Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رحيل رأس الكنيسة الكاثوليكية وطقوس الفاتيكان: 10 أسئلة

بعد التصويت يدل الدخان الأسود على عدم التوصل إلى نتيجة أما الأبيض فيعلن عن اختيار من سيتولى قيادة الكنيسة ويطل من شرفة القديس بطرس لمنح البركة الأولى

أوصى البابا فرنسيس بدفنه في كاتدرائية "مريم الكبرى" في روما (اندبندنت عربية)

ملخص

نستعرض عبر سلسلة من الأسئلة والأجوبة أبرز المراسم التي تشهدها الفاتيكان عند وفاة البابا، بدءاً بإعلان الوفاة والحداد الرسمي، وصولاً إلى انتخاب خليفة جديد، ونسلط الضوء على أبرز المرشحين المحتملين ونتناول ملامح الانقسام داخل الكنيسة الكاثوليكية بين التيارين التقدمي والمحافظ، وهو الانقسام الذي طبع بابوية فرنسيس منذ لحظاتها الأولى.

عند رحيل بابا الفاتيكان لا تعامل الوفاة بوصفها مجرد حدث بيولوجي، بل ترافقها طقوس بالغة الدقة والرمزية، تعود في بعض جوانبها إلى قرون مضت. فالبابا ليس فقط رئيساً لدولة الفاتيكان الصغيرة، بل هو الحبر الأعظم، خليفة القديس بطرس، وقائد أكثر من مليار كاثوليكي حول العالم. ومع كل وفاة لبابا، تفتح صفحة من الطقوس الفريدة التي تجمع بين التقاليد الدينية، والاعتبارات السياسية، والرمزية العقائدية. من إعلان الوفاة بطرق استثنائية إلى تنظيم الجنازة، مروراً بمرحلة الحداد التي تختتم بانتخاب خليفة جديد داخل أسوار كنيسة السيستين تمضي الكنيسة الكاثوليكية وفق تقاليد صارمة وتوازن بين إرثها العريق والتحديات المعاصرة.

في هذا التقرير نستعرض عبر سلسلة من الأسئلة والأجوبة أبرز المراسم التي تشهدها الفاتيكان عند وفاة البابا، بدءاً بإعلان الوفاة والحداد الرسمي، وصولاً إلى انتخاب خليفة جديد، ونسلط الضوء على أبرز المرشحين المحتملين ونتناول ملامح الانقسام داخل الكنيسة الكاثوليكية بين التيارين التقدمي والمحافظ، وهو الانقسام الذي طبع بابوية فرنسيس منذ لحظاتها الأولى.

1.ما الطقوس التي تُجرى عند وفاة بابا الفاتيكان؟ وكيف يعلن رسمياً موته؟

عند وفاة البابا لا تعلن الوفاة مباشرة كما في الحالات العادية، بل يتم اتباع طقوس دقيقة تعود إلى العصور الوسطى، هدفها التأكد النهائي من الوفاة ومراعاة الجوانب الرمزية والروحية المرتبطة بمنصب البابا.

التقليد القديم يتضمن اقتراب الحاجب البابوي الخاص من جثمان البابا، حيث ينادي اسمه في المعمودية ثلاث مرات متتالية. بعد ذلك، يستخدم مطرقة صغيرة مصنوعة من الفضة، ويطرق بها بلطف جبهة البابا ثلاث مرات، فإذا لم يكن هناك رد فعل، يعلن رسمياً أمام الحاضرين: "البابا مات حقاً" (Vere Papa Mortuus Est).

 

ثم يتلو المزمور 130 المعروف بـ"مزمور التوبة": "من الأعماق صرخت إليك يا رب"، ويركع الجميع للصلاة. بعدها، يغطى وجه البابا بحجاب أبيض، ويستدعى الكهنة لمراقبة الجثمان.

هذا الطقس كان ضرورياً قديماً لغياب وسائل الطب الحديثة، إذ كانت هناك حوادث كثيرة دفن فيها أشخاص وهم على قيد الحياة. لذا كان الحرص مضاعفاً مع الحبر الأعظم، رئيس الكنيسة الكاثوليكية.

2.هل يتم تحنيط البابا بعد وفاته؟

التحنيط كان يجرى قديماً بعد 24 ساعة من الوفاة، حيث يفتح جسد البابا لاستخراج الأعضاء الداخلية، ويتم دفنها في أوعية فخارية بمدينة تريفي. ثم تجرى عملية التحنيط الكاملة ويلبس الجثمان ثوباً أبيض من الصوف ووشاحاً أحمر، إضافة إلى القبعة الحمراء "الكامورو".

بعد ذلك يعرض الجثمان في غرفة المجلس السري بالقصر الرسولي، حيث يتلى عليه المزامير والصلوات دون انقطاع، ويتاح للناس إلقاء النظرة الأخيرة حتى مساء اليوم الثاني بعد الوفاة، لكن طقس التحنيط هذا لم يعد معتمداً حالياً. فالبابا يوحنا الـ23 الذي توفي عام 1965، كان آخر بابا خضع للتحنيط التقليدي. وقد ألغيت هذه العادة لاحقاً بفضل استخدام مواد حديثة مثل الفورمالين التي تحقن في الجسم لتمنع التحلل طوال فترة الجنازة.

3.كيف تنظم مراسم جنازة البابا وما المدة التي يعلن خلالها الحداد؟

بعد انقضاء اليومين الأولين ينقل جثمان البابا إلى بازيليك القديس بطرس (الكاتدرائية البابوية الكبرى)، حيث يعرض لثلاثة أيام إضافية وسط تدفق الحشود من جميع أنحاء العالم لتوديعه.

في اليوم الرابع وحتى اليوم التاسع تقام طقوس صلاة يومية تعرف بـ"النوفيمدياليس"، وهي فترة الحداد الرسمية التي تستمر تسعة أيام. وتختتم هذه الفترة بالقداس الجنائزي الكبير الذي يقام عادة في ساحة القديس بطرس، لإتاحة مشاركة أكبر عدد من المشيعين. هذه الصلاة يترأسها عميد مجمع الكرادلة، وفي حال البابا فرنسيس، سيتولاها الكاردينال الإيطالي جيوفاني باتيستا ري، البالغ من العمر 91 سنة.

عقب الصلاة ينقل النعش إلى المقبرة البابوية، حيث يدفن قرب قبر القديس بطرس، إلا إذا أوصى البابا بموضع آخر.

4.هل غير البابا فرنسيس هذه الطقوس قبل وفاته؟

في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 أصدر البابا فرنسيس توجيهات جديدة لتعديل الطقوس التقليدية المرتبطة بجنازات البابوات، وتمت الموافقة الرسمية عليها في أبريل (نيسان) 2024. تهدف هذه التعديلات إلى تبسيط المراسم والتركيز على قيم الفقر والتواضع، ومن أبرز ما نصت عليه:

ألغيت ممارسة استخدام ثلاثة توابيت (من خشب السرو والرصاص والبلوط)، ليعتمد بدلاً منها تابوت واحد مصنوع من الخشب والزنك. كما سمح بأن يدفن البابا خارج كاتدرائية القديس بطرس، وهو ما شكل سابقة منذ أكثر من 300 عام.

وقد أوصى البابا فرنسيس بدفنه في كاتدرائية "مريم الكبرى" في روما، وهي كنيسته المفضلة التي اعتاد زيارتها قبل وبعد كل رحلة رسولية.

5.كيف ينتخب البابا الجديد؟ ومن يملك حق التصويت والترشح؟

بعد فترة حداد تمتد من 15 إلى 20 يوماً، يعقد مجمع الكرادلة (الكونكلاف) داخل كنيسة السيستين بمشاركة جميع الكرادلة الذين لم يبلغوا سن الـ80، ويفترض ألا يتجاوز عددهم 120.

يعزل الكرادلة عن العالم الخارجي منعاً لاستخدام الهواتف أو الإنترنت، وتجرى جولات من التصويت يومياً.

 

يحتاج المرشح إلى ثلثي الأصوات للفوز خلال الأيام الثلاثة الأولى، وإذا تعذر ذلك، تعتمد الغالبية البسيطة لاحقاً.

وفي حال فشل دورتين انتخابيتين متتاليتين يجمع الاقتراع ويحرق، فإذا تصاعد دخان أسود من المدخنة، فهذا يدل على عدم التوصل إلى قرار، أما إذا كان الدخان أبيض، فيعلن عن انتخاب البابا الجديد، الذي يختار اسمه البابوي ويطل من الشرفة المركزية في ساحة القديس بطرس ليتلو صلاة "أوروبي إت أوروبي".

6.من هم الكرادلة؟ وما دورهم في الكنيسة الكاثوليكية؟

الكرادلة هم "أمراء الكنيسة الكاثوليكية" يأتون من قارات العالم المختلفة، ويعرفون بزيهم الأحمر وقبعاتهم المربعة. ويشكلون الهيئة العليا التي تنتخب البابا في حال شغور الكرسي الرسولي. لا يتجاوز عددهم 120 كاردينالاً ناخباً، ويجب أن يكونوا دون سن الـ80 للمشاركة في الانتخاب. يجتمعون في كنيسة السيستين خلال ما يعرف بـ"الكونكلاف"، ويعزلون عن العالم الخارجي إلى حين اختيار البابا الجديد. البابا فرنسيس عين نحو 80 في المئة منهم، ما يعكس تأثيره في تركيبة المجمع وانتخاب خلفه.

 

7.من أبرز المرشحين لخلافة البابا فرنسيس؟

برزت أسماء قوية عدة من التيارات المختلفة داخل الكنيسة الكاثوليكية يتصدرهم الكاردينال الفيليبيني لويس أنطونيو تاجلي (67 سنة)، المدعوم من التيار التقدمي المؤيد لأجندة البابا فرنسيس، ثم الكاردينال الغاني بيتر توركسون (76 سنة)، المعروف بمواقفه الداعمة للعدالة الاجتماعية وحقوق المهاجرين.

 

ويبرز بعدهما الكاردينال الإيطالي بييترو بارولين (70 سنة)، وزير خارجية الفاتيكان منذ عام 2013، الذي يعد مرشحاً معتدلاً يتمتع بتأثير واسع في الدوائر الدبلوماسية. كما يظهر الكاردينال المجري بيتر إردو (72 سنة) كممثل للصوت المحافظ في أوروبا الشرقية، فيما يعد الكاردينال الإيطالي أنجيلو سكولا (83 سنة) من أبرز الشخصيات التقليدية المخضرمة في الكنيسة.

8.كيف عكست بابوية فرنسيس الصراع بين التيار التقدمي والمحافظ داخل الكنيسة الكاثوليكية؟

تمتع فرنسيس باحترام كبير على الصعيد العالمي، سواء لدعواته إلى العدالة الاجتماعية أو لمبادراته السياسية التي لم تخلُ من المخاطرة.

سعى البابا فرنسيس إلى جعل الكنيسة الكاثوليكية أكثر انفتاحاً وأقل ميلاً لإدانة المخالفين، متجنباً مظاهر الأبهة التقليدية المرتبطة بالبابوية، وهو ما أثار استياء المحافظين الذين اعتبروا توجهاته قطيعة مع تقاليد الكنيسة القديمة. وقد أدى انتخابه كأول بابا غير أوروبي منذ 1300 عام إلى تعميق الفجوة بين التيارين المحافظ والتقدمي، بخاصة في الولايات المتحدة، حيث تداخلت الكاثوليكية المحافظة مع الإعلام والسياسة اليمينية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

9.ما أبرز القرارات والمواقف التي فجَّرت الانقسام داخل الكنيسة الكاثوليكية خلال حبرية البابا فرنسيس؟

طوال سنواته الـ12 على رأس الكنيسة أثار البابا فرنسيس موجة انتقادات غير مسبوقة، لا سيما من المحافظين داخل الفاتيكان وخارجه. وفي عام 2021، أصدر مرسوماً بعنوان "حراس التقاليد" قلص بموجبه استخدام القداس اللاتيني المعروف بـ"التريدنتيني"، مما أثار غضب المدافعين عن الطقوس القديمة. كما شكل موقفه المنفتح من الهجرة نقطة صدام حادة، إذ اتهمته جهات كاثوليكية قومية بـتهديد "الهوية المسيحية" لأوروبا.

في المقابل واجه البابا تمرداً غير معلن من بعض الكرادلة، وهاجم عام 2017 من وصفهم بـ"الخونة" الذين يعارضون الإصلاحات. لاحقاً كشف عن أن الكاردينال الأسترالي جورج بيل كتب مذكرة سرية وصف فيها حبريته بـ"الكارثة"، بينما أصدر الكاردينال الألماني غيرهارد مولرن كتاباً اتهم فيه البابا بإشاعة "الارتباك العقائدي".

وفي صيف 2023، قبيل انعقاد سينودوس محوري في شأن مستقبل الكنيسة، أعرب خمسة كرادلة عن "شكوكهم" علناً في شأن قضايا مثل المثلية الجنسية وسيامة النساء، مما كشف عن عمق الانقسام العقائدي داخل الفاتيكان.

10.كيف تفاعل فرنسيس مع موجة المعارضة الداخلية، ومن أبرز الشخصيات التي تصادمت معه؟

بعد وفاة سلفه البابا الفخري بنديكتوس السادس عشر اتهم سكرتيره الشخصي البابا فرنسيس بـ"تحطيم قلبه" من خلال تقييد القداس اللاتيني، مما فتح الباب أمام حملة مضادة يقودها رموز التيار المحافظ.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 أقال البابا أحد أبرز منتقديه، الأسقف الأميركي جوزيف ستريكلاند، بسبب مواقفه المتشددة حيال الإجهاض والمثليين.
أما في يوليو (تموز) 2024 فقرر فرض الحرم الكنسي على الأسقف الإيطالي كارلو ماريا فيغانو، الذي اتهم البابا بالاستبداد و"الهرطقة"، ورفض علناً سلطته، في موقف غير مسبوق من شخصية كنسية شغلت سابقاً منصب سفير الفاتيكان لدى واشنطن. وفي ختام العام نفسه أصدر الفاتيكان وثيقة تقر بمباركة الأزواج المثليين، مما فجر عاصفة من الغضب داخل الأوساط المحافظة، مما اضطر الكرسي الرسولي إلى نشر توضيح رسمي ينفي فيه أي خروج عن العقيدة الكاثوليكية.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير