Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اختبار صعب لإعادة الحياة في الخرطوم إلى طبيعتها

الدمار والتخريب الذي لحق بمباني الإدارات العامة يعرقل مهمة فرض الأمن

أعلن وزير الداخلية السوداني المكلف، الفريق شرطة خليل باشا سايرين، عودة الوزارة وكل وحداتها للعمل من داخل العاصمة لتعزيز ثقة المواطنين ودعم استقرارهم (حسن حامد - اندبندنت عربية)

ملخص

في ظل الانفلات الأمني المرعب الذي تعيشه ولاية الخرطوم وتزايد عمليات السلب والنهب، تواجه الشرطة والأجهزة العدلية، ممثلة بالقضاء والنيابة العامة، تحديات كبيرة لتوفير كل المساعدات للعودة الآمنة للمواطنين.

على رغم عودة آلاف النازحين واللاجئين السودانيين إلى العاصمة بمدنها الثلاث، الخرطوم وأم درمان وبحري عقب تحريرها من قبضة "الدعم السريع"، والتفاؤل وسط العائدين باستئناف حياتهم الطبيعية، فإن السلطات تحتاج إلى تدخلات عاجلة وأخرى طويلة المدى لتأمين البيئة الملائمة وإعادة الحياة إلى طبيعتها، حتى يتمكن العالقون داخل العاصمة والقادمون من مناطق النزوح واللجوء من غسل أحزانهم والتهيؤ لمواجهة تحديات مرحلة ما بعد التحرير.

وفي ظل الانفلات الأمني المرعب الذي تعيشه ولاية الخرطوم وتزايد عمليات السلب والنهب، تواجه الشرطة والأجهزة العدلية، ممثلة بالقضاء والنيابة العامة، تحديات كبيرة لتوفير كل المساعدات للعودة الآمنة للمواطنين بخاصة خطوات فتح السجون من جديد ومدى صلاحيتها لمزاولة العمل واستئناف المحاكم أعمالها وسط ظروف بالغة التعقيد نتيجة دمار وتخريب المقار، فضلاً عن أزمات الكهرباء والمياه، وإمكان هرب السجناء والمجرمين، وكذلك هجرة الكوادر القانونية.

جهود حكومية

في إطار جهود تطبيع الحياة في العاصمة، أعلن وزير الداخلية السوداني المكلف، الفريق شرطة خليل باشا سايرين، عودة الوزارة وكل وحداتها للعمل من داخل العاصمة لتعزيز ثقة المواطنين ودعم استقرارهم، مشدداً على الاستمرار في تقديم الخدمات الحيوية لجميع المواطنين، وانتشار قوات الشرطة في المناطق المحررة من أجل تعزيز الأمن والاستقرار وإعادة المواطنين إلى مناطقهم وتطبيع الحياة العامة بولاية الخرطوم.
ووصف عضو مجلس السيادة الانتقالي، مساعد القائد العام للجيش، الفريق أول ركن ياسر العطا، لدى لقائه الفريق سايرين، عودة الوزارة وقوات الشرطة إلى مزاولة أعمالها من داخل مقارها الرسمية في الخرطوم، بأنها "خطوة مهمة في مسار استعادة الحياة الطبيعية وتشجيع العودة الطوعية للسكان".


فتح السجون

إلى ذلك استأنفت رئاسة قوات السجون أعمالها بسجن "كوبر" الواقع في مدينة الخرطوم بحري، الذي يعد أحد أقدم السجون السودانية وأشهرها على الإطلاق.

في هذا الصدد، قال مدير السجن اللواء شرطة الطيب أحمد عمر إن "عودة القوة التابعة للسجن من ضباط وجنود تسهم في إعادة تأهيل ما دمرته ميليشيات ’الدعم السريع‘ بالمرافق، والعمل يمضي تزامناً مع أعمال الصيانة والتأهيل"، وأضاف أن "قوات السجون تعمل من أجل مكافحة الجريمة والظواهر السلبية والعمل على الحد من انتشارها وسط المجتمع تحقيقاً لشعار الشرطة: عين ساهرة ويد أمينة".

حال اللادولة

في السياق أوضح رئيس مجلس أمناء هيئة محامي دارفور المكلف، الصادق علي حسن، أن "السودان لا يزال يعيش حال اللادولة نتيجة طول أمد الحرب وعدم وجود مؤشرات لحل يوقفها حتى الآن"، وأضاف "من غير الوارد أن تؤدي السجون دورها المنوط بها بوصفها المؤسسة العقابية التي تنفذ الأحكام القضائية، خصوصاً في ظل تداعيات الصراع المسلح الحالية".

وعن مدى إمكان استئناف الأجهزة العدلية أعمالها في الوقت الحالي، تساءل حسن "أين هي المحاكم وسط الدمار والتخريب الذي عطل معظم مرافق الحياة الخدمية الحيوية؟".


خطوات وتدابير

من جهتها، طافت لجنة تقييم أوضاع السجون بولاية الخرطوم على المقار، ووقفت على الأضرار التي لحقت بالسجون ومدى صلاحيتها لمزاولة العمل، إلى جانب تحديد المواقع التي تحتاج إلى صيانة. في حين افتتح والي الخرطوم، أحمد عثمان حمزة، مقر المحكمة العليا بمجمع محاكم أم درمان، كما بدأت بالفعل النيابات والمحاكم الجنائية مباشرة أعمالها في أم درمان، وكذلك في عدد من المناطق المحررة من قبضة "الدعم السريع".
من جانبه أشاد رئيس عام المحاكم، أحمد الصديق نايل، بجهود حكومة الولاية وسعيها الجاد إلى توفير الخدمات التي يحتاج إليها المواطن في موقع سكنه، على رغم التحديات والعقبات.

وأعلن نايل "استعداد الجهاز القضائي لتوفير متطلبات المحاكم كافة حتى تكتمل المنظومة العدلية بولاية الخرطوم".

على الصعيد ذاته، قال والي الخرطوم أحمد عثمان حمزة، إن "استئناف الشرطة والنيابة والمحاكم أعمالها في الولاية يجب أن تعقبه خطوات أخرى، من بينها الضرورة الماسة للسجون من أجل حجز المحكومين والمنتظرين، في ظل سياسة تطبيع الحياة وتمكين أضلع العدالة من القيام بمهامها بالكامل".

وأشار حمزة إلى أن "هناك اتصالات مع إدارة السجون في السودان لتحديد سجون للمحكوم عليهم ووسائل ترحيلهم"، مشدداً على حرص الولاية على توفير حاجات المحاكم والقضاة وتهيئة بيئة العمل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تصفية حسابات

على صعيد متصل وصفت عضوة لجنة محامي الطوارئ، رحاب مبارك، خطوة استئناف عمل السجون والأجهزة العدلية ممثلة بالقضاء والنيابة بـ"غير المدروسة"، نظراً إلى تزامنها مع تفاقم الأزمات الاقتصادية والمعيشية في السودان، ومن ثم ستواجه السلطات المشكلات ذاتها التي أسهمت في خروج آلاف السجناء في الأيام الأولى لاندلاع الحرب بخاصة انعدام الغذاء ومياه الشرب، وكذلك أزمة الكهرباء، وأضافت أنه "من المفارقات أن الذين يودعون في السجون خلال الفترة المقبلة غالبيتهم أبرياء، فيما هرب آلاف المجرمين الحقيقيين، من بينهم مدانون بالإعدام وأصحاب سوابق ونزلاء جرائم الاتجار بالمخدرات، وباتت تصفية الحسابات أسهل الطرق للقتل أو الموت بالجوع في السجون تحت ستار شبهة التعاون".

وأشارت مبارك إلى أن "هناك تحديات عدة تواجه الشرطة والنيابة في شأن ملف البحث وإعادة القبض على آلاف السجناء والمحكومين لإعادتهم إلى السجون وفرض هيبة الشرطة".

ولفتت عضوة لجنة محامي الطوارئ إلى أنه "من الضروري القيام بإصلاح البنى التحتية وإعادة تأهيل السجون والمؤسسات الإصلاحية والعقابية، خصوصاً بعد الدمار والتخريب الذي عطل معظم مرافق الحياة الخدمية"، وأردفت أن "خطوة استئناف عمل السجون والأجهزة العدلية، وعلى رغم أهميتها وحاجة الناس إلى الأمن والأمان، فإنها تحتاج إلى مزيد من الدراسة".

استعادة السجلات

ومنذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات" الدعم السريع" في أبريل (نيسان) 2023، هرب نحو 15 ألف سجين من مركز الهدى الإصلاحي وسجون سوبا وكوبر ودبك والجريف وسجن النساء في أم درمان، من بينهم مدانون بالإعدام وأصحاب سوابق ونزلاء جرائم الاتجار بالمخدرات، والمتخلفون عن تسديد شيكات مصرفية وغيرها من المنازعات المالية والمعروفون في السودان باسم "يبقى لحين السداد"، فضلاً عن هرب آخرين من الولايات التي شهدت نزاعاً مسلحاً.

وطاول الدمار والتخريب المؤسسات العدلية من نيابات ومحاكم بالمناطق الساخنة التي شهدت معارك، بخاصة في ولايتي الخرطوم والجزيرة.

وقالت وزارة الداخلية السودانية إنها "تمكنت من استعادة سجلات السجناء والمحكومين كافة، وستضع خطة لإعادتهم إلى السجون". وأشارت إلى "وجود تدابير فاعلة، وأن قوات السجون ممثلة في رئاستها محتفظة بكل السجلات المتعلقة ببيانات النزلاء الذين فروا وحُصرت الأسماء في قوائم السفر، والموجودون داخل البلاد سيعودون إلى السجون بالتنسيق والجهود الكبيرة بين قوات الشرطة وأقسامها".

ونوهت بأن "السجناء الذين غادروا البلاد سيُعادون عبر المنظمة الدولية للشرطة الجنائية" (الإنتربول).

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات