ملخص
أظهرت بيانات رسمية اليوم الخميس أن الناتج الاقتصادي البريطاني انكمش بصورة حادة خلال أبريل (نيسان) الماضي، مما يعكس موجات الصدمة التي تسبب فيها إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن فرض رسوم جمركية واسعة النطاق
يواجه البريطانيون "زيادات ضريبية كبيرة" بعد أن راهنت وزيرة الخزانة رايتشل ريفز على أن زيادة كبيرة في الإنفاق العام ستساعد حزب "العمال" على الفوز خلال الانتخابات المقبلة.
واستخدمت ريفز مراجعتها للإنفاق للإعلان عن خطط تهدف إلى "تجديد بريطانيا"، معتمدة على أن ضخ 20 مليار جنيه استرليني (27.1 مليار دولار) سنوياً إضافياً في البنية التحتية العامة، مثل السكك الحديد والطرق والطاقة، سيحفز الاقتصاد ويحسن مستوى المعيشة بحلول موعد التوجه إلى صناديق الاقتراع.
ووعدت ريفز بضخ 29 مليار جنيه استرليني (39.3 مليار دولار) إضافية سنوياً في هيئة الخدمات الصحية الوطنية "NHS"، مع تقليص الإنفاق في مجالات أخرى لتحويل الموارد إلى "أعز خدماتنا العامة".
ومع ذلك، قال اقتصاديون إن زيادات الضرائب باتت "شبه حتمية" خلال الخريف المقبل بسبب الضغوط التي تواجه المالية العامة، وشككوا في مدى واقعية تحقيق وفورات بقيمة 14 مليار جنيه استرليني (19 مليار دولار) من كفاءة الإنفاق، والتي احتسبتها ريفز ضمن خططها عبر مختلف إدارات الحكومة.
وأشارت وزارة الخزانة إلى أن السلطات المحلية سترفع ضريبة المجلس بنسبة خمسة في المئة سنوياً حتى نهاية عمر البرلمان الحالي، بهدف تمويل خدمات الرعاية الاجتماعية والشرطة.
ويعني ذلك زيادة قدرها 7.5 مليار جنيه استرليني (10.1 مليار دولار) في إيرادات ضريبة المجلس، مما يضيف نحو 359 جنيهاً استرلينياً (487.65 دولار) إلى فاتورة الأسرة الواحدة في الفئة (D) كمعدل وسطي.
وأثار هذا الاستعراض تحذيراً شديد اللهجة من قادة الشرطة، الذين قالوا إن الزيادة المخططة في التمويل بنسبة 2.3 في المئة سنوياً لن تكون كافية لتنفيذ تعهدات الحكومة في شأن القانون والنظام، وعدوا أن التسوية المالية المقترحة "تشكل تحدياً هائلاً".
وادعت ريفز أنها تضيف 190 مليار جنيه استرليني (258 مليار دولار) إضافية لتشغيل الخدمات العامة اليومية"، إلى جانب 113 مليار جنيه استرليني (153.5 مليار دولار) إضافية للاستثمار العام.
انكماش حاد للاقتصاد البريطاني
في الأثناء، أظهرت بيانات رسمية اليوم الخميس أن الناتج الاقتصادي البريطاني انكمش بصورة حادة خلال أبريل (نيسان) الماضي، مما يعكس موجات الصدمة التي تسبب فيها إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن فرض رسوم جمركية واسعة النطاق.
وانكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة أكبر من المتوقع بلغت 0.3 في المئة خلال أبريل الماضي، مقارنة بمارس (آذار) 2025، وهو أكبر انخفاض شهري منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.
وذكر المكتب أن تراجعاً في القطاعين العقاري والقانوني خلال أبريل الماضي بعد انتهاء الإعفاء الضريبي الموقت على شراء المنازل أسهم بواقع 0.2 نقطة مئوية من الانخفاض، البالغ 0.3 نقطة مئوية في الناتج خلال أبريل 2025، وسجلت شركات تصنيع السيارات أيضاً انخفاضاً في الإنتاج والصادرات إلى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وتوسع الاقتصاد البريطاني 0.7 في المئة خلال الربع الأول من عام 2025 متجاوزاً النمو في بلدان أخرى ضمن مجموعة السبع، مما دفع بنك إنجلترا إلى رفع توقعاته للنمو للعام بأكمله إلى واحد في المئة الشهر الماضي.
"لا خيار أمام ريفز سوى رفع الضرائب"
لكن اقتصاديين قالوا إن ريفز لن يكون أمامها خيار سوى رفع الضرائب لتمويل سياساتها، بما في ذلك تراجعها عن قرار دعم وقود الشتاء، وللحفاظ على توازن الموازنة وفق قواعدها المالية، وذلك خلال وقت تشير فيه التوقعات إلى آفاق نمو أسوأ من المتوقع.
وقالت ريفز، متحدثةً في مجلس العموم البريطاني "نحن نعمل على تجديد بريطانيا، أعلم أن كثراً في أجزاء كثيرة من البلاد لم يشعروا بذلك بعد"، مضيفة "مهمة هذه الحكومة ومهمتي أنا كوزيرة للخزانة، والغرض من هذه المراجعة للإنفاق هو تغيير هذا الواقع، لضمان أن يشعر الناس بالتجديد في حياتهم اليومية، وفي وظائفهم وفي شوارعهم الرئيسة".
وأوضحت أن "أولويات هذه المراجعة للإنفاق هي أولويات العاملين، وهي الاستثمار في أمن وفي صحة بريطانيا، وتنمية اقتصادها حتى يشعر العاملون بتحسن أوضاعهم المعيشية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومن بين أبرز المستفيدين من مراجعة الإنفاق كان قطاعا الدفاع والخدمات الصحية الوطنية "NHS"، إذ سيحصل قطاع الصحة على زيادة قدرها 29 مليار جنيه استرليني (39.3 مليار دولار) في موازنته، مما يعادل ارتفاعاً فعلياً بنسبة ثلاثة في المئة ضمن الإنفاق اليومي.
أما الإنفاق الدفاعي فسيرتفع ليصل إلى الهدف الذي حددته الحكومة، والمتمثل في تخصيص 2.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2027.
ومع ذلك، وعلى رغم تعهد رئيس الوزراء البريطاني السير كير ستارمر بزيادة الإنفاق الدفاعي إلى ثلاثة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، لم تخصص أموال إضافية لتحقيق هذا الهدف قبل عام 2030.
وسيشرف وزير الطاقة البريطاني إد ميليباند على استثمار قياسي في الطاقة الخضراء ضمن محاولة للوفاء بتعهد الحكومة بخفض الانبعاثات بحلول عام 2030، ومنح 13.2 مليار جنيه استرليني (17.9 مليار دولار) لتمويل برنامج لتحسين كفاءة الطاقة في المنازل، وعن ذلك قالت ريفز إن "هذا سيساعد الأسر المؤهلة على توفير ما يصل إلى 600 جنيه استرليني (815.1 دولار) سنوياً من فواتير الطاقة".
7 وزارات تواجه خفوضاً حقيقية في الإنفاق
ومع ذلك، تواجه سبع وزارات خفوضاً حقيقية في الإنفاق اليومي، من بينها الداخلية والخارجية والثقافة والإسكان والمجتمعات والحكم المحلي.
وقال كبير الاقتصاديين في شركة "أوكسفورد إيكونوميكس" بالمملكة المتحدة أندرو جودوين إلى صحيفة الـ"تايمز"، "يبدو من المرجح بصورة متزايدة أن هناك حاجة إلى زيادات كبيرة في الضرائب ضمن موازنة الخريف، ونظراً إلى أن الخطط تتطلب توفيرات كبيرة في الكفاءة، قد تجد الوزارات صعوبة في الالتزام بالأهداف، ومراجعة الإنفاق اليوم تترك انطباعاً بأنها حل موقت بدلاً من خطة مستدامة".
وأشار المعهد الوطني للأبحاث الاقتصادية والاجتماعية (مركز أبحاث اقتصادي) إلى أنه نظراً لقلة الهامش المتاح خلال وقت البيان الربيعي، والزيادات في الإنفاق التي أعلنت منذ ذلك الحين، والخلفية العامة من عدم اليقين العالمي، أصبح من شبه المؤكد الآن أن عليها رفع الضرائب في موازنة الخريف.
من جانبها، أكدت ريفز أن "الضرائب لن تحتاج إلى الارتفاع لتغطية الالتزامات الإنفاقية، لكنها لم تستبعد زيادات في الخريف، وقالت في مقابلة مع قناة "غريت بريتين" الإخبارية "نحن لا ننفق قرشاً أكثر أو أقل من الإطار الذي وضعناه خلال الخريف الماضي، لذا فإن كل هذا ممول بالكامل".
2.7 تريليون دولار للإنفاق العام خلال 3 أعوام
من جانبها، كتبت زعيمة حزب "المحافظين" كيمي بادينوش "تظهر مراجعة الإنفاق التي قدمها حزب "العمال" مدى عدم جديتهم، مزيد من الديون ومزيد من الاقتراض ومزيد من الاقتصاد الوهمي"، مؤكدة "نحن نواجه وضعاً عبثياً إذ إن الحزب الحاكم بسبب رفعهم للضرائب وقتلهم للنمو الاقتصادي سيضطرون الآن إلى رفع الضرائب بصورة أكبر، ولا يمكننا تحمل أربعة أعوام أخرى من هذا الوضع".
وخصصت ريفز أكثر من تريليوني جنيه استرليني (2.7 تريليون دولار) للإنفاق العام خلال الأعوام الثلاثة المقبلة، في قرارات تحدد أولويات حزب "العمال" للانتخابات المقبلة، ووصفت قراراتها مراراً بأنها "اختيار الشعب البريطاني"، محاولة بذلك رسم خطوط فاصلة بينها وحزبي "المحافظين" و"الإصلاح".
وهاجمت ريفز زعيم حزب "الإصلاح" نايجل فاراج لدعمه الموازنة الصغيرة الكارثية التي أطلقتها ليز تراس، قائلة إنه "يتوق إلى تكرار نفس الخطأ مرة أخرى وغير جاد ببساطة" بعد إعلان 80 مليار جنيه استرليني (108.6 مليار دولار) من وعود الضرائب والإنفاق غير الممولة.
وفي محاولة لتحويل ضبط الإنفاق إلى فضيلة سياسية، قالت ريفز إن "حزب العمال لديه خطة جديرة بالثقة لتجديد بريطانيا".