Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بعد إعلانها الاستعداد للعملية... هل تكرر تركيا مذبحة الأرمن ضد أكراد سوريا؟

مراقبون يصفون انسحاب القوات الأميركية بالخيانة وغير الأخلاقي... ويؤكدون: ترمب منح أردوغان الضوء الأخضر

الجيش التركي يتجه نحو الحدود مع سوريا استعداداً للهجوم العسكري ضد الأكرد (رويترز)

أعرب ستيفان دوغاريك المتحدّث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، في تصريحات صحافيَّة بمقر الأمم المتحدة، مساء الثلاثاء، "عن قلقه بشأن الوضع في سوريا"، وذلك على خلفية "استعدادات تركيا لشن هجوم عسكري على الشمال السوري المتمركز فيه الأكراد"، الذي يأتي بعد إعلان الرئيس الأميركي سحب القوات الأميركيَّة من المنطقة تماماً.

وقال دوغاريك، بشكل لا لبس فيه، "مسؤولو الأمم المتحدة المعنيون بالشؤون الإنسانيَّة في سوريا يستعدون للأسوأ".

تصريح المسؤول الأممي الرفيع يعكس حقيقة لا مفر منها، وهي ذلك الخطر الداهم الذي يواجهه الأكراد من قِبل نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي يعتبر المواطنين الأكراد "إرهابيين وحلفاءً للانفصاليين داخل تركيا".

ولم يمض يومٌ على إعلان الرئيس دونالد ترمب "سحب القوات الأميركيَّة من المنطقة الحدوديَّة بين سوريا وتركيا"، حتى نشرت وزارة الدفاع التركيَّة تغريدة على حسابها بموقع "تويتر" تعلن أنها "لن تقبل قط بتأسيس ممر للإرهاب على حدود بلادها"، مضيفة "اكتملت جميع استعداداتنا للعمليَّة".

عواقب الانسحاب الأميركي
قرار ترمب أثار انتقادات ورفضاً واسعاً خارج وداخل الولايات المتحدة وحتى من حلفائه السياسيين الذين وجدوا في قراره "خيانة وتخلياً عن حليف قوي كان حاسماً في المعركة ضد تنظيم (داعش) في سوريا"، التي كلَّفته أكثر من 12 ألفاً من القوات الديموقراطيَّة السوريَّة.

ووسط مخاوف دوليَّة واسعة من عواقب الانسحاب الأميركي يظل "شبح مأساة إنسانيَّة جديدة" في القريب العاجل، يطارد الأكراد الذين لم يسلموا قط من عنف النظام التركي ويطرح سيناريوهات قاتمة بشأن مصير المواطنين الأكراد واحتمالات تعرضهم للتطهير العرقي على يد جنود نظام الرئيس رجب طيب أردوغان.

ووصف برادلي بومان مدير مركز القوة السياسيَّة والعسكريَّة التابع لمنظمة الدفاع عن الديموقراطيات، قرار ترمب بـ"غير الأخلاقي"، مشيراً إلى أن أردوغان "الطاغيَّة"، حسب وصفه، "يريد سحق قوات سوريا الديموقراطيَّة بسبب مخاوفه الطويلة من الأكراد"، ومن خلال سحب القوات الأميركيَّة من الحدود السوريَّة فإن "ترمب يعطي الضوء الأخضر للرئيس التركي لمهاجمة قوات سوريا الديموقراطيَّة" التي قاتلت بشجاعة تنظيم (داعش)، وتكبَّدت خسائر كبيرة، حتى إن الجنرال جوزيف فوتيل قائد القوات الأميركيَّة في الشرق الأوسط وصفهم بأنهم "شركاء استثنائيون".

وبالعودة عامين إلى الوراء، فإنه وفقاً لتقرير صادر عن مكتب مفوّض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فإن قوات الشرطة والجيش التركي ارتكبت "أعمال قتل بحق مئات الأشخاص خلال عمليات ضد الأكراد" جنوب شرق تركيا عقب المحاولة الفاشلة من الجيش التركي لإطاحة أردوغان.

وذكر التقرير، حسب (نيويورك تايمز)، عمليات القتل والتعذيب والاغتصاب والتدمير واسع النطاق للممتلكات بين مجموعة من انتهاكات حقوق الإنسان، كما أورد تفاصيل بشأن كيف أدت عمليات المشاة التركيَّة والمدفعيَّة والدبابات، وربما الطائرات إلى نزوح ما يصل إلى نصف مليون شخص من منازلهم خلال 17 شهراً بين يوليو (تموز) 2015 ونهايَّة 2016.

 

وأعرب زيد رعد الحسين المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، آنذاك، عن "قلقه بشكل خاص بشأن التقارير التي تفيد بعدم إجراء تحقيق موثوق في مئات عمليات القتل غير القانونيَّة، بما في ذلك النساء والأطفال".

ودعا إلى إجراء "تحقيق مستقل دون قيود"، مشيراً إلى أن "محققيه مُنعوا من الوصول إلى المناطق الكرديَّة".

وقال التقرير الأممي، "كثيرٌ من الضحايا اختفوا ببساطة في التدمير الشامل للمناطق السكنيَّة الكبيرة في العمليات التي نفَّذها الجيش التركي، التي شُنَّت بشكل منهجي بأسلحة ثقيلة، بما في ذلك الهجمات بالقنابل".

كما أفاد المحققون التابعون إلى مفوضيَّة حقوق الإنسان، آنذاك، أن "السلطات التركيَّة رفضت التحقيق في مقتل المدنيين، واتهموا السكان بدعم الإرهاب".

وكشفوا أن "أسرة امرأة اختفت في سيزري حصلت على ثلاث قطع صغيرة من اللحم المتفحم تم التعرف عليها من خلال اختبار الحمض النووي، وعندما حاولت أخت السيدة المفقودة بدء الإجراءات القانونيَّة، وُجهت إليها تهم بارتكاب جرائم إرهاب".

مذابح الأرمن
هذا الماضي القريب جنباً إلى جنب مع التهديدات التركيَّة الحاليَّة ضد أكراد سوريا تعيد إلى الأذهان "مذابح الأرمن على يد القوات التركيَّة قبل أكثر من 100 عام"، عندما قتلوا نحو 1.5 مليون أرمني في واحدة من كبرى جرائم الإبادة الجماعيَّة في التاريخ، التي وصفها ديفيد فرومكين الحائز على جائزة بولتيزر الدوليَّة، في كتابه الشهير "سلام لإنهاء كل السلام"، بأن "الاغتصاب والضرب كانا أمراً شائعاً"، وأولئك الذين لم يُقتلوا في الحال "طُرِدوا عبر الجبال والصحاري دون طعام أو شراب أو مأوى، واستسلم مئات الآلاف من الأرمن في النهايَّة أو قُتلوا".

يخشى أكراد سوريا بالفعل مصير الأرمن، وفي بيان لمصطفى بالي المتحدث باسم قوات سوريا الديموقراطيَّة SDF المكوّنة من القوات الكرديَّة، نشره على حسابه بموقع "تويتر"، حذَّر من "كارثة إنسانيَّة" في حال نفَّذت تركيا هجومها المتوقع في شمال شرق سوريا.

 

وقال، "المناطق الحدوديَّة في شمال شرق سوريا على حافة كارثة إنسانيَّة محتملة. تشير جميع الدلائل والمعلومات الميدانيَّة والبناء العسكري على الجانب التركي من الحدود إلى أن مناطقنا الحدوديَّة سوف تتعرض للهجوم من جانب تركيا بالتعاون مع المعارضة السوريَّة المتحالفة مع تركيا".

وأضاف، "هذا الهجوم سوف يسفك دماء الآلاف من المدنيين الأبرياء، لأن مناطقنا الحدوديَّة مكتظة". ودعا المجتمع الدولي إلى "التدخل سريعاً"، قائلاً "ندعو المجتمع الدولي وجميع دول التحالف الدولي ضد (داعش) الذين قاتلوا وانتصروا على ما يسمى (داعش) للقيام بمسؤولياتهم وتجنُّب وقوع كارثة إنسانيَّة وشيكة محتملة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

جاء البيان متزامناً مع إعلان مدير الاتصالات بالرئاسة التركيَّة فخر الدين ألتون، في الساعات الأولى من الأربعاء، أن "الجيش التركي سيعبر مع الجيش السوري الحر (الذي يتكوَّن من المعارضة)، الحدود مع سوريا بعد قليل"، وذلك مع بدء تركيا عمليَّة عسكريَّة بالمنطقة.

تعليقات دوغاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، مساء الثلاثاء، تؤكد أن الأمم المتحدة "تُدرك خطورة الوضع والتهديد الذي تشكّله تركيا على أكراد سوريا"، إذ أكد الأمين العام ضرورة حمايَّة المدنيين والبنيَّة التحتيَّة المدنيَّة في جميع الأوقات، وتحدَّث عن "الاستعداد للأسوأ" من قِبل مسؤولي الشؤون الإنسانيَّة الأممين العاملين في سوريا.

ويرى جوزيف باهوت الزميل المختص بالشأن السوري لدى مؤسسة كارنيغي، أن من شأن الهجوم التركي في شمال شرق سوريا أن "يهدد التوازن الهش في المنطقة"، الذي أُنشئ بعد هزيمة (داعش)، وهذا يعني أيضاً أن حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي (PYD) وذراعه العسكريَّة، ووحدات حمايَّة الشعب (YPG)، وكذلك التحالف الذي يسيطر عليهما، قوات سوريا الديموقراطيَّة، سيواجهان خطر الانقضاء بعد أن استخدمهم الغرب في الحرب ضد (داعش).

اقرأ المزيد

المزيد من دوليات