ملخص
من أجل إقامة مئات المستوطنات في الضفة الغربية التي يعيش فيها أكثر من 700 ألف مستوطن، تلجأ السلطات الإسرائيلية إلى مصادرة الأراضي بعد تحويلها إلى أراضي دولة أو تخصيصها لأغراض عسكرية.
بصورة سرية وغير مباشرة عبر وسطاء وشركات سمسرة، تجري عمليات بيع الأراضي، في ظل رفض مجتمعي وملاحقة رسمية لذلك، باعتباره "خيانة عظمى وتفريطاً في الأرض لمصلحة العدو".
مع أن أساليب إسرائيل للاستيلاء على أراضي الفلسطينيين متعددة، لكن شراءها تلك الأراضي من الفلسطينيين يبقى الأكثر إيلاماً للفلسطينيين على رغم أنه يعتبر أقل من ظاهرة ولا يتعلق سوى بمساحات قليلة للغاية.
ومن أجل إقامة مئات المستوطنات في الضفة الغربية التي يعيش فيها أكثر من 700 ألف مستوطن، تلجأ السلطات الإسرائيلية إلى مصادرة الأراضي بعد تحويلها إلى أراضي دولة أو تخصيصها لأغراض عسكرية.
إلا أن شراء الأراضي من أصحابها يثير استياء الفلسطينيين على رغم "قيام أقلية صغيرة للغاية بذلك في ظل عمليات الترغيب والترهيب للسلطة القائمة بالاحتلال"، بحسب حقوقيين.
عمليات بيع سرية
وبصورة سرية وغير مباشرة عبر وسطاء وشركات سمسرة، تجري عمليات البيع تلك، في ظل رفض مجتمعي وملاحقة رسمية لذلك، باعتباره "خيانة عظمى وتفريطاً في الأرض لمصلحة العدو".
وتقع تلك الأراضي التي تُباع للشركات قرب المستوطنات، وفي منطقة (ج) بالضفة الغربية الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية الكاملة، التي تشكل أكثر من ثلثي مساحتها.
ويمنع القانون الحالي المستوطنين الإسرائيليين من شراء الأراضي في الضفة الغربية بصورة مباشرة، إذ يتطلب هذا الإجراء إذناً من إدارة المدينة التابعة لوزارة الدفاع الإسرائيلية.
لكن اليمين الإسرائيلي الحاكم دفع قبل أسابيع بمشروع قانون في الكنيست الإسرائيلي يسمح للمستوطنين بشراء الأراضي في الضفة الغربية بصورة مباشرة ومن دون موافقة مسبقة، وإلغاء القانون الأردني المتعلق بذلك.
وتمكن المستوطنون من شراء قطع أراض في الضفة الغربية، إضافة إلى عقارات في البلدة القديمة في كل من مدينتي القدس والخليل.
ويتولى جهازا الاستخبارات العامة الفلسطينية والأمن الوقائي ملاحقة "صفقات" ما تسمى "تسريب الأراضي وبيعها للشركات الإسرائيلية".
إحباط عمليات بيع
وبصورة متكررة يعلن الجهازان إحباط صفقات تسريب أراض فلسطينية لمصلحة الإسرائيليين.
وقبل أسابيع، أعلن جهاز الاستخبارات الفلسطيني تمكنه "بعد متابعة دقيقة ومكثفة، من إحباط صفقة تسريب قطعة أرض تبلغ مساحتها نحو 7.5 دونم في قرية صفا غرب مدينة رام الله، كانت مخصصة لنقلها إلى جهات تتعامل مع الاحتلال".
وبحسب الجهاز فقد "اعتقل أحد المشتبه فيهم الذي اعترف بتورطه في عملية التسريب مقابل أكثر من 200 ألف دولار أميركي، وأقر بتزوير توقيع شقيقته أثناء إجراءات البيع، مما يؤدي إلى بطلان العملية قانونياً".
وفي قرية نحالين غرب بيت لحم أحبطت الاستخبارات الفلسطينية عملية بيع أكثر من 600 دونم (الدونم يساوي 1000 متر مربع) وهي ملاصقة لمستوطنتي "بيتارعيليت" و"دانيال".
وأشار الجهاز إلى "اعتقال أربعة أشخاص مشتبه فيهم في التخطيط لتنفيذ الصفقة، ووقف جميع الإجراءات والوكالات التي كانوا بصدد إعدادها لتنفيذ العملية".
لكن بعض عمليات البيع تكون سليمة وفق القانون الإسرائيلي، مثل استيلاء المستوطنين قبل أشهر على قطعتي أرض في بلدة سلوان في القدس بعد "شرائها من أصحابها".
وقالت مصادر أمنية فلسطينية إن أكثر من 120 شركة تعمل في مجال تسريب الأراضي بالضفة الغربية.
واعتبر رئيس "هيئة مقاومة الجدار والاستيطان" مؤيد شعبان أن "أكثر من 99 في المئة من الأراضي التي تستولي عليها إسرائيل تنقل بعد تحويلها إلى أراضي دولة بسبب القوانين الأردنية والإسرائيلية التي تتيح السيطرة عليها بسبب عدم فلاحتها".
وبحسب شعبان فإن أكثر من 46 ألف دونم حولتها السلطات الإسرائيلية إلى أراضي دولة قبل مصادرتها خلال عام 2024.
عمليات تزوير
لكن شعبان أشار إلى أن "نسبة قليلة للغاية من الأراضي لا تتجاوز واحداً في المئة تستولي عليها تل أبيب من خلال الشراء في عمليات تشهد معظمها عمليات تزوير".
ووفق شعبان، فإن تلك العمليات "تحصل نتيجة التحايل، فيما يتورط عدد محدود للغاية من الفلسطينيين من ضعاف النفوس فيها".
وأوضح أن "الدائرة القانونية في ’هيئة مقاومة الجدار والاستيطان‘ تعمل بالتعاون مع المؤسسة الأمنية الفلسطينية على إحباط عمليات البيع التي تشهد معظمها عمليات تزوير".
وكشف شعبان "نجاح إبطال المئات من قضايا تسريب الأراضي واستعادة مساحات شاسعة منها"، لكن شعبان شدد على أن "عمليات بيع الفلسطينيين للأراضي ليست بالحجم الذي يتحدث عنه عامة الفلسطينيون".
وعن محاولة بيع مئات دونمات الأراضي في قرية نحالين، قال شعبان إن فلسطينياً واحداً متورطاً بذلك عبر تزوير توقيع المئات من أقاربه، مشيراً إلى أن تلك "القضية ما زالت أمام المحاكم الإسرائيلية وهي في طريقها للإفشال على رغم مضي عامين على كشفها".
وبحسب شعبان فإن الفترة بين 1982 و1987 شهدت "أكثر وأوسع عمليات الاستيلاء على الأراضي والشراء". وتابع "بالعادة يجري توقيف من يبيع أرضه للمستوطنين في حال لم ينجح بالسفر إلى خارج فلسطين أو إلى إسرائيل، ويعيش حالاً من النبذ الاجتماعي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعن سبب لجوء المستوطنين لشراء الأراضي على رغم وجود أساليب أخرى للاستيلاء عليها، أرجع شعبان ذلك إلى أن الشراء "أفضل الطرق بالنسبة إلى الإسرائيليين تمنح هذه العملية صفة شرعية وقانونية".
ويرى المتخصص في علم الاجتماع في جامعة بيرزيت نادر سعيد أن "التعامل مع المحتل ظاهرة معروفة تاريخياً في كل دول العالم التي خضعت للاحتلال الأجنبي، حيث توجد أقلية صغيرة للغاية لها وجهة نظر مختلفة عن المجتمع".
وبحسب سعيد فإن ارتباط تلك الأقلية بالاحتلال الإسرائيلي يأتي "بسبب حال اليأس من انتصار القضية الفلسطينية، فكلما زاد اليأس بسبب الممارسات التهجيرية اندفع بعض الناس إلى الشعور بأنهم مضطرون إلى البيع والاستسلام".
وأوضح أن تلك الأراضي التي يجري بيعها "يكون أصحابها في معظم الأحيان غير قادرين على الاستفادة منها، ويخشون من ضياع فرصة بيعها إذا لم يبيعوها للمستوطنين".
واعتبر وزير العدل الفلسطيني السابق والمتخصص في القانون الدولي محمد شلالدة أن عمليات شراء "القوة القائمة بالاحتلال أراضي في الإقليم الذي تحتله باطلة وغير شرعية وفق القانون الدولي".
وأضاف شلالدة "أن كل ما تقوم به إسرائيل من شراء للأراضي عبر شركات مصنفة على القائمة السوداء في الأمم المتحدة باطل وفق القانون الدولي".