Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رعب السرقات والإعدامات في غزة: تواطؤ مع إسرائيل أم تصفية خصوم؟

فرضت "حماس" حظر تجول يومي يبدأ من الساعة التاسعة مساء واتهمت إسرائيل بالوقوف وراء الفوضى والفلتان الأمني

سرقت مجموعة مسلحة مستودعات منظمات الأمم المتحدة وأوقفت المطابخ عن العمل (اندبندنت عربية - مريم أبو دقة)

ملخص

في ليلة سرقة غزة، نهبت عصابة مسلحة مناطق حضرية ومستودعات لمؤسسات إغاثية مهمة… "حماس" أعدمت ستة منهم واتهمتهم بالعمل مع إسرائيل.

عندما حل الظلام في شوارع غزة، تلثم 50 شخصاً وحملوا بنادق أميركية الصنع من نوع "M-16" ونفذوا أكبر عملية سطو مسلح ونهب وسرقة وقطع طرق في مناطق حضرية مكتظة بالسكان وسط مدينة غزة، مما نشر الخوف والرعب في قلوب الغزيين من الفلتان الأمني وانتشار الجريمة.

سرقة وبيع

وفي ساعات محدودة خلال ليلة واحدة، أطلقوا النار في الهواء ومباشرة دب الرعب في قلوب الغزيين، ثم هاجم المسلحون الملثمون مخازن برنامج الأغذية العالمي، وعندما وجدوه خالياً تماماً من المعونات الغذائية عاثوا في المكان فساداً وتدميراً وخراباً.

وبسرعة انتقل المقنعون بأسلحتهم إلى مستودع وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" وسرقوا المعونات الغذائية القليلة المتبقية فيه ونهبوا أكياس الطحين الذي يوزع مجاناً، وعرضوا تلك السلع للبيع الفوري بأسعار خيالية، إذ وصل سعر كيس الدقيق بوزن 25 كيلوغراماً إلى 510 دولارات أميركية.

داهمت تلك المجموعة بعد ذلك، مخازن خاصة لتجار، ومحال تجارية ومخابز مغلقة أبوابها، ونهبوا كل ما فيها من أغذية، ثم ألحقوا بها أضراراً بالغة، وأطلقوا الرصاص في كل مكان وصوب من يقطع طريقهم.

ليلة رعب كثير

كانت هذه الليلة مغايرة في غزة ومختلفة تماماً وفيها من الرعب كثير، ولم تتوقف هذه العصابة عند ذلك الحد، إذ انتقلت المجموعة المسلحة إلى مستدوع "مطابخ غزة العزة" التي تقدم آلاف الوجبات الساخنة للفقراء والنازحين في الحرب.

وعندما وصلت إلى المستودع، حاول رجال الأمن في المكان صدهم، وبسرعة انسحب اللصوص، لكن الطائرات المسيرة الإسرائيلية قصفت المكان وقتلت الحراس، وحينها تقدمت العصابة وسرقت عشرات الأطنان من المواد الغذائية.

وهم في طريقهم، كانت العصابة تعتدي على المارة ويسرقون مقتنياتهم، كذلك أطلقوا النار صوب سائق شاحنة تنقل مواد غذائية وقتلوه وألقوا جثته في الطريق واستولوا على العربة وفرغوا محتوياتها من الغذاء تماماً.
تطور الرعب كثيراً في هذه الليلة، إذ تجمع اللصوص وسط مدينة غزة وحاولوا اقتحام بعض البيوت، لكن الأجهزة الأمنية واجهتهم وطردتهم، وحينها قصفت الطائرات الإسرائيلية مجموعة الحماية وقتلتهم جميعاً وسقطت طفلة معهم ضحية، وقتها عاد المسلحون واستولوا على مقتنيات ثمينة من أحد البيوت.


شهادات خاصة

استمعت "اندبندنت عربية" لشهود عيان، وقال مؤيد "رأيت اللصوص من نافذة بيتي، أعتقد أنهم فئة مشبوهة، إذ كانت الطائرات المسيرة الإسرائيلية تحلق في كل منطقة يتوجهون إليها، على الأغلب هم يتحركون بحماية من الجيش".

أما رجائي فقال "كانت عمليات نهب وسرقة غير مسبوقة، تابعت ست سرقات، لقد رأيتهم ينفذون سطواً مسلحاً مرعباً على محال تجارية ومخابز كبرى في غرب المدينة التي تعد أكثر المناطق حضرية وبها ازدحام سكاني، لم أر مثل ذلك الرعب إنه الفلتان الأمني والفوضى والجريمة"، ويضيف الشاهد أحمد "كانت عصابات منظمة يخوضون اشتباكات بالأسلحة النارية مع رجال الشرطة والحراس المكلفين بحماية منشآت الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة، هذا يعني أننا وصلنا إلى أدنى مستوى من الأمن، لا أستطيع حماية أطفالي في هذا المجتمع، إنه تصعيد فظيع وصل مناطق حضرية كانت نسبة الجريمة فيها صفراً".
سكان غزة عاشوا في هلع وخوف ورعب، وبات لديهم شعور بأن تلك الحوادث قد تتكرر وتنتشر في جميع أنحاء القطاع ولن تقتصر على مناطق حضرية ومكتظة، وذكر يحيى "أعتقد أن تلك الحوادث ستتكرر، أخشى على نفسي من اتساع رقعة السرقة وانعدام الأمن الشخصي".

نهب متكرر

ومن وجهة نظر حسن، لن تستطيع أي جهة أمنية منع تكرار هذه الحوادث، لأنها تجري وسط تغطية من الجيش الإسرائيلي الذي يستهدف أي تحركات لعناصر الشرطة.

هذه ليست المرة الأولى التي تقع حوادث سرقة في غزة بطريقة منظمة، إذ تكرر ذلك كثيراً في فترة الحرب، وتعود بدايات ظهور العصابات المسلحة إلى الأوقات التي شددت فيها إسرائيل عملياتها البرية داخل القطاع، وتكررت حوادث السرقة من العصابات المسلحة في أوقات المجاعة الأولى، وفي أزمة الجوع الثانية عادت السرقات المنظمة إلى الواجهة وتزامنت مع مجاعة متصاعدة ونفاد مخزونات الأغذية والمساعدات.

حرمان من وجبات ساخنة

في وقت حرج جداً عملت العصابات المسلحة على سرقة الغذاء، إذ يتصاعد الجوع والأسواق شبه خالية من الطعام وما تبقى من مواد غذائية أسعارها خيالية، وكان لعمليات السطو آثار وخيمة جداً في الجائعين.
تقول صفاء "نعيش على الطعام الذي يوفره برنامج الأغذية العالمي والمطبخ المركزي العالمي وغيرها من مطابخ، وما إن نهبت اللصوص المستودعات حتى توقف عمل هذه المطابخ، منذ أمس وبطني يتضور جوعاً".

أما طه فيقول "كنت آكل الرز والعدس والفاصولياء من المطابخ التي سُرقت في ظل المجاعة الكبيرة التي يشهدها القطاع، لكن اليوم لا أجد هذه الأغذية، ذهبت بإناء لملئه بالطعام ووجدت المطابخ قد أغلقت أبوابها بعد نهبها".

وجهاد يقول "رأيت الأغذية المسروقة في الأسواق ولكنها بأسعار لا أستطيع شراءها، ثمن علبة اللحم 100 دولار، كم علبة أحتاج لأطعم خمسة أطفال وكم رغيف خبز، الجوع بدأ يأكلنا".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

رفع الغطاء العائلي

استنكرت العائلات في غزة عمليات السطو، ورفعت الغطاء العشائري عن أبنائها الذين يرتكبون مثل هذه الجرائم، وتعهدت بمحاربة اللصوص وقطاع الطرق. وصرح مدير عام الإدارة العامة لشؤون العشائر والإصلاح في فلسطين علاء الدين العكلوك "رفعنا الغطاء العائلي عن كل من يتورط في مثل هذه الأفعال"، ويضيف العكلوك "هذه الأفعال تلتقي مع أهداف إسرائيل وتخدم مخططاتها في ضرب وحدة المجتمع الفلسطيني وبث الفوضى وغياب العدالة، تل أبيب متورطة في توفير بيئة ملوثة داخل غزة".


إعدامات

من جهتها نفذت وزارة الداخلية في القطاع، على رغم توقفها عن العمل، حملة كبيرة ضد جماعات اللصوص المسلحين، وفي ليلة سرقة غزة قتلت أربعة لصوص وأطلقت النار على أقدام 17 آخرين، وبعدها بليلة أعدمت ستة متهمين بالسرقة وأطلقت النار على أقدام 13 آخرين.

فرضت "حماس" حظر تجول يومي في مدن غزة، يبدأ من الساعة التاسعة مساءً لتقييد حركة المدنيين وملاحقة المجرمين بعد ثبوت تواطئهم وضلوعهم في زعزعة الأمن العام. وأفاد مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي إسماعيل الثوابتة بأن "العصابة مارست جرائم النهب والترويع"، وأضاف "رصدنا عصابة مسلحة تتحرك تحت حماية غير معلنة من الطائرات الإسرائيلية، مارست جرائم النهب والترويع، هذه محاولة لاختلاق فوضى أمنية داخل القطاع، جميع العصابات تتحرك تزامناً مع الطلعات الجوية والاستهدافات التي ينفذها الجيش الإسرائيلي بما يعكس تنسيقاً واضحاً وممنهجاً لتفكيك الجبهة الداخلية".

وأكد الثوابتة أن الأجهزة الأمنية ألقت القبض على عدد من عناصر العصابات المتورطة بالاعتداء على المواطنين، واعترفوا بشكل صريح بتواصلهم مع جهة تابعة للجيش الإسرائيلي، وكانوا يتلقون منها توجيهات وتحريضاً لتنفيذ عمليات سطو وإثارة للفوضى.

وأشار إلى أنهم نفذوا "عدداً من أحكام الإعدام الثورية ضد عدد من كبار المجرمين الذين ثبت تورطهم في عمليات النهب"، مؤكداً أن "وزارة الداخلية عبر أجهزتها الأمنية تتابع الحوادث وتتخذ إجراءات رادعة".

حتى إن الرئاسة الفلسطينية استنكرت ما حدث في ليلة سرقة غزة، يقول المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة "شعبنا الفلسطيني لن يغفر لهذه العصابات جرائمها الشائنة التي ترتكبها في هذه الأوقات الصعبة التي يمر بها، كل هذه العصابات، ستتم محاسبتهم ومعاقبتهم".

أما إسرائيل فتنكر وقوفها وراء تلك العصابات، وقال المتحدث العسكري نداف شوشاني "على الأغلب 'حماس' هي التي تحرك هذه العصابات، إسرائيل تلتزم القانون الدولي الإنساني وقواعد الحرب".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير