ملخص
الحادثة أتت بعد أيام من رصد تحركات عسكرية مكثفة لميليشيات من مصراتة والزاوية والزنتان باتجاه العاصمة طرابلس، ومؤشرات إلى تصاعد الخلافات بين جهاز دعم الاستقرار بقيادة الككلي والقوة المشتركة مصراتة.
بعد أكثر من عام نعمت فيه العاصمة الليبية باستقرار ملحوظ ونادر توقفت فيه الصراعات المسلحة بين ميليشيات المدينة المتناحرة على النفوذ والسلطة، عاد التوتر إلى شوارعها على وقع نزاع جديد ينذر بمرحلة أصعب من كل ما عرفته في السنوات الماضية، بعدما سقط في ساعته الأولى أكبر وأخطر قادة الميليشيات في طرابلس، آمر كتيبة الدعم والاستقرار عبدالغني الككلي، الشهير بـ"غنيوة"، الأكثر نفوذاً وتأثيراً في المدينة خلال العامين الأخيرين.
ولن يكون هيِّناً أن تعود أوضاع العاصمة إلى ما كانت عليه قبل مقتل الككلي، بسبب كثرة المسلحين التابعين له الذين تعهدوا الانتقام من قاتليه الذين قاموا بتصفيته في معسكر "التكبالي"، على هامش اجتماع لحل إشكال نشب أخيراً مع آمر اللواء "444 قتال" محمود حمزة وعدد من القيادات العسكرية في مدينتي مصراتة والزاوية، وهذا اللواء من أهم وأكبر الكتائب المسلحة في طرابلس أيضاً.
وأدت الاشتباكات التي شهدتها العاصمة الليبية أمس عقب تصفية الككلي، إلى مقتل ستة أشخاص على الأقل، وفق ما أفاد مركز الطب الميداني بحكومة طرابلس اليوم الثلاثاء، مضيفاً أنه تم انتشال الجثث بمحيط منطقة أبو سليم جنوب العاصمة.
خبر يشعل التوتر
وكانت حالة من التفاؤل قد عمت لدى سكان طرابلس مساء أمس الإثنين بعد تداول صور لوصول عبدالغني الككلي إلى مقر كتيبة محمود حمزة لحل خلاف مع قادة الكتائب المسلحة في الغرب الليبي، هدد بعودة التوتر والتصعيد العسكري في العاصمة، قبل أن يُصدم الجميع بانتشار صورة الككلي غارقاً في دمائه بعد تصفيته والحراس المرافقين له، لتؤكد لاحقاً مصادر طبية في طرابلس مقتل رئيس جهاز دعم الاستقرار عبد الغني الككلي، مشيرة إلى أن جثمانه قد وصل إلى مستشفى الحوادث في منطقة أبو سليم، وسط أنباء متضاربة عن من نفذ عملية التصفية وأسبابها.
أكثر هذه الروايات تواتراً ذكرت أن الككلي توجه إلى مقر اللواء "444 قتال" لإجراء محادثات تهدف إلى احتواء التوتر الأمني المتصاعد في المدينة، إلا أن خلافاً نشب بين الطرفين سرعان ما تطور إلى نزاع مسلح أسفر عن مقتله وعدد من مرافقيه، وسقوط ثلاثة قتلى من القيادات العسكرية في مدينة مصراتة، وإصابة اثنين آخرين، أحدهما من مصراتة والآخر من اللواء "444 قتال".
فور انتشار هذه الصور والأنباء شهدت بلدية أبو سليم التي تحتضن المقار الرسمية لجهاز دعم الاستقرار، اشتباكات عنيفة وسط حالة من الذعر بين السكان، كما أفاد شهود عيان بسماع أصوات رماية بأسلحة ثقيلة في مناطق عين زارة وصلاح الدين، فيما يبدو الوضع أكثر هدوءاً في أحياء طرابلس الأخرى.
وهذه الحادثة أتت بعد أيام من رصد تحركات عسكرية مكثفة لميليشيات من مصراتة والزاوية والزنتان باتجاه العاصمة طرابلس، ومؤشرات إلى تصاعد الخلافات بين جهاز دعم الاستقرار بقيادة الككلي والقوة المشتركة مصراتة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تعليق الدراسة
في أول رد فعل رسمي على الأحداث الخطرة التي تشهدها طرابلس أعلنت وزارة التربية والتعليم تعليق الدراسة اليوم الثلاثاء بمراقبات التربية والتعليم بطرابلس الكبرى.
وقالت الوزارة في بيان لها "بناءً على التنويه الصادر من وزارة الداخلية، ونظراً إلى الأوضاع الأمنية الراهنة التي تشهدها مدينة طرابلس، وحرصاً من وزارة التربية والتعليم على سلامة أبنائنا التلاميذ والطلاب، وكوادرنا التعليمية والإدارية، تُمنح السلطة التقديرية لمراقبي التربية والتعليم في تعليق الدراسة والامتحانات لليوم الثلاثاء، وذلك في مراقبات التربية والتعليم ببلديات طرابلس الكبرى".
وكانت وزارة الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية التي يترأسها عبدالحميد الدبيبة قد بجميع المواطنين في مناطق غرب طرابلس الالتزام بالبقاء في منازلهم وعدم الخروج، وذلك حفاظاً على سلامتهم.
بينما أصدر جهاز الإسعاف والطوارئ توجيهات عاجلة برفع الجاهزية داخل طرابلس، وطالب فروعه المحيطة بدعم المدينة، مؤكداً على ضرورة عدم مغادرة المواطنين لمنازلهم لأي سبب.
إيقاف الرحلات الجوية
في المقابل أعلنت إدارة مطار معيتيقة إيقاف حركة الملاحة الجوية بعد إخلاء الطائرات إلى مطاري بنغازي ومصراتة، بسبب الأوضاع الأمنية في طرابلس.
وصرح مدير مطار معيتيقة إبراهيم فركاش بأن "عمليات الإخلاء من المطار نفذتها شركات الطيران التي قدرت الموقف واتخذت قرار النقل".
ويُعد مطار معيتيقة المطار الوحيد العامل في العاصمة الليبية، منذ تدمير مطار طرابلس الدولي في اشتباكات مسلحة عنيفة بين قوات تابعة لمدينتي مصراتة والزنتان عام 2013.
من هو "غنيوة الككلي"؟
عبدالغني بلقاسم خليفة الككلي، الشهير بـ"غنيوة الككلي"، هو رئيس قوة دعم الاستقرار التابعة للمجلس الرئاسي الليبي، من مواليد مدينة بنغازي. دخل السجن قبل ثورة فبراير (شباط) بسبب تورطه في جرائم جنائية، وبعد إطاحة النظام السابق شكل ميليشيات مسلحة تُعرف بـ"الأمن المركزي"، وأصبح من الشخصيات التي تتمتع بنفوذ واسع في العاصمة طرابلس.
بعد تولي فايز السراج رئاسة المجلس الرئاسي عام 2019 قام بتأسيس قوة دعم الاستقرار، وهو جهاز أمني رفيع المستوى، مهمته الرئيسية محاربة الفساد وتجارة المخدرات والهجرة غير الشرعية في ليبيا، وعين السراج الككلي آمراً لها، وهو منصب يعادل منصب مستشار الأمن القومي، برفقة ثلاثة نواب.
ومنذ صدور هذا القرار تمدد نفوذ الككلي من منطقة بوسليم الشعبية التي يقطن بها إلى كافة أرجاء طرابلس، وتالياً إلى أعلى مستويات السلطة، بعد لعبه دوراً رئيساً في صد هجوم قوات تابعة لرئيس الحكومة المكلفة من البرلمان فتحي باشاغا عام 2022، ومنع إسقاط حكومة الوحدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة بالقوة، ليتحول إلى القائد العسكري المقرب من الحكومة، والذراع العسكري الذي يحميها من خصومها، والقائد الميداني الأكثر نفوذاً وتأثيراً في العاصمة الليبية.