Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كفاح "الصيادة مادلين" في غزة... قصة لها العبر

السفينة 36 من أسطول الحرية حملت اسمها تقديراً للسيدة الوحيدة العاملة بالصيد في القطاع

صادر الجيش الإسرائيلي مركب مادلين ودمر معداتها للصيد (اندبندنت عربية - مريم أبو دقة)

ملخص

كان من الصعب على مادلين تعلم الصيد، لكنها مع مرور الأيام أتقنت معرفة سرعة وقوة الأمواج والرياح وباتت تفهم أوقات وجود السمك من عدمه، وكانت شجاعة جداً، تبحر بعمق في مياه بحر غزة، لكن شجاعتها هذه كانت تصطدم بحدود الحصار البحري الإسرائيلي.

على شاطئ بحر غزة كانت مادلين كلاب تقف من دون معدات الصيد التي تحبها، تنتظر على أحر من الجمر وصول سفينة مادلين التي تهدف إلى كسر الحصار عن غزة، لكن انتظارها هذا طال كثيراً ولم تتمكن مادلين من استقبال "مادلين".

عندما وصلت سفينة مادلين المياه القريبة من قطاع غزة، قرصنت إسرائيل القارب الكبير واحتجزت النشطاء من على متنه واقتادتهم نحو ميناء أسدود الإسرائيلي، ولما سمعت الغزية مادلين كلاب هذا الخبر انقلب فخرها بالسفينة إلى "وكسة" وغادرت البحر الذي تحبه وهي حزينة.

سفينة "36"

في الأول من يونيو (حزيران) الجاري، أبحرت السفينة رقم "36" ضمن تحالف أسطول الحرية، الذي يهدف إلى كسر الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ عام 2007، وانطلقت من ميناء كاتانيا الإيطالي باتجاه قطاع غزة وعندما اقتربت من مدينة الحرب اقتادتها تل أبيب لأراضيها وأرجعت عدداً من طاقمها إلى دولهم.

سميت سفينة كسر الحصار عن غزة "مادلين"، ولم تكن تلك التسمية صدفة، بل جاءت تجسيداً لقصة الغزية مادلين كلاب التي لها قصة كفاح قبل الحرب، وقصة انتكاسة أثناء الحرب، وقصة معاناة في ظل الحصار والتجويع.

قصة الكفاح

مادلين تعد أول صيادة أنثى في غزة، وتكاد تكون الصيادة الوحيدة التي تحترف هذه المهنة في القطاع ولها نجاحات وتحديات وأحلام، جميعها خسرتها بسبب الحرب الإسرائيلية على غزة، واليوم هذه السيدة جائعة وعاجزة عن إطعام صغارها.

بدأت قصة مادلين كلاب عام 2011، وحينها كانت فتاة عمرها 15 سنة، واجهت ظروفاً عائلية صعبة، إذ كان والدها مقعداً ومريضاً وعاجزاً عن العمل، وعائلتها تحتاج إلى من يعيلها. تقول "كان والدي صياداً وكنت أرافقه كنوع من الترفيه للبحر، وتعلمت منه كثيراً عن حرفة الصيد".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

عندما توقف والدها عن العمل قررت مادلين خوض تجربة نسائية نادرة في مجتمع محافظ يقتصر فيه دور المرأة على التزام بيتها، ونزلت لمواجهة المياه والناس لتحصل على صيد بسيط تبيعه لأجل الحصول على مال تعيل به أسرتها.

لم تكن هذه أحلام مادلين بل كانت تخطط في ذهنها لتصبح مهندسة تصميم أزياء، لكنها أجلت حلمها وقررت النزول للبحر والصيد، تضيف "حملت غزل الشبك وانطلقت في رحلة الصيد، وخضت غمار الموج حتى أحصل على الرزق المقسوم لنا من الأسماك، كنت أحمي أسرتي من العوز والفقر".

تدرجت مادلين في مراحل الصيد حتى احترفت الإبحار والصيد وحدها، كان عند مادلين معدات تحبها كثيراً، تتابع "كنت أملك شباكاً للصيد، ومركبة وحسكة وصنارة وكل مستلزمات حرفة التقاط الأسماك من عرض البحر".

كانت مادلين قصة فريدة في غزة، تسبح في البحر وحدها وتصيد منه الأسماك وتبيعها وتعيل أسرتها، وفي الوقت نفسه لم تتخلَ عن حلمها ودرست تخصص تصميم الأزياء، لكن قصة كفاحها لم تنته بعد.

 

كان من الصعب على مادلين تعلم الصيد، لكنها مع مرور الأيام أتقنت معرفة سرعة وقوة الأمواج والرياح وباتت تفهم أوقات وجود السمك من عدمه، وكانت شجاعة جداً، تبحر بعمق في مياه بحر غزة، لكن شجاعتها هذه كانت تصطدم بحدود الحصار البحري الإسرائيلي.

تشرح مادلين عن كفاحها في البحر "كنت أواجه سفن دوريات الجيش الإسرائيلي، التي تهاجم قاربي بصورة مباشرة لقد سرق الجنود مراراً شباك الصيد كما صودر قاربي عام 2016، كنت أحارب نقص المعدات لأجل رزق أطفالي وعائلتي".

قصة الانتكاسة

قصة كفاح مادلين انقلبت إلى قصة انتكاسة عندما اندلعت الحرب الإسرائيلية على غزة، إذ توقف عملها لمدة أشهر طويلة وعندما تشجعت للعودة للبحر والصيد على رغم الحرب خرجت برفقة والدها المريض نحو الشاطئ، وما إن وصلت إلى المياه الزرقاء أطلق جنود الجيش على أبيها النار وقتلوه على الفور، واختلطت دماؤه بالأمواج التي تحبها مادلين.

تمالكت مادلين نفسها على رغم مصيبتها في أبيها، ونزلت للبحر لكن ذلك لم يعجب إسرائيل. تقول السيدة "قصف الجيش مستودع كنت أستخدمه لتخزين أدوات الصيد وفيه قواربي ومعداتي وشباكي، وحرمني الإبحار، إذ كنت أخيراً أنزل البحر بحثاً عن الكرامة لا الرزق".

بالإجبار توقفت مادلين عن الصيد وانقلبت حياتها لكابوس تتمنى أن تتخلص منه، تشرح "نزحنا وعشنا في الخيام ونمنا فوق الرمل في الشارع، اليوم لي أطفال أربعة أخاف عليهم من المستقبل ومن الموت".

قصة الجوع

مادلين اليوم تعيش قصة جوع، تتابع "كنا نخزن القليل من المؤن لكنها نفدت اليوم، نحن نعيش في حصار منذ 103 أيام، لم يدخل لغزة أي طعام، أنا وأطفالي جائعون للغاية، ويطلبون مني طعاماً لا أستطيع توفيره، يرغبون في تناول الدجاج والفاكهة، ويريدون طعام الكبسة لكن مكوناته غالية الثمن".

 

عندما كانت مادلين تتصفح الإنترنت في مايو (أيار) الماضي، تواصل معها ناشط كندي يعرفها وأخبرها أنهم يريدون تسمية مركب منطلق إلى غزة تيمناً باسمها، وحينها طلبت منه أن يجلب لها بعض المؤن لتحضير طعام الكبسة لصغارها.

على متن "مادلين" صعد نشطاء من جنسيات مختلفة، وجلبوا لمادلين غزة مواد تموينية مثل الرز والطحين والأدوية وخرجوا من جزيرة صقلية الإيطالية لكنهم لم يتمكنوا من تسليم الصيادة مستلزمات أكلة الكبسة لصغارها إذ احتجزهم الجيش الإسرائيلي.

تصف مادلين تلك اللحظة بأنها لحظة الفخر، وتوضح أنها كانت تتابع أخبار السفينة أولاً بأول، وكانت تتمنى أن تتمكن من الوصول إلى غزة، على رغم معرفتها أنه سيتم توقيفها في النهاية.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير