ملخص
منذ استئناف العلاقات بين الولايات المتحدة ومصر في مارس (آذار) 1974، وتصف كلا البلدين العلاقة فيما بينهما بأنها "استراتيجية ولا غنى عنها"، وذلك في ظل الإدراك المتبادل بأهمية كل منهما للآخر، وأن الحفاظ عليها يخدم المصالح المشتركة للبلدين، وذلك على رغم بعض التقلبات التي أصابتها على مدار العقود الماضية.
بقدر الأهمية والزخم الذي شهدته جولة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى المنطقة على المستويين الإقليمي والدولي، والتي شملت كلاً من السعودية والإمارات وقطر، كان هناك زخم من نوع آخر يخيم على الأوساط المصرية جوهره النقاش والجدل حول تموضع القاهرة في استراتيجية الولايات المتحدة بالشرق الأوسط وما إذا كانت لا تزال أحد حلفاء واشنطن الرئيسين أم أن تباين الرؤى الذي طبع عدداً من الملفات والقضايا خلال الفترة الأخيرة وسَّع الهوة بين البلدين.
وبين رأي ورأي مضاد تجاوز الحديث عن العلاقات الأميركية - المصرية، وطبعه أسئلة حول الدور الذي تلعبه القاهرة وقدرتها على الاحتفاظ به فيما يتعلق بأزمات المنطقة في ظل المصاعب الكبيرة التي يواجهها اقتصادها جراء أزمات وتحديات داخلية وخارجية على حد سواء، لدرجة دفعت البعض إلى حد المطالبة بإعادة صياغته في ضوء تعقُّد القضايا وتشابكها، فضلاً عن التغيرات الجيوسياسية المتسارعة وتطور ديناميكيات الأطراف الفاعلة بها.
تصاعدت حدة تلك الأسئلة بعدما رأى البعض عدم تضمين الرئيس ترمب للقاهرة ضمن محطات توقفه في جولته الأخيرة، على رغم "العلاقة الشخصية الممتازة"، على حد وصفه، التي تجمعه بالرئيس عبدالفتاح السيسي منذ ولايته الأولى (2017-2021) يعكس مؤشراً إلى "تهميش" دور القاهرة في محيطها الإقليمي، لا سيما أن آخر زيارة دولة أجراها رئيس أميركي لمصر كانت في عهد الرئيس السابق باراك أوباما في يونيو (حزيران) 2009، فيما حط الرئيس السابق جو بايدن لساعات معدودة في مدينة شرم الشيخ المصرية للمشاركة في قمة المناخ في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022.
وتعود العلاقات الاستراتيجية بين الولايات المتحدة ومصر لأعقاب حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973، حين انتقلت القاهرة من المعسكر السوفياتي إلى الغربي، مقابل صور متعددة من الدعم خلفها رعاية واشنطن لاتفاق السلام بين القاهرة والدولة العبرية عام 1979، ومنحها معونة عسكرية سنوية، ومنذ ذلك الحين قويت العلاقات بين البلدين طوال سنوات الحرب الباردة وتحولت معها مصر لتكون شريكاً استراتيجياً للرؤية الأميركية للسلام والاستقرار ومحاربة الإرهاب في المنطقة، وخلال الأشهر الأخرة ومنذ عودة الرئيس ترمب إلى البيت الأبيض في يناير (كانون الثاني) الماضي خيَّمت بعض القضايا الخلافية على علاقات البلدين، لا سيما فيما يتعلق بالحرب الإسرائيلية على غزة وملف "تهجير فلسطينيي القطاع"، ومواجهة أزمة الملاحة في البحر الأحمر، فضلاً عن القلق الأميركي من زيادة التقارب بين القاهرة وكل من موسكو وبكين.
شراكة استراتيجية على رغم التقلبات
منذ استئناف العلاقات بين الولايات المتحدة ومصر في مارس (آذار) 1974، وتصف كلا البلدين العلاقة فيما بينهما بأنها "استراتيجية ولا غنى عنها"، وذلك في ظل الإدراك المتبادل بأهمية كل منهما للآخر، وأن الحفاظ عليها يخدم المصالح المشتركة للبلدين، وذلك على رغم بعض التقلبات التي أصابتها على مدار العقود الماضية.
ويقول المتحدث الإقليمي باسم الخارجية الأميركية سامويل وربيرغ في حديث إلى "اندبندنت عربية" إن "الولايات المتحدة تثمن بصورة كبيرة شراكتها الراسخة مع مصر، وتدرك تماماً أهمية الدور المصري المحوري في دعم الأمن والاستقرار الإقليميين"، موضحاً أن "العلاقة بين البلدين تمتد لعقود من التعاون الاستراتيجي في مجالات متعددة تشمل الأمن ومكافحة الإرهاب والوساطة الإقليمية والتنمية الاقتصادية".
وبحسب وربيرغ فإن الرئيس الحالي دونالد ترمب "يكن احتراماً كبيراً للقيادة المصرية، والتنسيق بين الجانبين مستمر على أعلى المستويات، سواء من خلال التواصل المباشر بين المسؤولين أو عبر السفارة الأميركية لدى القاهرة، والتي تمثل إحدى أكثر بعثاتنا نشاطاً في المنطقة"، مشيراً إلى أن مصر تواصل لعب دور حيوي في القضايا الإقليمية الكبرى، ونقدر مساهماتها البناءة في عديد من الملفات، لا سيما دعم جهود التهدئة في غزة، وتعزيز الحوار الإقليمي.
وفي رده عما إذا كانت غياب القاهرة ضمن محطات جولة الرئيس ترمب إلى المنطقة، تعكس "تهميشاً" أو إعادة صياغة للاستراتيجية الأميركية في الشرق الأوسط، قال وربيرغ إن "كل زيارة رئاسية تُبنى على أهداف محددة وسياقات ظرفية، لكن ذلك لا يقلل إطلاقاً من مكانة مصر كشريك استراتيجي موثوق نحرص على مواصلة تعميق التعاون معه".
ولم تكن جولة ترمب الأخيرة في المنطقة هي الأولى التي يستثني منها مصر، فخلال ولايته السابقة، كانت أول زيارة خارجية له إلى المنطقة في مايو (أيار) 2017، وشملت كلاً من السعودية شارك خلالها في قم عربية إسلامية، قبل أن ينتقل إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية، من دون أن تكون القاهرة محطة توقف بها.
وعلى رغم ذلك فإن توصيف "استراتيجية العلاقة" مصطلح تتمسك به القاهرة هي الأخرى، وذلك على رغم التباين في بعض الملفات منذ عودة الرئيس ترمب إلى البيت الأبيض. وتقول مصادر دبلوماسية مصرية في حديثها معنا إن "القاهرة حليف استراتيجي تدرك الإدارة الأميركية أهميته في تحقيق الاستقرار الإقليمي، بخاصة في ظل الأزمات المتعددة التي تعصف بالمنطقة". ورفض المصدر ذاته أن يكون عدم زيارة ترمب لمصر سواء خلال ولايته الأولى أو حتى في جولته الأخيرة بالمنطقة أن تكون "تهميشاً" للدور المصري، معتبراً أن "الزيارة التاريخية التي أجراها الرئيس الأميركي لدول الخليج ونتائجها الإيجابية ستنعكس حتماً على عموم المنطقة، وفي القلب منها المصالح المصرية المرتبطة ارتباطاً مباشراً بالمصالح في منطقة الخليج العربي".
وبعيداً من الملفات الخلافية التي تخيم على علاقات القاهرة وواشنطن ذكر مصدر دبلوماسي آخر في حديثه معنا، "تعد مصر ركيزة أساسية بالنسبة إلى الجهود الأميركية في عديد من الملفات، والتي من بينها الدور الحيوي الذي تلعبه القاهرة في النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي، حيث تعمل مع الولايات المتحدة وشركاء إقليميين آخرين لدفع جهود الوساطة في الحرب الراهنة والعمل على تأمين تدفق المساعدات الإنسانية"، مضيفاً "إلى جانب تلك الملفات تأتي مكافحة الإرهاب والتطرف والتعاون الأمني والعسكري الذي تحتل فيه مصر موقعاً محورياً في حسابات الإدارة الأميركية، نظراً إلى دورها الإقليمي الحيوي وتاريخها الطويل كحليف استراتيجي في الشرق الأوسط، إلا أن هذا الدور يواجه تحديات وضغوطاً متزايدة في ظل التغيرات الجيوسياسية والملفات الساخنة في المنطقة".
وأمام تمسك البلدين بالحديث عن استراتيجية العلاقات، فيما تشير تقارير عدة إلى توتر خلف الكواليس يشوبها لمصلحة تصاعد تحالفات وشراكات أخرى صاعدة، يفسر الأمر مدير المركز العربي للبحوث والدراسات هاني سليمان قائلاً إن "هناك علاقة وثيقة وشديدة الصلة بين فوائض القدرات الداخلية اقتصادياً وسياسياً وثقافياً لدولة ما، وما بين تنامي القدرات الخاصة بالدولة في لعب أدوار أكثر فاعلية على المستوى الخارجي، وتحديداً السياسة الخارجية والعلاقات الدولية، بالتالي فإن تراجع دور مصر نسبياً مرتبط في جزء منه بهذه المقدرات، وبخاصة على المستوى الاقتصادي، الذي قد لا يكون في أفضل الظروف، ولكن على رغم ذلك، ما زالت مصر دولة متماسكة في مواقفها وسياساتها الخارجية، وتحتفظ بقدر كبير من هامش التحرك، حتى وإن لم يكن في أقصى درجاته".
ويوضح سليمان في حديثه معنا قائلاً "استثناء إدارة الرئيس ترمب لمصر من زيارتها لا يشكل في حد ذاته أساساً موضوعياً للحكم على وزن مصر الدولي والإقليمي، إذ تبقى المحددات التي قادت إلى وصول تلك العلاقات إلى مسمى استراتيجية قائمة بذاتها، والمتمثلة في الواقع الجيواستراتيجي والأمني والثقافي الذي يجعل من القاهرة محور ارتكاز لأي تعاطٍ مع المنطقة".
وكان التعاون الوثيق بين مصر والولايات المتحدة حجر الزاوية في سياسة واشنطن تجاه الشرق الأوسط لعقود. ومنذ توقيع معاهدة سلام بوساطة أميركية بين إسرائيل ومصر قبل أكثر من أربعة عقود، ظلت مصر باستمرار من أكبر متلقي المساعدات العسكرية الأميركية بقيمة نحو 1.3 مليار دولار أميركي، إلى جانب إسرائيل.
أوضاع إقليمية "ضاغطة"
لم ينشأ "التوتر المكتوم" في العلاقات بين القاهرة وواشنطن على وقع التباين في ملفات ثنائية، كما كان في فترات سابقة، حيث ضغوط أميركية على مصر في قضايا متعلقة بالديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات وغيرها، بل كان التعاطي مع الاضطرابات الإقليمية واختلاف الرؤى والتصورات هي ما قادت إلى "فتور" في العلاقة، وفق توصيف كثر.
وبدأت أولى محطات الصدام بعد أيام من بدء ترمب ولايته الثانية، حيث صدم الرئيس الأميركي العالم بحديثه عن أن الولايات المتحدة تريد "تهجير الفلسطينيين" البالغ عددهم نحو 2.1 مليون شخص من قطاع غزة والسيطرة عليه لتحويله إلى "ريفييرا الشرق الأوسط"، مما رفضته القاهرة وطرحت تصوراً بديلاً لإعادة إعمار القطاع بدعم عربي ودولي، بعدما رأت في التصور الأميركي تهديداً خطراً لأمنها القومي، بما يتضمنه من احتمالات لتفشي التطرف وتوفير ذريعة لهجمات إسرائيلية مستقبلية، فضلاً عن كونه "ظلماً تاريخياً" للفلسطينيين، لن تشارك فيه، وينذر بتصفية قضيتهم للأبد.
ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد، بل تباينت الرؤى كذلك فيما يتعلق بالحملة العسكرية التي شنتها واشنطن على الحوثيين في اليمن بهدف "حماية الملاحة الدولية"، إذ رأت القاهرة أن علاج الأزمة يكمن في وقف الحرب في غزة والتوصل إلى سلام دائم وعادل، من دون مزيد من التصعيد والمواجهة في منطقة تعاني أصلاً هشاشة أمنية وسياسية، لتتفاجأ القاهرة في وقت لاحق بدعوة الرئيس ترمب إلى السماح لسفن بلاده الحربية والتجارية بالمرور "مجاناً" ومن دون أية رسوم في قناة السويس وبنما، زاعماً أن "قناة السويس وبنما ما كانتا موجودتين لولا الولايات المتحدة الأميركية"، وهي الدعوة التي لم تتعاطَ معها القاهرة على المستوى الرسمي.
تلك التباينات، إلى جانب القلق الأميركي من التقارب المصري مع كل من بكين وموسكو، حملت تبعات على العلاقة بين السيسي وترمب، والتي كانت "قوية" في السابق، وحولتها إلى "علاقات فاترة"، وفق توصيف مجلة "نيوزويك" الأميركية، التي قالت إن العلاقة بين السيسي وترمب خلال فترة حكم الأخير الأولى (2017-2021) كانت "عصراً ذهبياً للعلاقات بين الولايات المتحدة ومصر"، مشيراً إلى مدح ترمب "المفرط" للسيسي باعتباره "رجلاً رائعاً"، وهو ما ترجم طوال سنوات ترمب الأربع في البيت الأبيض السابقة إلى دعم مالي، مع استمرار القاهرة في تلقي حزمة مساعدات كبيرة، حيث نظر ترمب إلى زعامة السيسي القوية باعتبارها تشكل رصيداً في جهود مكافحة الإرهاب، وبخاصة ضد تنظيم الدولة الإسلامية المعروف باسم "داعش" في سيناء، ورأى في مصر السيسي حصناً ضد "الإسلام السياسي"، إلا أنه ومع ولاية ترمب الثانية في الحكم، بدت الأمور تتغير مع اختلاف وجهات النظر في عدد من القضايا.
وتعد تلك المرحلة مغايرة للتحديات التي واجهت العلاقات الأميركية مع الدولة العربية الأكبر من حيث عدد السكان في فترات سابقة، إذ وعلى رغم أن مصر لا تزال شريكاً حيوياً للسلام وحليفاً رئيساً من خارج حلف "الناتو"، فإن العلاقات مع واشنطن كانت تتأرجح لبعض الوقت بفضل الخلافات العميقة حول مجموعة واسعة من القضايا، وعلى رأسها ملف الحريات وحقوق الإنسان، وفي السابق، حاولت واشنطن استخدام مزيج من الدبلوماسية الهادئة، والتصريحات العلنية، وربط أموال المساعدات الخارجية بحل بعض القضايا الأكثر إثارة للجدل، لكن يبدو أن الأمور في الوقت الراهن أخذت منحى مغايراً، وفق ما يقول "معهد واشنطن" لدراسات الشرق الأدنى.
أي سيناريوهات مرجحة للعلاقات؟
في وقت تمثل فيه الاضطرابات الإقليمية واتساع التقلبات في الإقليم ضغوطاً على العلاقات بين القاهرة وواشنطن، تلملم مصر خياراتها للتعاطي مع جموح سياسات الرئيس العائد إلى البيت الأبيض، والمغايرة لما استقرت عليه السياسة الأميركية طوال عقود ماضية، وعينها على أخطار توتر العلاقات مع الولايات المتحدة، إلا أن السؤال يكمن في سيناريوهات العلاقات بين البلدين خلال المستقبل القريب.
وبرأي مساعد وزير الخارجية المصري السابق السفير رخا أحمد حسن فإن "مرتكزات القوة الإقليمية لمصر في سياقها الإقليمي لا يمكن تجاوزها في رؤية أي دولة كبري للإقليم"، موضحاً أن القوى الرئيسة في منطقة الشرق الأوسط حالياً تتكون من مصر والسعودية وتركيا وإسرائيل.
ويوضح حسن في حديثه إلى "اندبندنت عربية"، "لو نظرنا إلى مصر من الناحية الاستراتيجية نجد توافر كل مكونات القوى الشاملة للدولة الإقليمية المؤثرة، من ناحية الموقع الاستراتيجي والكتلة السكانية التي تتجاوز 110 ملايين نسمة والمساحة الجغرافية وامتلاك جيش من أقوى جيوش العالم والاستقرار السياسي، فضلاً عن تنوع مواردها الاقتصادية، مما يعني أن مصر قوة إقليمية بغض النظر عن أي شيء آخر". ويتابع "فيما يتعلق بالعلاقات الأميركية - المصرية لا تزال مرتكزات محوريتها وأهميتها القصوى بالنسبة إلى البلدين، والتي نشأت بسببها قائمة من دون تغيير، لا سيما فيما يتعلق بعملية السلام مع إسرائيل والتنسيق الأمني والعسكري والجهود المشتركة في مكافحة الإرهاب والتطرف في المنطقة"، مشدداً على إدراك البلدين الأهمية الاستراتيجية للتعاون على المستويين العسكري والسياسي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفيما يتعلق بتوتر العلاقات على وقع بعض التباين في عدد من الملفات الإقليمية، وما إذا كان ذلك سيقود إلى "تحولات جذرية" في سياق التعاطي الأميركي مع المنطقة ذكر حسن أنه "لا يمكن اجتزاء التطورات الأخيرة من سياق الداخل الأميركي وأولوية الإدارة الحالية في التركيز على القضايا الاقتصادية والتجارية في مواجهة التنافس الاقتصادي القوي مع الصين"، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة تعاني عديداً من المشكلات الاقتصادية الهيكلية، وعليه تحاول تجاوزها ومعالجتها لضبط إيقاع التنافس مع التنين الصيني على المستوى الدولي.
وبخلاف الأولويات الأميركية يبقى السؤال المطروح عن كفاءة التعاطي المصري مع التطورات الإقليمية المتسارعة والمعقدة، مما يوضحه مدير المركز العربي للبحوث والدراسات هاني سليمان قائلاً إن "منطق العلاقات الدولية الحالي يعطي مساحات فعل وتأثيراً أكبر لبعض الفاعلين الإقليميين تأسيساً على اعتبارات القدرات الاقتصادية، بالشكل الذي قد يفرغ فاعلين آخرين من وزنهم النسبي وتأثيرهم، وهو ما يجعل هناك اهتزازاً أو هشاشة في فهم طبيعة التغيير في موازين القوى وقدرات الفاعلين الإقليميين"، داعياً في الوقت ذاته إلى ضرورة أن تدرك القاهرة في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية المتسارعة "الحاجة الشديدة إلى إعادة توظيف أدواتها وقدراتها والتغلب على التحدي الاقتصادي الذي يمثل العقبة الرئيسة أمام الدولة المصرية في حرية القيام بأدوارها التقليدية. وهذا يتطلب قدراً من المصارحة والمكاشفة وإعادة ترتيب الأوراق، ومحاولة توظيف القدرات الداخلية لتحقيق نتائج أكثر مرونة في الأدوار الإقليمية والدولية".
ووفق سليمان "هناك تحريك لموازين القوى الإقليمية والفاعلية لمصلحة بعض الدول، إلا أنه لا يحمل معه أفولاً للدور المصري، ومن ثم فإن القاهرة ما زالت قادرة وتمتلك أدوات الفعل والتأثير استناداً إلى وزنها الإقليمي ومكانتها المركزية"، معتبراً أن مصر لا تزال "شريكاً لا غنى عنه في حسابات الإدارة الأميركية الجديدة، إلا أن الحفاظ على هذه الشراكة يتطلب إدارة دقيقة للتوازنات بين المصالح المتبادلة والضغوط المتزايدة في ظل التحديات الإقليمية والدولية الراهنة".