الشرطة في بيان أنها صادرت "معدات التصوير" الخاصة بالمشتبه فيهم بعد استدعائهم للتحقيق، وحولت تفاصيل القضية إلى "جهاز الأمن العام لفحص شبهات أمنية". وبث ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو لمحطة الكهرباء في حيفا والنيران تشتعل فيها بعد إصابتها بصاروخ، فيما بثث بعض وسائل إعلام الأجنبية صوراً حية لذلك.
وحذر وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير المسؤول عن الشرطة الإسرائيلية من "ظاهرة خطرة تتعلق بالبث المباشر الذي تقوم به جهات إعلامية أجنبية، من مواقع سقوط الصواريخ في أنحاء البلاد".
وأوضح بن غفير أن "الحظر الصريح المفروض على توثيق مواقع سقوط الصواريخ يهدف إلى منع العدو من تحسين دقة إطلاق الصواريخ".
وبحسب بن غفير فإن وسائل الإعلام التي تقوم بذلك "ترتكب مخالفة أمنية خطرة، وتنتهك تعليمات الرقابة العسكرية، وتعرض أمن دولة إسرائيل ومواطنيها للخطر". وكشف بن غفير عن تعاون بين جهازي الشرطة و"الشاباك" (جهاز الأمن الداخلي) الإسرائيليين "لوقف هذا السلوك غير المسؤول والخطر".
محاولات تعتيم فاشلة
لكن محاولة إسرائيل فرض تعتيم كامل على مواقعها المستهدفة، تعرقلها انتشار وسائل التواصل الاجتماع وتقنيات البث المباشر لها، إضافة إلى وسائل الإعلام الأجنبية التي تحاول أن تتجاهل تلك القيود.
وقبل ثلاثة أيام أجبر الأمن الإسرائيلي مراسل شبكة "فوكس نيوز" الأميركية على وقف البث المباشر من أمام وزارة الدفاع الإسرائيلية في وسط تل أبيب إثر تعرضه لقصف صاروخي إيراني.
وخلال الأيام الماضية وصلت الصواريخ الإيرانية إلى معهد وايزمان للعلوم في مدينة (رحوفوت) جنوب تل أبيب، وإلى مقر وزارة الدفاع (الكرياه)، وإلى مصفاة النفط في حيفا، إضافة إلى مقر الاستخبارات العسكرية في هرتسليا.
الرقابة العسكرية
وعد المحلل السياسي الإسرائيلي شلومو غانور أنه من "الطبيعي ازدياد الرقابة العسكرية في أوقات الحرب، في ظل رغبة العدو الحصول على معلومات دقيقة حول الأماكن التي تستهدفها بهدف تصويب قصفها في المرات القادمة". وأضاف غانور "من حق كل دولة أن تقوم بذلك من باب الدفاع عن نفسها وأمنها"، مشيراً إلى أن "النجاح في فرض الرقابة المشددة يتوقف على وعي الجمهور ونجاعة الوسائل الأمنية".
وأوضح أنه "خلف الصواريخ ومظاهر الحرب التي نشاهدها تدور معركة خفية بين أجهزة الاستخبارات في إسرائيل وإيران لإحباط أهداف الطرف الآخر".
ويرى الباحث في مركز "مدار" للدراسات الإسرائيلية أنطوان شلحت أن إسرائيل تعمل على "إقامة وعي زائف حول الحرب، عبر فرض تعتيم على طبيعية الأهداف العسكرية والحيوية".
وبحسب شلحت فإن ذلك "يتحقق عبر الرقابة العسكرية أولاً ثم الرقابة الذاتية عند الصحافيين الإسرائيليين، فهناك صيغة أمنية للرقابة عندهم".
ومع ذلك أوضح شلحت أن "وسائل الإعلام غير الرسمية في إسرائيل والأجنبية ووسائل التواصل الاجتماعي تحول دون التعتيم الشامل على ما يحصل". ومن هنا تأتي "الهجمة الحكومية الإسرائيلية على تلك الوسائل بهدف إخضاعها"، بحسب شلحت.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
معركة الصورة
وعد الباحث في الشؤون الإسرائيلية عصمت منصور أن وسائل التواصل الاجتماعي "تكسر قيود الرقابة العسكرية، على رغم محاولات رسمية إسرائيلية لقمعها". لكن منصور أوضح أن الرقابة العسكرية "تبقى على أشدها، وتتحكم في ما ينشر حول ما يجري في قواعد الجيش الإسرائيلي والمقار الأمنية، والمنشآت الحيوية".
ومع أن منصور أشار إلى أن "إسرائيل تتفوق في الميدان، وحتى في معركة الصورة"، لكنه استدرك بأنها "دولة حساسة، ولا تطيق أي استهداف لمواقعها حتى ولو متواضع لأنها تشعر دائماً أنها محصنة منيعة".
احتفال بالصواريخ الإيرانية
كما تعمل إسرائيل على محاربة جميع صور الاحتفال بالصواريخ الإيرانية ضد إسرائيل في المدن والقرى الفلسطينية في داخل إسرائيل، وفي الضفة الغربية وحتى في السجون الإسرائيلية.
وتوعد بن غفير باعتقال كل من يحتفل، وقمع الأسرى الفلسطينيين الذين يحتفلون بتلك الصواريخ، وقال "أرادوا أن يفرحوا ويحتفلوا يوم السبت، وسيحتفلون به في الاعتقال... هذه هي سياستي: عدم التسامح مطلقاً".
وكان مقطع فيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي لإسرائيليين يحتفلون إثر قتل أربع فلسطينيات في مدينة طمرة بإسرائيل بسقوط صاروخ إيراني على منزلهم قبل ثلاثة أيام.