Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خطوات جزائرية للعودة إلى حضن القارة السمراء

استقبلت مسؤولين بارزين في الاتحاد الأفريقي وبلدان في الجوار

إجراءات للانفتاح على السوق الأفريقية "المتعثرة" (أ.ف.ب)

أعلنت الجزائر إجراءات للانفتاح على السوق الأفريقية "المتعثرة"، بعد دعوتها قادة بارزين في منطقة التبادل الحرّ الأفريقية، وتبدو الجزائر بوضع أفضل بعد افتتاح أول معبر حدودي بري مع موريتانيا قبل نحو سنة، ومن خلاله تعتزم "ملامسة" سوق غرب أفريقيا تحسبا لـ"إشكالات" في مواصلة اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي بسبب ملفات سياسية وحقوقية.

التحالف الرباعي

منذ سقوط التحالف الرباعي بين الجزائر وجنوب أفريقيا ونيجيريا وليبيا، إثر وفاة الزعيم الليبي السابق معمر القذافي، فقدت الجزائر بصفتها دولة فاعلة في الاتحاد الأفريقي، كثيراً من الأوراق الدبلوماسية في القارة السمراء، لتضاف تلك النكسات إلى غيابها البارز عن الساحة الاقتصادية جنوباً، متأثرة بـ"قصور" سياسات الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة على الصعيد الأفريقي، وتفاديه أي زيارة ثنائية لبلدان أفريقية في العشرين سنة الماضية، عدا مشاركاته في قمم الاتحاد الأفريقي "متعددة الأطراف" بأديس أبابا.

خريطة الطريق

استقبلت الجزائر مسؤولين بارزين في الاتحاد الأفريقي وبلدان في الجوار، في ملتقى هو الأول منذ إطلاق فكرة التبادل الأفريقي الحر يوليو (تموز) الماضي، ويفترض أن تبدأ في العام 2020 النشاطات في منطقة التبادل هذه.

وتهدف المنطقة إلى تشجيع التجارة بين دول القارة وجذب مستثمرين والسماح للدول الأفريقية بالخروج من ارتهانها لاستخراج المواد الأولية. وكشف وزير الخارجية الجزائري، صبري بوقادوم، خلال الملتقى الذي استضافته بلاده، أن الشبكة الدبلوماسية الجزائرية ستلعب "دورها كاملا" في مرافقة الديناميكية التجارية والصناعية للبلاد، لا سيما لتشجيع الصادرات خارج المحروقات نحو أفريقيا".

وأعلن أن بلاده "تعتزم من خلال وزارة الخارجية القيام بالدور المنوط بها بوضع الشبكة الدبلوماسية لدعم ومرافقة الديناميكية التجارية والصناعية المرجوة، وستستخدم وزارة الخارجية أدوات الدبلوماسية الاقتصادية، خصوصا منتديات الأعمال بشكل متزايد كمنصة للقاءات رجال الأعمال الجزائريين والأجانب داخل البلاد وخارجها، ما يسمح بتحسين العقود بين المتعاملين الاقتصاديين واستكشاف فرص الشراكة والاستثمار".

ودعا بوقادوم المتعاملين الاقتصاديين والشركاء "لاغتنام الفرص التي توفرها اتفاقية منطقة التبادل الحر القارية الأفريقية التي ستعود حتما بمكاسب على جميع الأطراف وتلبي تطلعات الشعب الجزائري في العيش الكريم والرفاهية والنهوض بمستوى معيشة المواطن الجزائري".

أوراق الجزائر في أفريقيا

ينظر دبلوماسيون جزائريون إلى سياسات بوتفليقة في القارة السمراء على أنها "الأكثر سوءا" منذ استقلال الجزائر، وتحولها لاحقاً إلى رافد لحركات التحرر في عشرات البلدان الأفريقية، فقد افتقدت سياسته الخارجية في القارة، التي توصف رسميا بـ"امتداد استراتيجي للجزائر"، للفعالية برغم إحاطة البلاد بأكثر الملفات تعقيدا في عدة بلدان، ولعبها أدواراً سواء بالوساطة الدولية أو المحلية.

وفشلت الجزائر في التموقع بشكل لافت في مالي، الجارة الجنوبية، برغم أنها رعت اتفاق سلام في محطات زمنية متباعدة ما بين الحكومة المركزية والمتمردين الأمازيغ (الطوارق) في الشمال، كما أعفت الجزائر 14 دولة أفريقية من مديونياتها في فترة سابقة دون مقابل سياسي أو مادي.

ففي عام 2013، أعلنت الجزائر إلغاء ديون بقيمة 902 مليون دولار على 14 دولة، الأقل نموا في الاتحاد الأفريقي، بمناسبة الذكرى الخمسين لإنشاء منظمة الوحدة الأفريقية في العام 1963، والتي تحولت في العام 1999 إلى الاتحاد الأفريقي، ومسّ القرار كلا من بنين، وبوركينا فاسو، والكونغو، وإثيوبيا، وغينيا، وغينيا بيساو، وموريتانيا، ومالي، وموزمبيق، والنيجر، وساو تومي وبرانسيبي، والسنغال، والسيشل، وتنزانيا.

في المقابل، يقول الدبلوماسي السابق، عبد العزيز رحابي، عن دبلوماسية بوتفليقة في أفريقيا "الملاحظة التي أثرتها مرارا أن الرجل لم يزر أي دولة أفريقية واحدة بشكل ثنائي"، مضيفا "أن الدبلوماسية الحديثة تُبنى على هذا الأساس وليس في كبرى المنتديات الأفريقية بمعيار الزعامة التي أكل الدهر عليها وشرب، وتلك إحدى صفات بوتفليقة".

ويبدو أن الفريق المستحدث من دبلوماسيين جزائريين من بعد فترة الحراك الشعبي، يؤمن بـ"المصالح والبراغماتية"، وهي إحدى اللغات التي يجيدها الوزير الحالي صبري بوقادوم، لذلك يُتوقع أن تجسد الجزائر حضوراً أكبر في المنتديات الاقتصادية في أفريقيا عبر بوابة غرب أفريقيا، بعدما تمكنت من فتح معبر بري على قدر كبير من الأهمية مع موريتانيا.

كما يعدّ افتتاح مطار الجزائر الدولي الجديد (ربيع السنة الحالية) إحدى الأوراق التي تراهن عليها الجزائر لكسب نقاط جديدة في سباق الشركات الدولية التي تضمن رحلات باتجاه أفريقيا، ويمكن ملاحظة سيطرة المغرب على أغلب الوجهات باتجاه عواصم أفريقية.

الطريق إلى غرب أفريقيا

بعدما افتتحت الجزائر أول معبر بري مع موريتانيا في 19 أغسطس (آب) 2018، أطلقت بشكل فوري تراخيص للنقل البري بالشاحنات لمنتجات مجمعات اقتصادية جزائرية، بيد أن الحراك أعاد كل تلك الترتيبات إلى نقطة الصفر، سيما وأن العنصر المهم الذي تولى عمليات التصدير يعاني متابعات قضائية، مست كبار رجال الأعمال كمجمع "كوندور"، الذي يملكه رجل الأعمال عبد الرحمن بن حمادي.

وتعوّل الجزائر على إقامة مشروع منطقة للتبادل الحر بينها وبين موريتانيا، دشنته بمعرض للمنتجين الجزائريين في نواكشوط.

ويذكّر علي بن ناصري، رئيس الجمعية الجزائرية للمصدرين الجزائريين في هذا الشأن، بأن بلاده "كانت تحتاج بشكل كبير إلى إقامة ممر تجاري مع موريتانيا لتصدير منتجاتها نحو أفريقيا الغربية".

ويوضح "بن ناصري" أن موريتانيا تمثل "قاعدة" مهمة للتبادل بين الجزائر ومحيطها الأفريقي، وتحديدا بلدان مثل السنغال ومالي في الجنوب، لافتا إلى دور موريتانيا في تنمية وتطوير هذه المبادلات مع المحيط الأفريقي سيكون أساسيا.

وفي سياق متصل، يقول الصحافي المتخصص في الشأن الاقتصادي الجزائري، سفيان سلاوي، إن "بلاده تستعد لإنشاء مناطق تبادل حر في جنوبها، من موانئ جافة وشبكة نقل من خلال طريق الوحدة الأفريقية، الذي أتمت الجزائر منه الشطر الذي يعبر أراضيها".

ويضيف سلاوي أن "بعض الدول في منطقة الساحل الأفريقي التي تعتبر معبرا بريا حتميا لا تتمتع بالبنى التحتية التي قد تسهل عمليات نقل البضائع برا".

ويشير إلى أن "الجزائر ملزمة بالاعتماد على أسطول جوي لنقل البضائع في ظل وجود منافسة إقليمية، أبرزها من المغرب"، وأن "المعبر البري بين الجزائر وموريتانيا كان أول مفتاح نحو بلدان غرب أفريقيا والمحيط الأطلسي".

اتفاق الشراكة الأوربية "محبط"

فكرة التبادل الأفريقي التي تبنتها الجزائر سريعا، تأتي في سياق "إحباط" كامل للمنظمة الاقتصادية الجزائرية بعد سنوات من اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، والذي وقعته الجزائر عام 2005. ويقيّم خبراء جزائريون نتائج الاتفاق بالسلبية على طول الخط بالنسبة إلى الجزائر، بفعل اختلال مطلق لقيمة التبادل التجاري المشترك، كما كان برنامج "سياسة الجوار الأوروبية" عاملا معطلا إثر رفض الجزائر البند الخاص بشروط الحوار السياسي، والحوكمة، وحكم القانون وتعزيز الحقوق الأساسية.

المزيد من العالم العربي