Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مدارس الخرطوم تفتح أبوابها... هل انتهى امتحان الحرب؟

مؤسسات تعليمية مدمرة وتلاميذ نازحون ورواتب متوقفة منذ 17 شهراً وأزمات في الكهرباء والمياه وملاعب تحولت إلى مقابر

مصير فتح المدارس يتأرجح بين إصرار الحكومة ورفض وتحفظات المعلمين والمتخصصين التربويين (أ ف ب)

ملخص

اعتبر الناطق الرسمي باسم لجنة المعلمين السودانيين سامي الباقر أن "خطوة عودة المعلمين إلى الخرطوم تحتاج إلى مطلوبات مهمة يجب عدم تجاهلها، منها قضية تشرد المعلمين ما بين نازحين ولاجئين داخل البلاد وخارجها، والوضع الكارثي الذي يعيشونه في ظل ظروف الصراع المسلح، إلى جانب أوضاع التلاميذ والطلاب أنفسهم".

بعد عامين من توقف الدراسة وإغلاق المؤسسات التعليمية الحكومية والخاصة في العاصمة السودانية بسبب الحرب الدائرة بين الجيش وقوات "الدعم السريع" منذ أبريل (نيسان) 2023، أعلنت ولاية الخرطوم عودة المعلمين والعاملين في قطاع التعليم لمزاولة أعمالهم تمهيداً لفتح المدارس بجميع المراحل الدراسية، عقب تحرير العاصمة من قبضة "الدعم السريع".

ويأتي قرار حكومة ولاية الخرطوم في ظل ظروف وتداعيات الصراع المسلح ودمار المؤسسات التعليمية وعدم صرف مستحقات المعلمين لأكثر من 17 شهراً، إضافة إلى أزمات الكهرباء ومياه الشرب وتدهور الأوضاع الصحية، مما يجعل مصير فتح المدارس يتأرجح بين إصرار الحكومة ورفض وتحفظات المعلمين والمتخصصين التربويين.

 

اعتبر الناطق الرسمي باسم لجنة المعلمين السودانيين سامي الباقر أن "خطوة عودة المعلمين إلى الخرطوم تحتاج إلى مطلوبات مهمة يجب عدم تجاهلها، منها قضية تشرد المعلمين ما بين نازحين ولاجئين داخل البلاد وخارجها، والوضع الكارثي الذي يعيشونه في ظل ظروف الصراع المسلح، إلى جانب أوضاع التلاميذ والطلاب أنفسهم"، وأضاف الباقر "البيئة المدرسة غير مهيأة لاستقبال المعلمين والطلاب بسبب الدمار والتخريب الذي حدث للمؤسسات التعليمية في ولاية الخرطوم جراء القصف العشوائي، فضلاً عن عمليات السلب والنهب التي استهدفت الأثاث والكتب المدرسية، إضافة إلى تفاقم أزمات الكهرباء ومياه الشرب، وكذلك تحول ساحات بعض المدارس إلى مقابر خلال الأيام الأولى للاشتباكات المسلحة".

وأوضح أن "المعلمين يعيشون ظروفاً مأسوية كونهم شريحة محدودة الدخل، وعلى رغم الأوضاع الصعبة التي يعيشها الآلاف منهم لم يتقاضوا رواتبهم لمدة 17 شهراً، لذا تعد قضية المرتبات من أولويات المرحلة المقبلة"، وأردف "استمرار العملية التعليمية وفتح المدارس من أولوياتنا، لكن هذه الخطوة تحتاج إلى تدخلات عاجلة لتأمين البيئة الملائمة، لا سيما أن رؤية لجنة المعلمين السودانيين تقوم على أسس العدالة والشمول مع معالجة القضايا الناتجة من الحرب".

جهود حكومية

في السياق قال وزير التربية والتعليم السوداني المكلف أحمد خليفة عمر إن "الوزارة ستباشر أعمالها من ولاية الخرطوم، إضافة إلى المشاركة في حملة تنظيف العاصمة وإزالة الأنقاض ومخلفات الحرب في منطقة شارع النيل"، وأضاف "نحن منحازون للمعلمين وسيجدون الإنصاف تقديراً لجهودهم الكبيرة، بخاصة بعد تكوين لجنة للنظر في زيادة المرتبات، فضلاً عن التزام الحكومة الانتظام في سداد رواتب عام 2025، وجدولة مستحقات عام 2024".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وناشد عمر المنظمات الدولية والوطنية الإسهام في إعادة إعمار ما دمرته الحرب، واستعادة النظام التعليمي وعودة التلاميذ والطلاب للدراسة من جديد.

وشدد وزير التربية والتعليم السوداني على ضرورة إحكام التنسيق بين الوزارة والمنظمات، ووضع ضوابط تحكم عملها، مع ضرورة توافق خطط العمل لتجنب إهدار الموارد بتحديد الأولويات.

على النحو ذاته، وصف المتخصص التربوي عبدالرحمن يونس، قرار ولاية الخرطوم القاضي بإلزام المعلمين والعاملين في قطاع التعليم بالعودة إلى العاصمة في الظروف الحالية، وتهديدهم بالعقوبات حال عدم التنفيذ بأنه "سياسي ولا علاقة له بالعملية التعليمية، والهدف الأساس من هذه الخطوة هو إرسال رسالة مفادها أن الأوضاع في الخرطوم مستقرة وآمنة لا أكثر".

 

وأشار يونس إلى أن "التحدي الأكبر يتمثل بتوفير الأمن للمؤسسات التعليمية، فاستهداف المسيرات لا يزال مستمراً، وهناك أبرياء يموتون في المدن الآمنة ومراكز الإيواء، فكيف يكون الحال لو حدث ذلك لمعلمين وتلاميذ؟ ففي ظل هذه الأوضاع لن يكون هناك استعداد نفسي لدى المعلمين للعمل، وعلى وزارة التربية والتعليم الانتظار ريثما تتغير الظروف الحالية".

وطالب بتشكيل لجنة قومية للنظر في إعادة فتح المدارس بمدينتي الخرطوم وبحري، برئاسة وزارة التربية الاتحادية وعضوية ممثلين من المعلمين لدراسة الوضع ورفع توصيات واقعية وشفافة في شأنه.

آليات وخطوات

على صعيد متصل أكد مدير عام وزارة التربية والتعليم بالخرطوم قريب الله محمد أحمد، "التزام الحكومة توفير كل المعينات لاستئناف العام الدراسي، وإتاحة الفرصة لكل طالب وطالبة لتلقي التعليم في بيئة سليمة وآمنة، على رغم تحديات تأخر صرف استحقاقات ورواتب المعلمين وهجرة أعداد كبيرة منهم للولايات بسبب الحرب".

 

وكشف عن تعديات ممنهجة من ميليشيات "الدعم السريع" "بتخريب البنى التحتية ونهب الأثاث المدرسي وإتلاف أكثر من 16 ألف وحدة إجلاس وكميات من الكتب في مخازن الوزارة والمدارس، إلى جانب التدمير الكامل لمطبعة الوزارة المعنية بطباعة الكتب والأدوات المدرسية".

ولفت إلى أن "المصفوفة الصادرة من وزارة التربية والتعليم بولاية الخرطوم شملت آليات مباشرة العاملين في المدارس وإدارات التعليم بالمحليات عملهم عقب مقابلة مديري التعليم، إذ يُوزعون حسب حاجات العمل بالمحلية أو المدارس التابعة لها، أما العاملون في رئاسة الوزارة فعليهم مقابلة مديري إداراتهم لتعبئة استمارة مباشرة العمل".

منذ مايو (أيار) 2023 والمؤسسات التعليمية الحكومية والخاصة في الخرطوم موصدة الأبواب بسبب اندلاع المعارك بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع"، حيث يشهد السودان أسوأ أزمة تعليمية نتيجة تعطيل الدراسة على نطاق واسع في جميع المستويات، ولم يتمكن أكثر من 90 في المئة من الأطفال في سن المدرسة، والمقدر عددهم بـ19 مليون طفل، من الوصول إلى التعليم الرسمي وسط تحذيرات من أن يؤدي التعطيل المستمر للتعليم إلى أزمة تراكم دفعات وأجيال في البلاد.

وبحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) فإن 17 مليون طفل خارج المدارس حالياً، بينهم 7 ملايين كانوا خارج النظام التعليمي قبل اندلاع الصراع المسلح، مشيرة إلى أن هذه الأزمة تعد من أسوأ أزمات التعليم في العالم بالنظر إلى ما شهدته العملية التعليمية من تذبذب واضح.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير