Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فاعلية إيران في الحرب السيبرانية أفضل من المواجهات الميدان

نجحت في عرقلة منظومات الدفاع الإسرائيلية وصفارات الإنذار وبنى تحتية في مختلف مجالات الحياة

عناصر من الأمن وخدمات الطوارئ الإسرائيلية ينتشرون في موقع سقوط صاروخ إيراني بمحطة حافلات في هرتسليا (أ ف ب)

ملخص

منذ اليوم الأول للحرب اعترفت إسرائيل بصعوبة تصدي منظومات الدفاع التي في حوزتها لعدد من الصواريخ التي تطلق في كل رشقة من إيران، وكان الأخطر هو التصدي للصواريخ التي تصل إلى المركز وحيفا، حيث ألحقت أضراراً بالغة من الصعب تقديرها حتى الآن، إضافة إلى مقتل 24 إسرائيلياً وإصابة قرابة 300 حتى صباح الثلاثاء.

تشهد إسرائيل منذ اليوم الأول لحربها مع إيران "معركة سيبرانية" غير مسبوقة تشنها إيران ومن سماهم الإسرائيليون "داعميها من الهاكرز" من مختلف أرجاء العالم، وأدت المعركة إلى ارتفاع معدل هذه الهجمات منذ اليوم الأول للحرب إلى 700 في المئة، ونجحت في عرقلة منظومة صفارات الإنذار وبنى تحتية في مختلف مجالات الحياة، بما في ذلك عمل منظومات الدفاع.

وكشف في إسرائيل عن أن منظومة الدفاع "سبايك" من صناعة "رفائيل" الإسرائيلية باتت أداة نشطة للإيرانيين لاستخدامها في عرقلة فعالية منظومات الدفاع الإسرائيلية بعد الحصول عليها في المبنى الذي تركه عناصر الكوماندوز التابعون لـ"الموساد" الإسرائيلي بعد استخدامه للتخطيط لعمليات، بينها أولى عمليات الهجوم الذي فاجأ به "الموساد" الإيرانيين وأسفر عن مقتل قيادات إيرانية.

 مع تدمير منشأة "بازان" في خليج حيفا، وهي محطة الطاقة المسؤولة عن إنتاج الكهرباء وجزء من البخار، يجري البحث في إسرائيل عن إقامة "مفاعل نووي لإنتاج الكهرباء"، وذلك في إطار خشية الإسرائيليين من أن تلحق أضرار الهجمات السيبرانية شبكات الكهرباء في مناطق مركزية.

فشل منظومات الدفاع

منذ اليوم الأول للحرب اعترفت إسرائيل بصعوبة تصدي منظومات الدفاع التي في حوزتها لعدد من الصواريخ التي تطلق في كل رشقة من إيران، وكان الأخطر هو التصدي للصواريخ التي تصل إلى المركز وحيفا، حيث ألحقت أضراراً بالغة من الصعب تقديرها حتى الآن، إضافة إلى مقتل 24 إسرائيلياً وإصابة قرابة 300 حتى صباح الثلاثاء.

وكشف تقرير إسرائيلي عن أن جانباً من عملية عرقلة منظومة الصواريخ من قبل إيران تعود بالأساس لاستخدامها منظومة صواريخ "سبايك" من النوع المتقدم من إنتاج شركة "رفائيل" الإسرائيلية بعدما تركها "الموساد" في المبنى الذي كان يخطط فيه عملياته قبل اندلاع الحرب في إيران، كما استخدمه أيضاً لصناعة المسيرات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويشير التقرير الإسرائيلي إلى توقعات بأنه تم تهريب هذه المنظومة خلال أسابيع قبل الحرب عبر حقائب أو من طريق البحر. وجاء فيه أنه خلال العملية تم تشغيل منظومة "سبايك" للمرة الأولى داخل الأراضي الإيرانية كسلاح مركزي لاستهداف وسائل الدفاع التابعة للحرس الثوري، مشيراً إلى أن إسرائيل "استعدت لمهاجمة إيران على مدى العقدين الماضيين من خلال جمع منهجي للأهداف، ورسم خرائط لكبار مسؤولي المنظومة الأمنية الإيرانية، ومتابعة دقيقة للعلماء العاملين في البنى التحتية النووية الإيرانية".

إلى جانب هذه المنظومة، وفق الإسرائيليين، هناك أيضاً محاولات سيبرانية لعرقلة نشاطات منظومات الدفاع، لكن الخطر الأكبر يتمثل في عرقلة منظومات تفعيل صفارات الإنذار. وتشير التقارير الإسرائيلية إلى أن اختراق عمل هذه المنظومات بدأ في اليوم الثالث من الحرب، وهو ما أبطل تفعيل إطلاق صفارات الإنذار للسكان من أجل دخول الملاجئ أو الأماكن الآمنة قبل وصول الصواريخ الإيرانية إلى مناطق سكناهم.

وخلال الإثنين والثلاثاء الماضيين لم تسمع صفارات الإنذار في مناطق واسعة بينها حيفا، وذلك قبل رشقة الصواريخ التي طاولتها عند العاشرة من صباح الثلاثاء.

في تقرير لشركة "رادفير" للأمن السيبراني الإسرائيلي، جاء أن الهجمات السيبرانية منذ بداية الحرب ارتفعت بنسبة 700 في المئة، لتواجه إسرائيل، وفق التقرير، موجة هجمات غير مسبوقة تستهدف نطاقاً واسعاً من الأهداف، تمتد من البنى التحتية الحكومية والمؤسسات المالية إلى شركات الاتصالات والأنظمة الحيوية.

ويقول نائب مدير استخبارات السايبر في "رادفير"، المتخصص في تحليل التهديدات السيبرانية العالمية، رون ميران، إن "ارتفاع الهجمات بنسبة 700 في المئة خلال يومين فقط من بداية الحرب يعود إلى عمليات انتقام سيبرانية من قبل جهات إيرانية رسمية ومجموعات هاكرز موالية لإيران، وتشمل الهجمات استخدام الخوادم بحركة مرور مفرطة لتعطيلها ومحاولات اختراقها، والإضرار بالبنى التحتية الحرجة، وسرقة بيانات، وحملات نشر برمجيات خبيثة. وتستهدف هذه الهجمات مجموعة واسعة من المواقع، منها مواقع حكومية ومؤسسات مالية وشركات اتصالات وبنى تحتية حيوية".

من جهته اعتبر المدير التنفيذي لشركتيInocom وCitrix Israel، تومر بيري، أن طبيعة الهجمات في حرب إيران قد تغيرت جوهرياً، موضحاً "في الماضي كانت الهجمات السيبرانية أكثر كماً وأقل تعقيداً، إذ تعتمد على رموز خبيثة عبر استخدامات إلكترونية أو استغلال ثغرات معروفة، أما اليوم، فنحن نرى انتقالاً حاداً إلى عالم يقف فيه الذكاء الاصطناعي في مركز الدفاع والهجوم على حد سواء".

وبحسبه يستخدم القراصنة الذكاء الاصطناعي لتنفيذ هجمات دقيقة ومتغيرة باستمرار، وأحياناً تعتمد على تقنيات صور أو مقاطع فيديو مزيفة تبدو حقيقية بهدف تجاوز أنظمة الدفاع التقليدية، مضيفاً "نحن أمام ساحة معركة جديدة كلياً: ذكاء اصطناعي في مواجهة ذكاء اصطناعي، ومن لا يتبنى الابتكار في الوقت الحقيقي سيتخلف ببساطة".

المدنيون أيضاً هدف

ونقل تقرير إسرائيلي عن أوفير زيلبيغر، وهو شريك ومسؤول نشاط السيبر لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا في شركة BDO، أن الهجمات السيبرانية في الحرب مع إيران تتماشى مع تصاعد تلك الهجمات خلال العامين الماضيين. وبحسبه فإن "المحاولات الحالية تركز على أساليب الهندسة الاجتماعية، ونشر الأخبار الزائفة، ومحاولات بث الذعر والفوضى بين الجمهور".

وشمل التقرير الإسرائيلي كثيراً من الأمثلة لما يقصده زيلبيغر، بينها البلاغات عن رسائل مزيفة تتعلق بانقطاع الكهرباء، وانتحال شخصيات قيادات الجبهة الداخلية وهيئات عامة، ومحاولات سرقة معلومات بطاقات الائتمان من الجمهور.

من جهة ثانية، شدد تومير بيري على أن الحاجة الآنية تتطلب أن تتوقف المؤسسات الإسرائيلية عن التفكير برد الفعل، والبدء في اعتماد نهج الاستعداد الدائم، أي بحسب تفسيره "الاستثمار في تدريب الموظفين والرصد الاستباقي والعمليات التلقائية لتحليل الأحداث والاستجابة الفورية".

وأوصى بيري بأن تكون الاستراتيجية الحديثة متعددة الطبقات، كالتالي:

الطبقة الأولى، الوقاية: أي تعزيز ثقافة الوعي والمسؤولية الرقمية، وتدريب الموظفين على التعرف إلى محاولات التصيد والانتحال، واستخدام تقنيات تمنع الاختراق حتى في حال ارتكاب خطأ بشري.

الطبقة الثانية، حماية المعلومات: من خلال التشفير، والفصل بين البيئات المختلفة، وتطبيق سياسة وصول صارمة.

الطبقة الثالثة، التعافي: أي امتلاك قدرة نسخ احتياط ذكية تتيح العودة إلى الوضع الطبيعي بسرعة.

اختراق القنوات الإسرائيلية

كان لافتاً في اليومين الثالث والرابع للحرب تعرض قنوات تلفزيونية لهجمات سيبرانية، بينها القناة "14" الموالية لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وتعتبر أكثر القنوات تطرفاً وعنصرية ضد كل ما هو عربي. فخلال برنامج "الوطنيون" تم تعطيل الصوت كلياً وفجأة صدرت صورة لمقدم البرنامج يانون ميغل، وهو أبرز الشخصيات العنصرية التي تتعرض يومياً حتى لانتقادات من الإسرائيليين، ليظهر بحركات غريبة، ثم خرجت القناة إلى فاصل إعلاني.

هجوم آخر أيضاً تعرضت له قناة "كان" الإخبارية، وهي القناة الرسمية في إسرائيل، وذلك خلال تقديم برنامج إخباري حول الحرب على إيران، كذلك أعلنت قنوات تلفزيونية مساء أمس الإثنين أنها تتعرض لتهديدات بعد قصف استوديوهات التلفزيون الإيراني.

وفي أعقاب الهجوم المباشر على منشأة إنتاج الكهرباء في حيفا وتوقيفها عن العمل، تبحث إسرائيل اتخاذ خطوات في حال تعرض شبكات الكهرباء والاتصالات في مناطق مختلفة للضرر، خصوصاً أن التقديرات تشير إلى استمرار الحرب أسبوعين في الأقل.

وفي سياق الأبحاث طرح التساؤل حول مدى صمود الجبهة الداخلية الإسرائيلية تحت هجوم طويل وخطر على المدن الإسرائيلية يتم خلاله تدمير شبكة الكهرباء المركزية عبر هجوم سيبراني، أو حتى ضعف تزويد السكان بالكهرباء أسباب مالية.

في تصريحات إعلامية، قال رئيس مركز السيبر لشركةGE Vernova ليئور عطيرت إن "إسرائيل توجد بمستوى أعلى من المتوسط الصناعي من جهة فهم أهمية أمن المعلومات، وتستخدم تقنيات حماية متقدمة، لكن على رغم كل هذا يحذر عطيرت من تداعيات التحديات الكبيرة التي تواجهها إسرائيل في هذه الحرب مع إيران، فـالخوف الحقيقي هو من هجوم واسع ومنسق يهدف إلى ضرب محطات طاقة عدة في وقت واحد، وهذا سيلحق دماراً هائلاً"، على حد وصفه.

بين النووي والطاقة المتجددة

بعد الهجوم على خليج حيفا وتعطيل مركز توليد الكهرباء تبحث إسرائيل سبل العمل على مصادر الكهرباء، والحاجة إلى تنويعها بعدم الاعتماد على الغاز والفحم لأسباب أمنية أيضاً. ومن بين الأمور التي طرحت للنقاش بين جهات مهنية فكرة إقامة مفاعل نووي لإنتاج الكهرباء في إسرائيل، وفق عطيرت الذي يقول إنه "مقترح جيد ولكنه غير مضمون بصورة كاملة في المستقبل، وقد يتحول المفاعل النووي إلى هدف استراتيجي للهجوم، ودولة صغيرة ومكتظة مثل إسرائيل قد تتضرر بصورة كبيرة من هجوم على منشأة كهذه، وهناك حاجة إلى مساحة مخصصة لمعالجة النفايات المشعة. وحالياً لا توجد في إسرائيل بنى تحتية مخصصة لمعالجة النفايات النووية المدنية".

يرى عطيرت ضرورة العمل على ضمان الطاقة المتجددة كمصدر إضافي ومهم لتنويع مصادر الطاقة في إسرائيل، وبينها طاقة المياه الرياح والشمس، لكن هنا أيضاً توجد قيود، فـ"إنتاج طاقة الرياح والشمس يتغير مع حال الطقس، الألواح الشمسية في المناطق الصحراوية تعاني تراكم الغبار والرمال، وتوربينات الرياح تتطلب صيانة معقدة، لذا فإن أي توقف غير مخطط في إنتاج الكهرباء قد يؤدي إلى تعطيل أنظمة كاملة".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات