Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا تحمل محادثات واشنطن وبكين لإنقاذ التجارة العالمية؟

صادرات الصين إلى أميركا تسجل أكبر انخفاض لها منذ أكثر من 5 سنوات

تراجعت الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة بنسبة 34.5 في المئة مقارنة بالعام السابق (أ ف ب)

ملخص

تراجع زخم النمو مع استمرار الانخفاض الحاد في الصادرات المتجهة إلى الولايات المتحدة، التي هوت بنسبة تزيد على 21 في المئة في أبريل الماضي، مع بدء تطبيق رسوم جمركية مشددة فرضتها واشنطن

مع انطلاق المحادثات الأميركية - الصينية في لندن وسط تكتم كبير، يتساءل المراقبون إن كانت هذه الجولة ستنجح في السعي إلى تمديد الهدنة الهشة في الحرب التجارية بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم.

وتتابع الأسواق من كثب هذا الاجتماع، لكن يتوقع المحللون ألا يكون مثمراً كما كان في سويسرا، إذ اتفق البلدان على خفض شديد للرسوم الجمركية المتبادلة بينهما لمدة 90 يوماً.

وأوردت وكالة الصين الجديدة للأنباء بعد الظهر أن "نائب رئيس الوزراء هي ليفنغ، بدأ أول اجتماع حول آلية التشاور التجاري مع الطرف الأميركي في لندن".

ويضم الوفد الأميركي وزير الخزانة سكوت بيسنت ووزير التجارة هاورد لوتنيك وممثل التجارة في البيت الأبيض جايميسون غرير، على ما أكده الرئيس دونالد ترمب الجمعة الماضي.

وامتنعت واشنطن وبكين صباح اليوم الإثنين عن الكشف عن أي تفاصيل حول سير المفاوضات، التي تجري في قصر لانكاستر هاوس بوسط لندن.

محادثات الرئيسين

وتعقد المحادثات في لندن بعد مكالمة هاتفية أولى جرت الخميس الماضي بين الرئيسين الأميركي والصيني، وصف ترمب نتائجها بأنها "إيجابية جداً"، فيما طلب شي جينبينغ خلالها "تصحيح مسار سفينة العلاقات الصينية - الأميركية الضخمة"، بحسب ما أوردت الصحافة الصينية.

وتعقد المحادثات بعدما أعاد ترمب تأجيج التوتر مع الصين الأسبوع الماضي، بعدما اتهمها بانتهاك اتفاق خفض التصعيد الذي جرى التوصل إليه في جنيف.

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت أمس الأحد "نأمل أن تطبق الصين جانبها من الاتفاق، وهذا ما يعتزم فريقنا بحثه في لندن".

ومن المتوقع أن تكون صادرات المعادن النادرة الصينية التي تعتبر مصدر خلاف بين البلدين موضوعاً رئيساً في المفاوضات، نظراً إلى أهمية هذه المواد الأولية في مجموعة واسعة من المنتجات، ولا سيما بطاريات السيارات الكهربائية.

وقالت مديرة الأبحاث في شركة "إكس تي بي" كاثلين بروكس إن "الولايات المتحدة تود عودة وتيرة تصدير هذه المعادن الاستراتيجية لسابق عهدها، بعد أن تباطأت منذ أطلق ترمب حربه التجارية".

وتابعت أن الصين من جانبها تود أن تعيد الولايات المتحدة النظر في القيود المفروضة على دخول الطلاب، وعلى الوصول إلى التقنيات المتطورة ولا سيما على التكنولوجيا المتطورة، خصوصاً المعالجات الدقيقة، وأن تسهل وصول مزودي التكنولوجيا الصينيين إلى المستهلكين الأميركيين.

في غضون ذلك، قال نائب رئيس مجلس الدولة الصيني خه لي فنغ لوزيرة المالية البريطانية راتشيل ريفز في لندن إن "الصين وبريطانيا ينبغي عليهما الحفاظ على تنمية مستدامة ومستقرة ومتينة للعلاقات الاقتصادية" وفقاً لما ذكره التلفزيون الصيني المركزي "سي سي تي في" اليوم الإثنين.

وأضاف التلفزيون الصيني أنه قال للوزيرة البريطانية أمس الأحد إن البلدين يتعين عليهما زيادة تعزيز التواصل والتعاون في المجالات الاقتصادية والمالية.

ويزور نائب رئيس مجلس الدولة الصيني لندن لإجراء جولة ثانية من المحادثات التجارية مع مسؤولين أميركيين.

صادرات الصين

إلى ذلك وفي تطور لافت سجلت صادرات الصين نمواً أقل من التوقعات خلال مايو (أيار) الماضي، متأثرة بانخفاض حاد في الشحنات المتجهة إلى الولايات المتحدة، في وقت رجح فيه محللون أن تظهر آثار التهدئة التجارية بين بكين وواشنطن في بيانات يونيو (حزيران) الجاري.

وأظهرت بيانات "ويند إنفورميشن" أن الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة تراجعت بنسبة 34.5 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وهو أكبر انخفاض منذ فبراير (شباط) 2020، عندما عطلت جائحة "كوفيد-19" حركة التجارة العالمية، وانخفضت الواردات الصينية من الولايات المتحدة بأكثر من 18 في المئة، مما أدى إلى تقلص الفائض التجاري الصيني مع أميركا بنسبة 41.55 في المئة على أساس سنوي، ليبلغ 18 مليار دولار.

وعلى رغم هذا التراجع ارتفعت الصادرات الصينية الإجمالية بنسبة 4.8 في المئة خلال مايو الماضي مقارنة بالشهر ذاته من العام الماضي، وفقاً لبيانات الجمارك الصادرة اليوم الإثنين، لكنها جاءت من دون توقعات استطلاع أجرته "رويترز" التي رجحت نمواً بنسبة 5 في المئة.

في المقابل انخفضت الواردات بنسبة 3.4 في المئة في مايو الماضي مقارنة بالشهر ذاته من العام الماضي، وهو تراجع يفوق بكثير توقعات المحللين الذين قدروا الانخفاض بنحو 0.9 في المئة فحسب، مما يعكس استمرار ضعف الطلب المحلي في الصين.

وعوضت بكين هذا التراجع عبر تعزيز صادراتها إلى دول رابطة جنوب شرقي آسيا "آسيان"، والتي قفزت بنحو 15 في المئة على أساس سنوي، إضافة إلى ارتفاع الشحنات إلى الاتحاد الأوروبي بنسبة 12 في المئة، وإلى أفريقيا بنسبة تجاوزت 33 في المئة.

وكنتيجة لذلك، ارتفع الفائض التجاري الإجمالي للصين بنسبة 25 في المئة على أساس سنوي، ليصل إلى 103.2 مليار دولار في مايو الماضي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلى رغم تسجيل فائض تجاري قوي، أظهرت بيانات التجارة الصينية تباطؤاً في نمو الصادرات خلال مايو الماضي، مقارنة بشهر أبريل(نيسان) الماضي، إذ ارتفعت بنسبة 4.8 في المئة فحسب، بعدما كانت قد قفزت بنسبة 8.1 في المئة في أبريل من هذا العام بدعم من الطلب القوي من دول جنوب شرقي آسيا.

وتراجع زخم النمو مع استمرار الانخفاض الحاد في الصادرات المتجهة إلى الولايات المتحدة، التي هوت بنسبة تزيد على 21 في المئة في أبريل الماضي، مع بدء تطبيق رسوم جمركية مشددة فرضتها واشنطن.

وقال كبير الاقتصاديين في وحدة المعلومات التابعة لمجلة "الإيكونوميست" تيانشين شو إن "الرسوم الجمركية الباهظة لم ترفع إلا في منتصف مايو الماضي، بعدما وقع الضرر بالفعل".

وفي مؤشر آخر إلى تصاعد التوترات التجارية، انخفضت صادرات الصين من المعادن النادرة بنسبة 5.7 في المئة على أساس سنوي إلى 5865.6 طن، بحسب بيانات الجمارك، وسط تشديد بكين الرقابة على تصدير هذه المعادن الحيوية، في خطوة تقرأ على أنها محاولة لكسب نفوذ في مفاوضاتها التجارية مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

وفي ما يتعلق ببعض السلع الرئيسة، قفزت صادرات الصين من السيارات بنسبة 22 في المئة، ومن السفن بنحو 5 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، في حين تراجعت صادرات الهواتف الذكية والأجهزة المنزلية بنسبة 10 في المئة و6 في المئة على التوالي.

وعلى صعيد الواردات، ارتفعت واردات الصين من فول الصويا بنسبة لافتة بلغت 36.2 في المئة على أساس سنوي، لتصل إلى مستوى قياسي قدره 13.92 مليون طن متري، وفقاً لبيانات "ويند إنفورميشن".

محادثات تجارية عالية الأخطار

وتوقع تيانشين شو أن تشهد الصادرات الصينية المتجهة إلى الولايات المتحدة تعافياً جزئياً خلال يونيو الجاري، مشيراً إلى أن "هذا سيكون أول شهر كامل يستفيد فيه المصدرون الصينيون من خفض الرسوم الأميركية".

وأضاف أن شحنات المعادن النادرة والمعدات الكهربائية ستظهر تحسناً بعدما خففت بكين من قيود الرقابة المفروضة على صادرات هذه المنتجات.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد فرضت رسوماً جمركية باهظة بلغت 145 في المئة على السلع الصينية اعتباراً من أبريل الماضي، مما دفع بكين إلى الرد برسوم ثلاثية الرقم وتدابير انتقامية أخرى، من بينها فرض قيود على تصدير المعادن الحيوية.

غير أن انفراجة موقتة حدثت الشهر الماضي بعدما توصل الجانبان إلى اتفاق أولي في جنيف، أسفر عن خفض كبير في الرسوم المتبادلة.

ووفقاً لمعهد "بيترسون" للاقتصاد الدولي بات متوسط الرسوم الأميركية على السلع الصينية يبلغ 51.1 في المئة، في حين تفرض الصين رسوماً نسبتها 32.6 في المئة على الواردات من الولايات المتحدة.

وأشار كبير الاقتصاديين المتخصص في الشأن الصيني في "كابيتال إيكونوميكس" تشون هوانغ، في حديثة إلى شبكة "سي أن بي سي" إلى مؤشرات أولية على عودة الطلب الأميركي على السلع الصينية عقب هدنة جنيف، لكنه حذر من أن تأثير هذا الطلب قد يستغرق وقتاً حتى ينعكس فعلياً في حركة الشحنات، مضيفاً أن "الرسوم الجمركية الحالية من غير المرجح أن تخفض مجدداً، بل قد ترفع مرة أخرى، مما سيؤدي إلى تباطؤ نمو الصادرات مع نهاية العام".

وفي سياق متصل من المرتقب أن يلتقي نائب رئيس الوزراء الصيني وكبير المفاوضين التجاريين خه ليفنغ اليوم نظيره الأميركي وزير الخزانة سكوت بيسنت في العاصمة البريطانية لندن، في جولة جديدة من المحادثات التجارية، وسط توتر متجدد بين الجانبين.

وكان الطرفان تبادلا الاتهامات بانتهاك اتفاق جنيف، إذ اتهمت واشنطن بكين بالتقاعس عن تنفيذ تعهداتها المتعلقة بتسهيل تصدير المعادن الحيوية، فيما ردت الصين بانتقاد قرار الولايات المتحدة فرض قيود إضافية على تأشيرات الطلاب الصينيين وفرض قيود جديدة على تصدير الرقائق الإلكترونية.

وفي بيان صادر أول من أمس السبت أكدت وزارة التجارة الصينية أنها ستواصل دراسة طلبات تصدير المعادن النادرة والموافقة عليها، مشيرة إلى تزايد الطلب على هذه الموارد في قطاعات الروبوتات والمركبات العاملة بالطاقة الجديدة.

اقرأ المزيد