Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تجربة ماسك في الكفاءة الحكومية لن تجديه نفعا لإنقاذ "تسلا" المتعثرة

تقديرات الوفورات المالية للملياردير الأميركي عبر إدارته الجديدة مبالغ فيها بشكل كبير وتعج بالأخطاء والمغالطات

شاحنة تحمل لافتة "أنقذوا تسلا. اطردوا ماسك" تجوب مانهاتن في 22 أبريل 2025، في مدينة نيويورك (غيتي)

 

ملخص

ماسك بالغ في تقدير وفورات وزارة الكفاءة الحكومية الأميركية عبر أرقام مضللة وأخطاء كثيرة، ويواجه الآن تحديات أكبر مع "تسلا" المتعثرة، مما يطرح شكوكاً حول قدرته على تحقيق الكفاءة التي عجز عن إظهارها في تجربته الحكومية.

على رغم أن إيلون ماسك لن يغادر إدارة الكفاءة الحكومية الأميركية بشكل كامل، إلا أنه سيقلص التزامه الزمني "بشكل كبير" اعتباراً من مايو (أيار) المقبل.

ولا يمكن اعتبار هذا الإعلان صدفة محضة، إذ أعلنت شركة "تسلا"- رائدة صناعة السيارات الكهربائية- عن انخفاض أرباحها بنسبة 70 في المئة في الربع الأول من عامها المالي، وتراجعت تسليمات المركبات بنسبة 13 في المئة، والإيرادات بنسبة 9 في المئة، وهي أرقام دون توقعات الأسواق المالية بكثير.

ويترتب على عمل ماسك البارز في وزارة الكفاءة الحكومية على الأقل جزءاً من المسؤولية عن هذا التراجع، حيث تعرضت سمعة "تسلا" لضربات متتالية نتيجة تصرفاته. كما أن صداقته المقربة مع الرئيس ترمب أثرت سلباً في صورته لدى شريحة واسعة من العالم، وما لا يقل عن نصف الأميركيين.

لكن هل كانت جهود إيلون ماسك مجدية لدافع الضريبة الأميركي؟ وهل نجح في تخفيض الحجم الهائل للديون الوطنية؟ خلال حملة الانتخابات الأميركية، وعد رئيس "تسلا" بجرأة بتخفيض ما لا يقل عن 2 تريليون دولار (1.5 تريليون جنيه استرليني) من الموازنة الفيدرالية. إلا أن هذا الرقم انخفض بسرعة منذ تولي ترمب منصبه. ففي الشهر الماضي، صرح ماسك في برنامج "تقرير خاص مع بريت باير" Special Report with Bret Baier على قناة "فوكس نيوز" بأنه واثق من قدرة وزارة الكفاءة الحكومية على تحقيق وفورات بقيمة تريليون دولار. وفي الوضع الراهن، لم يتحقق حتى نصف هذا المبلغ.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويُزعم "سيل الإيصالات" الذي حظي بالكثير من الترويج تحقيق وفورات بقيمة 160 مليار دولار، ناجمة عن "مبيعات أصول، وإلغاء أو إعادة تفاوض على عقود وإيجارات، واستبعاد عمليات احتيال ومدفوعات غير مناسبة، وإلغاء منح، وتوفير في المزايا، وتعديلات برامجية، وتخفيضات تنظيمية، وتقليل أعداد الموظفين". ومع ذلك، فقد أثيرت شكوك متكررة حول مدى مصداقية هذا الرقم.

دعونا نلقي نظرة على العقود الحكومية. سأقتبس من "المعهد الأميركي لأبحاث السياسة العامة" American Enterprise Institute (AEI)، وهو مركز أبحاث يتبنى اقتصاد السوق الحرة. هذا المعهد ليس بؤرة لليبراليين المتحمسين المعادين لترمب. فقد أجرى نات مالكوس، وهو زميل بارز بالمعهد، تحليلاً حديثاً للوفورات الناتجة من العقود التي ألغتها وزارة الكفاءة الحكومية، عندما كان الإجمالي التراكمي للإيصالات يبلغ 140 مليار دولار.

لتوضيح التضارب في الأرقام المعلنة، استعرض مالكوس عقداً بقيمة 3.3 مليار دولار بين الحكومة الأميركية وشركة "فاميلي إنديفورز" Family Endeavours Inc لإعادة توطين 3000 طفل لاجئ غير مصحوبين بذويهم. فقد سجلت وزارة الكفاءة الحكومية قيمة العقد المحتملة (3.3 مليار دولار) مع الإشارة إلى تحقيق وفورات قدرها 2.9 مليار دولار. وهذا جزء ضئيل جداً من الدين الوطني الأميركي البالغ 36.2 تريليون دولار، لكنه لا يزال وفراً كبيراً.

بينما قد يتفق الكثيرون على أهمية إعادة توطين الأطفال اللاجئين غير المصحوبين بذويهم، يبقى السؤال: هل يعقل أن تصل تكلفة الطفل الواحد إلى 1.3 مليون دولار؟ دعوني أتساءل بحذر، هل هناك أي حقائق في ادعاءات ماسك؟ انتظروا. فقد لفت مالكوس إلى أن مبلغ الـ 3.3 مليار دولار ليس سوى سقف للإنفاق المحتمل على مدى سنوات، حيث تتيح هذه العقود مرونة في تخصيص الموارد بحسب الحاجة مع مرور الوقت. وبالتالي، فإن هذا المبلغ لا يعكس الإنفاق الفعلي.

وتبين أن المبلغ الملزم في العقد أقل بكثير وأكثر منطقية، حيث بلغ 428 مليون دولار. بينما وصل الإنفاق الفعلي إلى 283 مليون دولار. ويكشف هذا تبايناً كبيراً بين التكلفة الحقيقية لهؤلاء الأطفال اللاجئين وما توحي به أرقام وزارة الكفاءة الحكومية. فبإجراء مقارنة بين المبلغ الملزم والمخصصات، نجد أن الوفورات الحقيقية لا تتعدى 140 مليون دولار.

في سياق تحليله، تناول مالكوس القيمة الإجمالية المحتملة للعقود الملغاة من قبل وزارة الكفاءة الحكومية والبالغة 45.6 مليار دولار. ووجد أن القيمة الملزمة لهذه العقود هي 23.8 مليار دولار، في حين أن الإنفاق الفعلي حتى الآن وصل إلى 14 مليار دولار. ونتيجة لذلك، فإن الوفورات الفعلية تقدر بـ 10 مليارات دولار فقط، وهو رقم يقل بشكل كبير عن الـ 18.9 مليار دولار التي ادعت وزارة الكفاءة الحكومية تحقيقها.

وفي ما يتعلق بالأخطاء، أشارت صحيفة "نيويورك تايمز" إلى أن السجل العام لوزارة الكفاءة الحكومية يعج بالأخطاء، وهو ما دعمه مالكوس، الذي وجد عقداً بقيمة 3.8 مليون دولار مُدرجاً بمبلغ 38 مليون دولار، مرجحاً أن يكون هذا ناتجاً من خطأ إملائي بسيط عند إدخال البيانات.

ولفت الخبير إلى أنه إذا ما تقرر استئناف العمل الممول من خلال هذه العقود، فسيكون من الضروري إعادة طرحها للمناقصة. وأكد أن الخيار الأبسط والأكثر فعالية من حيث التكلفة لتحقيق وفورات يكمن في إصدار توجيهات للوكالات الفيدرالية بوقف أي إنفاق إضافي على هذه العقود.

الأمر لا يتوقف عند هذا الحد. فقد تبين أن نحو 46 في المئة من العقود الملغاة لم تسفر عن أي وفورات. أما الجزء الأكبر من الأموال الموفرة فقد نتج من تفكيك الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، التي ضمت 40 في المئة من إجمالي عدد العقود الملغاة، و58 في المئة من قيمتها الإجمالية، و73 في المئة من إجمالي الوفورات.

والأمر الآخر الذي يستحق الانتباه هو الفرق بين "الإجمالي" و"الصافي"، فبعض "الوفورات" التي تدعيها وزارة الكفاءة الحكومية قد تكون في الواقع خسائر على المدى الطويل. وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" أن وزارة الخزانة ومسؤولي مصلحة الضرائب الأميركية توقعوا انخفاضاً في الإيرادات الضريبية بنحو 10 في المئة في الشهر الماضي مقارنةً بالعام السابق، ويعود أحد الأسباب في ذلك إلى خفض موازنة مصلحة الضرائب. ويقدر هذا الانخفاض بنحو 500 مليار دولار، وهو مبلغ يتجاوز بثلاثة أضعاف الرقم المثير للجدل الذي أوردته وزارة الكفاءة الحكومية.

حتى لو قررت تجاهل تحليلات مالكوس وغيره التي فندت مزاعم وزارة الكفاءة الحكومية، فإن الهدف (المخفض) البالغ تريليون دولار يبقى ضئيلاً للغاية مقارنةً بحجم الدين الوطني الأميركي الضخم.

وتظهر الإحصاءات الأخيرة أن عبء مدفوعات الفوائد على دافعي الضرائب الأميركيين وصل إلى 1.17 تريليون دولار، بمتوسط سعر فائدة 3.32 في المئة. وبلغ العجز في الموازنة الأميركية لعام 2024 ما يقارب 1.8 تريليون دولار. ونتيجة لذلك، فحتى في ظل تحقيق وزارة الكفاءة الحكومية لهدفها- وهو أمر مشكوك فيه- فإن ذلك لن يؤدي إلا إلى خفض العجز بمقدار النصف. ويبدو أن السبب في ذلك هو تجاهلها للمجالات التي تكمن فيها وفورات حقيقية، وعلى رأسها الضمان الاجتماعي والمزايا، وهما مثالان بارزان في هذا السياق.

وتبدي رايتشل ريفز، وزيرة المالية البريطانية ذات التوجه اليساري المعتدل التي أثارت الجدل بسبب مهاجمتها لهذين المجالين، صرامة مالية أكبر بكثير من أي شخص في الحكومة المحافظة الأميركية. ألا يكون من المفيد لوزارة الكفاءة الحكومية أن تستعين بخبراتها؟

من البديهي أن شركة "تسلا" لا تستطيع تحمل الانزلاق إلى التلاعب بالأرقام والمبالغات والأخطاء الإملائية والتصريحات الخادعة التي اتسمت بها بيانات وزارة الكفاءة الحكومية. فمن شأن أدنى إشارة إلى ذلك أن تستدعي تحقيقاً صارماً وعقوبات قاسية من لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية.

نتطلع إلى أن ينجح ماسك في إظهار براعة أكبر في تحقيق الوفورات ورفع الكفاءة داخل "تسلا"، على عكس ما رأيناه في وزارة الكفاءة الحكومية. فالوضع الراهن لشركته يستدعي تكاتف الجميع لتقديم كل العون المتاح.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء