Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تأمين مصالح إسرائيل الأمنية تسبق إعلانها الدفاع عن دروز سوريا

سيناريوهات متضاربة لتحديد كيفية التعامل مع الموقف بدءاً من نموذج "جيش لحد" وصولاً إلى الكانتون الدرزي

مسلح درزي يتحدث إلى قوات الأمن السورية عقب التوصل إلى اتفاق لانتشارها حول ضاحية جرمانا، في وقت مبكر من يوم الجمعة 2 مايو الحالي (أ ب)

ملخص

تسعى إسرائيل من خلال إعلانها التدخل لحماية دروز سوريا إلى تأمين مصالحها الأمنية أولاً ومن ثم الاستجابة لنداءات داخلية صادرة عن جهات بارزة عدة.

موجة القصف الواسعة التي نفذها سلاح الجو الإسرائيلي في سوريا ليل الجمعة - السبت جاءت لتؤكد ما كشف عنه أكثر من أمني وخبير إسرائيلي من أن العمليات العسكرية في سوريا لن تكرس حماية الدروز فحسب، إنما مصلحة إسرائيل في سوريا. وجاء هذا القصف بعدما اعتبر رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يسرائيل كاتس، قصف القصر الجمهوري في سوريا مساء الخميس مجرد رسالة تحذير للنظام لحماية الدروز الذين يتعرضون لاعتداء.

أقل من 24 ساعة كشفت تفاصيل عما تخطط له إسرائيل في سوريا تحت ذريعة "حماية الدروز" وتجاوز قصف ليل السبت مسألة رسالة التحذير لرئيس الجمهورية العربية السورية أحمد الشرع. فتهديدات القيادات الإسرائيلية والأوامر التي أصدرها رئيس الأركان أيال زامير إلى قوات جيشه بالانتشار في جنوب سوريا كانت الاستعدادات الأولية لتوسيع العمليات ضمن ما تخطط له إسرائيل.

العمليات لمصلحة إسرائيل

"حماية الدروز في سوريا"، عنوان أثار نقاشاً واسعاً حول إمكان أن تخصص إسرائيل وحداتها العسكرية من أجل حماية الدروز، وإن كانت هناك ضغوط كبيرة تمارس من قبل دروز إسرائيل. وبحسب الخبيرة العسكرية كرميلا منشه فإن مصلحة إسرائيل في سوريا هي ما تستدعي تنفيذ العمليات لضمان أمن الجنود المنتشرين هناك ولاحقاً أمن الحدود أيضاً. وأضافت، "هناك مصلحة أمنية إسرائيلية واضحة جداً. ليس فقط وضع الدروز يقلق إسرائيل أو يهمها إنما أيضاً المتشددون الذين سيجلسون على حدودنا ويهددون أمننا وأمن الحدود. نحن نتحدث عن رئيس جاءنا من (داعش)، والدروز هم ذريعة، إذ إنهم لا يسكنون بلدات محاذية لنا، من سنراه محاذياً لنا هم المتشددون، وربما (داعش)، وهنا يكمن الخطر الذي ينبغي مواجهته عبر مختلف خطط عسكرية أو تفاهمات دولية، ولكن هذا الخطر الذي يجب مواجهته".

الخطط المكشوفة لإسرائيل تظهر أنها تهدف إلى ضمان أمن الدروز، لكنَّ خلف الكواليس أبحاثاً في أكثر من سيناريو لتحقيق أهداف إسرائيل وأطماعها المستقبلية في سوريا، لكنها تعرض تحت عنوان "حماية الدروز".
جنرال احتياط عاموس مالكا الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية عزز ما كشف من خطط وقال بكل وضوح إن "إسرائيل بقصفها القصر الجمهوري ومناطق ريف دمشق تريد اختبار النظام السوري الذي لم تحسم بعد طبيعته وسياسته تجاهها". وصرح عاموس مالكا، "صحيح أن إسرائيل ما زالت تحتفظ بخطوط دفاع متقدمة، لكن من غير المؤكد أنها بلورت حقاً استراتيجية حول ما الذي تريده. كل موضوع الدروز يرتبط بالصلة بين الدروز في إسرائيل والدروز في سوريا ولا أعتقد أن إسرائيل سترسل قوات معززة وتنشر وحدات عسكرية في منطقة واسعة وتقوم بمناورة ميدانية فقط من أجل قضية الدروز، إنما رسالة ردع للنظام السوري".

وجاءت أوامر رئيس أركان الجيش بنشر قوات معززة والاستعداد لتنفيذ عمليات عدة لتعزز هذا الحديث، بل ما جرى من استهداف ليل الجمعة – السبت يؤكد أن إسرائيل ماضية في حربها تجاه سوريا لتحقيق أهدافها الأمنية والمستقبلية".

الجبهة السورية من ضمن الأولويات

وفي جلسة تقييم أمني للوضع في سوريا بمشاركة نتنياهو وكاتس ووزيري الخارجية جدعون ساعر والشؤون الاستراتيجية رون ديرمر إلى جانب رئيس جهاز الشاباك رونين بار وكبار قادة الأجهزة الأمنية، قررت إسرائيل إبقاء الجبهة السورية ضمن أولوية أجندتها الأمنية في المنطقة، ونوقشت خطط عدة لمواجهة ما سمتها إسرائيل نشاطات التنظيمات المعادية لها، والتي تهدد وحداتها العسكرية المنتشرة في سوريا ومنطقة الحدود إلى جانب سبل التعامل مع حماية دروز سوريا.

وكان المجلس الوزاري الأمني المصغر قد قرر فتح الحدود أمام المصابين الدروز للعلاج في المستشفيات الإسرائيلية ونقل في أقل من 24 ساعة 11 درزياً مصاباً إلى مستشفى "زيف" في صفد لتلقي العلاج.

السيادة الإسرائيلية على بلدات الجنوب

التحذيرات التي أطلقها نتنياهو وكاتس بعد قصف سوريا، من عدم السماح بوصول التنظيمات إلى جنوب سوريا ومواجهتها بمختلف السبل، جاءت في سياق ما كشف عن خطة تبحثها إسرائيل حول كيفية ضم بلدات جنوب سوريا إلى سيادتها والتعامل مع الدروز هناك على نمط التعامل مع دروز الجولان السوري المحتل، بل نقل عن مسؤول إسرائيلي أن الخطة تتضمن سبل التعامل مع دروز سوريا، في حال تم تنفيذها، بمساواة الحقوق كما هم الدروز من فلسطينيي 48.

في المقابل هناك من يطرح نقل نسخة لبنانيي "جيش لحد" (جيش لبنان الجنوبي) الذين سمحت لهم إسرائيل بالدخول إليها عام 2000، إلى دروز جنوب سوريا، بحيث تفتح إسرائيل الحدود أمام من يرغب منهم بالدخول إليها والعيش فيها. كما يرى عاموس مالكا في هذا الجانب أن "هذا المقترح غير مفضل في الوقت الحالي كون إسرائيل تخطط للبقاء فترة طويلة في المناطق التي ينتشر فيها الجيش اليوم، خصوصاً جنوب سوريا". وأضاف أن "المجتمع الدرزي في إسرائيل هو شريك أمني كبير، ونحن مدينون لهذا المجتمع أيضاً بحماية أفراد عائلاتهم على الجانب الآخر، طبعاً هذا يكون حتى حد معين، لكن استيعابهم عندنا ليس السيناريو الأول المفضل، لأن هناك أصواتاً من سوريا تؤكد أن دروز سوريا يريدون البقاء في أرضهم وبلداتهم".

لكن مالكا شدد على أنه "لا أحد يعلم أي تطورات تحدث على هذه الجبهة، في حال حدوث تغييرات وتطورات غير متوقعة قد يصبح هذا السيناريو واقعياً".

فرصة لتحقيق حلم يغئال آلون

في سيناريو آخر لم تسقطه إسرائيل من حساباتها هو فرض السيطرة الإسرائيلية على بلدات الجنوب السوري التي يسكنها دروز وتحويلها إلى منطقة إسرائيلية بنقل نسخة السيطرة على الجولان. ويرى المستشرق والباحث يسرائيل شابيرا أن "الوضع الذي تشهده سوريا اليوم يشكل فرصة لا تعوض لتحقيق حلم يغئال آلون الرجل السياسي العسكري الإسرائيلي الذي سبق وتولى مناصب عسكرية ثم سياسية كعضو كنيست وأحد قادة حزب العمل. حلم الون هو إقامة الجمهورية الدرزية التي تمتد على جنوب سوريا، بما في ذلك الجولان". وكما يرى شابيرا فإن "الواقع المتفكك في سوريا فرصة جديدة لتحقيق هذا الحلم".

نتنياهو وكاتس سبق وصرحا بأن إسرائيل تسعى إلى البقاء في بلدات جنوب سوريا، حيث ينتشر الجيش، من دون تحديد جدول زمني وذلك تحت ذريعة "حماية الدروز"، بينما يؤكد شابيرا أن السيناريوهات المطروحة على متخذي القرار عديدة ومن بينها عادت إلى الواجهة من جديد فكرة الدولة الدرزية "خصوصاً في عصر تفكك الدول في الشرق الأوسط"، على حد تعبيره.

غير أن شابيرا لا يفضل هذا السيناريو وأوصى متخذي القرار "بسيطرة الجيش الكاملة على كافة المناطق الدرزية في سوريا، وإذا أمكن، بمساعدة من إدارة ترمب، تنفيذ ضم للمناطق الدرزية، على غرار ما حدث في هضبة الجولان ومنح الدروز حقوقاً متساوية مثل دروز الجولان، وأيضاً دروز الكرمل والجليل".

حماية الدروز مصلحة أمنية لإسرائيل

من جهة أخرى دعا رؤساء المعارضة الإسرائيلية الحكومة إلى التدخل في سوريا بظل التطورات الأخيرة. وقال رئيس المعارضة يائير لبيد في تغريدة على منصة "إكس" إن "إسرائيل لا تستطيع أن تهمل الدروز في سوريا وتتركهم لمصيرهم وعلى النظام السوري أن يعلم أن الدروز حلفاؤنا ولن نقف جانباً وهو يهاجمون". أما رئيس المعسكر الوطني، بيني غانتس فقال إنه تحدث مع الشيخ موفق طريف (الزعيم الروحي لدروز إسرائيل) ليؤكد أن في مساعدة الدروز مصلحة أمنية لإسرائيل. وأضاف "من المهم الفهم أنه قبل كل شيء يجري الحديث عن تحالف قيمي مع من يقاتل معنا ويعيش معنا ولهم أقرباء وإخوة يتعرضون للخطر. علاوة على ذلك، لدينا مصلحة أمنية من الطراز الأول في حماية المناطق الخاضعة لسيطرة الدروز في سوريا، ولن نسمح للمجموعات المتطرفة بتقوية سيطرتها وتأثيرها في الدولة".

وما بين دعوة غانتس ولبيد رأى الرئيس السابق لحزب "ميرتس" يوسي بيلين أن الوضعية الحالية في سوريا تتطلب من إسرائيل البحث من طريقة حوار مع أحمد الشرع وبرأيه "يحتمل أن يكون الشرع يتخفى في زي رجل سلام، وإذا وافقت إسرائيل على الحديث معه فإنها ستتمسك برأيها في أن يكون لسانه وقلبه متساويين، لكن تنكرها للرئيس السوري الجديد هي سياسة غير مسؤولة. إذا كان الشرع حقاً مستعداً لأن ينضم إلى اتفاقات أبراهام، فجدير فحص هذا بجدية، قبل أن يصبح مرعياً كاملاً لأردوغان، الذي أصبح أحد كبار كارهينا".

ولفت بيلين إلى أن خطوة كهذه من طرف إسرائيل سيراها الرئيس الأميركي دونالد ترمب إنجازاً مهماً "فيما سيكون الأهم بمثل خطوة كهذه إبعاد سوريا أكثر فأكثر عن الارتباط بإيران، وهذا يستدعي التوجه نحو محادثات مع الشرع".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تباين مواقف دروز إسرائيل

على الجبهة الدرزية الثانية داخل إسرائيل هناك انقسام وخلافات في الرأي، لكن الصوت الأعلى هو الذي يدعو إلى شن عمليات قصف ومواجهات داخل سوريا لحماية الدروز وهذا الموقف يتبناه الرئيس الروحي للطائفة الدرزية الشيخ موفق طريف وشريحة كبيرة من الدروز يبرز بينهم أعضاء في الكنيست وجنود وضباط في الجيش الإسرائيلي.
ويجري الشيخ طريف تنسيقاً مستمراً مع القيادة الإسرائيلية لمتابعة ما يجري، وتم الترويج لفيديو وهو يجلس إلى جانب وزير التعليم الإسرائيلي يوآف كيش لتنسيق الخطوات. وقال الوزير كيش "أجلس هنا مع الشيخ موفق طريف ووجهاء الطائفة، وهناك قلق هائل في شأن المجازر التي يقولون إنها على وشك الحدوث، ضمن أحداث شغب تنفذها جبهة النصرة بتحريض وتدخلات من قوى وميليشيات ضد القرى الدرزية. دولة إسرائيل ستحافظ على الدروز في سوريا ولن تسمح بإلحاق الأذى بهم هذا هو الالتزام الذي قاله وزير الدفاع ورئيس الحكومة ونحن نقف خلف هذا الالتزام".

وفي فيديو آخر ظهر فيه عضو الكنيست حمد عمار عن حزب "إسرائيل بيتنا" برئاسة أفيغدور ليبرمان، وخلفه مجموعة من أبناء الطائفة الدرزية يبعث برسالة إلى نتنياهو وكاتس يطالبهما فيها بتنفيذ وعودهما بحماية الدروز قائلاً "نتنياهو وكاتس لقد صرحتما بعدم السماح بالحاق الأذى بالطائفة الدرزية في سوريا ووعدتما بالدفاع عنهم ولم تنفذ كل وعودكما وتصريحاتكما وسمحتم لـ(داعش) بالدخول إلى بلدات درزية، ونحن نقول من هنا لن نصمت ولن نسمح بذبح إخوتنا في سوريا".
ونقل أنه تم تشكيل فرقة خاصة من الجنود الدروز ستكون على استعداد للدخول إلى سوريا لحماية الدروز إذا لم تتم حمايتهم من قبل إسرائيل.

على المقلب الدرزي الآخر في سوريا هناك من يرفض أي تدخل إسرائيلي في الشأن السوري ويعتبرون أن ما تقوم به إسرائيل لا يمت بصلة لحماية الدروز، بل لتنفيذ مطامعها للاستيلاء على مناطق واسعة في سوريا، بين هؤلاء "لجنة المبادرة الدرزية" و"الحركة التقدمية الدرزية للتواصل".

الواقع السوري معقد

وفي حديث مع "اندبندنت عربية" قال عضو الكنيست السابق الناطق بلسان الحركة التقدمية الدرزية للتواصل المحامي سعيد نفاع إن "ما تظهره إسرائيل من سعي لإنقاذ دروز سوريا لا يعكس الواقع الحقيقي هناك. كما أن قضية الدروز هناك هي شأن سوري محض". وأضاف، "لا شك أن الواقع السوري معقد ومقلق، ولكن محاولة استدراج قوى خارجية للتدخل، وتحديداً إسرائيل، لن تؤدي إلى حل الوضع في سوريا ولا حماية الدروز. وسياسة إسرائيل بالذات تجاه سوريا هي سياسة قديمة وقد حلمت لسنوات طويلة، حتى ما قبل النكبة، بالاستيلاء على سوريا وتقسيمها وهذا الحلم ما زال قائماً، حتى في هذه الأيام التي تستثمر وتستغل إسرائيل فيها كل فرصة تتاح لها للعودة إلى طرح مثل هذا الأمر، وهذا كله يتم تحت ذريعة حماية الدروز".

وأكد نفاع أنهم لن يصمتوا "أمام تدخل إسرائيل في الشأن السوري واستخدام الدروز أداة لتحقيق الأهداف الإسرائيلي. السبيل الوحيد هو إغلاق الطريق أمام أي تدخل خارجي يهدف إلى تقسيم سوريا إذا لم يكن لدويلات إنما إلى كانتونات، كما تريد إسرائيل". ويؤكد نفاع أن "حل القضية لا يتم الا بالحوار السوري الداخلي من دون تدخل إسرائيل".

وابدى نفاع استهجانه لادعاءات إسرائيل في الدفاع عن الدروز في سوريا أو طرح مخططات لضمان حقوقهم، داعياً الحكومة الإسرائيلية إلى البحث عن سبل لضمان حقوق الدروز وفلسطينيي 48 عموماً، الذي يواجهون تمييزاً ويتصدون لسياستها العنصرية الهادفة إلى تهجير كل من ينطق بالعربية منذ قيامها وعدم حصولهم على حقوقهم ومساواتهم ببقية سكان إسرائيل".

وشهدت مناطق عدة في إسرائيل تظاهرات واحتجاجات للدروز تم خلالها احراق إطارات وإغلاق شوارع رئيسة احتجاجاً على الاعتداءات التي يتعرض لها دروز سوريا ودعوا الحكومة والجيش الإسرائيلي إلى اتخاذ كافة الإجراءات لضمان حماية الدروز هناك. ومنعاً لاتساع التظاهرات والاحتجاجات تحدث نتنياهو الجمعة مع الشيخ موفق طريف.

وجاء في بيان من مكتب نتنياهو أن رئيس الحكومة دعا إلى احترام القانون في إسرائيل ووقف الاحتجاجات والتظاهرات، قائلاً إن "إسرائيل هي دولة قانون، وعلينا جميعاً احترام ذلك، وأن هذا مطلب أساس لا يمكن التساهل فيه". كما جاء في البيان أن طريف وافق مع نتنياهو ورد قائلاً إن "جميع زعماء الطائفة شجبوا مظاهر العنف وانتهاكات القانون التي خرجت من الطائفة"، مؤكداً أن الطائفة الدرزية ستستمر في احترام القانون".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات