ملخص
سيشعر ستارمر بالارتياح للإشادة بنجاحه الدبلوماسي بعد أيام قليلة من خسارة "حزب العمال" الحاكم الذي ينتمي إليه في سلسلة من الانتخابات المحلية ومواجهته انتقادات متزايدة من داخل حزبه لاتخاذه اتجاهاً مختلفاً في الاقتصاد. وقال أحد حلفائه إن إبرام صفقات مع الهند والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على التوالي سيساعد في استعادة المسار السياسي لصالحه.
شكل إنجاز بريطانيا بأن أصبحت أول دولة تبرم اتفاقاً تجارياً مع دونالد ترمب في أعقاب حملته الشرسة على الرسوم الجمركية انتصاراً سياسياً لرئيس الوزراء كير ستارمر، مثبتاً بذلك نهجه "الهادئ" تجاه الرئيس الأميركي. إلا أن الفوائد الاقتصادية لبريطانيا قد تكون محدودة، وتقدم الاتفاق مؤشراً إلى ما قد يحدث للدول الأخرى التي تسعى إلى تجنب حرب تجارية عالمية.
إطار الاتفاق
يسهم الإطار الذي كشف عنه إلى حد ما في إحباط أسوأ آثار الرسوم الجمركية الأميركية المعلنة في "يوم التحرير" الشهر الماضي على المملكة المتحدة. وصرح رئيس الوزراء بأنه أنقذ آلاف الوظائف في قطاع السيارات البريطاني من خلال التفاوض على خفض الرسوم الجمركية على السيارات من 27.5 في المئة إلى 10 في المئة على حصة 100 ألف سيارة سنوياً، وهو ما يقارب المستوى الحالي لصادرات المملكة المتحدة. كما خفضت الرسوم الجمركية على الصلب والألمنيوم من 25 في المئة إلى صفر.
تفاصيل ما جرى
وفي يوم يحمل في طياته رمزية التحالف بين البلدين، وهو الذكرى الـ80 لنهاية الحرب العالمية الثانية في أوروبا، اتصل ستارمر بالمكتب البيضاوي ليعلن عن الاتفاق مع ترمب، ووصف الاتفاق بأنه "رائع"، بينما اعتبره ترمب "هائلاً". ويعتقد فريق ستارمر أنهم حققوا أفضل نتيجة ممكنة حالياً، ما يمنح المملكة المتحدة أفضل علاقة تجارية مع الولايات المتحدة من أي دولة أخرى. وقال رئيس الوزراء إن ذلك يظهر أن نهجه قد أتى بثماره: "البراغماتية الجادة تهزم السياسات الاستعراضية في أي يوم من أيام الأسبوع"، هذا ما قاله للصحافيين وعمال السيارات في مصنع "جاكوار لاند روفر" بعد ظهوره مع ترمب.
معاملة تفضيلية
ويشعر حلفاء رئيس الوزراء بسعادة خاصة لحصولهم على التزام من البيت الأبيض بمعاملة تفضيلية لأي رسوم جمركية قطاعية مستقبلية. وقال راؤول روباريل، المفاوض التجاري البريطاني السابق الذي يعمل الآن في مجموعة "بوسطن" الاستشارية، إن ذلك "يوفر بعض الضمانات بأن المملكة المتحدة ستحتفظ بمكانة مميزة نسبياً في التجارة مع الولايات المتحدة". ومع ذلك لا تزال الرسوم الجمركية المتبادلة الأساسية البالغة 10 في المئة على سلع أخرى سارية على الحليف التاريخي لأميركا، بعد رفض ترمب الجهود البريطانية لإلغائها. وبينما سيحاول ستارمر التفاوض على خفضها مستقبلاً، أوضحت الولايات المتحدة في محادثاتها خلال الأسابيع الأخيرة أنها غير مستعدة لخفضها إلى ما دون هذا الحد الأدنى، ما لم يترك لبريطانيا خياراً سوى التركيز على خفض الرسوم القطاعية.
فائدة متواضعة
وبحسب المحللين فإن أي فائدة نمو للمملكة المتحدة من الاتفاق ستكون "متواضعة"، إذ إن استثناء صناعة السيارات سيقلل من خطر انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.1 نقطة مئوية فقط. وهذا يعني أنه في حين تشعر المملكة المتحدة بالسعادة لأنها وجدت نفسها في وضع أفضل في ما يتعلق بالرسوم الجمركية الأميركية مقارنة بالأسبوع الماضي، إلا أنها لا تزال في وضع أسوأ مما كانت عليه قبل إعلان ترمب عن رسومه التي أضرت بالأسواق والاقتصادات العالمية.
حقيقة الاتفاق
وقد كشفت الحقيقة في رسم بياني أصدره البيت الأبيض يظهر أن المفاوضات شهدت انخفاض الرسوم الجمركية البريطانية على السلع الأميركية من 5.1 في المئة إلى 1.8 في المئة، بينما ارتفعت الرسوم الأميركية على السلع البريطانية من 3.4 في المئة إلى 10 في المئة، مما يشير إلى نتيجة أحادية الجانب لمصلحة أميركا.
وقالت المستشارة التجارية السابقة للحكومة البريطانية إلي رينيسون "مع أن هناك بعض الالتزامات الإيجابية الملموسة التي يمكن استخلاصها من هذا، إلا أنه في النهاية اتفاق على مواصلة التفاوض". وأضافت "الخفض الفوري للرسوم الجمركية الأميركية على واردات السيارات من المملكة المتحدة أمر مرحب به، ولكنه لا يزال أعلى بكثير مما واجهناه قبل زيادات ترمب".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مرونة بريطانيا
ومع ذلك فإن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يعني أن المملكة المتحدة تمكنت من أن تكون أكثر مرونة من الكتلة التجارية التي انفصلت عنها قبل خمس سنوات. أما الاتحاد الأوروبي الذي هدد الولايات المتحدة بفرض رسوم جمركية جديدة على سلع أميركية إذا فشلت مفاوضات تخفيف الرسوم الجمركية الأميركية، فلم يحرز تقدماً يذكر حتى الآن، ويتوقع الاتحاد بقاء عديد من ضرائب ترمب.
إشارة لمفاوضات قادمة
وتشير الصفقة التي أبرمتها بريطانيا إلى أن مفاوضات ترمب مع قوى تجارية أخرى مثل الاتحاد الأوروبي والهند وكوريا الجنوبية ستكون في الغالب بمثابة تمرين للحد من الأضرار بدلاً من تقديم أي فرصة حقيقية لهدم الحواجز التجارية وتخفيف الضرر الاقتصادي.
ومع ذلك بالنسبة إلى المملكة المتحدة هناك رمزية أكبر في كونها أول دولة تبرم صفقة مع أميركا، لأنها تشير إلى أن ما يسمى العلاقة الخاصة يمكن أن تصمد أمام تحدي ترمب لعقود من التحالفات العسكرية والاقتصادية الغربية. وقال ستارمر إن ذلك أظهر أنه كان محقاً في تجاهل "أصوات الإنذار" التي تدعوه إلى قطع العلاقات مع ترمب.
خطوط حمراء
وسمح الاتفاق للمملكة المتحدة بالتمسك بموقفها في ما يتعلق بخطوط حمراء مثل معايير الغذاء. فقد سمح لستارمر بإبرام اتفاقات في وقت واحد مع الهند والولايات المتحدة هذا الأسبوع، من دون تعريض الجهود المبذولة لتحسين العلاقات الاقتصادية مع الاتحاد الأوروبي للخطر. كما سيشعر ستارمر بالارتياح للإشادة بنجاحه الدبلوماسي بعد أيام قليلة من خسارة "حزب العمال" الحاكم الذي ينتمي إليه في سلسلة من الانتخابات المحلية، ومواجهته انتقادات متزايدة من داخل حزبه لاتخاذه اتجاهاً مختلفاً في الاقتصاد. وقال أحد حلفائه إن إبرام صفقات مع الهند والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على التوالي سيساعد في استعادة المسار السياسي لمصلحته.