Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف أعاد سلوت ابتكار ليفربول ليصبح بطلا من دون إجراء أي صفقة كبرى؟

التعديلات التكتيكية الذكية والقيادة الهادئة والصامتة للهولندي مكنته من تحدي جميع التوقعات في "أنفيلد"

احتفال لاعبي ليفربول الإنجليزي مع مدربهم الهولندي آرني سلوت بالتتويج بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز (أ ف ب)

ملخص

في أول مواسمه مع ليفربول، تجاوز آرني سلوت التوقعات بقيادته الفريق للتتويج بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز، محافظاً على إرث يورغن كلوب بروح جديدة، قائمة على المرونة والهدوء التكتيكي. موسم انتقال كان يفترض أن يكون صعباً، تحول إلى قصة نجاح لافتة في "أنفيلد".

بعد أن فجر يورغن كلوب مفاجآته بالرحيل عن تدريب ليفربول في الصيف الماضي، وعندما بدأ النادي الإنجليزي في تقييم المرشحين لخلافته، كانت هناك عوامل عدة تصب في صالح آرني سلوت وسجله التدريبي، فقد كان يتمتع بسمعة تفوق التوقعات ونتائج تتجاوز الأهداف المحددة.

مدرب فينورد قاد ناديه العريق لتحقيق ثاني لقب دوري لهم فقط في القرن الـ21، وعلى رغم ذلك لم يكن سلوت المرشح الأوفر حظاً – في الأقل خارجياً – لتولي مهمة تدريب ليفربول، ولم يكن ليفربول بدوره من المرشحين الأبرز للفوز بلقب الدوري الإنجليزي بعد تعيينه، ومع ذلك جاء ثاني لقب دوري فقط للدوري الممتاز في القرن الحالي، بعدما تجاوز سلوت التوقعات مرة أخرى، فقد كان الهدف الأساس المحدد له هو التأهل لدوري أبطال أوروبا.

لقد تكررت القصة مرة أخرى لمصلحة سلوت، ولصالح ليفربول بطريقة ما، فهذا المدرب القادم من هولندا أصبح ثالث مدرب في تاريخ ليفربول يفوز بالدوري في موسمه الأول، بعد جو فيغان وكيني دالغليش، وكان الرجلان الآخران قد رُقيا من داخل النادي في ثمانينيات القرن الماضي، أما سلوت فكان مزيجاً بين الغريب وامتداد الاستمرارية، فهو جديد على النادي والدوري والبلد، لكنه اختير جزئياً لأن الإدارة شعرت أنه سيناسب لاعبي كلوب، وقد أثبت بالفعل أنه كان التوليفة المثالية.

لقد كان هذا الفوز بالدوري انتصاراً للتخطيط، وفي الوقت نفسه حال تجاوز واضحة لكل التوقعات، إذ أنهى ليفربول الموسم الماضي في المركز الثالث، وأكد سلوت وقائد فريقه فيرجيل فان دايك أن ما من أحد توقع أن ينافس الفريق على اللقب هذا الموسم، وكان الشك الناتج من إعلان رحيل كلوب سبباً في السياق العام.

وكان هناك سبب آخر، فاللاعبون الذين قضوا صيفهم مع منتخباتهم الوطنية في بطولات مثل "يورو 2024" أو كوبا أميركا تأخرت تجربتهم الأولى مع آرني سلوت إلى بضع حصص تدريبية فحسب، قبل مباراتي ليفربول الوديتين ضد لاس بالماس وإشبيلية الإسبانيين، وقبل أسبوع واحد فقط من انطلاق الموسم.

ومع ذلك كان الحماسة تتزايد بين من شاركوا في جولة الفريق التحضيرية في أميركا، إذ أعجب كيرتيس جونز ومحمد صلاح بالمدرب الجديد وأبديا حماساً تجاهه، وكان من اللافت تصريح جونز الواثق حين قال "ربما أنا الآن أسعد مما كنت عليه في أي وقت مضى"، وهو تصريح اضطر لاحقاً إلى توضيحه كي لا يفسر على أنه انتقاد لكلوب.

لكن كلا التصريحين كان دلالة على أن لاعبي ليفربول كانوا متقبلين الأفكار الجديدة.

أما المشهد الذي دار بين صلاح وكلوب على خط التماس في مواجهة وست هام في أبريل (نيسان) الماضي، فقد يكون قد حظي بقدر من التهويل، إلا أن النجم المصري قدم مع سلوت ما يمكن أن يعد أفضل موسم في مسيرته، وسجل 33 هدفاً وقدم 23 تمريرة حاسمة، ولا يزال العد مستمراً، مدعوماً هذه المرة بتخفيف بعض الأعباء الدفاعية عنه.

حين أجرى ليفربول دراسته المتأنية للمرشحين، لاحظ أن آرني سلوت يمتلك القدرة على استخراج أفضل ما في اللاعبين من خلال تدريبه.

وفي ملعب "أنفيلد"، كان لدى سلوت رؤية واضحة لما يحتاج إلى تغييره، وفي الوقت نفسه الحفاظ على انطباع عام بأن الأمور لم تتغير كثيراً، لكن هذه التعديلات لم تكن جذرية أو مفرطة أو غير ضرورية.

وقدر فيرجيل فان دايك التحول التكتيكي الذي جعله يلعب ومن خلفه لاعب وسط يسقط إلى الخلف، مما أتاح له تمرير كرات مختلفة.

أما لويس دياز فكان بمثابة اكتشاف مبكر حين حُول إلى مهاجم صريح، على رغم أن مستواه تراجع لاحقاً حين استخدم كثيراً في هذا المركز، أما كودي غاكبو فاستفاد من لعبه بشكل خالص على الجهة اليسرى.

وكانت قصة النجاح الأبرز هي رايان غرافنبرخ، الذي أعيد توظيفه كلاعب وسط ارتكاز، بعدما رفض الهدف الرئيس لفترة الانتقالات الصيفية مارتين زوبيميندي مغادرة ريال سوسيداد الإسباني.

وقد أظهرت هذه القرارات الفارق بين سلوت ويورغن كلوب، الذي كان يفضل الاعتماد على واتارو إندو كلاعب ارتكاز دفاعي، بينما سلوت، مع تقديره لشخصية اللاعب الياباني، كان يرغب في لاعب وسط يتمتع بقدرات تمريرية أعلى، فأعاد استخدام إندو كـ"مغلق مباريات" لإنهاء اللقاءات بأمان.

وإذا كان سلوت قد تكيف مع الظروف في "أنفيلد" فقد كرر ذلك أيضاً حين رفض زوبيميندي الانتقال.

وهنا ظهر أمر موازٍ آخر مع ماضي ليفربول، ففي موسم (2019 - 2020) حين فاز كلوب بالدوري الإنجليزي كان التوقيع الوحيد للاعب بالفريق الأول هو الحارس البديل أدريان، والآن فقد تعاقد ليفربول مع الحارس جورجي مامارداشفيلي، لكنهم أعادوه إلى فالنسيا على سبيل الإعارة، لذا كان الوافد الوحيد على الفريق هو فيديريكو كييزا، الذي لم يبدأ أي مباراة في الدوري حتى الآن.

وبدلاً من ذلك عمل سلوت مع المجموعة التي ورثها، وباستثناء غرافنبرخ، ربما كان أكبر المستفيدين من تغيير الحقبة هو إبراهيما كوناتيه، الذي شارك كأول تبديل رسمي لسلوت – وربما كان أهم تبديل له حتى الآن.

ففي ظهوره التنافسي الأول أمام إبسويتش تاون، قرر سلوت بين الشوطين أن جاريل كوانساه كان يخسر كثيراً من الصراعات الثنائية، فاستبدل به إبراهيما كوناتيه، وقد تحول التعادل السلبي إلى فوز بنتيجة (2 - 0)، ليصبح كوناتيه بعد ذلك شريك فان دايك المنتظم في قلب الدفاع، وإن دل ذلك على شيء فهو أن سلوت – على رغم شخصيته الودودة بطبعه – يمكنه أن يكون مباشراً في تحليلاته، ولا يخشى اتخاذ قرارات حاسمة.

ومرة تلو الأخرى، حسن سلوت أداء فريقه بين الشوطين، سواء من خلال اللجوء إلى مقاعد البدلاء أو عبر تعديلات تكتيكية، ففي مرحلة من الخريف، جاء 23 هدفاً من آخر 26 أحرزها ليفربول في الشوط الثاني.

أعط سلوت 45 دقيقة لحل المشكلة وسيجد الحل، فقد أثبت أن لديه عقلية تحليلية وأنه يتعلم بسرعة.

وإذا كانت مباراة إبسويتش أول محطة محورية، فقد جاءت مباراة أخرى بعدها مباشرة، في فوز ليفربول الساحق على مانشستر يونايتد الذي كان له وقع خاص، خصوصاً بعدما كان الفريق قد تعثر في ملعب "أولد ترافورد" في كأس الاتحاد والدوري الموسم الماضي.

لقد تفوق سلوت على مواطنه الهولندي إريك تن هاغ، في إشارة واضحة إلى أن بعض الوافدين من الدوري الهولندي يمكنهم التألق بالفعل.

ومع ذلك لم يطل الوقت حتى تلقى سلوت درساً ثميناً، فقد خسر ليفربول مباراته الرابعة في الموسم، على أرضه أمام نوتينغهام فورست، وعلى رغم أن الفائزين انزعجوا من إيحاء سلوت بأن هذه النوعية من المباريات يجب أن يفوز بها ليفربول، فقد كانت تلك الخسارة تذكرة بعدم الاستهانة بالفرق المصنفة أضعف، على رغم أن فورست أثبت لاحقاً أنه لا ينتمي لهذه الفئة.

ومنذ تلك المباراة، أمضى المدرب الهولندي بقية الموسم يصر على أن كل فوز في الدوري الإنجليزي صعب.

لقد كانت وقفة واقعية مهمة، وتعلم سلوت منها، وعلى صعيد آخر فقد كانت تلك أول مباراة بعد التوقف الدولي، واختار فيها سلوت الدفع بلويس دياز وأليكسيس ماك أليستر، على رغم عودتهما من رحلات طويلة إلى أميركا الجنوبية، وعندما جاء التوقفان الدوليان التاليان في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني)، جلس اللاعبان العائدان من القارة اللاتينية على مقاعد البدلاء في أول مباراة بعد كل توقف.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ثم جاء الرد إذ تبعت الهزيمة أمام فورست سلسلة من 26 مباراة من دون خسارة في الدوري الإنجليزي الممتاز، ويعتقد كثر داخل "أنفيلد" أن بعض تلك المباريات كانت حاسمة في إظهار معدن ليفربول الحقيقي، ومنها فوزهم على ميلان الإيطالي في دوري أبطال أوروبا، فبعد ثلاثة أيام من الخسارة أمام فورست، وجدوا أنفسهم متأخرين (0 - 1) بعد ثلاث دقائق فقط في ملعب "سان سيرو"، لكنهم قلبوا النتيجة لصالحهم.

وكان هناك التعادل (2 - 2) أمام أرسنال، في ملعب خسروا فيه الموسم الماضي وكادوا أن يخسروا مجدداً، وكذلك الفوز على برايتون في "أنفيلد"، حين تأخر ليفربول وكان أقل شأناً في الشوط الأول، لكنه أظهر مزيجاً من روح سلوت وكلوب برفع النسق بعد الاستراحة.

ويعتبر التعادل (2 - 2) مع فولهام في "أنفيلد" من المباريات الكبيرة أيضاً، حين كان ليفربول متأخراً مرتين، ونقص عددهم إلى 10 لاعبين بعد 16 دقيقة، ومع ذلك انتزعوا نقطة ثمينة عبر هدف متأخر من ديوغو جوتا.

وجاءت الفترة التي ساعدت على إقناع الجميع بما هو ممكن بعد التوقف الدولي، إذ كان ليفربول واعياً للانتقادات التي قالت إنه استفاد من بداية سهلة.

ومع ذلك جاءت بعد ذلك سلسلة من 10 مباريات ضد تشيلسي ولايبزيغ وأرسنال وبرايتون ثم برايتون مرة أخرى، وباير ليفركوزن وأستون فيلا وساوثهامبتون وريال مدريد ومانشستر سيتي، وقد فاز ليفربول بتسع مباريات وتعادل في واحدة، وهو ما زاد من حجم الإيمان داخل النادي.

وجعلهم الفوزان المتتاليان على ريال مدريد ومانشستر سيتي أفضل فريق في أوروبا في تلك المرحلة.

ولم يبالغ سلوت في الاحتفال بصدارة المجموعة الموحدة لدوري أبطال أوروبا بنظامها الجديد المكون من 36 فريقاً، وعلى رغم خروج ليفربول من ثمن النهائي، فقد كانت تلك المرحلة دليلاً على اتساق الأداء وثبات المستوى.

وكان هناك اتساق واضح في شخصية سلوت أيضاً، فخلف الكواليس، أظهر الهدوء نفسه الذي يعرضه علناً، وكانت طباعه الهادئة ونهجه المتواضع من الأصول المهمة خلال أزمة تجديد عقود اللاعبين الثلاثة، وكان تجديد صلاح وفان دايك عقديهما عامين إضافيين بمثابة تصويت بالثقة في سلوت.

لقد حصل سلوت على النتيجة التي أرادها، لكنه لم يظهر أبداً كأنه مشتت بسبب خلفيات الموقف، أو أي أمور أخرى.

ومقارنة بكلوب كانت شكاوى سلوت أقل بكثير من جدول المباريات المزدحم، ولم يتذمر أبداً من انطلاق المباريات في الـ12:30 ظهراً، ونادراً ما شكا من الإصابات، لدرجة دفعت بعض جماهير الفرق الأخرى إلى الاعتقاد بأن ليفربول لا يعاني إصابات، وهذا ما جعل فقدانه أعصابه في نهاية التعادل (2 - 2) مع إيفرتون في "غوديسون بارك" خارجاً عن طبيعته المعتادة.

ومع ذلك وعلى رغم النهاية العاصفة، قد تكون تلك المواجهة في ديربي "ميرسيسايد" قد صبت في مصلحة ليفربول.

فقد كانت المباراة قد تأجلت من ديسمبر (كانون الأول) بسبب العاصفة "دارا"، وكانت في الأصل مقررة بعد ثلاثة أيام فقط من مباراة نيوكاسل، التي تعادل فيها ليفربول في الدقيقة الأخيرة بينما كان يعاني نقصاً حاداً في الدفاع وغياب ماك أليستر بسبب الإيقاف.

وإذا كان ليفربول تحت قيادة سلوت قد فاز بالدوري بالطريقة نفسها التي فاز بها فريق كلوب قبل خمسة أعوام، أي عبر فرض إيقاع مرعب، وجمع النقاط مبكراً والابتعاد عن المنافسين، فقد استفاد أيضاً من معاناة مانشستر سيتي، بل إنه أسهم في جزء منها، إذ عكس انتصاران بنتيجة (2 - 0) تحولاً في ميزان القوى.

وبحلول وقت بدأ فيه ليفربول نفسه يفقد الزخم والأداء، ربما كلفه ذلك خسارة كأس الرابطة، وعلى رغم أن سلوت شعر بأن فريقه قام بكثير من الأمور بصورة صحيحة خلال الهزيمة أمام باريس سان جيرمان الفرنسي في دوري الأبطال، لكنهم لم يفقدوا لقب الدوري الإنجليزي الممتاز.

وكان هناك شيء من الانزعاج داخل النادي تجاه ردود الفعل، عندما تحولت خلال أسبوع واحد آمال تحقيق ثلاثية إلى الاكتفاء بلقب وحيد.

لكن الحقيقة هي أن هذا التتويج هو ثاني لقب دوري فقط لليفربول خلال 35 عاماً، ومع ذلك نظراً إلى أن الفريق تصدر الترتيب فترة طويلة، وبدا أن التتويج بات مسألة وقت، فقد بدا كأن البعض اعتبره أمراً مفروغاً منه، لكن ليفربول لم يقع في هذا الفخ، وقال محمد صلاح إن اللقب هو أولويته القصوى، وكان آخرون في الفريق يشاركونه الرؤية نفسها، وقد حصلوا على ما تمنوه.

تحول موسم كان يفترض أن يكون انتقالياً إلى موسم مليء بالانتصارات، وموسم أبرز سلاسة الخلافة، ومؤكداً حسن اختيار الإدارة، وأيضاً براعة سلوت ونهج لاعبيه القائم على المرونة والتكيف مع الحقبة الجديدة.

لم يقع سلوت في فخ محاولة تقليد سلفه ذي الشخصية الفريدة، فقد قال قبل أول مباراة له على ملعب "أنفيلد" إنه لن يقلد قبضة كلوب الشهيرة التي كانت تلهب الجماهير، لكن على رغم افتقاده جاذبية كلوب الطاغية أو أقواله الحماسية الخالدة، فقدم سلوت إنجازاً حافلاً بالكفاءة الهادئة.

وكذلك فإن ليفربول أحسن الاختيار حين احتاج إلى استبدال مدرب بدا وكأنه لا يستبدل، فقد أحسن سلوت اتخاذ قراراته.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من رياضة