ملخص
أوضح الناشط الأميركي كينيث روس الذي كان رئيساً لمنظمة "هيومن رايتس ووتش"، أنها المرة الأولى منذ عام 1965 ينشر رئيس الحرس الوطني من دون طلب من حاكم الولاية. ورأى أن ترمب "يقوم باستعراض ليواصل مداهمات الهجرة".
حمّل الرئيس الأميركي دونالد ترمب اليوم الإثنين "متمردين" مسؤولية الاضطرابات في لوس أنجليس، بعد أن أرسل قوات الحرس الوطني لاحتواء احتجاجات ضد عمليات دهم تنفذها سلطات الهجرة.
وقال ترمب خلال تصريح لصحافيين في البيت الأبيض رداً على سؤال حول الاشتباكات التي تحدث في أنحاء من ثاني أكبر مدينة أميركية، إن "الناس الذين يتسببون بهذه المشكلات مخربون محترفون ومتمردون"، ملمحاً إلى أنه سيدعم اعتقال حاكم ولاية كاليفورنيا غافين نيوسوم.
تهديد باعتقال نيوسوم
وهدد مستشار ترمب لشؤون الحدود، توم هومان، أول من أمس السبت باعتقال أي شخص يعرقل جهود إنفاذ قوانين الهجرة في الولاية، ومنهم نيوسوم، ورئيسة بلدية لوس أنجليس كارين باس، فيما رد نيوسوم خلال مقابلة مع شبكة "إن بي سي نيوز" متحدياً هومان بأن ينفذ ذلك ويمضي قدماً في عملية الاعتقال، ورداً على سؤال الإثنين حول تحدي نيوسوم لهومان بأن يعتقله، قال ترمب "كنت سأفعل ذلك".
في المقابل، قال روب بونتا المدعي العام في ولاية كاليفورنيا الإثنين إن الولاية قررت مقاضاة إدارة الرئيس ترمب بسبب نشر الحرس الوطني في لوس أنجليس.
من جهتها نددت رئيسة المكسيك كلاوديا شينبوم الإثنين بأعمال العنف التي ارتكبت خلال التظاهرات الحاشدة التي اندلعت في لوس أنجليس احتجاجاً على عمليات دهم استهدفت مهاجرين، داعية السلطات الأميركية إلى احترام سيادة القانون في ما يتعلق بعمليات الهجرة، وقالت "يجب أن يكون الأمر واضحاً، ندين العنف أياً كان مصدره"، ومضيفة "ندعو الجالية المكسيكية إلى التصرف بسلمية وعدم الانجرار وراء الاستفزازات"، لكنها لم تطالب صراحة بإنهاء الاحتجاجات.
وذكر وزير خارجية المكسيك خوان رامون دي لا فوينتي أن 42 مكسيكياً في الأقل محتجزون داخل أربعة مراكز بعد عمليات دهم على مهاجرين نُفذت أخيراً في لوس أنجليس، وأن أربعة منهم رُحلوا، مضيفاً أن الغالبية العظمى من المكسيكيين المعتقلين كانوا يعملون وقت اعتقالهم.
من جهتها دعت الأمم المتحدة اليوم إلى احتواء التصعيد في لوس أنجليس، وقال نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة فرحان حق "لا نريد أن نشهد مزيداً من العسكرة للأوضاع، وندعو كل الأطراف على المستوى المحلي ومستوى الولاية والمستوى الفيدرالي إلى العمل بهذا الاتجاه".
الشرطة تحظر التجمع
وبعد ليلة ثالثة من أعمال العنف التي شابت تظاهرات مناهضة لسياسة الرئيس دونالد ترمب في شأن الهجرة، أعلنت شرطة مدينة لوس أنجليس الأميركية وسط المدينة بالكامل منطقة يحظر التجمع فيها، وأمرت منذ مساء أمس الأحد المحتجين بالعودة لمنازلهم.
ونشر ترمب قوات الحرس الوطني مطلع الأسبوع للمساعدة في قمع الاحتجاجات، في خطوة وصفها حاكم ولاية كاليفورنيا غافين نيوسوم بأنها غير قانونية، وتولت تلك القوات حراسة المباني الحكومية الاتحادية أمس الأحد.
وكان متظاهرون أحرقوا سيارات واشتبكوا مع الشرطة في لوس أنجليس، مع استمرار أعمال الشغب لليوم الثالث احتجاجاً على اعتقال مهاجرين، وسط انتشار قوات الحرس الوطني التي أرسلها الرئيس دونالد ترمب في شوارع ثاني أكبر مدينة في الولايات المتحدة.
واشتعلت النيران في ما لا يقل عن ثلاث سيارات ذاتية القيادة بعد ظهر الأحد، كما تعرضت اثنتان أخريان للتخريب بينما تجوّل المتظاهرون في منطقة محدودة في وسط مدينة لوس أنجليس.
وتوقفت حركة المرور على طريق سريع رئيس لأكثر من ساعة، بينما احتشد عشرات الأشخاص على الطريق. وقام رجال هيئة الطرق السريعة في كاليفورنيا بإبعادهم باستخدام القنابل الصوتية وقنابل الدخان.
عشرات الموقوفين
فيما تشهد لوس أنجليس اشتباكات منذ الجمع، كما أعلنت شرطة سان فرانسيسكو أنها أوقفت حوالى 60 شخصاً، ليل الأحد، خلال مواجهات مع محتجين ضد سياسة ترمب المناهضة للهجرة،
وذكرت الشرطة المحلية على منصة "إكس" أن الوضع تفاقم خلال تظاهرة عندما "أصبح العديد من المشاركين فيها عنيفين" وهاجموا مبانيَ وسيارة شرطة.
"القانون والنظام"
في الأثناء، تعهد دونالد ترمب، أمس الأحد، فرض "القانون والنظام" مع بدء عناصر من الحرس الوطني التمركز في مدينة لوس أنجليس بناء على أوامره، في انتشار نادر ضد رغبة حاكم الولاية، عقب اندلاع احتجاجات اتسم بعضها بالعنف إثر عمليات دهم ضد مهاجرين.
وقال ترمب للصحافيين، إن القوات المرسلة إلى لوس أنجليس ستفرض "قانوناً ونظاماً قويين جداً"، مضيفاً "هناك أشخاص عنيفون، ولن نسمح لهم بالإفلات (من العقاب) عن ذلك".
ورداً على سؤال حول تفعيل "قانون التمرد" الذي يتيح نشر القوات المسلحة لقمع احتجاجات، قال ترمب، "ننظر بشأن القوات في كل مكان. لن نسمح بحدوث ذلك في بلدنا".
وهدد ترمب المتظاهرين الذين يبصقون على الشرطة أو قوات الحرس الوطني، قائلاً "هم يبصقون، ونحن نضرب" ولم يذكر أي وقائع محددة. وقال "إذا رأينا خطراً على بلدنا وعلى مواطنينا، سنكون أقوياء جداً جداً في ما يتعلق بالقانون والنظام".
واشتبكت قوات الحرس الوطني في كاليفورنيا مع محتجين في لوس أنجليس، أمس، بعد ساعات من وصولها إلى المدينة.
وأظهر مقطع مصور نحو 10 من أفراد الحرس الوطني إلى جانب أفراد من وزارة الأمن الداخلي أثناء التصدي لمجموعة من المحتجين الذين احتشدوا أمام مبنى اتحادي في وسط مدينة لوس أنجليس. واستمرت المواجهة في الشارع أمام المبنى.
وقال الجيش الأميركي، إن 300 جندي من الفرقة القتالية للواء المشاة 79 تم نشرهم في ثلاثة مواقع مختلفة في منطقة لوس أنجليس الكبرى وهم "يتولون حماية الممتلكات والطواقم الفيدرالية".
وانتشر عناصر بزيهم العسكري وأسلحتهم الآلية ودروعهم قرب بلدية المدينة الواقعة على الساحل الغربي للبلاد، وسط دعوات لـ"تحرك كبير" أمام المبنى، الثانية بعد الظهر (21:00 توقيت غرينتش). كما أظهرت لقطات عدداً من العناصر وهم مجهزون بعدة كاملة لمكافحة الشغب.
يأتي ذلك بعد يومين على مواجهات أطلق خلالها عناصر فيدراليون القنابل الصوتية وقنابل الغاز المسيل للدموع باتجاه حشد خرج للتعبير عن غضبه من توقيف عشرات المهاجرين في المدينة التي تضم جالية لاتينية كبيرة.
وجاء في منشور لحاكم الولاية غافين نيوسوم، أمس، على منصة "إكس" أن "ترمب يرسل 2000 من عناصر الحرس الوطني إلى مقاطعة لوس أنجليس، ليس لتلبية احتياجات لم تلبَّ، بل لفبركة أزمة".
وتابع، "إنه يأمل حصول فوضى لتبرير مزيد من حملات القمع ومزيد من بث الخوف ومزيد من السيطرة. واصلوا التحلي بالهدوء ولا تستخدموا العنف أبداً. ابقوا سلميين".
وأكد جمهوريون، الأحد، وقوفهم إلى جانب ترمب في رفض تصريحات لنيوسوم وغيره من المسؤولين المحليين عَدوا فيها أن الاحتجاجات سلمية بغالبيتها وأن نشر الحرس الوطني من شأنه أن يفاقم التوترات.
وعد متظاهرون تحدثت إليهم "وكالة الصحافة الفرنسية" أن القوات لم يتم إرسالها لحفظ النظام. وقال توماس هينينغ، "أعتقد أنه تكتيك ترهيبي".
وتابع "هذه الاحتجاجات سلمية. لا أحد يحاول إلحاق أي أذى في الوقت الراهن، مع ذلك فإن عناصر الحرس الوطني موجودون مع مخازن ممتلئة وبنادق كبيرة حول المكان في محاولة لترهيب الأميركيين من ممارسة حقوقنا التي يكفلها التعديل الأول" للدستور.
وقالت إستريلا كورال، إن متظاهرين عبروا عن غضبهم من توقيف عمال مهاجرين كادحين لم يرتكبوا أي خطأ على يد عناصر ملثمين تابعين لسلطات الهجرة. وتابعت، "هذا مجتمعنا، ونريد أن نشعر أننا بأمان". وأضافت "إن نشر ترمب الحرس الوطني يثير السخرية. أعتقد أنه يصعد".
وتتم الاستعانة عادة بالحرس الوطني (وهو جيش احتياطي) لدى وقوع كوارث طبيعية على غرار حرائق لوس أنجليس، وأحياناً في حالات الاضطرابات المدنية، لكن ذلك يقترن إجمالاً بموافقة المسؤولين المحليين.
وأوضح الناشط الأميركي كينيث روس الذي كان رئيساً لمنظمة "هيومن رايتس ووتش"، أنها المرة الأولى منذ عام 1965 ينشر رئيس الحرس الوطني من دون طلب من حاكم الولاية. ورأى أن ترمب "يقوم باستعراض ليواصل مداهمات الهجرة".
منذ توليه منصبه في يناير (كانون الثاني)، شرع ترمب في تنفيذ تعهده اتخاذ إجراءات صارمة ضد دخول المهاجرين غير المسجلين الذين شبههم بـ"الوحوش" و"الحيوانات".
والجمعة، نفذ عناصر مسلحون وملثمون تابعون لأجهزة الهجرة عمليات دهم في أجزاء عدة من لوس أنجليس، مما دفع حشوداً غاضبة إلى التجمع وأدى إلى مواجهات استمرت ساعات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأظهر استطلاع لشبكة "سي بي أس نيوز" أجري قبل احتجاجات لوس أنجليس أن هناك غالبية طفيفة من الأميركيين الذين لا يزالون يؤيدون الحملة ضد الهجرة.
ودافعت رئيسة المكسيك كلاوديا شينباوم، أمس الأحد، عن المهاجرين المقيمين في الولايات المتحدة. وقالت شينباوم إن "المكسيكيين الذين يعيشون في الولايات المتحدة هم (...) رجال ونساء نزيهون ذهبوا للبحث عن حياة أفضل وتأمين حاجات عائلاتهم. هم ليسوا مجرمين".
تزايد الانقسام السياسي
تبادل الجمهوريون والديمقراطيون الانتقادات اللاذعة، أمس، بعد أن نشر الحرس الوطني في لوس أنجليس وسط احتجاجات ضخمة على تزايد المداهمات التي تثير انقساماً وتتضمن إلقاء القبض على مهاجرين.
وندد حكام ولايات أميركية ينتمون إلى الحزب الديمقراطي، أمس الأحد، بنشر ترمب قوات من الحرس الوطني في لوس أنجليس، مشيرين إلى أن الصلاحية في هذا الشأن تعود لحاكم الولاية.
وقال الحكام في بيان مشترك، "إن تحرك الرئيس ترمب لنشر الحرس الوطني التابع لولاية كاليفورنيا يعد إساءة استخدام للسلطة تنذر بالخطر". وأضافوا، "من المهم أن نحترم سلطة الحكام التنفيذية التي تخولهم إدارة قوات الحرس الوطني في ولاياتهم".
وفي وقت سابق، قال السيناتور الديمقراطي كريس ميرفي في واحد من أشد الانتقادات المباشرة لترمب "من المهم أن نتذكر أن ترمب لا يحاول أن يعالج (مشكلة) أو يحافظ على السلم. إنه يتطلع إلى التأجيج والانقسام". وأضاف "حركته لا تؤمن بالديمقراطية أو الاحتجاج، وإذا سنحت لهم الفرصة لإنهاء سيادة القانون فسوف ينتهزونها".
أما السيناتور الديمقراطي كوري بوكر فقد ندد بنشر ترمب القوات من دون موافقة ولاية كاليفورنيا، محذراً من أن ذلك لن يؤدي إلا إلى تصعيد التوتر. واتهم بوكر الرئيس في تصريحات عبر شبكة "أن.بي.سي" بـ"النفاق"، مشيراً إلى تقاعس ترمب في السادس من يناير 2021 عندما اقتحم الآلاف من مؤيدي مبنى الكونغرس وعفوه لاحقاً عمن ألقت الشرطة القبض عليهم.
وقال السيناتور عن فيرمونت بيرني ساندرز، إن الخطوة تؤكد "النزعة السلطوية لترمب". وندد في منشور له على منصات التواصل بـ"إجراء حملات دهم غير قانونية وباستدراج رد فعل وإعلان حال طوارئ واستدعاء القوات"، واصفاً ذلك بأنه "غير مقبول".
ودافع رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون عن قرار ترمب، قائلاً إنه لا يشعر بأي قلق من نشر الحرس الوطني. وأضاف، "أحد مبادئنا الأساسية هو الحفاظ على السلم من خلال القوة. ونحن نفعل ذلك في الشؤون الخارجية والشؤون الداخلية أيضاً. لا أعتقد أن هذا (إجراء) متشدد".
وتعليقاً على تلويح وزير الدفاع بيت هيغسيث بالاستعانة بمشاة البحرية (المارينز) لمؤازرة الحرس الوطني، قال جونسون إنه لا يرى مبالغة في ذلك، مضيفاً "علينا أن نكون جاهزين للقيام بما يلزم".
وقال السيناتور الجمهوري جيمس لانكفورد، إن ترمب يحاول تهدئة التوتر، مشيراً إلى مشاهد أظهرت المحتجين وهم يلقون بأشياء على قوات إنفاذ القانون.
وأشار لانكفورد إلى اضطرابات مماثلة في 2020 بسياتل وبورتلاند، إذ دعم الحرس الوطني قوات إنفاذ القانون المحلية وسط احتجاجات مناهضة للعنصرية.
وتعهد ترمب ترحيل أعداد غير مسبوقة من الموجودين في البلاد بشكل غير قانوني وإغلاق الحدود الأميركية مع المكسيك، إذ حدد البيت الأبيض هدفاً لوكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك بإلقاء القبض على ما لا يقل عن 3 آلاف مهاجر يومياً.
وصارت الاحتجاجات على المداهمات أحدث نقطة محورية في النقاش الدائر بالولايات المتحدة حول الهجرة وحقوق الاحتجاج ونشر قوات اتحادية للتعامل مع شؤون محلية. وأثارت الاحتجاجات أيضاً جدلاً حول حدود سلطة الرئيس وحق الجمهور في المعارضة.
إلام استند ترمب؟
بينما وصف جي دي فانس نائب الرئيس الأميركي المحتجين بأنهم "عصاة"، ووصف ستيفن ميلر نائب كبيرة موظفي البيت الأبيض الاحتجاجات بأنها "عصيان عنيف"، لم يُفعل ترمب قانون العصيان.
ويعطي ذلك القانون الذي يعود لعام 1807 الرئيس حق نشر الجيش الأميركي لإنفاذ القانون وكبح الاضطرابات المدنية. وكانت آخر مرة تم الاستناد فيها لذلك القانون في 1992 خلال أعمال شغب في لوس أنجليس بناء على طلب من حاكم كاليفورنيا.
ولم يفعل ترمب هذا القانون لكنه استند بدلاً من ذلك إلى المادة العاشرة من قانون القوات المسلحة الأميركي. لكن هذه المادة تنص أيضاً على أن "الأوامر لهذه الأغراض تصدر من خلال حكام الولايات". ولم يتضح بعد ما إن كان الرئيس يتمتع بالسلطة القانونية لنشر قوات الحرس الوطني من دون أمر من حاكم الولاية.
ونصت مذكرة ترمب بشأن نشر قوات الحرس الوطني على أن القوات "ستحمي موقتاً أفراد إدارة الهجرة والجمارك وموظفي الحكومة الأميركية الآخرين الذين يؤدون مهامَّ اتحادية، وهو ما يتضمن إنفاذ القانون الاتحادي وحماية الممتلكات الاتحادية في المواقع التي تشهد أو يُحتمل أن تشهد احتجاجات على هذه المهام".