Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تعبئة شاملة أم تحرك وقائي؟ الجزائر تعيد صياغة قانونها الدفاعي

أحالت الحكومة "قانون التعبئة العامة" إلى السلطة التشريعية بعد أن أثارت المسودة تبايناً في النقاش بين من اعتبرها مفاجئة وآخرون يرونها عادية

تضمنت مسودة القانون كيفية تحضير التعبئة العامة وتنفيذها (وزارة الدفاع الجزائرية)

ملخص

أحالت الحكومة الجزائرية، أمس الإثنين، مسودة قانون التعبئة العامة إلى البرلمان، والتي جاءت في 69 مادة، بعد أن أخذ حيزاً واسعاً من الاهتمام إثر مناقشته منذ أسبوع على مستوى مجلس الوزراء برئاسة الرئيس عبد المجيد تبون، حيث ربطت معظم الآراء والقراءات مفهوم التعبئة برفع قدرات القوات المسلحة إلى المستوى اللازم لمواجهة أي خطر.

لا تزال مناقشة ومصادقة الجزائر على مسودة قانون التعبئة العامة تثير نقاشات وتطرح تساؤلات، بين من اعتبرها مفاجئة ومن يرى أنها عادية لا استثنائية، ويتواصل الحديث حول أسباب الخطوة وأبعادها في ظل التحولات الإقليمية المتسارعة والتحديات الأمنية التي تشهدها منطقة الساحل وشمال أفريقيا، وكذلك ما يحدث من متغيرات دولية، لا سيما أن الأمر لا يتعلق بتعبئة عسكرية فقط، وفق المنظور المتداول.

إحالة مسودة القانون 

وأحالت الحكومة الجزائرية، أمس الإثنين، مسودة قانون التعبئة العامة إلى البرلمان، والتي جاءت في 69 مادة، بعد أن أخذ حيزاً واسعاً من الاهتمام إثر مناقشته منذ أسبوع على مستوى مجلس الوزراء برئاسة الرئيس عبد المجيد تبون، حيث ربطت معظم الآراء والقراءات مفهوم التعبئة برفع قدرات القوات المسلحة إلى المستوى اللازم لمواجهة أي خطر، على رغم أنه لم يتحدث عن نوع محدد من التعبئة، وإنما خص التعبئة العامة بما تشمله من تعبئة إعلامية وسياسية ومدنية وعسكرية.

وتضمنت المسودة كيفية تحضير التعبئة العامة وتنفيذها، في سياق مساعي تعزيز الطاقة الدفاعية لمجابهة أي خطر محتمل يهدد استقرار البلاد واستقلالها وسلامتها الترابية، بهدف ضمان الفعالية في الانتقال من حالة السلم إلى حالة الحرب للقوات المسلحة وأجهزة الدولة والهيئات والمؤسسات الوطنية وكل الاقتصاد الوطني، بمشاركة القطاعين العمومي والخاص ووضع القدرات الوطنية كافة تحت التصرف لمصلحة المجهود الحربي.

آليات ونصوص

وحددت آليات تنفيذ خطط حالة تعبئة جزئية، من أجل مواجهة تهديد ذي خطورة محدودة في المكان والزمان، أو خطط التعبئة العامة بمشاركة كل القطاعات الوزارية والمجتمع المدني تحت إشراف وزارة الدفاع الوطني التي تتولى تسيير وإدارة كل أدوات الإنتاج التي تسهم في المجهود الحربي، وتنفيذ تدابير الدفاع الشعبي، وتسخير الأشخاص والممتلكات والخدمات لدعم المجهود الحربي، وفرض قيود في مجال تصدير المنتجات والمواد الاستهلاكية التي لها صلة بحاجات القوات المسلحة.

وبحسب نص المشروع، تقرر التعبئة العامة بقرار من رئيس الجمهورية في مجلس الوزراء، في حال تعرض البلاد إلى تهديد وشيك لمؤسساتها الدستورية أو استقلالها أو سلامة ترابها، أو في حالة وقوع عدوان فعلي أو وشيك، كما يتم إنهاء حالة التعبئة بنفس الآلية.

 

 

ويخول لرئيس الجمهورية، بموجب مرسوم رئاسي، تحديد المحاور الأساسية للاستراتيجية الوطنية للتعبئة العامة، والتوجيهات الخاصة بها، كما يضمن الوزير الأول أو رئيس الحكومة، بحسب الحالة، في ما يتعلق بالتنفيذ، تنسيق وتوجيه ومراقبة نشاطات أعضاء الحكومة كل في مجال اختصاصه، بما يتماشى مع الاستراتيجية الوطنية للتعبئة العامة، بينما الإشراف العام على جميع النشاطات المتعلقة بتحضير التعبئة العامة وتنفيذها، فقد أُسند إلى وزير الدفاع الوطني.

التحضير للتعبئة

وفي مرحلة التحضير للتعبئة، ينص المشروع على إعداد مخططات خاصة من طرف الوزارات المعنية، بناء عليها تعد وزارة الدفاع الوطني المخطط العام للتعبئة العامة وتعرضه على مصادقة رئيس الجمهورية، كما يتم تشكيل احتياطات بشرية ومادية، وتحسيس المجتمع المدني بواجب المشاركة، وتعليق الإحالة على التقاعد للمناصب الحيوية، مع تنفيذ تدابير الدفاع الشعبي، وتسخير الأشخاص والممتلكات، وفرض قيود على تصدير المواد المرتبطة بالحاجات الدفاعية.

وتضمن الوزارة المكلفة بالداخلية تنسيق مسؤولي الجماعات المحلية مع السلطات العسكرية المختصة، عبر إنشاء قاعدة بيانات حديثة للمواطنين والموارد المادية المعبأة، وتحسيس المجتمع المدني والمواطنين بمسؤولياتهم وواجباتهم في حالات التعبئة العامة، كما أوكل للوزارة المكلفة بالصناعة، بالتعاون مع وزارة الدفاع الوطني والوزارات الأخرى، تكييف الإنتاج الصناعي المدني مع حاجات القوات المسلحة والمجهود الحربي.

وأما في الجانب الخارجي، تسهر الوزارة المكلفة بالشؤون الخارجية على تحسيس الجالية الوطنية بالخارج بأهمية دورهم في التعبئة العامة، مع العمل على تحسيس الرأي العام والمنظمات الدولية والإقليمية بشرعية اللجوء إلى التعبئة في حالة وقوع عدوان أو تهديد وشيك.

عن القانون

ويستند القانون إلى المادة 99 من الدستور التي تنص على أن لرئيس الجمهورية أن يقرر التعبئة العامة في مجلس الوزراء بعد الاستماع إلى المجلس الأعلى للأمن، واستشارة رئيس مجلس الأمة ورئيس المجلس الشعبي الوطني، وهي مادة ضمن مجموعة مواد، من المادة 97 إلى المادة 102، تقنن وتشرع التعبئة العامة.

 

 

ويعرف مصطلح "التعبئة العامة" على أنه تحويل القوات المسلحة في الدولة إلى حالة الحرب أو شبه الحرب وإعادة بناء اقتصاد الدولة ومؤسساتها وقدراتها ومواردها المادية والبشرية وقوانينها لتوفير متطلبات حرب طويلة الأمد وتحقيق أهدافها.

ولم تعلن الجزائر حالة تعبئة عامة بشكل كامل يطابق مفهومها الدستوري العام منذ استقلالها عام 1962، إلا أنها سجلت حالتين تم تضمينهما ضمن التعبئة "الخاصة أو الجزئية" في حرب الرمال مع المغرب عام 1963 والعشرية السوداء أو ما يطلق عليها أيضاً الأزمة الأمنية في التسعينيات.

حالة الكوارث أو الحالة الاستثنائية

وفي السياق، يرى الباحث في علم الاجتماع السياسي دحو بن مصطفى، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، أن مجلس الوزراء لم يعلن التعبئة العامة وهي أصلاً ليست من اختصاصه، بل صادق على قانون التعبئة العامة من أجل عرضه على البرلمان، وأضاف أنه ككل دول العالم هناك قانون للتعبئة يجب أن يكون جاهزاً لمواجهة التهديدات أو الحرب، وقانون التعبئة الجزائري رقم 05/86  الصادر في مارس (آذار) 1986 كان يحتاج إلى تعديل من أجل مطابقته مع تعديل قانون الاحتياط والتغيرات التكنولوجية والسياسية، موضحاً أن الأسباب تبقى مجهولة وهي إما الاستعداد لمواجهة العدوان أو الحرب أو التهديدات الخارجية المحتملة أو الأعمال العدائية التي تظهر مؤشراتها، كما أن هناك بوادر توترات على الحدود الغربية والجنوبية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويتابع بن مصطفى، أن طريقة الإعلان عن القانون أثارت التباسات من الواجب على الإعلام والسلطات توضيح سياق هذا القانون وأهدافه، وقال إن ما يميز قانون التعبئة الذي عرض على البرلمان هو اقتصاره على حالة الحرب والانتقال إليها من حالة السلم، مع تعريف المجهود الحربي وضبط آليات دعمه، والتأكيد على صدور مرسوم رئاسي يحدد المحاور الكبرى للاستراتيجية الوطنية للتعبئة ولم يتضمن حالة الكوارث أو الحالة الاستثنائية.

وأكد أن الاستراتيجية الوطنية للتعبئة سوف تتضمن تعبئة فكرية وثقافية وتعبئة إعلامية واقتصادية واجتماعية وسيبرانية وصحية وقانونية، أي إعداد الدولة ومواردها والمجامع لحالة الحرب مع القيام بتجريب هذه الإجراءات وإخضاعها للتقييم.

وختم بالقول إن القانون لا يعني الحرب، ففي كل دول العالم يوجد قانون للتعبئة، إنما هدفه ضمان الجاهزية في ظل عدم اليقين السياسي والاضطرابات والتوترات الدولية.

وزير الدفاع

ويتولى وزير الدفاع الوطني وهو رئيس الجمهورية في الدستور الجزائري، وفق ما جاء في المشروع المعروض على البرلمان، بالتنسيق مع الوزراء المعنيين، تفعيل المخطط العام للتعبئة ودعم أعمال القوات المسلحة، مع ترشيد استهلاك المواد الحيوية، كما يسهر على تعزيز الحماية للمنشآت الحيوية والحساسة بالتعاون مع وزارة الداخلية.

 

 

ويتمتع وزير الدفاع الوطني خلال التعبئة، بصلاحية تسخير الأشخاص والممتلكات والخدمات لمصلحة القوات المسلحة، مع ضمان تعويض عادل، كما يمنع استعمال الممتلكات المسخرة لأغراض أخرى غير تلك المسخرة لها، ويحظر تصدير المواد الاستهلاكية المرتبطة بالحاجات الدفاعية إلا بترخيص خاص.

الجانب الجزائي حاضر

ولم يغفل المشروع عن الجانب الجزائي، ونص على عقوبات مشددة لحماية فعالية التعبئة العامة، إذ يعاقب بالحبس من ثلاث إلى 10 سنوات وغرامة تصل إلى مليون دينار (نحو 70 ألف دولار) كل من استغل الممتلكات المسخرة أو أساء استعمال سلطة التسخير، كما يعاقب بالسجن من شهرين إلى ثلاث سنوات وغرامة تصل إلى 300 ألف دينار (2100 دولار) كل من يمتنع عن تقديم معلومات صحيحة أو يحاول إخفاء تجهيزات معدة للتعبئة.

وتسلط عقوبة السجن من شهرين إلى سنة وغرامة تصل إلى 100 ألف دينار (700 دولار) لكل من أدلى بتصريحات غير مرخص بها تتعلق بالتعبئة، أو رفض تنفيذ تدابير الدفاع الشعبي أو التسخير.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير