Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بعد أحداث الساحل... سوريون يؤسسون "طائفة بيضاء"

بادر بتكوينها مجموعة شباب لتكون ناشطة في العمل الإنساني والإغاثي ولملمة الجراح في مدن عدة

ملخص

"أن تشعل شمعة خير من أن تلعن النظام" هذا ما اتفق عليه شباب الطائفة السورية الجديدة وينحدرون من منظمات مدنية وجمعيات منها "كفاف" و"الرسالة" و"كارتس" و"المركز المدني"، علاوة على تجمعات نسائية شاركتهم سواء بالشق الإغاثي أو بالمشاركة الترويجية والحديث مع الناس.

إذا ما كان أزيز الرصاص من فوهات بنادق طرفي النزاع بين الأمن وفلول النظام البائد في الساحل السوري صوته عالياً اليوم وسط انتهاكات فردية تحدث في حق المدنيين، إلا أن صوتاً يقابله يحمل السلام ما زال يخرج من كل السوريين على تنوع مشاربهم العرقية والدينية ويصل إلى مناطق بعيدة نصرة للمكلومين دونما تفريق بين عرق أو دين.

الطائفة البيضاء

ومع ضجيج آلة التطرف الديني، وصخب أصوات لم تكل أو تمل لاهثة وراء تشتيت شمل السوريين، وتمزيق أرضهم، وتحويلها إلى دويلات متنازعة ومتناحرة تهدد وحدتهم واستقرار بلادهم، ومع كل الدماء المسفوكة في مناطق سورية متعددة غرب البلاد وجنوبها ولدت طائفة "بيضاء" تحمل أغصان الزيتون سعياً منها نحو مستقبل أفضل، إنه تجمع مدني أطلق على نفسه "الطائفة السورية".

وبالحديث عن هذا التجمع الآخذ بالتشكل على أيدي شبان سوريين ينشطون بطريقة إنسانية وإغاثية بعدما شدوا الرحال إلى مدن سورية عدة، يسعون إلى لملمة الجراح ووأد الفتن وإعلاء صوت الحكمة تركت تحركاتهم أثراً في قلوب السوريين.

يروي المدير التنفيذي لوحدة الدعم والاستقرار منذر سلال في حديثه إلى "اندبندنت عربية" عن دوافع إطلاق تجمع الطائفة السورية بأعقاب ما يدور من تعميمات ذهنية وصورة نمطية يعمل التجمع على تفكيكها، ودمج الشعب السوري بين بعضه بعضاً وهذا كان الهدف المبدئي، وأضاف "كنا نرى أن السلم الأهلي هو أولى الأولويات في سوريا لنتمكن من الاستمرار والعمل في سوريا، ولذلك كنا نضع هذه الأولوية أمامنا، وعندما رأينا أن المشكلات زادت في الساحل قلنا هنا (لا) يجب أن يخرج الصوت المدني، وخرجنا بفكرة أنني سوري وطائفتي سورية بغض النظر عن طائفتي ومكوني الذي أعتز وأفتخر به، والطائفة السورية تعمل على مبدأ المواطنة والعمل بها، فالوطن يتسع للجميع، ويجب أن نعزز فكرة الانتماء ومن هنا خرجنا بالفكرة".

يوم الفتنة

ومن مشكلات الساحل ولدت الحاجة إلى إسعافات ودعم عاجل للأهالي والسكان المدنيين أو أهالي الجنود من الجيش والأمن الذين سقطوا في معارك محتدمة مع فلول النظام.

ولعل السادس من مارس (آذار) الماضي يوم لا ينسى في ذاكرة السوريين، فهو التوقيت الذي أشعل النار في مناطق الساحل وجبالها ذات الغالبية من الطائفة العلوية، ولعل مجموعات من فلول النظام السابق يتزعمهم المدعو مقداد فتيحة لم يهدأ بعد سقوط نظام الأسد في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) 2024 من مهاجمة قوات الأمن الجديدة، وصولاً إلى أن نصب مكمناً لأفراد منهم في منطقة جبلة، بريف اللاذقية غرب البلاد أثناء أداء مهمة أمنية وأودى المكمن بحياة 16 شخصاً.

 

 

هذا الهجوم على أفراد الأمن دفع الدولة السورية الجديدة إلى إرسال تعزيزات واسعة لملاحقة الفلول المتحصنين بمناطق جبلية وعرة، وصعبة الوصول إليها، في وقت نجح الجيش السوري الجديد سريعاً وخلال أيام بوأد انقلاب وشيك التحقق لكن مقابل ذلك دفع المدنيون من أبناء الساحل ضريبة قاسية، إثر انتهاكات وتجاوزات فردية حدثت في حق أبناء الطائفة العلوية، في وقت تشير معلومات في المقابل إلى ارتكاب فلول النظام تصفيات في حق مدنيين من الطائفة السنية.

التعايش المشترك

في غضون ذلك يجزم المدير التنفيذي لوحدة الدعم والاستقرار سلال بوجود أزمة يمتد جذرها أعواماً أقلها 14 من عمر الثورة السورية، فالسوري المسلم والمسيحي والدرزي والعلوي وغيرهم لا يعلمون عن عادات وتقاليد بعضهم بعضاً وفق رأيه "ولو كان هناك حال من الدمج المجتمعي كنا وصلنا إلى حال التعايش المشترك، وبسبب جهلنا بالآخر خلق ذلك عداوات وصوراً نمطية سواء مناطقية وسياسية"، وتابع "مدنيون كثر سقطوا بالمعارك، ولكننا نحن مع أي سوري ومع العدالة للجميع، وهذا مصطلح يتناسب مع كل السوريين ولكل السوريين وكان صوتنا مقبولاً، والتقينا أهالي مدنيين من كل المكونات، وتلقف أهالي الساحل زياراتنا المتكررة بإيجابية، وتناقشنا بالمستقبل لأن ما حدث قد حدث وما حدث قبل 14 عاماً قد حدث، وإذا ظل السوريون في دوامة الانتقام فلن نصل إلى بر الأمان".

الإيمان بالفكرة

 "أن تشعل شمعة خير من أن تلعن النظام" هذا ما اتفق عليه شباب الطائفة، وينحدرون من منظمات مدنية وجمعيات منها "كفاف" و"الرسالة" و"كارتس" و"المركز المدني"، علاوة على تجمعات نسائية شاركت سواء بالشق الإغاثي أو بالمشاركة الترويجية والحديث مع الناس.

يروي لنا أعضاء "الطائفة السورية" عن اصطدامهم بحواجز مع أهالي الساحل، ولكن بعدما دارت النقاشات بطريقة إيجابية وصادقة استقبلت العائلات الزائرين، ولعل هذه الزيارات المتكررة على مدى شهر كامل من الأحداث كانت كفيلة بتضميد الجراح النفسية في قلوبهم.

يروي أبو جعفر، كما أطلق على نفسه أثناء زيارة وفد من الطائفة السورية منزله وعيادة ابنه المريض، وتقديم الدواء له "حينما جاء وفد الطائفة كنت متحفظاً، ولكن بعد الاستماع لهم وجدتهم يتحدثون بلسان كل السوريين من دون استثناء، بالفعل كانت الدنيا في نظري مظلمة، لقد أضاء هؤلاء الشبان له نوراً بأننا سنبقى سوريين ومتحدين، وما حدث لا يمثل أبناء البلد على الإطلاق، يكفينا دماً".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

حسين شلاش هو منسق مشاريع بوحدة الدعم والاستقرار، يصف أن زيارة الساحل لاقت استحسان الأهالي على رغم أنهم ما زالوا في حال الصدمة، وأضاف "هذه المبادرة المجتمعية يمكن تكرارها، وندرس نشاطات عدة، والانطلاق إلى محافظات شتى، حيث زرنا محافظة درعا لتقديم واجب العزاء لأهالي مدينة نوى في درعا إثر الاستهدافات الإسرائيلية الأخيرة".

إزاء هذه التطورات يتفق أعضاء الطائفة عن كون الدولة قيد النمو والتأسيس وما زالت المؤسسات تتشكل، وباعتقادهم أي حكومة أو دولة إثر خروجها من ثورات أو تشكيل جديد لا بد من أن تبدأ بصورة ضعيفة، وتحتاج إلى كثر للوقوف على قدميها مجدداً.

ويؤدي هذا التجمع المدني دوراً مهماً في إيصال أصوات المواطنين في أي مكان بسوريا، من خلال الدفع نحو وساطة لدى الدولة، التي تحتاج إلى المساعدة أيضاً لمعرفة أحوال الناس وتشكيل الصورة الصحيحة.

يفكر أبناء الطائفة السورية الجديدة اليوم في زيارة جنوب البلاد إلى القنيطرة ومن ثم إلى السويداء، ويتوقعون تحسناً وتقارباً في الشمال الشرقي مما سيدفعهم إلى زيارة هذه المناطق والحديث عن وحدة البلاد.

في المقابل يرى منسق حملة الطائفة السورية، مجيب خطاب بأن فكرة الطائفة السورية انطلقت بهدف القول إنه في سوريا طائفتين "طائفة الأسد" و"طائفة السوريين" وقدر المستطاع التخفيف من حدة الاستقطابات الأيديولوجية أو الطائفية أو السياسية في سوريا.

وأردف "نحن من خلال الطائفة السورية نحاول قدر المستطاع أن نخلق هذا الإيمان بالحال الوطنية والتضامنية، حتى نكون بالمستقبل القريب والعاجل فعلاً سوريين مؤمنين بهويتنا السورية".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير