ملخص
المدن والبلدات اليهودية في إسرائيل يجري تطويرها وتحديثها لكي تتعامل مع الحروب، مقابل إهمال المناطق الفلسطينية بإسرائيل حتى في البنية التحتية.
مع أن عدد سكان قرية "متسبي أفيف" الإسرائيلية لا يتجاوز الـ1000 إلا أنها تضم 10 ملاجئ، لكن الحال ليست نفسها في مدينة طمرة التي لا تبعد عنها سوى مئات الأمتار، والتي تفتقر للملاجئ المحصنة على رغم أن أكثر من 37 ألف فلسطيني يعيشون فيها.
وقبل يومين قتل أربع فلسطينيات في مدينة طمرة الواقعة في الجليل الغربي إثر سقوط صاروخ إيراني يزن نصف طن على منزلهن الحديث والمبني من الحجر الفلسطيني الشهير.
لا ملاجئ
وعقب تلك الحادثة التي أصيب فيها أيضاً 15 شخصاً آخرين وأدت إلى إلحاق الضرر بعشرات المنازل المجاورة، احتفل إسرائيليون من قرية متسبي أفيف باستهداف مدينة طمرة واستهداف سكانها.
وتختصر تلك الواقعة ما يسميه الفلسطينيون في إسرائيل "سياسة التمييز العنصري ضدهم، وتهميشهم في مناحي الحياة كافة ومنها البنية التحتية والملاجئ العامة".
وقالت مصادر لـ "اندبندنت عربية" إن بعض ضحايا مدينة طمرة كانوا في الغرفة الآمنة في المنزل خلال سقوط الصاروخ عليه، مشيرة إلى أن قوة الصاروخ التفجيرية أنهت حياتهم.
وكغيرها من المدن والقرى الفلسطينية في داخل إسرائيل، تخلو مدينة طمرة من الملاجئ العامة التي تنتشر في البلدات والمدن اليهودية.
وعلى رغم أن 53 ألف فلسطيني يعيشون في بلدات نحف والبعنة ودير الأسد ومجد الكروم، إلا أنه لا يوجد فيها سوى ملجأين عموميين، فيما يوجد بمدينة كرمئيل المجاورة 126 ملجأ عمومياً.
الغرف المحمية
وخلال المواجهة الإسرائيلية مع "حزب الله" اللبناني أدى سقوط صواريخ الحزب على القرى والمدن الفلسطينية على الحدود مع لبنان إلى قتل 30 فلسطينياً في إسرائيل.
ومنذ بداية الحرب الإسرائيلية- الإيرانية يوم الجمعة الماضي، تطالب الجبهة الداخلية الإسرائيلية الإسرائيليين "بضرورة الالتزام بتعليماتها للحفاظ على حياتهم، عبر التوجه إلى الملاجئ الخاصة أو العامة أو الغرفة المحميّة".
وتتيح المعلومات الاستخباراتية الإسرائيلية معرفة توقيت إطلاق الصاروخ الإيراني قبل نحو 20 دقيقة من إطلاقه، حيث تقوم الجبهة الداخلية بمطالبة الإسرائيليين بالتوجه إلى الملاجئ حتى انتهاء رشقة الصواريخ.
وعلى رغم أن تلك الآلية تحافظ بصورة كبيرة للغاية على حياة الإسرائيليين، لكن وقوع أخطاء تقنية تتسبب في حصول كوارث كما حصل حين قتل ستة إسرائيليين في مدينة بات يام جنوب تل أبيب أمس الأحد.
ويشتكي رؤساء السلطات المحلية في البلدات الفلسطينية في داخل إسرائيل من وجود "تقصير وتهميش ممنهجين تجاه الفلسطينيين منذ عقود، على رغم المطالبات المتكررة بضرورة تحقيق المساواة مع اليهود".
وقالت مصادر لـ" اندبندنت عربية" إن بعض الفلسطينيين في النقب جنوب إسرائيل "يلجأون إلى عبّارات الصرف الصحي وأسفل الجسور للاحتماء من الصواريخ الإيرانية بعد الاستماع إلى صفارات الإنذار".
الموازنات
ويوجد في صحراء النقب أكثر من 45 قرية غير معترف بها من السلطات الإسرائيلية، ويعيش فيها نحو 75 ألف فلسطيني في ظل حرمانهم من الخدمات الأساسية والبنية التحتية.
وطالب المسؤول في الجبهة الداخلية الإسرائيلية شمس أبو فارس الفلسطينيين في إسرائيل بضرورة الاحتماء في المناطق المُحصّنة تفادياً لضربات الصواريخ القاسية هذه المرة بسبب قوتها التدميرية الهائلة".
وبحسب أبو فارس فإن "الحل الوحيد للحد من الإصابات هو الاحتماء بالملاجئ العامة أو الغرف المحميّة في المنازل"، مضيفاً أن "النظام الدفاعي الإسرائيلي لا يتيح الحماية الكاملة".
واشتكى رئيس بلدية طمرة موسى أبو رومي من غياب الملاجئ العامة في كل القرى والبلدات الفلسطينية في إسرائيل والتي يعيش فيها أكثر من مليوني شخص.
وأرجع أبو رومي ذلك إلى "سياسة التقصير في رصد الموازنات من الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة على مدى العقود الماضية".
وبعد حرب الخليج الثانية في عام 1991، وإثر قصف العراق إسرائيل، ألزم القانون الإسرائيليين "بتخصيص غرفة آمنة في كل منزل من أجل حصوله على الترخيص".
ومع أن أبو رومي أشار إلى الالتزام بذلك القانون، لكنه شدد على أن معظم المنازل في المدن والقرى الفلسطينية قديمة ولا توجد فيها غرف مماثلة.
واعتبر عضو الكنيست الإسرائيلي السابق سامي أبو شحادة أن إسرائيل "مبنية على نظام فصل عنصري تجاه أكثر من 20 في المئة من سكانها الفلسطينيين".
إهمال المناطق الفلسطينية
وبحسب أبو شحادة، فإن المدن والبلدات اليهودية في إسرائيل "يجري تطويرها وتحديثها لكي تتعامل مع الحروب، مقابل إهمال المناطق الفلسطينية في إسرائيل حتى من البنية التحتية".
وأشار إلى أن السلطات الإسرائيلية لا تفرض على الفلسطينيين إقامة غرف محميّة في منازلهم، كذلك تغيب الملاجئ العامة عن القرى والبلدات الفلسطينية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووفق أبو شحادة فإن "إقامة إسرائيل منشآت عسكرية قرب المناطق السكنية بسبب ضيق مساحة إسرائيل يضاعف من المأساة".
واتهم رئيس "لجنة المتابعة العليا للفلسطينيين" في إسرائيل محمد بركة السلطات الإسرائيلية باستثناء البلدات والمدن الفلسطينية من نظام الاعتراض الصاروخي، واعتبارها مناطق غير مأهولة ومفتوحة لا يوجد بها سكان.
وأشار إلى غياب تام للملاجئ العامة من المناطق العربية الفلسطينية، فمثلاً "مدينة طمرة الفلسطينية تخلو من الملاجئ فيما يوجد في قرية متسبي أفيف اليهودية 10 ملاجئ".
وتابع بركة أن وجود مناطق حساسة إسرائيلية متاخمة للبلدات الفلسطينية "يُضاعف من خطر سقوط الصواريخ عليها، بخاصة عند وقوع أي خطأ، فالفلسطينيون عبارة عن دروع بشرية لتلك الأماكن".
وأوضح بركة أن لجنة المتابعة العربية أسست قبل أعوام "الهيئة العربية للطوارئ" في "محاولة لتعويض الإهمال الرسمي الإسرائيلي بسبب سياسة التهميش".
وعلى رغم الوضع الأمني الصعب، فإن الفلسطينيين يواصلون الذهاب إلى أماكن عملهم عكس اليهود، وفق ما ذكره بركة.
لكن المحلل السياسي الإسرائيلي يؤاف شتيرن رفض وجود أي تمييز في نظام الاعتراض للصواريخ، "فالمناطق السكنية الفلسطينية واليهودية تقع بجوار بعضها والنظام يغطي الجانبين".
إلا أن شتيرن أوضح أن الفرق بين الجانبين يكمن في غياب الملاجئ العامة في المدن والقرى الفلسطينية، فيما حرصت السلطات الإسرائيلية على إقامة المئات من تلك الملاجئ منذ تأسيس إسرائيل.
وبحسب شتيرن فإن "غياب قطع الأرض اللازمة لإقامة تلك الملاجئ إلى جانب نقص الموازنات الحكومية يمنعان إقامة الملاجئ في البلدات الفلسطينية".