ملخص
يقول استراتيجيون في "جيه بي مورغان"، إن الأسباب التي تدعو إلى بيع الدولار لا تزال قائمة فيما سيكون الموقف الأميركي الأكثر ليونة تجاه الرسوم الجمركية داعماً للنمو الاقتصادي في مناطق أخرى من العالم، مما يعزز من أداء عملاتها.
في أسبوع شهد ارتفاعاً ملحمياً في الأسهم الأميركية وتراجع التوقعات بركود اقتصادي، إذ ارتفع مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" الذي يقيس أداء "وول ستريت"، ارتفع بأكثر من خمسة في المئة هذا الأسبوع مع جولة الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الشرق الأوسط التي عززت التفاؤل في شأن صفقات التكنولوجيا، وهدوء بيانات التضخم، واستقطبت صناديق الأسهم الأميركية نحو 19.8 مليار دولار خلال الأسبوع المنتهي في 14 مايو (أيار) الجاري، وهي أول تدفقات داخلية منذ خمسة أسابيع، بحسب مذكرة من "بنك أوف أميركا".
تشاؤم من الدولار
وعلى رغم ذلك برز أمر مهم قد ينعكس لاحقاً على سوق السندات والأسهم، إذ لا يزال متداولو العملات متشائمين بشدة تجاه الدولار الأميركي، وهو أمر لافت، إذ يرى متخصصون أن العملة الأميركية ستستمر في التراجع، في وقت واصلت فيه معنويات المتداولين في سوق الخيارات إلى أعلى مستويات التشاؤم منذ خمسة أعوام، فيما يأتي ذلك في وقت يبلغ فيه مؤشر الدولار أدنى مستوياته في أبريل (نيسان) الماضي، مما يعكس حذر المستثمرين من العودة إليه رغم انحسار التوترات التجارية مع الصين، والتي رفعت من أداء أسواق أخرى.
رحلة متقلبة
فقد الدولار أكثر من ستة في المئة من قيمته أمام سلة من العملات خلال عام 2025، وهو أسوأ أداء سنوي له في عقدين من الزمن، إذ يرى كثر أن السياسة الأميركية لا تزال مضطربة وغير قابلة للتنبؤ، مما يجعل الدولار أقل جاذبية، خصوصاً مع تبني مجلس الاحتياطي الفيدرالي موقف المترقب، وعلى رغم نفي واشنطن فلا يزال بعض المستثمرين يعتقدون أن إدارة ترمب تسعى إلى دولار أضعف لدعم القاعدة الصناعية الأميركية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبحسب مراقبين، يشكل مزيج النمو المنخفض، والتضخم العنيد، وحياد موقف الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي)، مع استمرار عدم اليقين في السياسة الأميركية، عامل من شأنه أن يبقي الدولار تحت الضغط خصوصاً مع الأخذ في الاعتبار الكمية الكبيرة من الأصول الأميركية، خصوصاً الأسهم، المملوكة من قبل مستثمرين من خارج الولايات المتحدة.
الرهانات على انخفاض الدولار
ووصلت الرهانات في سوق الخيارات على انخفاض الدولار خلال العام المقبل، وصلت الآن إلى أعلى مستوياتها منذ عام 2020 وتستخدم هذه الخيارات طويلة الأجل عادة من قبل مديري الأموال وليس المضاربين قصيري الأجل، مما يعزز الرأي القائل إن هناك إعادة تقييم واسعة للتعرض للدولار تجري حالياً وسط مقولة شائعة حالياً في "وول ستريت" مفادها أن الاستثنائية الأميركية تتآكل تدريجاً، وسيكون ذلك اتجاهاً يمتد لأعوام.
مزيد من المعاناة
وعلى رغم أن ارتفاع الدولار بعد إعلان موقت عن خفض الرسوم الجمركية بين الصين والولايات المتحدة، فإنه فقد معظم تلك المكاسب لاحقاً خلال الأسبوع.
بحسب محللين شكل تعافي الدولار في بداية الأسبوع ارتفاعاً معاكساً للاتجاه العام، فيما سيكون أمامه مجالاً للتراجع بنسبة ستة في المئة إضافية هذا العام.
تراجع تدفقات الدولار
وأضافوا أن التدفقات نحو الأصول الأميركية بدأت تتباطأ بالفعل، فيما طلبت دول مثل تايوان من البنوك مراجعة بروتوكولات إدارة الأخطار المرتبطة باستثماراتها في الولايات المتحدة، ويشير كل ذلك إلى انخفاض في شراء سندات الخزانة الأميركية، التي تعد من أكثر الاستثمارات أماناً في العالم.
وأشاروا إلى أن أبرز علامة على هذا ستكون تراجع العلاقة بين عوائد السندات الأميركية والدولار، مما يعني أن الدولار سينخفض مقابل الين، بينما ترتفع عوائد الخزانة، بالنظر إلى أن اليابان تقليدياً من أكبر المستثمرين في الدخل الثابت الأميركي، وأي تباطؤ في الشراء سيكون له تأثير كبير.
ويقول استراتيجيون في "جيه بي مورغان"، إن الأسباب التي تدعو إلى بيع الدولار لا تزال قائمة فيما سيكون الموقف الأميركي الأكثر ليونة تجاه الرسوم الجمركية داعماً للنمو الاقتصادي في مناطق أخرى من العالم، مما يعزز من أداء عملاتها.
استراتيجيات تجاه الدولار
كذلك يبحث المستثمرون عن الدول التي تمتلك احتياطات كبيرة من الدولار، ثم يقومون ببيع الدولار مقابل عملاتها المحلية، ويشار هنا إلى أن الوون الكوري والروبية الإندونيسية من بين العملات البارزة في هذا السياق، إذ تشكل آسيا الآن في طليعة موجة إعادة رأس المال إلى الوطن من الولايات المتحدة.
وفي الوقت نفسه لا يزال المتداولون في سوق المشتقات قريبين من أعلى مستويات التشاؤم تجاه الدولار منذ سبتمبر (أيلول) 2024، بحسب أحدث بيانات لجنة تداول العقود الآجلة للسلع. وتظهر البيانات حتى 13 مايو الجاري أن لديهم مراكز مرتبطة بخسائر مستقبلية للدولار بقيمة 16.5 مليار دولار وهو تراجع طفيف في صفقات البيع مقارنة بالأسبوع السابق.