Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

شارع الحبيب بورقيبة... تظاهرات متزامنة وشعارات تتصارع

أنصار قيس سعيد ينددون بـ"التدخل الأجنبي" واتحاد الشغل يهتف لـ"الحريات والأجور" ومراقبون يرونها "محاولات لإثبات الوجود"

هكذا تبحث كل الفعاليات الحزبية والنقابية والحقوقية عن مشروعية ميدانية، بحسب مراقبين (أ ف ب)

ملخص

كان لافتاً في هذه التحركات الشعبية أنها جاءت متزامنة من ناحية المكان والتوقيت، فالمكان هو شارع الحبيب بورقيبة رمز الثورة التونسية، أما الزمان فهو احتفال تونس بعيد الشغل، بما له من دلالة رمزية تتوافق مع مطالب الثورة المتمثلة في الشغل والحرية والكرامة.

شهد شارع الحبيب بورقيبة بوسط العاصمة التونسية انطلاق ثلاث تظاهرات وتجمعات شعبية متزامنة نفذها عدد من الفعاليات الحزبية والسياسية وأنصار الرئيس قيس سعيد، فضلاً عن عدد من المنتمين للاتحاد العام التونسي للشغل وقيادات الصف الأول فيه، ونقابيين وحقوقيين ونشطاء في المجتمع المدني من السلطة والمعارضة.

وكان لافتاً في هذه التحركات الشعبية أنها جاءت متزامنة من ناحية المكان والتوقيت، فالمكان هو شارع الحبيب بورقيبة رمز الثورة التونسية، أما الزمان فهو احتفال تونس بعيد العمال، بما له من دلالة رمزية تتوافق مع مطالب الثورة المتمثلة في الشغل والحرية والكرامة.

أوتار السيادة

أول هذه التجمعات كان لعدد من أنصار حزب "مسار 25 جويلية" (الداعم للرئيس قيس سعيد)، إذ نفذوا وقفة أمام المسرح البلدي للتعبير عما اعتبروه "رفض التدخل الأجنبي في الشأن الداخلي، ولمساندة رئيس الجمهورية قيس سعيد".

وردد المشاركون في الوقفة هتافات تدعو الرئيس إلى "الاستمرار في محاربة الفساد وتطهير الإدارة"، معبرين عن "مساندتهم التامة له في مختلف قراراته، ورفضهم مختلف صور التدخل الأجنبي في الشأن الوطني".

 

الأمين العام لحزب "مسار 25 جويلية" محمود بن مبروك، قال لـ"اندبندنت عربية" إن الهدف من هذه الوقفة "تأكيد رفض كل محاولة لبعض الدول الأجنبية التدخل في الشأن الداخلي التونسي"، معتبراً أن "المس بالسيادة الوطنية خط أحمر لا يمكن تجاوزه". وأوضح بن مبروك إن "معظم دول العالم التي تحترم سيادتها لا تسمح بأي تدخل أجنبي في شؤونها الداخلية"، مطالباً بأن تتعامل هذه البلدان مع تونس باعتبارها دولة مستقلة لها سيادتها، وهي بدورها لا تتدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة أخرى.

وأضاف أن من وصفهم بـ"العملاء والخونة" ما زالوا "يحنون إلى المنظومات الاستعمارية ويستنجدون بها عبر منظمات حقوقية بدعوى الدفاع عن حقوق الإنسان"، معتبراً أن هدف هذه المنظمات هو التدخل في الشأن الوطني ومشاركة رئيس الجمهورية الحكم"، وفق تعبيره.

في المقابل، يقول المحلل السياسي باسل ترجمان لـ"اندبندنت عربية" إن "عودة أنصار الرئيس سعيد إلى الشارع مرة أخرى اليوم بشكل عفوي يؤكد أن أنصار الرئيس لا يزالون القوة الأكبر في الميدان، على رغم عدم هيكلة هذا التحرك وتأطيره مسبقاً، وعدم إيمان الرئيس سعيد بدور الأجسام الوسيطة والأحزاب السياسية التي لفظها التونسيون بعد الثورة".

نحو المجهول

الاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية)، الذي يعاني تهميش السلطة له وإلغاء كامل دوره السياسي والاجتماعي فضلاً عن الانقسامات داخل صفوفه، تجمع مناصروه في بطحاء محمد علي قبل التوجه في مسيرة إلى شارع الحبيب بورقيبة، ولم يفوت أمينه العام نور الدين الطبوبي الفرصة خلال اجتماع عام لانتقاد تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والحقوقية بالبلاد.

وقال الطبوبي إن "البلاد تمر اليوم بأزمة عامة وخانقة"، معتبراً "أن أمل التونسيين في مجابهة الأوضاع المتردية تبخر أو يكاد، في ظل استمرار سياسة الانفراد بالرأي والقرار"، مشدداً على أن "ذلك لن يزيد الوضع إلا سوءاً وانسداداً وانهياراً واندفاعاً نحو المجهول".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولفت الأمين العام لاتحاد الشغل إلى "توسع موجة الانغلاق على الحريات بالبلاد"، مشيراً إلى "أن التهم صارت تطلق جزافاً، والقضايا تحاك في المكاتب المغلقة، ومحاكمة الرأي والتعبير أصبحت خبزاً يومياً"، منتقداً ما وصفه بـ"الأحكام الجائرة الصادرة ضد نقابيين وإعلاميين ومحامين ونشطاء"، ومؤكداً أن "العدالة لا تتحقق في ظل التضييق والقمع".

كما اعتبر الطبوبي أن السياسات العامة للدولة "فشلت في تحسين عيش التونسيين"، مؤكداً "استمرار اهتراء المقدرة الشرائية جراء التهاب الأسعار وتزايد الاحتكار والرفع المقنع للدعم عن مواد أساسية"، وموضحاً أن "وضع الإجراء (العمال) لم يعد يحتمل المماطلة، ويجب على السلطة فتح باب الحوار المجتمعي في شأن زيادة أجورهم" .

يذكر أن علاقة اتحاد الشغل بالسلطة في تونس تشهد حالاً من التوتر منذ نحو ثلاثة أعوام، تزامناً مع رفض الرئيس التونسي قيس سعيد دعوة الاتحاد إلى إطلاق حوار وطني لإنقاذ البلاد من أزمتها.

وتواجه كبرى المنظمات الوطنية أزمة داخلية حادة تسببت في انقسامات وانشقاقات على خلفية مطالبات لقيادات الاتحاد الحالية بالتنحي والذهاب إلى مؤتمر استثنائي يرتب لانتخاب مكتب جديد.

الناطق الرسمي باسم اتحاد الشغل سامي الطاهري علق على النزول مجدداً إلى الشارع بأن "رسالة المنظمة الشغيلة في عيد الشغل واضحة، ونجدد تأكيد وحدة الاتحاد واستقلاليته. وكل دعوة تصدر من خارج هياكل الاتحاد وتطالب بحل القيادة الشرعية وتعويضها تعتبر مرفوضة وغير منطقية ولا تهمه".

 

ورداً على سؤال لـ"اندبندنت عربية" حول المفاوضات المقبلة ودور الاتحاد فيها، قال عضو الجامعة العامة للإعلام التابعة لاتحاد الشغل نصر الدين ساسي، إن البلاد تشهد اليوم تراجعاً حاداً في الحريات وفي مقدمها الحق النقابي، وهو أحد أهم المكتسبات، ومن المفترض فتح حوار شامل حول القضايا الكبرى التي تهم كل التونسيين، ومن حق مختلف مكونات المجتمع من منظمات وجمعيات وأحزاب ومواطنين المشاركة فيه"، مشدداً على أن "الوضع الاقتصادي بات صعباً جداً، والاتحاد منفتح على الحوار دائماً".

على العكس من ذلك يذهب المحلل السياسي باسل ترجمان إلى أن "تحرك الاتحاد لم يكن موفقاً في ظل انقسام قياداته ومحاولتها استغلال الشارع مرة أخرى للوقوف ضد سياسة الدولة وتوريط الاتحاد في اصطفافات حزبية معلومة، وهو ما يضرب مرة أخرى استقلالية العمل النقابي".

الشارع الرمز

ومن أمام مقر المحكمة الإدارية انطلقت مسيرة احتجاجية ضد إيقاف المحامي والقاضي الإداري السابق أحمد صواب، حيث تجمع المحتجون أمام مقر المحكمة الإدارية بالعاصمة قبل الالتحاق بساحة محمد علي (أمام مقر الاتحاد العام التونسي للشغل) قبل الخروج في مسيرة باتجاه شارع الحبيب بورقيبة.

شارك في المسيرة، إلى جانب أفراد عائلة أحمد صواب، وجوه سياسية من مختلف التيارات وحقوقيون ونشطاء بالمجتمع المدني ونقابيون، ورفع المحتجون عديداً من الشعارات الرافضة لإيقاف صواب بتهم ذات طابع إرهابي على خلفية عقده ندوة صحافية ندد فيها بالأحكام الصادرة ضد المتهمين في قضية التآمر على أمن الدولة.

يؤكد الكاتب الصحافي مراد علالة أن مختلف هذه التحركات في الشارع/ الرمز، تزامناً مع عيد الشغل، أرادت كل الفعاليات الحزبية والنقابية والحقوقية من خلالها إثبات وجودها في الشارع مرة أخرى، وبحثها عن مشروعية ميدانية في ظل التطورات التي تعرفها الساحة التونسية بأزمتها المركبة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير