مع زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب السعودية مجدداً، تعود علاقات البلدين إلى الواجهة، لكن هذه المرة في سياق إقليمي ودولي أكثر تعقيداً. فالعالم تغيّر كثيراً منذ زيارته الأولى قبل ثماني سنوات، والسعودية كذلك. وبينما توصف العلاقة بين البلدين بـ"تحالف القرن"، فإن مؤشرات المرحلة الراهنة تدفع بعض المحللين للقول إنها تقف الآن على مفترق طرق، بالنظر إلى ما يحيط بها من تحديات وفرص.
الزيارة تأتي بعد مرور 100 يوم على تولي ترمب ولايته الثانية، وهي فترة حملت إشارات قوية لطبيعة علاقته بحلفائه؛ إذ فرض تعريفات جمركية على معظم دول العالم، بمن فيهم شركاء واشنطن التقليديون مثل الأوروبيين والكنديين والخليجيين.
في هذا الإطار، وصفت "نيويورك تايمز" ترمب بـ"الصديق المفترس" الذي لا يتردد في معاملة أصدقائه بالقسوة ذاتها التي يعامل بها خصومه، ما يعكس جانباً من الضبابية التي تحيط بسياسات واشنطن الخارجية في عهد ترمب الثاني، ولا سيما في منطقة الشرق الأوسط المشهورة بتعقيداتها الجيوسياسية دائماً، ولكن على نحو أشد هذه المرة، إثر خلط الأوراق فيها من جانب إسرائيل، الماضية في رفع وتيرة التصعيد، على رغم وعود السلام وفرص التهدئة التي تدافع عنها دول الاعتدال في الإقليم بقيادة السعودية.
كانت المنطقة تعول في هذا السياق على ترمب القوي بوصفه قادراً على لجم نتنياهو، إلا أن عودة الأخير إلى قصف المدنيين العزل في غزة والتمدد في سوريا، زادت من مخاوف تراجع تأثير ترمب في ملف السلام الذي كان يعد به المنطقة منذ ولايته الأولى.
معادلات الفرص والتحديات
بالنسبة للسعودية، فإن الزيارة جاءت في لحظة مفصلية. فهي تقود ملفات إقليمية كبرى في فلسطين واليمن وسوريا ولبنان والسودان، وتواجه تصعيداً مستمراً بين إسرائيل وطهران، وفي الوقت نفسه تواصل مشروعها الطموح للتحول الوطني وفق "رؤية 2030". ولذلك، فإن العلاقة مع واشنطن تكتسب طابعاً مهماً وحذراً في الوقت نفسه، وفق ما يرى رئيس مركز الخليج للأبحاث عبد العزيز بن صقر المتخصص في السياسة الأميركية- الخليجية، الذي يقول إن "السعودية تنظر لتحالفها مع واشنطن كعامل توازن لا كضمان دائم، وهذا يدفعها لتنويع شركائها من دون التفريط في العلاقة التقليدية".
ويوضح في حديث مع "اندبندنت عربية" أن بلاده خلال السنوات الماضية "رسخت مبدأ الحياد والتوازن في سياستها الخارجية خدمة لمصالح أمنها القومي، وحددت مواقفها وثوابت سياساتها التي تخضع للمراجعة والتقييم الدوري، بخاصة تجاه الملفات الأساسية الإقليمية والدولية المطروحة"، أمثال ملف الصراع في فلسطين واليمن وأوكرانيا والعلاقة بالصين وروسيا والخلاف مع إيران وغيرها.
ليس هذا وقت الضغوط
ورجح تبعاً لذلك أن القيادة السعودية "لا تتوقع أي ضغوط أميركية بهدف تغيير ثوابتها النابعة من حسابات مصالح أمنها القومي، من دون وجود مستجدات مقنعة ومكتسبات فعلية تبرر إعادة النظر بثوابتها"، في إشارة إلى ملف العلاقة بإسرائيل، الذي علقت الرياض إبداء المرونة فيه بتغيير تل أبيب سلوكها إزاء الشعب الفلسطيني.
من الجانب الأميركي، يشير تقرير صادر عن المجلس الأطلسي إلى أن ترمب ينظر إلى السعودية بوصفها "أهم محور للاستقرار في الخليج"، لكنه في الوقت ذاته يتبنى رؤية منطقها "الصفقات"، تقيس التحالفات بمعيار المردود الاقتصادي والأمني المباشر.
ولهذا يشير بن صقر القريب من مصادر القرار في الرياض، إلى أن زيارة الرئيس الاميركي إلى الرياض هذه المرة في جانبها الثنائي "ستركز على بعد التعاون الاقتصادي ومشاريع الاستثمار المشترك، فالبعد الاقتصادي- الاستثماري يشكل أحد الاهتمامات الرئيسية للإدارة الأميركية الراهنة، وهناك وعود سعودية بالتعاون بهذا البعد خدمة لمصالح الاقتصاد السعودي".
وكانت تقارير تحدثت عن خطط السعودية لرفع استثماراتها في السوق الأميركية إلى 600 مليار دولار خلال السنوات الأربع المقبلة، مع التركيز على قطاعات مثل التكنولوجيا، والدفاع، والطاقة المتجددة، في حين أعلنت وزارة الدفاع الأميركية عن صفقة أسلحة جديدة مع السعودية بقيمة 3.5 مليار دولار تشمل صواريخ متقدمة لطائرات التايفون والدعم الفني، إلى جانب توقيع اتفاق بين وزيري الطاقة في البلدين لدعم أميركا مشروع السعودية النووي.
ليست على مفترق طرق
ويتجه أستاذ العلوم السياسية إياد الرفاعي إلى أن الزيارة لا تمثل مفترق طرق حقيقياً للمنطقة، بل تأتي في سياق إقليمي جديد بات أكثر تماسكاً واستقلالية، عبر إنهاء الإقليم أزماته بنفسه عبر التفاهمات الذاتية، مثل التي أقيمت بين إيران والسعودية، وشهدت أخيراً دفعة جديدة بعقد محادثات رفيعة المستوى بين وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان والمرشد الإيراني علي خامنئي في طهران.
وفي ملف التطبيع، يرفض الرفاعي تماماً فكرة أن تكون السعودية على وشك صفقة مع إسرائيل، مؤكداً أن "السياسات السعودية واضحة جداً، ولا أعتقد بعد كل ما ارتُكب أنه من الممكن عقد صفقة مع نظام محكوم باليمين المتطرف". ويرى أن أي مقاربة أميركية جديدة يجب أن تتجاوز البُعد الأمني والعسكري لتتضمن ضمانات حقيقية تشمل الملف النووي والتقني.
لكن المحللة الأميركية المتخصصة في شؤون البيت الأبيض مرح البقاعي ترى أن مشروع الصفقة مع تل أبيب لا يزال على أجندة ترمب، مؤكدة أن الزيارة ينظر إليها في واشنطن على أنها "استراتيجية، تهدف إلى تعميق الصلة بالخليج، وبخاصة مع السعودية، لدعم رؤية 2030 التي يقودها ولي العهد. هذه الرؤية تحتاج إلى استقرار إقليمي، وترامب يسعى للمساهمة في تحقيق السلام في بؤر التوتر بالشرق الأوسط، بما يخدم مشاريع التنمية".
هل تستعيد الزيارة الزخم؟
الزيارة، من حيث التوقيت والمضمون، ستكون اختباراً لإمكان تجديد "تحالف القرن" بلغة الواقع، لا اللغة الرمزية. فالإقليم يتغيّر بسرعة، وترمب ليس رئيساً تقليدياً، والسعودية قطعت إصلاحاتها شوطاً كبيراً، ووثق تقرير رؤيتها السنوي قبل أسابيع أن 374 مؤشراً حققت مستهدفاتها أو قاربت ذلك. وبينما تتقاطع مصالح الطرفين في ملفات أمنية واقتصادية، يبقى السؤال الأهم: هل سينجح الطرفان في تحويل التحالف التاريخي إلى شراكة مستقبلية مستدامة؟
من الجانب السعودي يرى بن صقر أن "المملكة ستكون مستعدة لمناقشة الملفات الاستراتيجية وتعتبر زيارة الرئيس الأميركي فرصة مهمة لتوضيح أسس مواقفها السياسية"، مشيراً إلى أن اتجاه ترمب بحد ذاته إلى السعودية كأول وجهة خارجية له "له مغزى خاص يعكس رغبة البلدين باستمرارية وتعميق تحالفهما التاريخي، ويسعى الطرفان إلى المحافظة على هذا التحالف التاريخي وتنميته، على رغم وجود مواقف مختلفة لدى طرفي التحالف اتجاه ملفات إقليمية ودولية. وهو أمر طبيعي لاختلاف الظروف والحسابات الاستراتيجية لكل طرف".
على المستوى الأميركي، تشير القائمة بالأعمال أليسون ديلوورث في السفارة الأميركية بالرياض، إلى أن فرص التعاون بين البلدين في تزايد، بعد مرور نحو 80 عاماً على لقاء زعمائهما.
وقالت في تصريح إلى "اندبندنت عربية" في سياق احتفال البلدين بعقود الشراكة بينهما أخيراً "لم يكن اللقاء على متن السفينة يو أس أس كوينسي عام 1945 بدايةً للعلاقات الأميركية- السعودية، ولكنه كان علامةً فارقةً بالغة الأهمية في مسيرة الشراكة بين بلدينا. خلال ذلك اللقاء، تبلورت علاقةٌ وطيدةٌ بين قائدينا، وتحولت إلى صداقة"، قالت إن الحفاوة بها متجددة جيلاً بعد جيل.
وكان أمين الريحاني أول أميركي (من أصل لبناني) يلتقيه الملك عبد العزيز في عام 1922، أثناء رحلته إلى الجزيرة العربية التي وثّقها لاحقاً في كتابه الشهير "ملوك العرب" الذي خصص الريحاني فيه فصلاً كاملاً للحديث عن شخصية الملك، وأسلوب حكمه، ورؤيته المستقبلية، مشيداً بذكائه السياسي وبُعد نظره.
ثم لاحقاً قابل المهندس الجيولوجي كارل تويتشل، الذي زار المملكة عام 1931 بتكليف من شركة "ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا" (سوكال) لاستكشاف فرص الموارد الطبيعية، خصوصاً المياه والمعادن، وهي الشركة التي حصل تحالفها لاحقاً على امتياز التنقيب عن النفط، وعرفت اختصاراً باسم "أرامكو"، التي صارت في عام 1988 سعودية بالكامل، في صفقة متدرجة، عززت ثقة الدولتين ببعضهما، إذ لم يتم الاستحواذ عليها بالتأميم، مثل السائد في المنطقة حينها.
ومع التقارب الذي لا ينكر في الملفات الثنائية بين الرياض وواشنطن منذ انتهاء عاصفة الخلاف مع إدارة بايدن، إلا أن الاتفاق في الملفات الإقليمية قد يكون أقل من ذلك بكثير، ولا سيما في ملف فلسطين، وربما إيران كذلك التي باتت الضغوط الأميركية عليها تتجه إلى التصعيد، فيما تفضل الرياض الحلول السلمية. ولا تزال الملفات السودانية والسورية واللبنانية والعراقية كذلك على طاولة النقاشات، بوصفها لها اتصال مباشر بالأمن الإقليمي والعربي، المؤرق.
خفض التوتر أم توسيع الشرخ؟
ويعتبر الأكاديمي الرفاعي أن السعودية اختارت نهجاً يقوم على خفض التوترات، لا تأجيجها: "إذا جاء ترمب لتوسيع الشرخ الإقليمي، فسيفشل. المملكة وإيران وقطر وتركيا مثلاً أدركت ثمرات التعاون، التي كانت خيراً من أشواك الخلاف". ويرى أن أي محاولة أميركية لاستثمار الصراعات، خصوصاً في اليمن، محكومة بالفشل ما دامت واشنطن غير معنية بتغيير جوهري في المعادلة: "الإدارة الأميركية لا تسعى لتغيير النظام الحوثي بل فقط لوقف عدوانه على إسرائيل".
ويضيف: "الشهية الأميركية الشعبية والسياسية واضحة... هي لا تريد المشاركة في المزيد من الحروب، ولا في عمليات التنمية، وتركيزها الآن على آسيا". أما عن السعودية، فلا يرى أنها تنشد حلاً عسكرياً مع خصومها: "حتى في اليمن، المملكة بدأت عاصفة إعادة الأمل بعد 2018، وتفاوضت مع الحوثيين في عهدي ترمب وبايدن". ولذلك يعتقد أنه لا مؤشرات على "حدث ثوري أو تغيير جذري" في المشهد الإقليمي، على رغم الحدة التي بدأ بها ترمب حقبته الجديدة في البيت الأبيض.
العلاقة مع السعودية ليست الوحيدة التي تمر بمرحلة حاسمة في عهد ترمب، فدول الخليج الأخرى مثل الإمارات وقطر والكويت تعمل أيضاً على موازنة علاقاتها بين واشنطن وبكين وموسكو، وأحياناً إيران. ويؤكد تقرير مجلس الشرق الأوسط للشؤون العالمية القطري أن "ترمب يواجه الآن خليجاً مختلفاً عن السابق؛ خليجاً أكثر استقلالية وجرأة في إعادة تعريف مصالحه".
ومع ذلك، تبقى واشنطن الشريك الأمني الأول في المنطقة. ويرى المحلل الأميركي ريتشارد غولدبرغ، من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، أن السعودية على سبيل المثال "تبعث برسائل مزدوجة: هي تريد شراكة استراتيجية دائمة، لكنها لا تريد أن تكون حصرية أو مشروطة".
الرجل المفترس أم العاطفي؟
وفي هذا السياق، كان لافتاً الطريقة التي واجه بها ترمب حلفاءه الأوروبيين الأكثر تقارباً عبر التاريخ مع بلاده، مما جعل العديد من حلفاء واشنطن يراقبون دورهم في المشهد بكثير من الترقب والحذر.
وتنقل "نيويورك تايمز" الأميركية عن مارك ليونارد، مدير المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، قوله: "لقد فاجأت حدة هذه الإدارة وسرعتها وعدوانيتها وإمبرياليتها البعض"، معتبراً أن التحدي الذي يواجه أوروبا وغيرها هو "كيفية التعامل مع أميركا المفترسة التي ترغب في استغلال ضعف الحلفاء لابتزازهم، سواء كان ذلك صفقة معدنية في أوكرانيا أو محاولات ضم غرينلاند". بينما يمكن إضافة قائمة طويلة من تلك الإعلانات التي كان أكثرها غرابة تحويل غزة إلى ريفيرا الشرق الأوسط، فيما كان آخرها مساومة ضيفه رئيس وزراء كندا الجديد مارك كارني على ضم بلاده إلى أميركا بجعلها الولاية الـ51.
لكن السعودية على رغم المواقف الشعبوية التي طاولتها من ترمب في ولايته الأولى، استطاعت فهم أولوياته وأنماطه الشخصية، حتى توطدت العلاقة وتطورت إلى "صداقة شخصية" بينه وبين القيادة السعودية كما يصف.
ويشير الكاتب السعودي مدير شبكة "العربية" ممدوح المهيني إلى أن أحد مفاتيح شخصية ترمب المؤثرة في نظرته إلى الآخرين دولاً أو أشخاصاً، كانت "الاحترام، والاعتراف به رئيساً قوياً للولايات المتحدة"، لا سيما بعدما ناصبته النخبة الأميركية العداء منذ لحظة انتخابه ورفضت الاعتراف به رئيساً شرعياً.
ولفت في مقالة له في "الشرق الأوسط" اللندنية إلى أن عدداً من القادة عرفوا كيف يوظفون تلك العاطفة لديه "ويكسبون صداقته ويوثّقون علاقتهم به. هذا ما فعله رئيس الوزراء البريطاني ستارمر الذي تعمد أن يوجه له دعوة الملك تشارلز أمام الكاميرات. علامة احترام كبيرة أمام الملايين. انشرحت أسارير وجه ترمب لها، وقبل الدعوة بامتنان. وهذا ما فعله بوتين عندما أهدى لمبعوثه ستيف ويتكوف لوحة لمحاولة اغتياله".
"شريك لا يمكن الوثوق به"
وكان بايدن في بداية رئاسته، حاول أن يختبر صلابة السعودية ومكانتها العالمية، حين تعهد بجعلها "منبوذة"، إلا أنه في نهاية المطاف أدرك مركزيتها الاستراتيجية، وكاد أن يوقع معها تحالفاً هو الأول من نوعه في المنطقة، قبل أن تنكفئ الرياض، التي وجدت في الرد الإسرائيلي على هجمات السابع من أكتوبر، عدواناً لا يمكن السكوت عنه، فعلقت محادثات تطبيع علاقاتها مع تل أبيب إلى أجل غير مسمى، على رغم رهان ترمب على إحياء زخم "اتفاقات إبراهام"، التي يرى المحللون أن السعودية هي جائزتها الكبرى، وما لم تنضم إليها ستظل محدودة الأثر.
وإذا كان بايدن وهو الضد المناوئ لترمب أقر بأن دور الرياض في المنطقة استثنائي، فإن صديقها المقرب، مهما قيل عن وصفه بـ"المخرب، والمفترس" في حق الأصدقاء، أقدر على إدراك ذلك الموقع للمملكة التي انتزعته بجهد مضن، من الدبلوماسية النشطة والإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية المتسارعة والقمم الدولية المتعاقبة، بما جعل قائدها الشاب يرى خطواتها تلك كفيلة بجعلها "أعظم قصة في القرن الـ21".
لكن ذلك لا يعني أن تحديات حقبة ترمب على الحلفاء هينة، فدولة من أقوى اقتصادات العالم مثل ألمانيا، قدرت أن تعريفاته التي قلبت العالم رأساً على عقب سيكون تأثيرها عليها كبيراً، إذ يُقدّر وزير المالية الألماني، يورغ كوكيس، انخفاضاً بنسبة 15 في المئة في الصادرات الألمانية إلى الولايات المتحدة، مما دفعها إلى المضي في "مساعي التفاوض على شروط أفضل مع واشنطن"، حتى مع ردّ بروكسل القويّ، وإن كان حذراً. يأتي ذلك في حين قدّر المعهد الاقتصادي الألماني التكاليف المحتملة لهذه الرسوم على ألمانيا وحدها بنحو 200 مليار يورو (218 مليار دولار) على مدى السنوات الأربع المقبلة.
ولهذا رأى غونترام وولف، الخبير الاقتصادي والمدير السابق للمجلس الألماني للعلاقات الخارجية أن التعريفات "تضاف إلى التصور السائد في أوروبا بأن الولايات المتحدة في عهد دونالد ترمب ليست شريكاً غير موثوق به فحسب، بل شريك لا يمكن الوثوق به بأي شكل من الأشكال". وأضاف: "هذا يُغيّر 80 عاماً من تاريخ ما بعد الحرب، عندما كان التحالف عبر الأطلسي جوهر العالم الغربي والنظام العالمي متعدد الأطراف".
اللعب خارج محاور الاستقطاب
غير أن سفير صربيا في الرياض دراجان بيزينيتش، رأى في حديثه مع "اندبندنت عربية" أن تلك الأزمة تجعل العالم ينظر إلى الرياض بوصفها "طرفاً مقبولاً من الجميع" نظير قدرتها على إيجاد صيغة ملائمة مع ترمب، ليس فقط في جانب أزمة الرسوم ولكن كذلك في قضية الصراع بين الغرب وروسيا.
وقال "السعودية لها تأثير في الرئيس، ويمكن لها أن تلعب دور الوسيط بين بروكسل وواشنطن، بخاصة أن علاقاتها مع أوروبا ممتازة، وزارها قادتها من فرنسا وبريطانيا وألمانيا".
وليست أوروبا في ذلك استثناء، إذ حتى إيران وإسرائيل ترقبان باهتمام وحذر ما تنجم عنه الزيارة "ذات المغزى" وفقاً لابن صقر. إذ تشير "هآرتس" الإسرائيلية في إحدى تحليلاتها إلى أن "الطريق إلى الحرب أو الاتفاق مع إيران يمر عبر السعودية".
ويمكن قراءة هذا الدور بحسبه "كجزء من سعي الرياض لتكريس موقعها كقوة إقليمية مؤثرة بعيداً من محاور الاستقطاب التقليدية. فالسعودية تسعى لأن تُرى كقوة عاقلة تحافظ على التوازن، لا مجرد تابع للسياسات الأميركية".
وهكذا فإن ظروف المنطقة والعالم والتحديات المحدقة، تجعل من قمة الرياض بارقة أمل، مهما أحيطت بالشكوك والصعوبات، الملاحقة لشخص رجل البيت الأبيض "المفترس".