كما كان متوقعاً، أبقى مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) أسعار الفائدة من دون تغيير الأربعاء للاجتماع الثالث على التوالي خلال عام 2025، متحدياً دعوات الرئيس ترمب المتكررة إلى خفض أسعار الفائدة.
وجاء قرار تثبيت أسعار الفائدة بعد حملة شنها الرئيس ترمب في الأسابيع الأخيرة لحث رئيس الفيدرالي جيروم باول على خفض أسعار الفائدة، في ظل فرض إدارته سلسلة من الرسوم الجمركية على السلع المستوردة من شركاء تجاريين رئيسين، إلا أن باول تجاهل الضغوط السياسية من الرئيس لخفض أسعار الفائدة، قائلاً إن ذلك "لا يؤثر في أداء عملنا إطلاقاً"، وأضاف أنه لم يطلب قط اجتماعاً مع أي رئيس، "ولن أفعل ذلك أبداً"، بحسب تصريحاته في المؤتمر الصحافي الذي أعقب إعلان قرار الفائدة.
تصريحات باول
وقال باول إن الفيدرالي ليس في عجلة من أمره لتعديل أسعار الفائدة، لكنه أضاف أن الرسوم الجمركية قد تؤدي إلى ارتفاع التضخم والبطالة، وهي رسالة واضحة لإدارة ترمب بأن الحرب التجارية التي يخوضها الرئيس الأميركي ستؤدي إلى عودة الأسعار للارتفاع وإلى تباطؤ الأعمال، التي ستؤدي إلى صرف الموظفين وزيادة البطالة.
لكن على رغم ذلك لا يرى باول حاجة إلى التسرع في تخفيف السياسة النقدية، وقال "نعتقد أننا في المكان المناسب للانتظار ورؤية كيف تتطور الأمور، لا نشعر بضرورة التسرع، بل نرى أنه من المناسب التحلي بالصبر".
رسائل لترمب
وكرر رسائل واضحة للرئيس الأميركي من دون ذكره، بأنه إذا استمرت الزيادات الكبيرة في الرسوم الجمركية التي جرى إعلانها، فمن المرجح أن تؤدي إلى ارتفاع في التضخم، وتباطؤ في النمو الاقتصادي، وزيادة في البطالة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأعلن الفيدرالي أنه سيواصل تقليص موازنته العمومية بالوتيرة المخفضة التي أعلنت في اجتماع مارس، وظل الحد الأقصى الشهري لكمية سندات الخزانة التي يمكن استحقاقها من دون إعادة الاستثمار عند خمسة مليارات دولار، بينما ظل الحد الأقصى للأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري ثابتاً عند 35 مليار دولار.
مخاوف الركود
ويأتي قرار الفيدرالي مع تزايد المخاوف من الركود، إذ أفادت بعض الشركات تعليق قراراتها الاستثمارية نظراً إلى عدم اليقين، مع ذلك لا تزال سوق العمل صامدة، إذ أضاف أصحاب العمل 177 ألف وظيفة في أبريل (نيسان).
ويقول الاقتصاديون إن الأمر سيستغرق بعض الوقت حتى يظهر التأثير الكامل للرسوم الجمركية الجديدة في الاقتصاد، وحتى الآن شمل التأثير بصورة رئيسة انخفاضاً حاداً في المعنويات وزيادة كبيرة في الواردات، كما انكمش الاقتصاد الأميركي في بداية العام للمرة الأولى منذ عام 2022، لكن مؤشر الطلب الأساسي ظل قوياً.
وكانت التقلبات في صافي الصادرات قد أثرت في البيانات بالربع الأول، إلا أن المؤشرات الأخيرة ترجح استمرار نمو النشاط الاقتصادي بوتيرة قوية بعد أن سارعت الشركات في الربع الأول إلى استيراد البضائع قبل فرض الرسوم الجمركية، كما أشار ارتفاع الإنفاق الاستهلاكي في مارس (آذار) إلى سعي الأسر أيضاً إلى زيادة مشترياتها، وتباطأت مؤشرات التضخم الرئيسة خلال الشهر.
حالة عدم اليقين
وعبر عن هذا الوضع مسؤولو الفيدرالي، إلا أن الاقتصاد واصل نموه "بوتيرة ثابتة" على رغم التقلبات في صافي الصادرات التي أثرت في البيانات، لكنهم قالوا إن حالة عدم اليقين في شأن التوقعات الاقتصادية "تزايدت"، كما أعربوا عن قلقهم من تزايد أخطار ارتفاع معدلات البطالة والتضخم، إلا أنهم أكدوا قوة سوق العمل في الوقت الحالي، مشيرين إلى أن معدل البطالة استقر عند مستوى منخفض في الأشهر الأخيرة.
وكان مسؤولو الفيدرالي صوتوا بالإجماع على إبقاء سعر الفائدة المرجعي في نطاق 4.25 في المئة 4.5 في المئة، وهو المستوى الذي وصل إليه بنهاية عام 2024 بعد خفض أسعار الفائدة بنقطة مئوية كاملة خريف العام الماضي.
رد فعل ترمب
وينتظر الآن لكيفية رد فعل الرئيس الأميركي على استمرار الفيدرالي في تثبيت الفائدة، إذ شن خلال الفترة الماضية سلسلة من الهجوم على رئيس الفيدرالي باول، واصفاً إياه بـ"الخاسر الأكبر"، ومتهماً إياه بالمتأخر في اتخاذ الإجراءات اللازمة، ونشر على موقعه الإلكتروني "تروث سوشيال" للتواصل الاجتماعي في الـ21 من أبريل (نيسان) الماضي منشورات قال فيها "قد يشهد الاقتصاد تباطؤاً ما لم يخفض ’السيد المتأخر جداً‘، الخاسر الأكبر، أسعار الفائدة فوراً"، مشيراً إلى أن "كثيرين يطالبون بتخفيضات استباقية في أسعار الفائدة".