Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السلفيون في البرلمان التونسي... صعود نحو الهاوية

"حزب الرحمة" تتهمه هيئة الاتصال السمعي – البصري بانتهاك القانون أثناء الحملات الانتخابية

أثناء فرز نتائج الانتخابات التشريعية في تونس الاحد 6-10-2019 (غيتي)

أفرزت النتائج التقديرية للانتخابات التشريعية الأحد الماضي فوز كتلة "ائتلاف الكرامة" بحوالى 18 نائباً بقيادة سيف الدين مخلوف، المحامي الذي عرف بدفاعه المستميت عن المتهمين في قضايا الإرهاب.

هذا الائتلاف سبق وتبرأ مرشح الانتخابات الرئاسية قيس سعيد من أعضائه بعد مساندتهم له إثر انهزام ممثلهم سيف الدين مخلوف في الدور الأول على خلفية اتهامهم بالتطرف.

بعد هذا الصعود المرتقب لهذا الائتلاف تصاعدت وتيرة المخاوف في تونس بسبب عناصره التي عرفت بفكرها السلفي المتشدد والذي قد يشكّل خطراً على المشهد الديمقراطي في تونس.

يتبنى "ائتلاف الكرامة" نظرية المؤامرة حول وجود أطراف أجنبية تسيّر المشهد السياسي التونسي، ويضمر العداء الواضح للغرب كفرنسا والاتحاد الأوروبي، كما يسوّق لأفكار ضد الدولة والقانون ويُشتهر بكرهه للجهاز الأمني.   

بين المحللين من يعتقد أن "ائتلاف الكرامة" هو الحديقة الخلفية لحركة "النهضة الإسلامية" من أجل استقطاب خزانها الانتخابي الذي خسرت ثلثيه، من مليون و700 ناخب سنة 2011 إلى حوالى 500 ألف ناخب خلال الانتخابات الأخيرة.

في السياق ذاته يقول ربيع بن عثمان مرشح "ائتلاف الكرامة" عن دائرة ألمانيا في تدوينة له إنهم استفادوا من الغاضبين على "حركة النهضة" في السنوات الأخيرة.  

مكونات الائتلاف

تأسس هذا الائتلاف في فبراير (شباط) 2019، ويجمع شخصيات سياسية ومستقلة عرفت بتشددها، ويهدف بحسب مؤسسيه إلى جمع القوى الثورية في تونس لتحقيق أهداف الثورة التونسية التي لم تكتمل بعد وفق تعبيرهم.

من بين مؤسسيه، الإمام المعروف بتشدده رضا الجوادي، والمحامي سيف الدين مخلوف والمحامي سمير بن عمر (رئيس المؤتمر من أجل الجمهورية) وعبد الرزاق بن العربي (رئيس حزب العدالة والتنمية) وعبد اللطيف العلوي (أديب) والناشط سابقاً في روابط حماية الثورة عماد دغيج وابن النهضة السابق المدون ماهر زيد والصحافي راشد الخياري.

 والإمام سعيد الجزيري مؤسس "حزب الرحمة" المطرود من كندا بسبب ممارساته المشبوهة، التي اعتبرها الصحافي المقيم في كندا زهير طابا أنها ستتسبب بأزمة ديبلوماسية بين تونس وكندا.

طابا يقول "بعد دخوله (سعيد الجزيري) البرلمان وحصوله على الجواز الخاص بالنواب، الذي دخل عالم السياسة من أجل الحصول عليه، سيحاول السفر مجدداً إلى كندا المطرود منها".

بعد الثورة، وجد الجزيري مناخاً مريحاً للنشاط في تونس، وظهر في وسائل الإعلام المحلية، وأسس حزباً سياسياً أطلق عليه اسم "الرحمة"، وحصل على رخصة العمل القانوني في يوليو (تموز) 2012. ويشير الجزيري في تصريحات سابقة إلى أن الحزب "مبني أساساً على شريعة الله ورسوله"، لكنه فشل بعد انتخابات 2011. وأسس الجزيري بعد ذلك "إذاعة القرآن الكريم"، التي تنشط خارج الأطر القانونية بعد رفض هيئة الاتصال السمعي البصري إسناد رخصة لها، بسبب خطابها المتطرف. ومن مصادر مطلعة تبين أن الهيئة أرسلت تقريراً مفصلاً إلى هيئة الانتخابات من أجل الاختلالات الخطيرة التي قام بها "حزب الرحمة" السلفي، من خلال الدعاية السياسية عبر إذاعتهم الخاصة. وتسعى هيئة الاتصال السمعي البصري الى إسقاط قائمة الحزب المكونة من خمسة عناصر بسبب الاختلالات الجسيمة.

صراع تحت الشمس

يختلف الكاتب الصحافي خليفة شوشان مع المتخوفين من نجاح من سماهم "ائتلاف روابط الثورة"، وذلك من خلال صعود كتلة برلمانيّة لهؤلاء المتشددين دينياً ويقول "ببساطة هذه الجماعات المتطرفة تفقد تأثيرها كلّما خرجت من العتمة إلى النور، لذلك فمصير هؤلاء النواب لن يكون أفضل من مصير من سبقهم، سيبتلعهم النظام الذي طالما زايدوا لمحاربته وسيحولهم إلى جزء وظيفي منه، وأداة طيّعة لخدمته، ولو في صورة "عادم السيارة" لتصريف الدخان الثوري".

شوشان يتابع "كما ستخسرهم "حركة النهضة" بوصفهم قوّة رديفة لها توظفها لتصريف ضغط قواعدها، ولإثارة القضايا والتمويه عندما يشتد عليها الضغط من خصومها. إلى جانب كونهم سيكونون للمرّة الأولى منذ الثورة التي ركبوها وأعلنوا أنفسهم المدافعين عنها، في مواجهة الشعب التونسي والقاعدة الانتخابية "النهضوية السلفيّة" التي صوتت لهم، وسيوضع خطابهم الإقصائي والثوري المتطرف في اختبار حقيقي".

يختتم شوشان قائلاً "أجمل ما في هذه الانتخابات أن كل الأوراق السياسية فيها باتت مكشوفة للجميع، وأن الصراع سيكون تحت الشمس وبلا مخاتلة وبوجوه مكشوفة بلا أقنعة ما سيسرّع بحسم المعركة".

المزيد من العالم العربي