Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

نتنياهو يرسم مستقبل غزة في "ذكرى المحرقة"

4 سيناريوهات لمواجهات القطاع ومحاولة فرض عقوبات مالية الأولى من نوعها على "حماس"

نتنياهو الذي اعتلى أكثر من منصة للمشاركة في إحياء ذكرى المحرقة حافظ على نبرة متعالية ومتفاخرة بتحقيق الانتصارات والإنجازات (رويترز)

ملخص

رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو حافظ على نبرة متعالية ومتفاخرة بتحقيق الانتصارات والإنجازات وسط صرخات عائلات الأسرى التي اعتبرت إحياء ذكرى المحرقة، للسنة الثانية من دون إعادة جميع الأسرى، جريمة في حقهم وخطوة تؤكد إهمال الحكومة لهم، لكن نتنياهو اعتبر سياسة حكومته منذ بداية الحرب، وحدها القادرة على ضمان أمن الإسرائيليين بتقويض قدرات "حماس".

اتخذت القيادة الإسرائيلية من مراسم إحياء ذكرى المحرقة منصة لتصعيد تهديداتها تجاه مختلف الجبهات والتأكيد أنها تمكنت على مدار سنة ونصف السنة من حرب "طوفان الأقصى" من تحقيق انتصارات هائلة، بل حققت خطوات كبيرة في الطريق إلى شرق أوسط جديد.

رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الذي اعتلى أكثر من منصة للمشاركة في إحياء الذكرى، حافظ على نبرة متعالية ومتفاخرة بتحقيق الانتصارات والإنجازات وسط صرخات عائلات الأسرى التي اعتبرت إحياء ذكرى المحرقة، للسنة الثانية من دون إعادة جميع الأسرى، جريمة بحقهم وخطوة تؤكد إهمال الحكومة لهم، لكن نتنياهو اعتبر سياسة حكومته منذ بداية الحرب، وحدها القادرة على ضمان أمن الإسرائيليين بتقويض قدرات "حماس" والقضاء على الحركة، وكذلك إعادة جميع الأسرى.

وبحسبه، فبعد سنة ونصف السنة من هجوم "حماس"، نجحت إسرائيل في تحطيم ما سماه "محور الشر"، مؤكداً أن "إسرائيل عازمة، بصورة منهجية، على القضاء على 'حماس'، ولن نسمح بوجود خلافة إسلامية مع جيش إرهابي على حدودنا، لا في الجنوب ولا في الشمال ولا في الضفة"، وأضاف مهدداً "سنواصل عملياتنا الحربية ولن نهدأ من دون تحقيق أهداف الحرب بتدمير 'حماس' وإعادة جميع الأسرى"، وتوجه لمعارضي سياسة حكومته الحربية قائلاً "قبل سنة تماماً وقفت هنا وتحدثت بحزم ضد جهات عدة في المجتمع الدولي أرادت تقييد أيدينا. لقد حذرونا من أنه إذا دخلنا رفح سيفرضون علينا حظراً للسلاح. وقد نفذوا هذا التهديد، لكننا لم نتنازل ولم ولن نسمح لأحد بتقييدنا ومنعنا من الدفاع عن أنفسنا، وإن اضطرنا الأمر إلى أن نقف وحدنا ونقاتل".

وفي سياق إظهار إنجازاته على مختلف الجبهات قال "قتلنا الآلاف، وقضينا على مهندسي السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، يحيى السنوار، ومحمد ضيف وإسماعيل هنية، وبالطبع حسن نصرالله (أمين عام 'حزب الله')، وليس هذا فحسب، بل جعلنا 'حزب الله' يركع على ركبتيه، كما خلقنا الظروف لسقوط نظام الأسد (بشار) وألحقنا ضرراً بالغاً بإيران، والأهم، كما وعدتكم، غيرنا وجه الشرق الأوسط". وهدد باستمرار وتكثيف القتال في غزة حتى القضاء على "حماس"، وإعادة الأسرى، وكذلك القضاء على النووي الإيراني.

إلى غزة انتقلت الأنظار

وبينما كانت مراسم إحياء ذكرى المحرقة مستمرة أمس الخميس تصدرت أخبار غزة الأحداث الإسرائيلية بعد الإعلان عن حدث أمني خطر في القطاع تبين لاحقاً، وقوع الجنود في مكمن من قبل "حماس"، تلاه الحديث عن تحذيرات لسكان بيت حانون والشيخ زايد بإخلاء المنطقتين قبيل توجيه ضربة قوية، وجاء في بيان الجيش "إزاء تنفيذ عمليات قنص وأنشطة عدة من المنطقة ضد قوات الجيش، سننفذ هجوماً قوياً يطاول المنطقة التي يتم استخدامها لتنفيذ العمليات المسلحة".

هذا الحدث وقع كالصاعقة على عائلات الأسرى ومعارضي الحرب، واعتبروا أن مثل هذا الهجوم قد يشكل خطراً على حياة الأسرى الأحياء في القطاع، في وقت حولت الأجهزة الأمنية تقريراً للمجلس الوزاري الأمني المصغر، الذي اجتمع مساء الخميس، للبت في ملف غزة، ولا سيما صفقة التبادل والمساعدات الإنسانية، تم إعداده بالتنسيق مع قيادة الجيش، وتضمن السيناريوهات المطروحة لاستكمال القتال في غزة، بما يضمن القضاء على "حماس" وإعادة الأسرى، بينها:

- وقف القتال مقابل الإفراج عن جميع الأسرى. هذا السيناريو، بتقدير الأجهزة الأمنية، سيسمح لحركة "حماس" في البقاء في غزة وحتى تعزيز قدراتها، حتى وإن لم تكن في الحكم، كما أنه سيشكل نصراً معنوياً للحركة. وبحسب أمنيين يمنح هذا السيناريو حافزاً لهجمات أخرى على إسرائيل على نمط السابع من أكتوبر إلى جانب استراتيجية اختطاف تجبر إسرائيل، ليس فقط على تحرير أسرى أمنيين فلسطينيين، بل تقديم تنازلات سياسية وإقليمية.

- الإفراج عن أسرى ووقف النار على دفعات: هذا سيناريو ترغب فيه إسرائيل، لكن سترفضه "حماس" التي تريد دفعة واحدة للأسرى ووقف الحرب.

- سيناريو تكثيف القتال حتى الحسم، في هذا السيناريو، وبحسب ما نقل المتخصص العسكري رون بن يشاي عن مسؤول أمني فإنه "يتطلب تجنيداً واسعاً للاحتياط، ومناورة برية كبرى لبضع فرق لأجل تحقيق الحسم ضد 'حماس'، والسيطرة على أراضي القطاع. كما أن الجيش الإسرائيلي سيبقى في غزة ليسيطر فوق الأرض في معظم أراضي القطاع حسب هذه الخطة، لكن القتال سيستمر لتدمير البنى التحتية للأنفاق الكبرى، مما سيستغرق زمناً طويلاً سيضطر فيه الجيش الإسرائيلي لأن يقيم حكماً عسكرياً ويهتم بتوزيع المساعدات الإنسانية على السكان".

ويقول بن يشاي إن الأهم في مثل هذه الخطوة "أنها ستخلق الظروف للحسم النهائي لـ'حماس'، لكن من شأنها أن تكلف حياة قسم أو معظم المخطوفين. فضلاً عن أن هذا الأمر سيضطر الجيش الإسرائيلي إلى أن يوزع مساعدات إنسانية على السكان، في ظل المخاطرة بالمقاتلين الذين سيكونون في مواقع ثابتة عرضة للصواريخ والعبوات والقنص". وأمام أخطار هذه السيناريو توصلت الأجهزة الأمنية لقرار تفضيل سيناريو آخر عليه، وفي حال لم ينجح يعود الجيش إلى هذا السيناريو.

والسيناريو الذي دعت الأجهزة الأمنية متخذي القرار بالحسم في شأنه ومنح فرصة للجيش لتنفيذه، هو استمرار الوضع عما هو عليه الآن بالقصف اليومي والعمليات المختلفة في القطاع، مع تشديد النار وزيادة وتيرة الهجمات في ظل منع المساعدات، على أنه عند نفاد المخزون الضروري للسكان، "يدخل الجيش الحد الأدنى للغذاء، الماء والأدوية الضرورية لمنع الجوع والأمراض"، وفق ما جاء في التقرير الإسرائيلي حول هذه خطط الجيش.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

المساعدات الإنسانية محط خلاف

تأجيل اتخاذ القرار في اجتماع المجلس الوزاري الأمني المصغر، الذي انعقد من الثلاثاء إلى مساء الخميس، جاء بالأساس في ظل الخلافات الكبيرة حول تقديم المساعدات الإنسانية لغزة، حيث أسهم هذا الملف بخلافات كبيرة بين رئيس الأركان إيال زامير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش الذي هدد زامير بالإقالة إذا لم يتجاوب مع مطلب المستوى السياسي بتحمل الجيش مسؤولية توزيع الطعام.

وقبيل انعقاد اجتماع الخميس كشف مسؤول أمني ألا خطة لاستئناف تقديم المساعدات الإنسانية، وأكد أن وزير الأمن يسرائيل كاتس، والمسؤولين عن هذا الملف، لم يعرضوا أية خطة حول استئناف تقديم المساعدات الإنسانية إلى غزة. وبحسب المسؤول الأمني فإن "استئناف إدخال المساعدات الإنسانية لن يكون ممكناً إلا في المراحل التالية من القتال في القطاع، بعدما يحتل الجيش الإسرائيلي مزيداً من الأراضي، ويخلي السكان المدنيين إلى المنطقة الإنسانية في جنوب القطاع. فقط عندها وفقط في هذه الظروف تصبح مسألة المساعدات الإنسانية ذات صلة".

حتى اللحظة لم يستكمل بناء آلية توزيع المساعدات لأسباب عدة في مقدمها الصعوبة القانونية لتشغيل شركة أميركية بصورة مباشرة لتوزيع المساعدات، كما جاء في اقتراح للجيش.

من جهة أخرى فإن إسرائيل رفضت إدخال أكثر من 600 شاحنة في الأسبوع، بينما عند صفقة وقف النار الأخيرة دخلت يومياً إلى غزة 600 شاحنة.

بين ضغط متدرج ومناورة قوية

الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي مئير بن شبات اقترح، في سياق مناقشة استمرار القتال في غزة، "مواصلة الضغط، بما في ذلك السيطرة على توزيع المساعدات، الهجوم على مخزونات الوقود والغذاء لحماس، تشديد وتيرة التصفية للزعماء في الداخل والخارج، والدفع قدماً بمبادرة ترمب. ورأى بن شبات أن قبول مطلب "حماس" بصفقة واحدة ووقف الحرب "بمثابة تخل عن أهداف الحرب، ويؤدي إلى تعزيز مكانة 'حماس' في المنطقة كلها وليس أقل أهمية من ذلك، في الضفة، حيث تتمتع منذ اليوم، في معدلات تأييد عالية في أعقاب تحرير الأسرى الفلسطينيين من السجون في إسرائيل". وأضاف بن شبات محذراً متخذي القرار من أن اختيار هذا البديل سيكون بمثابة قرار إسرائيلي بشطب خطة الرئيس دونالد ترمب للهجرة الطوعية لسكان غزة "هذا ليس فقط تفويتاً لفرصة تاريخية لتغيير جذري للواقع، بل أيضاً تعزيز فكرة الصمود والتشبث بالأرض المتجذرة في الوعي الفلسطيني".

عقوبات مالية على "حماس"

في السياق ذاته، وفي خطوة غير مسبوقة ابتدعها وزير الخارجية جدعون ساعر لإضعاف "حماس" اقتصادياً، بعث برسالة إلى محافظ "بنك إسرائيل" أمير يارون، يدعوه فيها إلى إلغاء التداول القانوني بفئة 200 شيكل من الأوراق النقدية باعتبار أن حركة "حماس" تستخدم، في معظم معاملاتها المالية، هذه الورقة النقدية، وبرأي ساعر فإن خطوة كهذه تشكل ضربة اقتصادية استراتيجية لحركة "حماس". وقال ساعر "وفق تقديرات مهنيين وخبراء، فإن القسم الأكبر من السيولة النقدية التي تعتمد عليها 'حماس' يحتفظ بها على صورة أوراق نقدية من فئة 200 شيكل، تستخدم كوسيلة لتوزيع الرواتب على عناصرها وتعود لاحقاً إلى يدها من خلال جباية ضرائب من التجار في غزة"، وأضاف "ترجح تقديرات فريق متخصص فني، استند إلى معلومات مفتوحة وأخرى سرية، أن نحو 80 في المئة من السيولة المحتفظ بها من قبل 'حماس' هي من هذه الفئة النقدية"، وحسم ساعر أن حرمان الحركة من القدرة على استخدام هذه الأموال سيشكل ضربة حقيقية لمصادر تمويلها، ويدعم الجهود القتالية التي يمارسها الجيش الإسرائيلي ضدها.

اقرأ المزيد

المزيد من الشرق الأوسط