Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجيش يتمدد في صحراء دارفور والمسيرات تهاجم معسكر درع السودان

قصف بأم درمان وقتلى في "أبو شوك" بالفاشر واستنفار بغرب كردفان

سكان جنوب العاصمة ينتظرون توزيع المواد الإغاثية (اندبندنت عربية - حسان حامد)

ملخص

فيما لا تزال ولاية غرب كردفان تشهد عمليات استنفار وتعبئة واسعة من الجانبين وتوترات أمنية متصاعدة تنذر بصدام جديد وشيك بين الطرفين في مدينة النهود، حيث يسعى الجيش إلى استردادها، يعيش النازحون بالقرى الواقعة حول المدينة أوضاعاً إنسانية حرجة، ويواجه عشرات الآلاف منهم انعداماً حاداً في مياه الشرب نتيجة توقف إمدادات الوقود إلى آبار المياه بسبب المعارك الجارية.

تطورات عسكرية متسارعة وتصعيد واسع يشهده أكثر من محور قتالي في الحرب المستعرة بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع"، بخاصة في دارفور وكردفان وأم درمان، أبرزها تحرير الجيش والقوات المشتركة منطقة وادي العطرون، نقطة الإمداد الاستراتيجية لـ"الدعم السريع" على المثلث الحدودي بين السودان وليبيا وتشاد.

هجمات وقصف

بينما شن الطيران الحربي للجيش غارات جوية عدة على مواقع ومتحركات "الدعم السريع" في مدينة النهود غرب كردفان هاجمت مسيرات "الدعم السريع" معسكر قوات درع السودان في شرق ولاية الجزيرة، وواصلت قصفها العشوائي على مدينة الفاشر ومعسكر "أبو شوك" للنازحين، وتبادل الطرفان القصف المدفعي جنوب أم درمان. وأعلن حاكم إقليم دارفور المشرف على القوات المشتركة مني أركو مناوي أن سيطرة الجيش والقوات المشتركة على هذه المنطقة الاستراتيجية تمثل انتصاراً عظيماً يبشر بأن النصر بات وشيكاً، "وقريباً سنحتفل مع شعبنا في إقليم دارفور في كل الطرقات".

4 خطوات

وكشف مناوي لدى مخاطبته حشداً من ضباط وجنود القوات المشتركة عن أنه لم يتبق لتحرير دارفور سوى أربع خطوات عسكرية فحسب، تبدأ بالفولة لتنتهي بالفاشر. وأكد بيان للقوات المشتركة أن تحرير منطقة العطرون في صحراء شمال دارفور من قبضة "الدعم السريع" تم بعد عملية عسكرية دقيقة ومنسقة بينها وبين قوات الجيش "تكبد فيها العدو خسائر فادحة في الأرواح والعتاد".

موازين القوى

وأوضح الناطق الرسمي باسم القوات المشتركة العقيد أحمد حسين مصطفى أن تحرير وادي العطرون يمثل تحولاً في موازين القوى على أرض دارفور وخطوة حاسمة نحو استعادة الأمن والاستقرار في الإقليم، إذ تكتسب المنطقة أهمية استراتيجية بالغة بموقعها الحيوي الذي يربط بين الولاية الشمالية وشمال دارفور ومنطقة المثلث الحدودي. وأضاف مصطفى أن المنطقة تشكل مركزاً محورياً في خريطة العمليات العسكرية وشبكات الإمداد، ويعد تحريرها بمثابة قطع للشريان الرئيس لإمدادات "الدعم السريع" اللوجيستية والعسكرية والبشرية.

وتتزامن سيطرة الجيش على وادي العطرون مع تحركات حثيثة للقوات المشتركة في إقليمي دارفور وكردفان بهدف الوصول إلى شمال دارفور وفك الحصار المضروب على مدينة الفاشر منذ ما يقارب العام.

قتلى وجرحى

في شمال دارفور لقي 19 من المدنيين حتفهم وأصيب 28 آخرون بينهم أطفال جراء تجدد القصف المدفعي العشوائي من جانب "الدعم السريع" على أحياء مدينة الفاشر ومعسكر أبو شوك للنازحين شمال دارفور، وفق "شبكة أطباء السودان"، وأعلنت غرفة طوارئ معسكر أبو شوك للنازحين شمال غربي الفاشر، عبر صفحتها على "فيسبوك"، عن ارتفاع أعداد ضحايا القصف العشوائي لـ"الدعم السريع" للمعسكر إلى 32 قتيلاً وعشرات الجرحى والمصابين خلال الأيام الخمسة الماضية. وأوضحت الغرفة أن القصف استهدف سوق المعسكر المكتظة بالمدنيين إلى جانب مساجد ومنازل ومرافق خدمية عامة، مما تسبب في زيادة تعقيد الأوضاع الأمنية والإنسانية بالمعسكر، في ظل ظروف صحية صعبة يعانيها قاطنو المعسكر، نتيجة خروج كل أقسام المركز الصحي والعيادات الخاصة عن الخدمة علاوة على انعدام الأدوية والمواد الغذائية.

مسيرات وقصف متبادل

وفي وسط البلاد أدت هجمات بطائرات مسيرة لـ"الدعم السريع" على معسكر قوات درع السودان في جبل الأباتور بمنطقة البطانة شرق ولاية الجزيرة إلى مقتل 10 من عناصرها وإصابة 14 آخرين من الجنود التابعين له. وتفقد قائد الدرع اللواء أبو عاقلة كيكل معسكر قواته هناك بعد ساعات قليلة من استهدافه بالطائرات المسيرة، وشهد محور العاصمة الخرطوم تبادلاً للقصف المدفعي الثقيل على مواقع كل منهما بمنطقة الفتيحاب المتاخمة لسلاح المهندسين جنوب أم درمان، حيث قصفت "الدعم السريع" مواقع متقدمة للجيش في المنطقة ذاتها، وردت مدفعية الأخير، بشدة، على مصادر النيران في محيط منطقة الصالحة ومعسكر فتاشة جنوب غربي أم درمان. وأفاد مصدر عسكري باستمرار المواجهات والاشتباكات، وأيضاً مواصلة الجيش وحلفائه عملياتهم الحربية ضد "الدعم السريع" لتعزيز تقدمهم وتوسيع سيطرتهم على مناطق التماس حول منطقة الصالحة آخر معاقل "الدعم السريع" بالعاصمة الخرطوم.

أزمات العاصمة

في هذا الوقت تعيش مدينة الخرطوم أزمة كبيرة في الأدوية وانعدام أصناف ضرورية وحيوية بالصيدليات والمراكز الصحية العاملة بالأحياء السكنية. ووفق غرفة طوارئ الخرطوم فإن المرضى يعانون قلقاً مستمراً بسبب انعدام الأدوية المنقذة للحياة، بخاصة علاجات القلب والملاريا والضغط وداء السكري والمحاليل الوريدية، وتفوق أسعار المتوافر من الأدوية في بعض الصيدليات قدرة المرضى على شرائها. وأثر استمرار انقطاع الكهرباء الواسع في عمل المستشفيات القليلة العاملة بمدينة أم درمان.

تحذير "بلا حدود"

حذرت منظمة "أطباء بلا حدود" من تدهور خطر في الخدمات الصحية بمدينة أم درمان إثر انقطاع تام للتيار الكهربائي، وأوضحت المنظمة في بيان أن مستشفيي "النو" و"البلك" التابعين لوزارة الصحة تأثرا، بصورة مباشرة بانقطاع الكهرباء ويعانيان نقصاً حاداً في الأوكسجين والمياه، مما أدى إلى تعطيل الرعاية الصحية على مختلف مستوياتها.

الشريان الوحيد

وتابع البيان أن مستشفى "النو" بات هو الرئيس في المنطقة، ويستقبل حالات مرضية من مدن العاصمة الثلاث، أم درمان وبحري والخرطوم. ولفتت المنظمة إلى أنها تضطر إلى نقل المياه عبر الشاحنات إلى منطقة البلك واستجلاب الأوكسجين من مدينة عطبرة بولاية نهر النيل وسط شح متزايد في الموارد. ودانت المنظمة الهجمات على البنية التحتية المدنية مطالبة بوقفها فوراً لتعريضها حياة المدنيين للخطر وانتهاكها القانون الدولي الإنساني.

تردٍّ وتوتر 

وفيما لا تزال ولاية غرب كردفان تشهد عمليات استنفار وتعبئة واسعة من الجانبين وتوترات أمنية متصاعدة تنذر بصدام جديد وشيك بين الطرفين في مدينة النهود، حيث يسعى الجيش إلى استردادها، يعيش النازحون في القرى الواقعة حول المدينة أوضاعاً إنسانية حرجة، ويواجه عشرات الآلاف منهم انعداماً حاداً في مياه الشرب نتيجة توقف إمدادات الوقود إلى آبار المياه بسبب المعارك الجارية.

وأوضح متطوعون أنه منذ سيطرة "الدعم السريع" على المدينة توقفت الأجهزة الحكومية العاملة في توصيل الوقود إلى المدينة والمناطق التي حولها عن العمل بسبب نزوح معظم المسؤولين والعاملين خوفاً من انتهاكات "الدعم السريع" والحملات الانتقامية التي تشنها على المواطنين.

الجيش ينفي

إلى ذلك نفى الناطق باسم الجيش السوداني العميد نبيل عبدالله الاتهامات التي وجهتها تقارير حقوقية في شأن مقتل مدنيين في منطقة "الحمادي" بولاية جنوب كردفان ووصفها بأنها ادعاءات باطلة ومضللة. وأكد عبدالله أن "استهداف الجيش مدنيين في منطقة الحمادي مجرد أكاذيب تروج لها (الدعم السريع) وجناحها السياسي في محاولة لتشويه صورة الجيش".

خطط متصادمة

في السياق رأى الباحث والمراقب العسكري ضو البيت دسوقي أن المعارك المحتدمة الآن في ولايات غرب وشمال وجنوب كردفان غرب البلاد تشكل مفاتيح المعارك المقبلة وتصادماً جذرياً بين أهداف وخطط الطرفين المتقاتلين "ففي حين يسعى الجيش من خلالها إلى مزيد من التقدم نحو إقليم دارفور تعد (الدعم السريع) إقليم كردفان بولاياته الثلاث (شمال، غرب وجنوب) بمثابة خط الدفاع المتقدم عن إقليم دارفور، حيث تسيطر على معظم ولاياته، ولذلك عملت جاهدة على نقل المعارك إلى كردفان".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

دفاع متقدم

ولاحظ دسوقي أن "الدعم السريع" حشدت تعزيزات عسكرية كبيرة للدفاع عن مدينة النهود خلال الأيام الماضية بهدف يتعدى مجرد الإبقاء على سيطرتها على المدينة إلى كبح أي محاولات من الجيش للتقدم نحو مدن ومناطق أخرى في جنوب كردفان، لذلك لا يتوقع أن تظل معركة مدينة النهود مؤجلة أكثر من ذلك بالنسبة إلى الجيش لأن عليها تتوقف متابعة تقدمه نحو دارفور وتعزيز تقدمه جنوب كردفان.

الطريق إلى الفاشر

أشار دسوقي إلى أن تحرير الجيش مدينة النهود سيفتح له الطريق البري نحو مناطق أم كدادة، ومنها إلى الفاشر في شمال دارفور، ومن ثم فك الحصار المضروب على المدينة، كما ستمثل السيطرة التي تمت على منطقة وادي العطرون في المثلث الحدودي بين السودان وتشاد وليبيا، ضربة أخرى لإمدادات "الدعم السريع"، كذلك فإن سيطرة الجيش على منطقة الدكة بجنوب كردفان، بحسب دسوقي، تقطع الطريق أمام وصول أي تعزيزات لـ"الدعم السريع" من حليفها الجديد، الجيش الشعبي، التابع لـ"الحركة الشعبية – شمال"، إذ بات مشغولاً بالدفاع عن مناطقه نتيجة توغل الجيش وتقدمه نحو عاصمتها الإدارية في مدينة كاودة.

تجمع دولي أوسع

دولياً شدد بيان مشترك لكل من الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي على ضرورة تنسيق الجهود الدولية لوقف القتال وضمان وصول المساعدات وتشكيل تجمع أوسع يضمن استجابة استراتيجية وشاملة لإنهاء الأزمة بالسودان، وجددت المنظمات الثلاث خلال اجتماع تشاوري رفيع على هامش القمة العربية الأخيرة في العاصمة العراقية بغداد التزامها سيادة السودان ووحدته. واعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن تجديد وتنسيق الجهود المتعددة الأطراف أمر بالغ الأهمية للمساعدة في وقف العنف المروع والمجاعة والنزوح الجماعي في السودان، وأشاد في منشور على منصة "إكس" بجهود جامعة الدول العربية في تعزيز التنسيق المتعدد الأطراف.

أرواح على المحك

بدورها جددت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان كليمنتين نكويتا سلامي تحذيرها من التدهور السريع للوضع الإنساني في مدينة الفاشر والمناطق المحيطة بها، وقالت "من دون تحرك فوري ومنسق ومدعوم بالموارد الكافية ستتفاقم الأزمة في الفاشر"، مجددة مطالبتها بالسماح "للجهات الإنسانية بالوصول الآمن ومن دون عوائق لأن الأرواح باتت على المحك، وكل لحظة لها أهميتها"، وحضت سلامي جميع الأطراف على احترام التزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي والسماح بوصول آمن إلى مناطق المحتاجين.

المزيد من متابعات