Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

انفجار ميناء رجائي يهز اقتصاد إيران

قد يكون للحادثة عواقب وتداعيات أمنية وسياسية واقتصادية واسعة النطاق في الأسابيع المقبلة

رجال الإطفاء يعملون بموقع الانفجار في 27 أبريل 2025 (أ ف ب)

ملخص

وعدت السلطات في النظام الإيراني بزيادة قدرة الميناء على التعامل مع الحاويات إلى 15 مليون حاوية، ويتطلب تحقيق هذا الهدف تحديث الأرصفة والمعدات وشبكة الرقابة الجمركية. ومع ذلك، فقد كانت هناك نقاط ضعف ملحوظة تتعلق بعدم توفر الأمن الكافي وإهمال التحذيرات التي أطلقها الخبراء بشأن كيفية تخزين المواد القابلة للاشتعال والخطرة في الميناء.

تسبب الانفجار في ميناء رجائي في إيران بأضرار واسعة في هذا الميناء الاستراتيجي الواقع بمدينة بندر عباس.

في يوم السبت 26 أبريل (نيسان) الجاري، بثت وسائل الإعلام الإيرانية صوراً لانفجار ضخم في الميناء. ورغم أن السلطات المحلية والأمنية لم تحدد بعد سبب الانفجار، فإن شدته أدت إلى تدمير مبانٍ محيطة بموقع الحادثة، وأسفرت وفقاً للتقديرات عن مقتل 40 وإصابة أكثر من 1000 حتى هذه اللحظة.

"البوابة الذهبية"

وقوع هذا الانفجار الكبير في ميناء يعرف بأنه قلب التجارة الإيرانية زاد من أهمية الحادثة. ويعد ميناء رجائي واحداً من أكبر وأهم الموانئ التجارية في إيران، حيث دأب مسؤولو النظام خلال العقود الماضية على وصفه بـ"البوابة الذهبية لاقتصاد إيران". 

يقع ميناء رجائي في محافظة هرمزكان، وبالقرب من مدينة بندر عباس، ونظراً لموقعه الاستراتيجي والمجاور لمضيق هرمز، فإنه يتحمل جزءاً كبيراً من مسؤولية التجارة الخارجية لإيران.

تعود نشأة هذا الميناء إلى أوائل سبعينيات القرن الماضي، في عهد محمد رضا شاه بهلوي، حيث كان الهدف من إنشائه تعزيز التجارة وتوسيع البنية التحتية للموانئ في إيران، مما أدى إلى بناء الأرصفة والبنية التحتية الأساسية.

وفقاً للوثائق الرسمية، بدأت أعمال إنشاء هذا الميناء عام 1975 بالتعاون مع شركة إيطالية، ضمن خطة من ثلاث مراحل، وتم تصميمه بطاقة استيعابية نهائية تبلغ 24 مليون طن. دخل الميناء حيز التشغيل عام 1984، وقبل ذلك بعام، في 1983، تمت تسميته ميناء رجائي تخليداً لذكرى ثاني رئيس للجمهورية الإسلامية.

ومنذ ثمانينيات القرن الماضي، يعد ميناء رجائي الميناء الرئيس للحاويات والتجارة في إيران. وقد دخل أول رصيف مخصص للحاويات فيه الخدمة عام 1992. وفي أوائل العقد الأول من القرن الـ21، أطلقت السلطات مشروع توسعة للميناء بهدف زيادة حصة التجارة البحرية في الاقتصاد الإيراني، حيث بدأت المرحلة الأولى من المشروع عام 2002 وتم افتتاحها رسمياً في عام 2007.

وفي عام 2013، انطلقت المرحلة الثانية من مشروع التوسعة، التي رفعت القدرة الاستيعابية للميناء إلى نحو 6 ملايين حاوية (TEU).

 

في الأعوام الأخيرة، ومع استمرار عمليات التوسعة، ارتفعت القدرة الاستيعابية لميناء رجائي إلى 8 ملايين حاوية. وقد أوجدت هذه التوسعة ما لا يقل عن 4 آلاف فرصة عمل مباشرة.

ويغطي مجمع ميناء رجائي حالياً مساحة تبلغ 2400 كيلومتر مربع، ويضم ساحة شحن تمتد على 220 هكتاراً، إضافة إلى 24 هكتاراً من المستودعات المسقوفة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تفوق خاص

يملك هذا الميناء قدرة على مناولة أكثر من 100 مليون طن من البضائع سنوياً، ويستحوذ بمفرده على 58 في المئة من العمليات غير النفطية، و43 في المئة من العمليات النفطية، و85 في المئة من العمليات الخاصة بالحاويات في موانئ البلاد. إن الموقع الجغرافي والاستراتيجي لهذا الميناء مع إمكانية الوصول المباشر إلى المياه الدولية المفتوحة، من أبرز مزاياه في حركة التجارة البحرية الإيرانية.

إضافة إلى ذلك، فإن اتصال الميناء بشبكة النقل البري والسككي في البلاد يتيح نقل البضائع بسرعة إلى جميع أنحاء إيران ودول الجوار. وهذه الخصائص جعلت من ميناء رجائي قلب التجارة البحرية الإيرانية.

يتميز هذا الميناء بوجود أكثر من 40 رصيفاً لرسو السفن البحرية، ويتمتع بقدرة استيعاب سفن ذات حمولة عالية، وهي ميزة تمنح ميناء رجائي تفوقاً خاصاً مقارنة ببقية الموانئ في جنوب إيران.

وأدى إنشاء المنطقة الاقتصادية الخاصة في عام 1984، إلى جانب الحوافز والإعفاءات الجمركية، إلى زيادة جاذبية الاستثمار المحلي والأجنبي في هذا الميناء. كما أن تجهيز الأرصفة بأحدث الرافعات الساحلية والبوابات، إضافة إلى المستودعات الكبيرة والمساحات المخصصة للحاويات، يعكس استمرارية تعزيز القدرات التجارية للميناء.

وضاعف دور إيران في ممرات النقل الإقليمية، خصوصاً ممر الشمال-الجنوب، من أهمية ميناء رجائي بشكل كبير. يعد هذا الميناء نقطة انطلاق لعديد من طرق نقل البضائع إلى آسيا الوسطى والقوقاز وروسيا وحتى أوروبا.

هجمات سيبرانية 

رغم فرض العقوبات الشديدة من قبل الولايات المتحدة على التجارة البحرية الإيرانية بعد الانسحاب من الاتفاق النووي، فلا يزال ميناء رجائي يلعب دوراً حيوياً في مرونة الاقتصاد الإيراني. ويواجه هذا الميناء منافسة قوية من موانئ مثل ميناء جبل علي في الإمارات وصحار في عمان وجوادر وكراتشي في باكستان. وفي خطة التنمية السابعة لإيران، تم تخصيص حصة خاصة لميناء رجائي.

وعدت السلطات في النظام الإيراني بزيادة قدرة الميناء على التعامل مع الحاويات إلى 15 مليون حاوية، ويتطلب تحقيق هذا الهدف تحديث الأرصفة والمعدات وشبكة الرقابة الجمركية. ومع ذلك، فقد كانت هناك نقاط ضعف ملحوظة تتعلق بعدم توفر الأمن الكافي وإهمال التحذيرات التي أطلقها الخبراء بشأن كيفية تخزين المواد القابلة للاشتعال والخطرة في الميناء. في عام 2020، تعرض الميناء لهجمات سيبرانية واسعة النطاق تهدف إلى تعطيل أنشطته، ورغم السيطرة على الأضرار من قبل المسؤولين، فإنه تم نشر تقارير تشير إلى تعرض بنية الميناء التحتية لأضرار.

هشاشة الأمن والسلامة

سلط انفجار أول من أمس السبت، مرة أخرى الضوء على هشاشة الأمن والسلامة في ميناء رجائي. ورغم أن المسؤولين في النظام الإيراني لم يعلنوا بعد عن سبب الانفجار فإن بعض وسائل الإعلام المحلية تعد تجاهل التحذيرات السابقة بشأن تخزين المواد الخطرة السبب المحتمل للحادثة.

إذ أفاد مراسل شبكة "خبر" الذي كان حاضراً في موقع الحادثة أن مكان الانفجار كان على الأرجح هو مكان تخزين الحاويات في الميناء.

بينما وكالة "فارس" للأنباء ادعت أن الحريق في منطقة الحاويات لشركة "سينا" أدى بعد بضع دقائق إلى انفجار ضخم. وأفادت الوكالة عن انتشار رائحة الكبريت في موقع الحادثة واندلاع حريق أولي أدى إلى الانفجار، وهي رواية لم يتم تأكيدها حتى الآن من قبل محافظ هرمزكان أو مسؤولي إدارة الأزمات.

ونشرت وكالة "مهر" للأنباء أيضاً صوراً من كاميرات المراقبة التي وثقت الانفجار في منطقة أحد المستودعات. وبناء على هذه الصور، فإنه ليس من الواضح ما إذا كانت هذه هي اللحظة الفعلية للانفجار الأول، حيث توالت الانفجارات الثانوية بعد الحادث.

وأفاد المتحدث باسم خدمات الطوارئ في البلاد في البداية بأن 405 أشخاص أصيبوا، لكن هذا الرقم ارتفع في وقت لاحق ليصل إلى 1000 مصاب. ومن بين الإجراءات التي اتخذت حتى الآن، تم إخلاء الشاحنات والحاويات، وتوقفت الأنشطة الرسمية بالكامل في ميناء رجائي.

حال تأهب قصوى

أعلنت وكالات الأنباء الإيرانية أن ميناء رجائي وميناء بندر عباس في حال تأهب قصوى، وأن عمليات إطفاء الحريق لا تزال جارية. كما أن الدخان الناتج عن الانفجار قد تسبب في تلوث شديد للسماء في المنطقة.

وقد يكون للانفجار الذي وقع في أهم ميناء تجاري في إيران عواقب وتداعيات أمنية وسياسية واقتصادية واسعة النطاق في الأسابيع المقبلة.

والآن علينا أن ننتظر صدور الإحصائيات الرسمية النهائية حول عدد القتلى والجرحى وحجم الأضرار الاقتصادية لميناء رجائي، وكذلك توضيح السبب الرئيس للانفجار.

نقلاً عن "اندبندنت فارسية"

المزيد من تقارير