ملخص
في محور دارفور شهدت مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور أمس قصفاً عنيفاً متبادلاً بين طرفي القتال، سقط على إثره قتلى وجرحى في أوساط المدنيين، فيما نفذت قوات "الدعم السريع" حملة تمشيط واسعة في أسواق المدينة تسببت في إغلاق معظم المحال، مما فاقم من الأوضاع المعيشية والإنسانية.
بعد معارك عنيفة وضارية استمرت تسع ساعات، ووصفت بأنها الأشرس منذ اندلاع الصراع بين الطرفين في منتصف أبريل (نيسان) 2023، تمكن الجيش السوداني وحلفاؤه من قوات الحركات المسلحة أمس الثلاثاء من إلحاق هزيمة بقوات "الدعم السريع" على محوري غرب وجنوب كردفان، باستعادة مدينتي الخوي والدبيبات من قبضة الأخيرة.
وبحسب المتحدث باسم القوة المشتركة للحركات المسلحة أحمد حسين مصطفى، فإن "القوة المشتركة في محور الخوي تمكنت من استدراج الدعم السريع إلى كمين محكم، وحولت أرض المعركة إلى مقبرة جماعية لعناصرها".
وذكر مصطفى في بيان "غنمت قواتنا 80 سيارة بحالة جيدة، ودمرت 43 أخرى عسكرية، وتجاوز عدد قتلى الدعم السريع 800، بينهم مرتزقة أجانب".
وقال حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي، في منشور له على بمنصة "إكس"، "من أراد الحق لأهله ووطنه، ويسعى إلى نصرة ضحايا زمزم والفاشر والجنينة ونيالا وكرينك وكلدينق وحي الجبل وود النورة والجزيرة كلها والبطانة والخرطوم، يضطر يدفع روحه مهراً لسحقكم".
وتابع مناوي "لا يعجبنا موتكم، ولكن انتصار قواتنا في الخوي معجزة، وأطفال الفاشر يحتفلون بهذا النصر".
وكانت قوات "الدعم السريع" شنت هجوماً على الخوي، تمكنت خلاله من السيطرة عليها بعد معارك ضارية، فانسحب الجيش وحلفاؤه إلى منطقة أم صميمة الواقعة بين الخوي والأبيض عاصمة شمال كردفان، لكن سرعان ما أعاد الجيش تنظيم صفوفه وشن هجوماً ضارياً على الخوي، حيث دارت مواجهات عنيفة انتهت باستعادتها من جديد من قبضة "الدعم السريع".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتحاول قوات "الدعم السريع" عرقلة تقدم متحرك الصياد، الذي يضم قوات الجيش وحلفاءه، بعد أن استعاد مدناً عديدة في شمال كردفان قبل أن يتقدم إلى الخوي قبل يومين.
ويسعى متحرك الصياد إلى استعادة السيطرة على النهود لاتخاذها نقطة انطلاق لاجتياح مناطق غرب كردفان الخاضعة لسيطرة "الدعم السريع"، أو التحرك لفك الحصار عن الفاشر عاصمة شمال دارفور.
في الأثناء، تقدم الجيش في محور الدبيبات بولاية جنوب كردفان من خلال سيطرته على بلدة الحمادي، في خطوة تتجه نحو إنهاء الحصار على مدينة الدلنج ثاني أكبر مدن الولاية.
ووفقاً لبيان للجيش على منصة "فيسبوك"، "بسط متحرك الصياد بالقوات المسلحة السودانية سيطرته على مزيد من المناطق بمحور ولاية جنوب كردفان ولقن ميليشيات أسرة دقلو الإرهابية درسا مؤلماً، إذ دمر عدداً كبيراً من الآليات والمعدات وقتل عشرات من شرذمتها المرتزقة".
وتعاني الدلنج منذ الأشهر الأولى للنزاع حصاراً خانقاً تسبب في خلق أزمة إنسانية، نتج منها الإبلاغ عن حالات مجاعة ناجمة عن الانعدام الكبير في السلع الغذائية والدوائية.
وكان الجيش استأنف منذ وقت متأخر من ليل الإثنين عملياته البرية التي تستهدف مناطق جنوب الأبيض بولاية شمال كردفان، إذ قاد معارك ضارية مكنته من السيطرة على بلدة الحمادي التي تبعد نحو 26 كيلومتراً عن مدينة الدبيبات ذات الموقع الاستراتيجي، وكانت تشهد وجوداً كثيفاً لعناصر "الدعم السريع".
محور دارفور
وفي محور دارفور، شهدت مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور أمس قصفاً عنيفاً متبادلاً بين طرفي القتال سقط على إثره قتلى وجرحى في أوساط المدنيين، فيما نفذت قوات "الدعم السريع" حملة تمشيط واسعة في أسواق المدينة تسببت في إغلاق معظم المحال، مما فاقم من الأوضاع المعيشية والإنسانية.
وبحسب تنسيقية لجان مقاومة الفاشر، فإن الحياة اليومية لسكان الفاشر تحولت إلى صراع من أجل البقاء، إذ اضطر الأهالي إلى أكل أوراق الأشجار وعلف الحيوانات بعد نفاد المواد الغذائية الأساسية وانهيار سلاسل الإمداد، وباتت وجبة العدسية رفاهية نادرة لا يحصل عليها إلا قليلون.
وقالت التنسيقية في بيان لها إن غالب السكان باتوا يعتمدون على ما يجمعونه من بيئة قاحلة تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة، في ظل غياب الدعم الإنساني اللازم لاستمرار المطابخ الجماعية التي كانت تؤمن وجبات البسطاء، لافتة إلى أن المواطنين اتجهوا لاستخدام ملح الأفران الصناعي بدلاً من ملح الطعام لأغراض غذائية، وهو ما يشكل تهديداً خطراً على صحة السكان، في بيئة تشهد انهياراً في النظام الصحي وانتشار أمراض جديدة.
وأشار البيان إلى أن المدينة تعاني أزمة مأوى خانقة مع ازدياد الضغط على المنازل ومراكز الإيواء، نتيجة النزوح الداخلي المكثف، إذ يواجه آلاف المدنيين أوضاعاً مأسوية بعد تهجيرهم وفقدانهم للمأوى والأمان.
ودعت التنسيقية المنظمات الإغاثية الدولية والمؤسسات الإنسانية والجهات الضامنة للحياة، إلى التدخل العاجل لتوفير الدعم المباشر لمطابخ الفاشر ومراكز الإيواء، التي باتت تشكل آخر ملاذ للفقراء والنازحين في المدينة المحاصرة.
ويروي مواطنون بالفاشر أن الحياة أصبحت لا تطاق في ظل خروج الأسواق عن الخدمة بسبب قصف "الدعم السريع"، إذ بات الحصول على السلع الرئيسة أمراً صعباً للغاية مع ارتفاع هائل في الأسعار بنسب مضاعفة مرات عدة، فضلاً عن وجود أزمة حادة في الوقود، إذ يستقل المواطنون عربات تجرها الدواب في التنقل ونقل الجرحى.
من جهته حث والي ولاية شمال دارفور الحافظ بخيت الجهات المختصة مواصلة أعمال تكايا الطعام بأحياء مدينة الفاشر، للتخفيف من آثار الحصار الجائر المفروض على المدينة لأكثر من عام، مما خلف أوضاعاً إنسانية معقدة.
ونوه إلى أن جهود حكومته ستستمر بصورة منتظمة للتخفيف من آثار حرب التجويع التي تستخدمها ميليشيات "الدعم السريع"، موضحاً أن التحدي أكبر بكثير من إمكانات الولاية المعدومة، لكن على رغم ذلك ستقدم المتاح لمعالجة تلك الآثار الاقتصادية الصعبة.
وأدى هذا الوضع المتدهور إلى استمرار موجات النزوح المحفوفة بالأخطار من هذه المدينة (الفاشر) المنكوبة، باتجاه مدن الدبة بالولاية الشمالية، وطويلة والطينة بولاية شمال دارفور.
محور أم درمان
أما في محور أم درمان فتمكن الجيش وحلفاؤه أمس الثلاثاء من استعادة أجزاء واسعة في مناطق جنوب وغرب أم درمان التي تعد آخر معاقل قوات "الدعم السريع" في المدينة، وذلك بعد اشتباكات عنيفة بين الطرفين، بخاصة في منطقة صالحة الواقعة جنوب أم درمان.
وبحسب مصادر عسكرية، فإن الجيش فرض سيطرته في تلك المناطق، بما فيها السيطرة على موقع استراتيجي كانت تستخدمه قوات "الدعم السريع" كمركز لوجيستي متقدم لإدارة عملياتها، فضلاً عن سيطرته على عدد من المواقع في حيي الجامعة وكامل حي الشقلة، بما في ذلك رئاسة جامعة أم درمان الإسلامية ذات الموقع الاستراتيجي.
وأشارت القوة المشتركة التابعة للحركات المسلحة في بيان إلى أن "الدعم السريع" تكبدت خسائر فادحة في الأرواح والعتاد في معارك منطقة جنوب أم درمان، منوهة باقتراب موعد إعلان خلو هذه المنطقة من "الدعم السريع".
وأكدت تعرض "الدعم السريع" لحالة انهيار متسارع في خطوط دفاعها في ضوء الضغط المتواصل عليها من الجيش والقوات المساندة له، مشيرة إلى استمرار العمليات وتضييق الخناق على ما تبقى من الجيوب، إذ تتشكل ملامح نصر جديد خلال الساعات المقبلة لحسم التمرد والفوضى.
وفي غرب أم درمان قتل نحو 10 أشخاص في الأقل من المدنيين إثر استهداف طائرة مسيرة تابعة للجيش السوداني سوقاً مكتظاً بالمدنيين في الحارة 27 دار السلام، وهي منطقة ما تزال تحت قبضة "الدعم السريع".
وتتدهور الأوضاع الإنسانية والأمنية في منطقة غرب أم درمان بصورة كبيرة، بعد أن وسعت قوات "الدعم السريع" من الانتهاكات التي ترتكبها ضد المدنيين، بما في ذلك القتل والنهب والاعتقال.
ويأتي تزايد الانتهاكات بالتزامن مع قرب الجيش من فرض سيطرته على كامل غرب أم درمان، بما في ذلك طريق الصادرات أم درمان – بارا الخاضع لسيطرة قوات "الدعم السريع".