Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف يساوم قادة التكنولوجيا على مبادئهم للحفاظ على علاقتهم بترمب؟

البيت الأبيض أحبط محاولة جيف بيزوس لمعرفة الرسوم الجمركية ضمن فصل جديد من استرضاء شركات المعلوماتية للرئيس

كان بيزوس من ضمن القادة الـ10 الكبار من أباطرة التكنولوجيا الذين جلسوا في المقدمة أثناء تنصيب ترمب  (أ ف ب/ غيتي)

ملخص

تحالف جيف بيزوس وكبار أباطرة التكنولوجيا مع دونالد ترمب يعكس تبادلاً نفعياً خطيراً بين المال والسلطة، حتى لو جاء على حساب الشفافية والمبادئ الليبرالية. لكن سياسات ترمب الاقتصادية قد ترتد سلباً عليهم، مهددةً أرباحهم وسط تراجع العولمة وتصاعد النزعة الحمائية.

من المعروف أن جيف بيزوس يمتلك شركتي "أمازون" و"بلو أوريجين" Blue Origin المتخصصة في السياحة الفضائية، وصحيفة "واشنطن بوست". وتقدر ثروته بنحو 200 مليار دولار، مما يجعله ثاني أغنى رجل في العالم. وفي المقابل، ومع ذلك، لم تحمه كل هذه الثروات والنفوذ من مكالمة هاتفية "غاضبة" من دونالد ترمب بحسب التقارير. فقد استشاط الرئيس غضباً عندما علم أن "أمازون"، أو في الأقل أحد أفرع إمبراطورية بيزوس الرقمية، تنوي إطلاع زبائنها على كلفة الرسوم الجمركية التي فرضها ترمب على التجارة. ونظراً إلى الكم الهائل من البضائع التي تستوردها "أمازون" من الصين، فإن خطوة كهذه كانت ستسبب حرجاً كبيراً لإدارة ترمب، التي تصر بشكل عبثي أن المستهلكين لا يدفعون ضريبة الاستيراد، بل يدفعها الأجانب، أي الصينيون في هذه الحال، أو ربما "أمازون" نفسها.

وكان من شأن هذه الخطوة أن تُظهر لأي أميركي لا يزال في شك أن الرسوم الجمركية ليست سوى ضريبة مبيعات على الواردات، وأن المستهلكين هم من يتحملون العبء الأكبر منها، لا سيما عندما تُفرض بمعدلات ترمبية. كما كانت لتعرّض الرئيس لاتهام بعدم الشفافية في شأن سياساته. من جهتها، شنت المتحدثة الصحافية المخلصة لترمب، كارولين ليفيت، هجوماً علنياً، قائلة: "هذا عمل عدائي وسياسي من ’أمازون‘"، وأضافت بصورة غير منطقية وغير ذات صلة: "لماذا لم تفعل ’أمازون‘ ذلك عندما رفع بايدن التضخم إلى أعلى مستوى له في 40 عاماً؟".

وقد تحدث ترمب عن مكالمته بالكلمات التالية، "كان جيف بيزوس لطيفاً جداً، كان رائعاً، لقد حل المشكلة بسرعة كبيرة، إنه رجل جيد".

إنه لأمر مثير للاهتمام. لا يُعرف على وجه اليقين إلى أي مدى اختار بيزوس المواجهة، إن كان قد فعل أصلاً، لكن ما هو مؤكد أنه ضحى مجدداً بالحقيقة من أجل كسب ود ترمب. ولا ينبغي أن يُشكل ذلك مفاجأة كبيرة، لا سيما أن بيزوس كان قد قوض في وقت سابق من هذا العام استقلالية التحرير في صحيفة "واشنطن بوست"، وأصدر توجيهاً قال فيه: "سنكتب كل يوم دعماً ودفاعاً عن ركيزتين: الحريات الشخصية والأسواق الحرة. سنغطي مواضيع أخرى بالطبع، لكن الآراء التي تعارض هاتين الركيزتين سيُترك نشرها للآخرين". [تراجع بيزوس و"واشنطن بوست" عن ذلك لاحقاً].

ولا يعد الأمر مفاجئاً أيضاً، إذا ما أخذنا في الحسبان أن بيزوس كان واحداً من 10 من أبرز أباطرة التكنولوجيا الذين جلسوا في الصف الأمامي لحفل تنصيب ترمب قبل أكثر من 100 يوم بقليل، وأشير إلى مكان جلوسهم بـ"صف المليارديرات"، وقد فاق مجموع ثروات الجالسين فيه أكثر من تريليون دولار. وكان بين أولئك الذين قدموا فروض الطاعة لسيدهم الأعلى أسماء بارزة ممن أسهموا في تشكيل الاقتصاد الحديث: تيم كوك (أبل)، سيرغي برين (ألفابت، غوغل، يوتيوب)، شو زي تشيو (تيك توك، وهو أقلهم ثراءً نسبياً)، مارك زوكربيرغ (ميتا، فيسبوك، إنستغرام)، سام ألتمان (أوبن أي آي)، وبالطبع إيلون ماسك، إمبراطور منصة "إكس".

جميعهم من نمط رجال الساحل الغربي، وكلهم كانوا ذات يوم ميالين لليبرالية والحزب الديمقراطي، لكنهم اليوم إما من الداعمين لترمب، أو في الأقل صامتون إزاء تجاوزاته. ارتدوا ملابس غير رسمية، وبدوا وكأنهم من أنصار السوق الحرة. وبعد انهيار هيبة وثروات أثرياء المصارف الاستثمارية في الأزمة المالية العالمية، أصبحوا هم "سادة العالم الجدد" – بشكل حرفي تقريباً، بالنظر إلى أحلامهم بالسفر بين الكواكب. لكنهم الآن يجدون أنفسهم جميعاً يُقبّلون خاتم رجل عقارات عجوز من مانهاتن، يرتدي بدلة رسمية بشكل دائم، ولا يعرف شيئاً عن البرمجة.

لكن، كم سيدوم هذا الوضع؟

من السهل أن نرى كيف يمكن أن تنشأ علاقة غير صحية من التعاون النفعي المتبادل عندما تترابط النخب السياسية والتكنولوجية إلى هذا الحد، بكل ما تحمله من أخطار الولاءات المزدوجة، وتضارب المصالح، والصفقات المشبوهة. وبالفعل، تعرض ماسك، بصفته رئيس شركة العملة المشفرة "دوغ كوين"، وترمب للانتقاد بسبب تلك العلاقة، وقد دافع ترمب عن ذلك بالقول إن ماسك "لا يحتاج إلى المال". لكن العلاقة مع ترمب لم تفد سمعة ماسك بشيء، بل ربما أضرت بمبيعات سيارات "تسلا" الكهربائية.

لكن الأذى الحقيقي الذي قد يُلحقه ترمب بأصحاب شركات التكنولوجيا لم يتضح إلا أخيراً. فقبل شجاره مع بيزوس، كما يُذكر، شوهد ترمب وماسك عبر نافذة وهما يتجادلان وقوفاً، وهناك ما يدعو إلى الاعتقاد بأن ماسك يعارض بشدة الرسوم الجمركية التي يفرضها ترمب - فهي ضارة جداً برجل يقوم بأعمال كثيرة في الصين (على رغم أنها تضر بمنافسيه الصينيين أكثر)، ولا يرى سبباً لأن تحاول أمريكا تصنيع كل شيء بنفسها. كما أن نية ترمب إلغاء التفويض المتعلق بالسيارات الكهربائية [القوانين أو السياسات الحكومية التي تلزم شركات صناعة السيارات إنتاج نسبة معينة من السيارات الكهربائية أو تدعم التحوّل نحوها]، وخفض الإنفاق على البنية التحتية لمحطات الشحن، تُعتبر خطوات رجعية تعوق طموحات ماسك في قطاع السيارات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي الحقيقة، تُعد سياسات ترمب الاقتصادية مدمرة لمصالحهم جميعاً، فشركاتهم العابرة للحدود تجسد العولمة التي كرس ترمب جهوده لتدميرها. وقد أراد في وقت من الأوقات حظر "تيك توك" (أو "تيك تاك"، كما يسميه ساخراً)، قبل أن يخبره أحدهم بأن هذا التطبيق الصيني يحظى بشعبية كبيرة لدى قاعدته الانتخابية.

تزدهر شركات التكنولوجيا العملاقة في عالم يتميز بحرية الوصول والانفتاح على الحدود، حيث تكون اللوائح التنظيمية في حدها الأدنى ويُشجع الابتكار. ومن بعض النواحي، يُعد ترمب هبة من السماء، إذ يُمارس ضغوطاً على الحكومات الأجنبية لتقديم إعفاءات ضريبية لأصدقائه وتعيين جهات تنظيمية متساهلة، لكنه من نواحٍ أخرى يُعد كارثة. فشن حرب تجارية مع الصين قد يؤدي إلى ركود عالمي، وهذا لن يعزز أرباح أي من هذه الشركات. وهناك أيضاً خطر أن تؤدي موجة تراجع العولمة إلى دفع الصين (وربما حتى أوروبا العجوز والمتصلبة) إلى تطوير بدائلها الخاصة – مثل أقمار ستارلينك الاصطناعية التي يملكها ماسك، أو الأجهزة الذكية من "أبل"، أو برامج التوليد المتعددة للذكاء الاصطناعي.

يَعِد ترمب الأميركيين بـ"عصر ذهبي" يُحاكي عصراً سابقاً يُعرف بـ"العصر المذهَّب"، سبق اندلاع الحرب العالمية الأولى، حينما بسط جيل من الأوليغارشيين الأميركيين سيطرتهم على الصناعات الناشئة آنذاك – مثل سكك الحديد والنفط والصلب والبنوك الاستثمارية – ومارسوا نفوذاً وسلطة مفرطين. وفي واحدة من آخر خطواته كرئيس، حذر جو بايدن من عودة هذا النموذج، بما يحمله من فجوات طبقية صارخة وظلم اجتماعي فاحش. لكن الشعب الأميركي، في نهاية المطاف، تمرد على هذا الواقع، وانتخب مشرعين ورؤساء عُرفوا بـ"محطّمي الاحتكارات"، وحرروا أنفسهم عبر تفكيك تلك الإمبراطوريات الاقتصادية.

سيكون من الحكمة لعمالقة التكنولوجيا أن يتجنبوا مصيراً مماثلاً، ويبتعدوا قليلاً عن الشعبية المتناقصة للرئيس ترمب.

© The Independent

المزيد من آراء