ملخص
لطالما شكّل إهمال الالتزام بتدابير السلامة العامة وعدم تأمين الحماية اللازمة للعمال في المواقع الخطرة سبباً رئيساً في حدوث الكوارث.
في أعقاب الانفجارات الضخمة التي وقعت داخل ميناء رجائي في بندر عباس، أصيب أكثر من 7 آلاف عامل كانوا يعملون في قطاعات الصناعة البحرية والتخزين والتفريغ بجروح خطرة.
وأشار الناشط العمالي ورئيس رابطة المتقاعدين في ميناء عباس، أرسلان حيدري، إلى أن رصيف ميناء بندر رجائي بحجم مدينة كبيرة ويعمل فيه آلاف العمال، مشيراً إلى أن 99 في المئة من ضحايا الانفجار كانوا من العمال والموظفات الذين كانوا يؤدون أعمالهم لحظة وقوع الحادثة.
وأكد رئيس رابطة المتقاعدين العماليين في بندر عباس أن مستوى الأمان في رصيف ميناء رجائي متدن للغاية، مشيراً إلى أن النشطاء العماليين سبق وحذروا مراراً وخلال أكثر من مناسبة من ضعف إجراءات السلامة هناك، من دون أن تلقى تحذيراتهم آذاناً مصغية، وأضاف حيدري أن العمال في هذا الرصيف يفتقرون إلى أبسط مستلزمات الحماية مثل الخوذ والأحذية الواقية، وبيئة عملهم غير آمنة، وأن "هذا الإهمال المتراكم هو الذي أدى في النهاية إلى كوارث مأسوية".
وأكد الناشط العمالي أن "أوضاع عمال رصيف ميناء رجائي سيئة للغاية وأن الانفجار دمّر حياتهم بالكامل، فلماذا يجب أن يُضحى بالعمال الذين لا يسعون إلا إلى كسب لقمة عيش كريمة بهذه الطريقة البشعة؟".
ووفقاً للتقارير الرسمية فقد ارتفع عدد قتلى انفجار ميناء رجائي حتى صباح الإثنين الـ 28 من أبريل (نيسان) الجاري إلى 40 شخصاً، فيما تجاوز عدد الجرحى 1200 مصاب، ولا يزال عدد من الأشخاص في عداد المفقودين ومن بينهم العامل إسماعيل محمد زاده الذي كان من النشطاء العماليين، فيما لم ترد أي أنباء عنه منذ وقوع الانفجار. وبحسب وكالة "إيلنا" للأنباء فقد بحثت عائلته في جميع مستشفيات المدينة وتفقدت الجثث الهامدة أملاً بالعثور عليه، لكنها لا تزال تجهل مصيره حتى الآن.
وجاء في التقرير أيضاً أن "اختفاء إسماعيل في الانفجار الهائل الذي وقع في رصيف ميناء رجائي يجسد بصورة مؤلمة وسوداوية واقع العمال، وأن الكوارث المأسوية والمميتة تتوالى فوق رؤوس العمال وأصحاب الأجور، وهم الضحايا الرئيسون للإهمال والتقصير".
ونقل السكرتير التنفيذي لدار العمال في محافظة هرمزكان، إسماعيل حاجي زاده، عن شهود عيان قوله إن "حاويات المواد الكيماوية الخطرة انفجرت وكان الدخان الأولي هائلاً، وكان الانفجار شديداً لدرجة أن زجاج سيارتي تحطم، وحتى سقف الغرفة التي كنت أجلس فيها جرى انتزاعه، ورأيت بعيني كيف ارتفعت غرفة مقطورة شاحنة في الهواء، وكان أحد الأشخاص معلقاً في الهواء، فالجو لا يزال ملوثاً بالكامل وعيوني وحلقي تحترق، والتنفس في منطقة الرصيف صعب جداً".
وقال أحد هؤلاء العمال بتلعثم "أنا لست بخير، لا أريد أن أقول شيئاً، فقط أريد أن أقول إننا كنا نعمل عندما حدث الانفجار الكبير وكأنها نهاية العالم، وقد رأيت زملائي وهم مرميون في كل مكان أو معلقين في الهواء، وكان المشهد حقاً وكأنها نهاية العالم".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وهذه ليست المرة الأولى التي يؤدي فيها الإهمال من قبل الحكومة والمستفيدين من الفساد إلى تدمير حياة العمال، فخلال العقد الماضي وقعت أربع أو خمس حوادث كبيرة كان العمال فيها ضحايا رئيسين، وعلى سبيل المثال كان انهيار مبنى "بلاسكو" في الـ 20 من يناير (كانون الثاني) عام 2017 أحد أكثر الأحداث مأسوية في تاريخ طهران المعاصر، فقد جرى تدمير هذا المبنى بالكامل نتيجة حريق واسع النطاق، وفي هذه الحادثة، إضافة إلى الخسائر المالية الكبيرة، فقد كثير من رجال الإطفاء والعمال حياتهم وهم يحاولون إنقاذ الأشخاص داخل المبنى، وفي صباح الـ 22 من مايو (أيار) 2022 انهار برج "متروبول" الذي شابت بناءه الرشاوى والمحسوبية في شارع أمير كبير (أميري) وسط مدينة عبادان في الأحواز، وأسفرت الحادثة عن مقتل 43 شخصاً وإصابة 37 آخرين، وكان معظم الضحايا من عمال البناء والعمالة اليومية، كما ظل مصير مالكي المبنى والمهندسين والمعماريين وعائلاتهم غامضاً، في حين أن العائلات الفقيرة والمعدمة هي الوحيدة التي عاشت الحزن جراء فقدانها أبنائها.
وفي الـ 22 من سبتمبر (أيلول) الماضي أدى تسرب غاز الميثان في "منجم طبس" إلى وفاة 53 عاملاً، بينما أصيب عدد آخر بإصابات خطرة بما في ذلك إصابات بالشلل الدائم، مما جعلهم يضطرون إلى البقاء في منازلهم، وفي تلك الحادثة أيضاً لم يتعرض صاحب العمل لأي أذى على رغم أن شهود العيان ذكروا أن العمال شعروا برائحة الغاز وكانوا خائفين، لكنهم أجبروا على دخول النفق للعمل.
وعلى رغم أن هناك انتهاكاً واضحاً للقوانين، إذ كان المنجم يفتقر إلى التهوية السليمة وجهاز قياس الغاز، ولم يُسجن صاحب العمل والملاك مطلقاً، وبعد بضعة أيام استؤنفت عمليات استخراج الفحم وانطلق قطار الكسب المادي على حساب العمال.
نقلاً عن "اندبندنت فارسية"