Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حرب غزة تلقي غبارها على الذهب المكدس بأرفف "الصاغة"

ركود المعدن الثمين بسبب توقف حركة البيع والشراء وتصاعد القتال العسكري وإغلاق المعابر

أوقفت إسرائيل تبادل الذهب بين غزة والضفة الغربية بسبب الحرب وأدى ذلك إلى تكدسه لدى التجار (اندبندنت عربية - مريم أبو دقة)

ملخص

توقف حركة الذهب بين غزة والضفة الغربية جعل سعر المعدن الأصفر الأرخص عالمياً، بفارق يتراوح بين 400 إلى 500 دولار لكل كيلوغرام.

يجلس فؤاد عياد خلف بسطة صغيرة وأمامه صندوق زجاجي يعرض بداخله مقتنيات ثمينة من معدن الذهب ينتظر المشترين، تمر ساعات النهار ثقيلة عليه، فلا أحد يسأل عن سعر غرام المصاغ، يصاب باليأس ويدير عينيه للخلف، ينظر لمعرضه الذي حولته الحرب الإسرائيلية على غزة إلى أنقاض وركام.

يتأفف تاجر الذهب من الحال الذي وصلت إليه غزة، ويقول "في أروقة سوق القيسارية التاريخي للذهب لا تقابل أحد سوى مصوغات مكدسة في صناديق العرض وكثير من الركام"، يمسك هاتفه الذكي يقلب صفحات وسائل التواصل الاجتماعي ليملأ فراغه.

أصل القصة

لا تشهد سوق الذهب في غزة أي نشاط تجاري، يشرح فؤاد "في هذه الحرب مر سكان القطاع بظروف قاسية مادياً، وحينها اضطروا إلى بيع مقتنياتهم الذهبية لتأمين السيولة النقدية ومواجهة المجاعات وارتفاع أسعار السلع الغذائية".

ويضيف "اشترى تجار الصاغة الذهب من الغزيين، على أمل أن تنتهي الحرب في وقت سريع، لكن هذا القتال استغرق أشهراً طويلة، وهذا ما خلق مشكلة كبيرة في الذهب".

عندما بدأت حرب غزة أغلقت إسرائيل المعابر ومنعت تصدير أي شيء خارج القطاع، وهذا ما لم يكن في حسبان تجار الذهب، يوضح فؤاد أن تجارة الذهب في غزة مختلفة نسبياً عن بقية الأسواق في العالم، وتعتمد على نقل الذهب للضفة الغربية أو دولة ثالثة لبيعه هناك، وبصورة محدودة يتم الاعتماد على إعادة بيع المجوهرات للسكان، إذ إن نسبة قليلة جداً التي تقتني الذهب وتخزنه.

تكدس المصاغ

إغلاق المعابر في وجه تجار الذهب شكل صدمة لدى تجار المجوهرات، إذ يتكدس هذا المصاغ أمام فؤاد من دون أية فائدة، يوضح أن بريق هذه الحلي بات عبئاً على التجار بعدما توقفت تجارة الذهب مع إسرائيل والضفة الغربية ودول ثالثة.

ليس ببعيد يجلس تاجر الذهب عوني أمام معرض مجوهراته يلتقط صوراً للحلي وينشرها على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي، يقول "بما أن إسرائيل منعت بيع الذهب في الأسواق خارج غزة بسبب الحرب، إذاً علينا الاعتماد على السوق المحلية".

ينشر عوني صور الذهب، وينتظر أحداً أن يسأل أو يزور السوق ليشتري منه، لكنه ذلك لم يحدث، يقول "فرغت المحال من روادها الذين أنهكهم حصار غزة والحرب وجعلهم فقراء، حركة شراء الذهب تكاد تكون شبه منعدمة".

 

 

يعرف عوني أن نسبة الفقر في غزة وصلت إلى 97 في المئة بسبب الحرب، فهو يقرأ بيانات جهاز الإحصاء الفلسطيني (مؤسسة حكومية)، ويفهم أن معنى ذلك عدم قدرة السكان على شراء المعدن الأصفر، ولكن على رغم ذلك يحاول عرض منتجاته الثمينة، ويقول "لعل وعسى أن يشتري أحد".

يضيف عوني "من دون تصدير للذهب لن نجد أموالاً لنشتري طعاماً لصغارنا، في بداية الحرب قمنا بشراء كمية كبيرة من الذهب من الناس، وهذا أفقدنا السيولة النقدية، الآن ما نملكه قطع مشغولة من الذهب لكن وجودها بين أيدينا لا يطعمنا خبزاً، إذ لا توجد معنا أموال، بل مدخرات آمنة لكنها اليوم لا تنفع".

لا يشتري التجار الذهب من الزبائن

يعيش سوق الذهب في غزة حالياً المرحلة الأسوأ منذ 20 عاماً من الحصار، بعدما تحول إلى قبلة للبيع لا الشراء، وهذا ما حدث بين رواء وتاجر الذهب سعدي.

عندما دخلت رواء للمحل رحب بها تاجر الذهب بحرارة وعرض أمامها مقتنيات ثمينة، لكن السيدة أخرجت من شنطتها خاتم ترغب في بيعه، على الفور انقلبت ملامح سعدي وأبلغها أنه أوقف عملية شراء الذهب من الزبائن.

يوضح التاجر سعدي أن بيع وشراء الذهب يتم لأسعار السوق الموازية، في ظل عدم وجود سوق ورقابة تنظم عمليتي البيع والشراء، مؤكداً ندرة عمليات البيع والشراء بسبب ظروف الحرب.

توقف حركة الذهب بين الضفة وغزة

يقول نائب رئيس نقابة الصاغة وتجار المعادن الثمينة في غزة إياد بصل "تجار الذهب يعانون تباطؤاً حاداً في حركة البيع والشراء وتوقف بيع الذهب في أسواق الضفة الغربية، هذا أدى إلى تراكم كميات كبيرة من المعدن الثمين لديهم، وسط أزمات اقتصادية خانقة بفعل الحرب".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويضيف التاجر "قلة الطلب وأزمة السيولة في السوق أثرت في حركة التجارة، إذ يباع الذهب في غزة حالياً بأسعار أقل بكثير من السعر العالمي بفارق يتراوح بين 400 إلى 500 دولار لكل كيلوغرام".

ويوضح بصل أن التوقف الكامل لحركة الذهب بين غزة والضفة الغربية، أدى ذلك إلى تكدس كميات كبيرة لدى التجار وأعاق الحركة التجارية على نحو ملاحظ.

ومن جانبه، يقول الباحث الاقتصادي رائد حلس "تجارة الذهب في الأسواق خلال الحروب تتأثر بعوامل عدة، منها الاضطرابات الأمنية والاقتصادية، وبالتالي شهدت أسواق الذهب في غزة تقلبات كبيرة، أسعار الذهب تأثرت نتيجة التغيرات السياسية والعسكرية".

ويضيف حلس "أدت الحرب إلى تدمير القطاعات الاقتصادية، واضطر عدد من المواطنين في غزة إلى بيع الذهب في الأسواق أثناء الحرب، وهو ما يعكس التحديات الاقتصادية الجسيمة التي يواجهونها بسبب تداعيات الصراع".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير