Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

شكوك حول مؤسسة غزة "الإنسانية" تنزع عنها الصفة

استقال مديرها التنفيذي قبل ساعات من انطلاقها بسبب غياب الاستقلالية والنزاهة والحياد ووصفها بأنها "امتداد للجيش"

عززت استقالة مدير المنظمة تأكيد الأمم المتحدة أنها تخدم أجندات التهجير (اندبندنت عربية - مريم أبودقة)

ملخص

بحسب ما يشاع، فإن مؤسسة غزة الإنسانية هي مشروع لحل الأزمات الإنسانية في القطاع، ومهمتها أن تتولى السيطرة على توزيع المساعدات الغذائية على الجائعين بدلاً من الأمم المتحدة، وترى فيها إسرائيل نموذجاً مثالياً لمنع حركة "حماس" من السيطرة على المعونات وبيعها بأثمان مضاعفة، وتتلقى هذه المؤسسة دعماً من تل أبيب والولايات المتحدة.

عندما بدأت مؤسسة غزة الإنسانية في توزيع المساعدات الغذائية على سكان القطاع، أوقفت إسرائيل إمداد منظمات الأمم المتحدة والمؤسسات الإغاثية الأخرى بالمساعدات، وهو ما زاد من الشبهات حول المنظمة الجديدة.

بحسب ما يشاع، فإن مؤسسة غزة الإنسانية هي مشروع لحل الأزمات الإنسانية في القطاع، ومهمتها أن تتولى السيطرة على توزيع المساعدات الغذائية على الجائعين بدلاً من الأمم المتحدة، وترى فيها إسرائيل نموذجاً مثالياً لمنع حركة "حماس" من السيطرة على المعونات وبيعها بأثمان مضاعفة، وتتلقى هذه المؤسسة دعماً من تل أبيب والولايات المتحدة.

قبيل الأعياد اليهودية

عندما تشكلت مؤسسة غزة الإنسانية رفضت الأمم المتحدة وكثير من المنظمات الإغاثية العالمية والدول المانحة فكرتها. ورأت فيها مخططاً إسرائيلياً تغيب عنه الاستقلالية والحياد والنزاهة، مما أثار شبهات حول تلك المؤسسة.

وكان من المقرر أن تبدأ مؤسسة غزة الإنسانية عملها الأسبوع الماضي، لكن خلافات عميقة أخرت عملها، وقبل يوم من انطلاقها في توزيع المعونات الغذائية على سكان القطاع استقال مديرها التنفيذي احتجاجاً على "غياب الاستقلالية".

 

عندما باشرت المؤسسة عملها في القطاع غيرت آلية توزيع الغذاء الذي تتبعه الأمم المتحدة والقائم على مبدأ توزيع المساعدات بالجملة على منظمات الإغاثة ومراكز التوزيع، وبعد ذلك تسليمه للمدنيين في مناطق سكنهم.

لكن مؤسسة غزة الإنسانية اعتمدت أسلوباً جديداً يقوم على التوزيع بالتجزئة، إذ تضع المعونات في مركز واحد، وتطلب من الغزاويين المجيء إلى نقطة التوزيع، والسير لمسافة طويلة جداً، وتخضعهم للفحص الأمني، وبعد تجاوزه يمكنهم تسلم سلة غذائية.

شبهت صحيفة "هآرتس" العبرية هذه الطريقة بتوزيع المساعدات على الإسرائيليين المحتاجين قبيل الأعياد اليهودية، وقالت إن "هذا التشابه يؤكد أن تل أبيب تقف وراء تلك المؤسسة، وأن جنوداً وربما ضباط يديرون عملها".

الصفة الإنسانية انتزعت

تقول الباحثة في العلوم الإنسانية هند الشوا، "انتزعت الصفة الإنسانية والحياد والنزاهة والاستقلالية من مؤسسة غزة الإنسانية في أول يوم عمل لها، ومباشرة برزت شبهات حولها، وتبين أن لها ارتباطات وأجندات".

تشرح الشوا، أن "المساعدات الإنسانية تصل إلى أماكن المدنيين ولا يطلب منهم الذهاب لتسلمها، كما أن تخصيص نقاط توزيع الغذاء في أطراف القطاع وقرب الجيش يعني انعدام الأمان".

في الواقع، خصصت إسرائيل أربع نقاط لتوزيع المساعدات الإنسانية، ثلاثة في مدينة رفح المدمرة والخالية من السكان، وواحدة عند محور "نتساريم"، وتخضع تلك المراكز لحماية مشددة من الجيش الإسرائيلي، بينما المشغل شركة أميركية خاصة تشرف على توزيع المساعدات.

بالنسبة إلى الغزاويين فإن ثمة شبهات تدور حول مؤسسة غزة الإنسانية، ومنها أن توزيع الغذاء سيكون بحسب السعرات الحرارية وليس حاجة الفرد للطعام، مما يعني مزيداً من الجوع وسوء التغذية، وأيضاً انعدام الأمان، إذ تفرض مراكز التوزيع عزلة للراغبين في تلقي المساعدات، لأن عليهم التوجه إلى مناطق بعيدة من دون ضمانات أمنية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يقول مدير المكتب الإعلامي الحكومي إسماعيل الثوابتة "هذه محاولة لاستبدال النظام بالفوضى، واعتماد سياسة هندسة تجويع المدنيين، واستخدام الغذاء سلاحاً في أوقات الحرب، إسرائيل تستبعد المؤسسات الدولية المتخصصة صاحبة الخبرة الطويلة في توزيع المساعدات، التي تملك هياكل وأدوات جاهزة لإيصال المساعدات إلى مستحقيها بما يحفظ كرامتهم، بأجهزة استخبارات وجنود".

ويضيف، "طلبنا من السكان عدم التجاوب معها بالمطلق، إن عملها يأتي في إطار أمني واستخباري كمحاولة للوصول إلى المعلومات بتقنيات حديثة من خلال بصمات العين للإضرار بالمواطنين وإسقاطهم في وحل العمالة عبر مساومتهم بلقمة العيش".

ويوضح الثوابتة، أن رفض إسرائيل لعمل الأمم المتحدة يضع علامات استفهام على الآليات التي تفرضها المؤسسة الجديدة.

لا تحترم القانون الدولي

ليست هذه كل الشبهات، إذ ترى الأمم المتحدة أن مؤسسة غزة الإنسانية لا تحترم القانون الدولي، يقول وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، توم فليتشر "إنها غطاء لمزيد من العنف والنزوح، إنها مجرد مسرحية هزلية، وتشتيت متعمد".

وتعتقد الأمم المتحدة أن مؤسسة غزة الإنسانية تهدف لجمع البيانات والمعلومات حول الفلسطينيين من خلال إخضاعهم للفحوص الأمنية واشتراط حصولهم على حقهم الأساس في الغذاء بطهارة سجلاتهم الأمنية، فضلاً عن استخدام التجويع مقابل المساعدات أداة لتهجير الفلسطينيين وحصرهم جنوباً.

 

كل هذه الشبهات لم تجد آذاناً صاغية حتى استقال المدير التنفيذي لمؤسسة غزة الإنسانية جيك وود، مبرراً ذلك بغياب الاستقلالية، يقول وود "المؤسسة لم تستطع الالتزام بالمبادئ الإنسانية المتمثلة في الإنسانية والحياد والنزاهة والاستقلالية، والتي لن أتخلى عنها".

ويضيف "من الواضح أنه لا يمكن تنفيذ هذه الخطة مع الالتزام الصارم بالمبادئ الإنسانية، رفضت إسرائيل توزيع المعونات في جميع أنحاء القطاع، ونتنياهو قال إنها ستقتصر على منطقة صغيرة في جنوب غزة".

ويتابع، "النظام الجديد للمساعدات ليس مثالياً، لن أشارك في أية خطة طالما هي امتداد للجيش الإسرائيلي أو الحكومة التي تهدف إلى تهجير السكان قسراً في أي مكان داخل غزة".

استقالة المدير التنفيذي قبل ساعات من بدء المؤسسة عملها تمثل ضربة قوية لجهود إسرائيل لاستئناف المساعدات إلى غزة بشروطها الخاصة، ويعتقد مراقبون أن هذه الخطوة قد تؤدي لعدم جمع التبرعات من دول أجنبية.

تورط تل أبيب

في إسرائيل انتقدت المعارضة عمل مؤسسة غزة الإنسانية، وقال زعيمها يائير لبيد، إن "تل أبيب اختبأت في تمويل مساعدات غزة وراء دولة أوروبية لا وجود لها، الدولة الأوروبية التي قيل إنها مولت مشروع المساعدات الغذائية لقطاع غزة ما هي إلا إسرائيل نفسها".

وأضاف، "لو كانت هناك دولة أوروبية تمول المساعدات لغزة لما ترددت في الإعلان عن ذلك، فالمساعدات هي اليوم خطوة مشرفة، لأن الصور الصادرة من هناك صادمة ومؤلمة".

ينكر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وقوفه وراء مؤسسة غزة الإنسانية، لكن سفير تل أبيب لدى واشنطن يحيئيل لايتر، أقر بأن "تل أبيب شاركت مع الولايات المتحدة في تأسيس وتمويل هذه المؤسسة، وشارك في ذلك جنود سابقون أوكلت إليهم مهمة توزيع المساعدات في غزة".

بعد هذه الشبهات قررت السلطات السويسرية فتح تحقيق في شأن امتثال مؤسسة غزة الإنسانية للقانون الدولي الإنساني، فهي مسجلة هناك على أنها مؤسسة غير ربحية.

وسط هذه الشبهات، أكد وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو انفتاح بلاده على أية خطة بديلة لمؤسسة إغاثة غزة، لكن نتنياهو شدد على تمسكه بتلك المنظمة، وعدها حلاً للقضاء على حركة "حماس".

لكن ماذا تقول مؤسسة غزة الإنسانية وسط تلك الشبهات؟ بعد تعيين جون أكري مديراً تنفيذياً موقتاً لها قال، "نلتزم الحياد والاستقلالية، ولن نكون بديلاً عن الأمم المتحدة، ونرفض تلقي تمويل من إسرائيل، ولن نسلم الجيش أية بيانات عن المستفيدين".

وأضاف، "(حماس) هددت موظفينا بالقتل، ومنعت المدنيين من تسلم حصصهم الغذائية، وحاولت منع الفلسطينيين من الوصول إلى مواقع التوزيع، من الواضح أن الحركة تشعر بالتهديد من نموذج العمل الجديد هذا، وستبذل كل ما في وسعها لإفشاله".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات