ملخص
استأنفت إسرائيل حملتها العسكرية في مارس الماضي، بعد انهيار اتفاق وقف إطلاق النار الذي دعمته واشنطن وأسهم في وقف القتال لمدة شهرين. ومنذ ذلك الحين، منعت إسرائيل دخول المساعدات، مما أثار تحذيرات من الأمم المتحدة بأن سكان القطاع، البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، يواجهون مجاعة وشيكة.
أكد مسؤول كبير في "حماس" الأربعاء، أن الحركة مصرة على التوصل لاتفاق شامل لوقف النار مع إسرائيل، وليس لاتفاق جزئي.
وقال عضو المكتب السياسي للحركة باسم نعيم، لوكالة الصحافة الفرنسية إن "(حماس) وفصائل المقاومة تؤكد إصرارها على الوصول إلى اتفاق شامل ورزمة كاملة لإنهاء الحرب والعدوان وخريطة طريق لليوم التالي، وليس لاتفاق جزئي".
لا ضمانات
وأكد أن "أهم الشروط لأي اتفاق هي ضمان وقف الحرب والانسحاب من غزة، وإدخال المساعدات بشكل فوري" إلى القطاع المحاصر الذي يتضور سكانه جوعاً وعطشاً.
وأشار نعيم إلى أن هناك "محاولات مستميتة" قبل زيارة الرئيس دونالد ترمب إلى المنطقة "عبر جريمة التجويع واستمرار حرب الإبادة الجماعية والتهديد بتوسيع العمل العسكري لإنجاز اتفاق جزئي يعيد بعض الأسرى الإسرائيليين مقابل أيام محدودة من الطعام والشراب".
وأضاف "لا ضمانات من أي طرف للوصول إلى وقف الحرب، بخاصة مع توعد رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو باستئناف الحرب لاستكمال المهمة التي أعلن عنها منذ بداية الحرب وفشل، هو وجيشه، في تحقيقها وهي النصر المطلق واستعادة الأسرى".
وقال نعيم "هذه المحاولات لن تنجح في كسر إرادة شعبنا الفلسطيني ومقاومته".
مقتل 38 فلسطينياً
وقالت سلطات الصحة في قطاع غزة، إن 38 شخصاً في الأقل قتلوا اليوم الأربعاء، في ضربات إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين، وعلى سوق مزدحمة ومطعم في مدينة غزة. في وقت تواصل القوات الإسرائيلية هدم منازل وبنايات في رفح جنوب القطاع.
وقال مسعفون إن ضربتين استهدفتا مدرسة "الكرامة" في حي التفاح بمدينة غزة، وأشاروا إلى أن صحافياً محلياً يدعى نور عبده من بين القتلى، ما يرفع عدد الصحافيين الفلسطينيين الذين قُتلوا بنيران إسرائيلية منذ بدء الحرب إلى 213.
ولم يصدر تعليق بعد من الجيش الإسرائيلي.
وقالت سلطات الصحة في غزة إن ضربتين إسرائيليتين استهدفتا أيضاً مدرسة أخرى تؤوي نازحين في مخيم "البريج" وسط القطاع قتلت 33 في الأقل بينهم نساء وأطفال أمس الثلاثاء. وقال الجيش الإسرائيلي إنه ضرب "إرهابيين" يعملون من مركز للقيادة في المدرسة.
ودمرت الضربة فصولاً وتسببت في حفرة عميقة، وفتش نازحون في الحطام اليوم الأربعاء بحثاً عن بعض متعلقاتهم.
وقال علي شقرة وهو من شهود الضربة، إن المدرسة تؤوي 300 أسرة، ووصف ما حدث بـ"زلزال"، مضيفاً "ها هو المبنى سوي بالأرض. لا نجد لا جرة غاز ولا كيلو طحين ولا رزاً ولا صحن فول من المطبخ الخيري، والحمدلله لم نخرج إلا بما نلبس".
وفي رفح جنوب قطاع غزة قرب الحدود مع مصر، قال سكان ومصادر من حركة "حماس"، إن القوات الإسرائيلية التي سيطرت على المدينة تواصل تفجير وهدم المنازل والبنايات فيها.
وقالت "كتائب القسام"، الجناح العسكري لحركة "حماس"، اليوم الأربعاء إن مقاتليها فجروا لغماً في قوة مدرعة إسرائيلية شرق خان يونس.
وأضافت في بيان "تمكن مقاتلو القسام من تفجير حقل ألغام معد مسبقاً في قوة إسرائيلية مؤللة، وأوقعوهم بين قتيل وجريح على شارع العودة بمنطقة الفراحين شرق مدينة خان يونس، وبعدها دك مقاتلونا المكان بعدد من قذائف الهاون، ورصدوا سحب آلية مدمرة وهبوط الطيران المروحي للإخلاء".
توقف المساعدات
واستأنفت إسرائيل حملتها العسكرية في مارس (آذار) الماضي، بعد انهيار اتفاق وقف إطلاق النار الذي دعمته واشنطن وأسهم في وقف القتال لمدة شهرين. ومنذ ذلك الحين، منعت إسرائيل دخول المساعدات، مما أثار تحذيرات من الأمم المتحدة بأن سكان القطاع، البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، يواجهون مجاعة وشيكة.
واستولت القوات الإسرائيلية بالفعل على أراض تقدر مساحتها بنحو ثلث قطاع غزة، وأمرت السكان بالمغادرة وأقامت أبراج مراقبة ونقاط رصد على أراضٍ جرى إخلاؤها ويصفها الجيش بأنها مناطق أمنية.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه سيوسع نطاق الهجوم على "حماس" بعد أن وافق مجلس الوزراء الأمني المصغر على خطط ربما تشمل السيطرة على قطاع غزة بالكامل والتحكم في المساعدات.
لكن مسؤولاً دفاعياً إسرائيلياً قال يوم الإثنين، إن العملية لن تُشن قبل أن يختتم الرئيس الأميركي دونالد ترمب زيارته إلى الشرق الأوسط الأسبوع المقبل، مضيفاً أن هناك "فرصة سانحة" للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن خلال الزيارة.
الغزاويون كمجموعة
واعتبر مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، أن خطط إسرائيل لترحيل سكان غزة تثير "مزيداً من المخاوف" من أن هذه الإجراءات "تهدف إلى فرض ظروف حياة على الفلسطينيين تتنافى بشكل متزايد مع استمرار وجودهم كمجموعة" في القطاع.
وجاء في بيان صدر الأربعاء، عن فولكر تورك، أن "خطط إسرائيل المعلن عنها لترحيل سكان غزة قسراً إلى منطقة صغيرة في جنوب القطاع، وتهديدات مسؤولين إسرائيليين بترحيل الفلسطينيين إلى خارج غزة تثير مزيداً من المخاوف من أن إجراءات إسرائيل تهدف إلى فرض ظروف حياة على الفلسطينيين تتنافى بشكل متزايد مع استمرار وجودهم كمجموعة في غزة".
وحث خبراء مستقلون يعملون مع الأمم المتحدة، الدول على أن تتحرك "الآن" لمنع "القضاء" على الفلسطينيين في قطاع غزة.
وقال أكثر من 20 خبيراً مستقلاً في بيان "القرار جلي: إما الوقوف موقف المتفرج ومشاهدة مذبحة الأبرياء، أو المشاركة في صياغة حل عادل"، وحثوا العالم على تجنب "الهاوية الأخلاقية التي ننزلق إليها".
وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم الأربعاء، أن الوضع في قطاع غزة "هو الأشد خطورة على الإطلاق"، مضيفاً أن "عمليات التهجير القسري للفلسطينيين" الذي تخطط له إسرائيل هو "رد غير مقبول".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال ماكرون "لم يسبق قط أن ظل سكان محرومين من الرعاية الطبية وغير قادرين على إخراج الجرحى ومن دون غذاء ودواء وماء، كل هذه المدة"، مجدداً دعوة إسرائيل لإعادة فتح المعابر وإدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع الفلسطيني.
ونددت ست دول أوروبية من بينها إسبانيا وإيرلندا والنروج الأربعاء، بخطة إسرائيل الجديدة لتوسيع نطاق عملياتها العسكرية والسيطرة على غزة، وأعربت عن معارضتها "بشدة لأي تغيير سكاني أو في أراضي" القطاع الفلسطيني، مؤكدة أن ذلك سيشكل "انتهاكاً للقانون الدولي".
وقال وزراء خارجية الدول الست في بيان مشترك، إن تنفيذ خطة إسرائيل بالبقاء لأمد طويل في غزة، يعني "تجاوز خط أحمر جديد"، و"تقويض أي فرصة لحل الدولتين القابل للتطبيق".
وأضاف البيان الذي وقعت عليه أيضاُ سلوفينيا وأيسلندا ولوكسمبرغ، أن هذه الخطة تشكل "تصعيداً عسكرياً جديداً في غزة لن يؤدي سوى إلى تفاقم الوضع الكارثي بالنسبة إلى المدنيين الفلسطينيين وتعريض حياة الرهائن الذين ما زالوا محتجزين للخطر".
وأكدت الدول الأوروبية الست في بيانها المشترك، أن "غزة تشكل جزءاً لا يتجزأ من دولة فلسطين التي تنتمي إلى الشعب الفلسطيني"، داعية إسرائيل إلى اتخاذ "جميع التدابير" التي تضمن وصول الفلسطينيين إلى المساعدات الإنسانية، "من دون تأخير"، و"من دون عوائق".
وأضاف وزراء خارجية هذه الدول "نحث السلطات الإسرائيلية على التحلي بالاعتدال"، مؤكدين "دعمهم الثابت لحل الدولتين: إسرائيل وفلسطين تعيشان في سلام وأمن".
منطقة مجاعة
وناشد رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى الأربعاء، المجتمع الدولي وقف "الجريمة الإنسانية المتعمدة" المتمثلة في "المجاعة"، والتي قال إنها ترسخت في قطاع غزة.
وأعلن مصطفى في مؤتمر صحافي عقده في مكتبه بمدينة رام الله، قطاع غزة "منطقة مجاعة".
وقال "نناشد ضمير الإنسانية، لا تسمحوا أن يموت أطفال غزة جوعاً، لا تسمحوا باستخدام الغذاء والماء كأسلحة حرب وسيطرة، هذه المجاعة ليست كارثة طبيعية، بل هي جريمة إنسانية متعمدة، والصمت تواطؤ".
وحمل مصطفى "إسرائيل المسؤوليةَ الكاملةَ عن هذه الكارثة الإنسانية المتعمدة". وقال "المؤشرات الميدانية من مظاهر الجوع والعطش، والمشاهد اليومية لأجساد الأطفال النحيلة وصرخات الأنين من الألم التي تخرج من خيام النازحين ومن بين ركام المنازل والمستشفيات، كلها تدل على حقيقة صارخة واحدة هي أن غزة الآن أصبحت منطقة مجاعة".
وطالب مصطفى المجتمع الدولي بتطبيق قرارات الأمم المتحدة "التي تمنع استخدام الجوع كسلاح حرب ضد المدنيين".
يقود رئيس الوزراء الفلسطيني لجنة وزارية فلسطينية من مختلف التخصصات، تقوم برصد آثار الحرب الدائرة في غزة منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2023.
وقال مصطفى "إن 100 في المئة من سكان قطاع غزة في حال انعدام حاد للأمن الغذائي، وفقاً للمعايير الدولية، وفي ظل استمرار إسرائيل بحصارها وتشديده على قطاع غزة وإعاقتها المتعمدة لإدخال المساعدات".
وطالما حذرت الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية من كارثة إنسانية في قطاع غزة، حيث تفرض إسرائيل منذ الثاني من مارس الماضي، حصاراً مطبقاً. واتهم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إسرائيل الثلاثاء، بمحاولة "استخدام تدفق المساعدات كأداة حرب".
وقال الناطق باسم المكتب ينس لايركه "لم يعد هناك مساعدات لتوزيعها لأن عمليات الإغاثة تم شلها".
من جانبها، قالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، في اتصال هاتفي مع وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر الثلاثاء، إن الوضع الإنساني في غزة "لا يمكن أن يستمر" على هذا النحو، داعية إلى استئناف دخول المساعدات.
إعادة الإعمار
الأحد الماضي، وافق المجلس الأمني في إسرائيل على خطة للسيطرة الكاملة على قطاع غزة وتهجير سكانه.
وقال مسؤول إن المجلس وافق على "إمكان توزيع المساعدات الإنسانية" إذا لزم الأمر، بهدف "منع (حماس) من السيطرة على الإمدادات، وتدمير قدراتها".
واتهمت مجموعة من وكالات الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية في الأراضي الفلسطينية، إسرائيل بمحاولة "تقويض نظام توزيع المساعدات القائم، وإجبارنا على قبول تسليم الإمدادات عبر مراكز إسرائيلية تحت شروط تضعها القوات العسكرية".
وقال فريق العمل الإنساني في الأراضي الفلسطينية في بيان، إن "الخطة تنتهك المبادئ الإنسانية الأساسية وتبدو وكأنها مصممة لتعزيز السيطرة على العناصر الأساسية للحياة كأداة للضغط في إطار استراتيجية عسكرية".
وقال رئيس وزراء اليونان كيرياكوس ميتسوتاكيس اليوم الأربعاء، إن أثينا تدعم الخطة العربية لإعادة إعمار غزة بعد التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في القطاع، وتقدر الدور المحوري لمصر.
وأضاف ميتسوتاكيس بعد لقاء مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في أثينا، أن "الأولوية القصوى هي وقف الأعمال القتالية وعودة تدفق المساعدات الإنسانية إلى المدنيين"، مضيفاً أن الخطة تشكل أساساً واقعياً للنقاش عقب انتهاء الحرب.